«البيجيدي» يفقد عمقه الانتخابي
أكدت انتخابات 16 يونيو الجاري تراجعا واضحا للأذرع النقابية لحزب العدالة والتنمية خلال انتخابات اللجان متساوية الأعضاء بالمؤسسات الجامعية، وبلغ تراجع نقابة الإسلاميين نقطة تكاد تجعل منها ظاهرة هامشية بين النقابات الأكثر تمثيلية، فالنقابة المغربية للتعليم العالي التي بذل من أجلها لحسن الداودي وزير التعليم العالي وكتاب الدولة من «البيجيدي» سمية بنخلدون وكريمة مصلي وخالد الصمدي مجهودا خرافيا من أجل صناعة نقابة من الفراغ وإمدادها بتعيينات مثيرة للجدل، تعرضت إلى هزيمة مدوية حاصلة على نسبة 10 في المائة من أصوات أساتذة الجامعات والمعاهد العليا، فيما حصلت النقابة الوطنية للتعليم العالي وهي نقابة مستقلة وتضم معظم التيارات السياسية على حوالي 90 في المائة من المقاعد.
لا يجب التقليل أبدا من أهمية هذه النتائج في قراءة حتمية الأفول وتآكل النفوذ النقابي التابع للحزب الحاكم، خصوصا أن النتائج الجامعية تمهد لهزيمة مدوية لحزب العدالة والتنمية في أحد معاقله التقليدية مع الإعلان خلال اليومين المقبلين عن النتائج الانتخابية المتعلقة بالتعليم الابتدائي والثانوي والإعدادي التي تؤكد المعطيات الأولية سيناريو هزيمة نكراء لحزب بنى نفوذه السياسي ومجده الانتخابي متكئا على رجال التعليم.
ويبدو أن هذا المنحى التراجعي الصارخ في نتائج نقابات الحزب الحاكم، يؤكد أن حزب العدالة والتنمية وأذرعه الاجتماعية سيؤدون بلا شك ضريبة السلطة، وسيقدمون فاتورة استعمال خطاب شعبوي، أعطى به وعودا بتحسين وضعية الموظفين لكسب أصواتهم، لكن لما أتت الفرصة لتدبير الحكومة، اتخذ قرارات تعاكس مصالح الموظف وترهقه في معاشه وأجرته التي لم يطرأ عليها أي تغيير طيلة عقد من الزمن بل بالعكس تعددت عليها الاقتطاعات بسبب «إصلاح» التقاعد وممارسة حق الإضراب والتضامن مع جائحة كوفيد 19.
فلم ينس نصف مليون موظف وهم يدلون بصوتهم قانون بنكيران الذي يهم إصلاح التقاعد بينما سمح لنفسه بالاستفادة من معاش ريعي لم يساهم فيه بسنتيم واحد، وتذكر الموظف أثناء قيامه بواجبه المهني قرار بنكيران بضرب التوظيف العمومي لفائدة التعاقد، واستحضر الموظف جريمة قرار الاقتطاع من أجور المضربين ورفضه إخراج القانون التنظيمي للإضراب.
الأكيد بعد الانتخابات المهنية أن الأمور في المغرب لا تسير كما تشتهي سفينة الحزب الحاكم بعد عشر سنوات من الإبحار العشوائي، والمؤكد أن نتائج انتخابات القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية ستضرب العمق الانتخابي لحزب العدالة والتنمية المتمثل في ناخبي الطبقة الوسطى التي تعرضت دون رحمة خلال العقد الأخير لنوع من القتل البطيء، وظلت تنوء تحت نير الضرائب الثقيلة والتضامن وتدفع ثمن الإصلاح وتتحمل كل أعباء التنمية دون أن تستفيد من عوائدها.