البرلمان.. ميزانية كبيرة وحصيلة هزيلة
في الوقت الذي يلتهم مجلسا النواب والمستشارين ميزانية سنوية تقدر بحوالي 80 مليار سنتيم، هناك انتقادات قوية للحصيلة التشريعية، حيث لم ينتج البرلمان أي نص قانوني خلال الدورة التشريعية التي اختتمت أشغالها الأسبوع الماضي، حيث صادق مجلسا البرلمان على نصوص قانونية كلها عبارة عن مشاريع قوانين مصدرها الحكومة، في ظل اتهام هذه الأخيرة بتجاهل مقترحات القوانين التي يتقدم بها البرلمانيون وهيمنتها على الإنتاج التشريعي الذي هو اختصاص حصري للمؤسسة التشريعية.
إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
منح الدستور الجديد للبرلمان عدة صلاحيات في مجال الرقابة على العمل الحكومي، كما تم منح المعارضة بالبرلمان وضعية متميزة وحقوقا متعددة، ويبقى الهدف الأساسي من ذلك هو النهوض بالعمل البرلماني، والرفع من جودة القوانين والسياسات العمومية التي يتولى البرلمان تشريعها، ورد الاعتبار للبرلمان كمؤسسة دستورية لازمة لتحقيق الديمقراطية التمثيلية الحقة وليس الشكلية، كما نص الدستور على تنظيم العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. ورغم الصلاحيات الواسعة التي منحها الدستور الجديد للمؤسسة البرلمانية، فإن الحصيلة التشريعية أبانت عن ضعف في الإنتاج التشريعي، مقابل هيمنة الحكومة على جل القوانين التي تمت المصادقة عليها داخل المؤسسة التشريعية، حيث أغلب النصوص القانونية المصادق عليها يكون مصدرها الحكومة، في حين توجد في رفوف البرلمان عشرات القوانين بدون مصادقة.
حصيلة هزيلة
خلال الأسبوع الماضي، اختتم مجلسا البرلمان الدورة التشريعية الخريفية، وهي أول دورة في الولاية الحالية، على وقع حصيلة هزيلة في الإنتاج التشريعي للنصوص القانونية، رغم الكلفة المالية التي يكلفها النواب البرلمانيون من المال العام، حيث ترصد الحكومة ميزانية سنوية تقارب 80 مليار سنتيم لمجلسي النواب والمستشارين.
ويتضح من خلال الحصيلة التي قدمها رئيس المجلس، رشيد الطالبي العلمي، في جلسة اختتام الدورة، هيمنة الحكومة على التشريع داخل البرلمان، في حين هناك عشرات المقترحات القانونية المقدمة من طرف الفرق البرلمانية مازالت مجمدة داخل رفوف اللجان الدائمة، فيما توجه المعارضة اتهامات لرئيس المجلس بعرقلة عملية التشريع، من خلال عرقلة مقترحات القوانين التي تتقدم بها الفرق البرلمانية في اجتماعات مكتب المجلس، وكذلك ممارسة التضييق على متابعة الرأي العام لأشغال اللجان البرلمانية عن طريق الصحافة، بعدما اتخذ الرئيس قرارا بمنع الصحافيين من متابعة أشغال اللجن، تحت ذريعة «سرية اللجان».
وأجمع رؤساء فرق المعارضة، في حديث مع «الأخبار»، على هزالة الإنتاج التشريعي لمجلس النواب، وأكد كل من رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، وإدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، وعبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي، أن الحكومة ترفض التجاوب مع المبادرات التشريعية التي تقدمت بها المعارضة، واعتبروا أن الحصيلة التشريعية كانت عبارة عن اتفاقيات حظيت بالمصادقة عليها بالإجماع، واتهموا الحكومة بالهيمنة على التشريع الذي يبقى من اختصاص المؤسسة البرلمانية. كما انتقد رؤساء فرق المعارضة ما ورد في كلمة رئيس المجلس، الذي قدم حصيلة الحكومة، من خلال الحديث عن بعض البرامج الحكومية، ولم يقدم حصيلة مجلس النواب.
وفي كلمته، أكد الطالبي العلمي أنه بالعودة للولايات التشريعية الأخيرة، فإن وتيرةَ التشريع خلال هذه الدورة لم تكن أقل سرعةً مما هو مؤرخ له في ذاكرة البرلمان المغربي، إذ صادق المجلس على 17 نصًّا، مشيرا إلى أن قانون المالية يأخذ، عادة، المساحة الأوسع من التشريع خلال الدورات الأولى. وشدد الطالبي على أهمية المبادرات التشريعية لأعضاء المجلس، إذ بلغ عدد مقترحات القوانين المحالة، إلى حدود يوم الثلاثاء الماضي، 69 مقتَرحًا، وأشار إلى أن أجهزة المجلس ستحرص على إخضاع المبادرات التشريعية لأعضاء المجلس للمساطر المعمول بها إعمالا للدستور والنظام الداخلي وحفظا لحقوق أعضاء المجلس في التشريع، ونظرًا لأهميتها في تطوير التشريعات الوطنية.
وأبرز الطالبي أن مجلس النواب كان خلال هذه الدورة إطارًا وفضاءً للتداول، ومناقشةِ قضايا ذاتِ راهنيةٍ كبرى في السياق الوطني، سواء على مستوى اللجان النيابية الدائمة، وهي تمارس اختصاصَها الرقابي، أو على مستوى الجلسات العمومية، وقال «إذا كانت العِبْرَةُ في إنتاجنا البرلماني هي بجودة التشريع وأَثَرِه، وتفاعلِ المؤسسة التشريعية مع قضايا المجتمع في ممارسة الاختصاص الرقابي والتقييمي، فإن قراءةً في المواضيعِ التي شكلت محاوِرَ رقابةٍ من طرفِ المجلسِ على مستوى اللجان النيابية، كما على مستوى الجلسات العامة، تُبَيِّنُ تَوجُّهًا عَامًّا إلى دراسة قضايا اجتماعية ذات راهنية»، مشيرا، في هذا الصدد، إلى أوراش تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية وتجويد الخدمات الصحية في علاقتها بجائحة كوفيد، والتربية والتعليم، والتشغيل، والعدل، والقطاعات المتضررة من استمرار الجائحة كالسياحة والثقافة، والفلاحة والعالم القروي في علاقتهما بالماء وَشُح التساقطاتِ المطرية.
تفاعل الحكومة مع مبادرات البرلمان
بدوره استعرض رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، الحصيلة التشريعية والرقابية للمجلس برسم الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية الحادية عشرة (2026-2021)، وأوضح، في كلمة بمناسبة اختتام هذه الدورة، أن «جهود مختلف أجهزة وأعضاء المجلس مكنت من المصادقة على 21 مشروع قانون همت مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وهي حصيلة لا بأس بها بالنظر إلى توقيتها المتزامن مع أول دورة تشريعية لمجلس منتخب حديثا، علاوة على ما استهلكه من حيز زمني إعداد ومناقشة البرنامج الحكومي ومشروع قانون المالية وتحديد اختصاصات القطاعات الوزارية المختلفة».
وأشار ميارة إلى أنه على صعيد «الحصيلة النوعية»، وبالإضافة إلى مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا، الذي يتمم لائحة الهيئات المعنية بالتعيين في إطار كل من مجلس الحكومة والمجلس الوزاري تبعا للقوانين الخاصة بالإدارات والمؤسسات المعنية، فإن «القيمة المضافة النوعية» التي جاءت بها تعديلات المجلس بالنسبة لمشروع قانون المالية تعطي صورة عن مدى حيوية مكوناته وتطلعها إلى تجويد النصوص التشريعية.
وأبرز ميارة أن مشاريع القوانين المصادق عليها اتسمت بغلبة تلك المرتبطة بالعلاقات الخارجية بنسبة 66 في المئة، في غياب أي مقترح قانون، وهي «فرصة لدعوة الحكومة إلى التفاعل إيجابا مع مبادرات أعضاء المجلس، كما يتعين على اللجان الدائمة المختصة برمجتها ودراستها والبت فيها داخل آجال معقولة»، وأشار أيضا إلى أن هناك ثلاثة مشاريع قوانين ما زالت قيد الدرس من قبل المجلس، مقابل 18 مقترح قانون، ستة منها واردة من مجلس النواب، و12 مقدمة بمبادرة من أعضاء المجلس.
وبخصوص مراقبة العمل الحكومي، قال رئيس مجلس المستشارين إن مكتب المجلس عمد مباشرة بعد انتخابه إلى تشكيل لجنة مصغرة لدراسة النمط الأمثل لجلسات الأسئلة الشفهية لجعلها أكثر جاذبية وإفادة، مبرزا أن من أولى ثمار مجهود هذه اللجنة المصغرة، اقتراح نموذج الأسئلة المحورية في الجلسات المنعقدة خلال هذه الدورة، والتي شملت مختلف مجالات العمل الحكومي، بصورة مكنت مكونات المجلس من تقديم وجهة نظرها حول محاور المناقشة، وكذلك أعضاء الحكومة من إبراز برامج العمل سواء الموجودة منها أو المقترحة، ولفت إلى أن من ميزة ذلك – وفي سابقة من نوعها – برمجة هذه المحاور كأسئلة آنية في الجلسات الأسبوعية الثلاث عشرة التي عقدها المجلس خلال الدورة هذه بما مجموعه 181 سؤالا، يضاف إليها 816 سؤالا متبقيا في رصيد أسئلة أعضاء المجلس في انتظار برمجتها في الدورة الموالية.
وبالنسبة للتوزيع المجالي القطاعي، ركزت أسئلة المستشارين على القطاع الاقتصادي (حوالي 36 بالمئة)، والقطاع الاجتماعي بنسبة (30 بالمئة)، وقطاع الشؤون الداخلية والبنيات الأساسية (19 بالمئة)، والمجال الحقوقي والإداري والديني (11 بالمئة)، وقطاع الشؤون الخارجية (04 بالمئة).
وبخصوص الأسئلة الكتابية المتوصل بها خلال الفترة نفسها، فقد بلغ عددها ما مجموعه 290 سؤالا، أجابت الحكومة عن 61 سؤالا منها. كما عرفت الدورة تجاوب الحكومة مع 12 طلبا لتناول الكلمة حول موضوع عام وطارئ في نهاية جلسات الأسئلة الشفهية، والتي تم تقديمها من مختلف الفرق والمجموعات وأعضاء المجلس غير المنتسبين. وتوقف ميارة عند مساهمة اللجان الدائمة في النشاط الرقابي للمجلس عبر طلبات الاستماع إلى أعضاء الحكومة، أو من خلال طلب وثائق تتعلق بأنشطة قطاعات حكومية تندرج ضمن مجال اختصاصاتها، مشيرا إلى أن عدد اجتماعات اللجان الدائمة بلغ ما مجموعه 63 اجتماعا .
أما بالنسبة للحصيلة الإجمالية للجلسات العامة خلال هذه الدورة، يشير ميارة، فقد تم عقد 29 جلسة لمدة زمنية قاربت 44 ساعة، توزعت على الجلسات المشتركة مع مجلس النواب (03 جلسات)؛ وجلسات الأسئلة الشفهية (14)؛ وجلسات التشريع (08)، فيما بلغ عدد الجلسات المختلفة أربع جلسات خصصت لانتخاب رئيس مجلس المستشارين، وهياكل المجلس، وكذا مناقشة البرنامج الحكومي. وخلص إلى أنه تم العمل أيضا، خلال هذه الفترة، على إعداد مشروع ورقة حددت الأهداف الكبرى لعمل المجلس المستقبلي، والتي كانت موضوعا لسلسلة استشارات مع مكونات المجلس، وسيتم الإعلان عن مشمولاتها خلال مباشرة الدورة اللاحقة للبدء في تفعيلها وفق الخطط التنفيذية للبنيات الإدارية المختلفة للمجلس.
هيمنة الحكومة على التشريع
قال الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، إن علاقات التعاون بين الحكومة والبرلمان برسم الدورة الخريفية للسنة التشريعية الجارية، أثمرت حصيلة تشريعية ورقابية «مهمة» بفضل تعزيز دينامية العمل الحكومي داخل المؤسسة التشريعية وحرص الوزارة الموصول على الاضطلاع بالدور التنسيقي المنوط بها.
وأوضح بايتاس، خلال لقاء صحافي خصص لعرض حصيلة الحكومة في علاقتها مع البرلمان خلال دورة أكتوبر للسنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية الحادية عشرة 2021-2022، أنه تمت، خلال هذه الدورة، المصادقة على 19 مشروع قانون من بينها أربع اتفاقيات ثنائية وعشر اتفاقيات متعددة الأطراف؛ معتبرا أن «هذه الأرقام، وبالرغم من أننا في مرحلة تأسيسية، تعكس حرص الحكومة على إيلاء أهمية كبيرة للتشريع الذي تعتبره مدخلا أساسيا للإصلاح بشكل عام».
وأكد بايتاس أن هناك «مجهودا حكوميا كبيرا على مستوى الحرص والتفاعل الإيجابي مع تعديلات السيدات والسادة أعضاء البرلمان»، مشيرا إلى أنه «بخصوص مشروع قانون المالية رقم 76.21 للسنة المالية 2022، على سبيل المثال، قبلت الحكومة، في إطار القراءة الأولى، ما مجموعه 70 تعديلا من أصل 210 أي بنسبة 33 في المئة». وسجل بايتاس أن هذه الدورة التشريعية تميزت بسيادة روح التوافق في اعتماد غالبية النصوص التشريعية المصادق عليها من طرف البرلمان من خلال التصويت بالإجماع على 16 مشروع قانون من أصل 19 مشروعا.
وأوضح بايتاس أن الحكومة حرصت على تفعيل المادة 23 من القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، والذي يهم تخصيص اجتماع شهري لدراسة مقترحات القوانين التي يتقدم بها أعضاء البرلمان من الأغلبية والمعارضة وتحديد موقف الحكومة في شأنها؛ مشيرا، في هذا الإطار، إلى أن الحكومة عقدت اجتماعين خلال شهري دجنبر 2021 ويناير2022 وحددت موقفها القانوني من 10 مقترحات قوانين من أصل 31.
وبخصوص الجلسات الشهرية لرئيس الحكومة، أكد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان أن عزيز أخنوش تفاعل مع الأسئلة المتعلقة بالسياسات العامة والتي بلغ عددها 19 سؤالا ضمن ثلاث جلسات شهرية خصصت لـ«مخطط عمل الحكومة لتعزيز الدولة الاجتماعية»، و«السياسة الحكومية في المجال الثقافي»، و«مخطط الجيل الأخضر ورهانات التنمية والعدالة المجالية».
وبخصوص الجلسات الأسبوعية المخصصة للأسئلة الشفهية، قال بايتاس إن الحكومة أجابت عن 457 سؤالا توزعت على 276 سؤالا بمجلس النواب و181 سؤالا بمجلس المستشارين، خلال 26 جلسة أسبوعية خصصت لهذا الغرض؛ مضيفا أنه بالنسبة للأسئلة الكتابية أجابت الحكومة عن 1151 سؤالا كتابيا بنسبة بلغت 52 في المئة تقريبا.
هل ستمارس المعارضة البرلمانية دورها الدستوري؟
توجه الأغلبية الحكومية في العديد من المناسبات، انتقادات قوية لفرق المعارضة، من خلال اتهامها بعدم قدرتها على ممارسة دورها الدستوري في مراقبة العمل الحكومي، في مقابل تتهم المعارضة الحكومة وأغلبيتها البرلمانية، بحرمانها من هذا الحق الذي خوله لها الدستور الجديد، كما تتهم الحكومة بحرمانها من ممارسة حقها في التشريع، من خلال عدم التفاعل مع مقترحات القوانين التي تتقدم بها.
وخص الدستور الجديد فرق المعارضة بالبرلمان، بمكانة متميزة، وخولها العديد من الحقوق، كما جعل منها شريكا أساسيا في صناعة التشريع والرقابة على العمل الحكومي إلى جانب الأغلبية البرلمانية، وخصص لها المشرع الدستوري الفصل 10 من الدستور، الذي ينص على ما يلي «يضمن الدستور للمعارضة البرلمانية مكانة تخولها حقوقا، من شأنها تمكينها من النهوض بمهامها، على الوجه الأكمل، في العمل البرلماني والحياة السياسية.
ويضمن الدستور بصفة خاصة للمعارضة مجموعة من الحقوق، أهمها حرية الرأي والتعبير والاجتماع، وحيزا زمنيا في وسائل الإعلام العمومية يتناسب مع تمثيليتها، والاستفادة من التمويل العمومي وفق مقتضيات القانون، والمشاركة الفعلية في مسطرة التشريع، لاسيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين بجدول أعمال مجلسي البرلمان، والمشاركة الفعلية في مراقبة العمل الحكومي، لاسيما عن طريق ملتمس الرقابة، ومساءلة الحكومة، والأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة، واللجان النيابية لتقصي الحقائق، والمساهمة في اقتراح المترشحين وفي انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وتمثيلية ملائمة في الأنشطة الداخلية لمجلسي البرلمان، ورئاسة اللجنة المكلفة بالتشريع بمجلس النواب، والتوفر على وسائل ملائمة للنهوض بمهامها المؤسسية، والمساهمة الفاعلة في الدبلوماسية البرلمانية، للدفاع عن القضايا العادلة للوطن ومصالحه الحيوية، والمساهمة في تأطير وتمثيل المواطنات والمواطنين، من خلال الأحزاب المكونة لها، طبقا لأحكام الفصل 7 من هذا الدستور، وممارسة السلطة عن طريق التناوب الديمقراطي، محليا وجهويا ووطنيا، في نطاق أحكام الدستور».
ويتضح من خلال مقتضيات الدستور المغربي الجديد، أن المعارضة البرلمانية تتمتع بوضعية دستورية متميزة، حيث بإمكانها بقوة الدستور أن تشارك في التشريع كما في الرقابة على العمل الحكومي، وهذا الأمر فيه رفع للحيف والتهميش الذي كان يمس المعارضة في ظل الدساتير السابقة، فالوسائل والآليات التي كان منصوصا عليها في الدساتير السابقة، لم تكن لتمكن المعارضة من القيام بمهامها، وذلك بالنظر للشروط المسطرية المعقدة والنصاب القانوني الكبير المتعلق بأهم آليات الرقابة كتكوين لجان نيابية لتقصي الحقائق، أو الطعن في دستورية القوانين العادية، وكذلك رئاسة إحدى اللجان البرلمانية الدائمة كلجنة العدل والتشريع، كما أن كل المقتضيات الدستورية سابقة الذكر، تؤكد بالملموس، أن دستور 2011 شكل قطيعة مع الدساتير السابقة على عدة مستويات، من بين أهمها ما يتعلق بالرقابة البرلماني على العمل الحكومي، ودور المعارضة في إطار النظام البرلماني المغربي الجديد.
برلمانيون يتسابقون على «البوز» بمواقع التواصل الاجتماعي
تداول مكتب مجلس النواب في بعض السلوكات والممارسات السلبية التي تسيء لصورة البرلمان، وقرر اتخاذ مجموعة من القرارات تدخل في إطار تفعيل مدونة السلوك والأخلاقيات، من بينها حث النواب على حضور الجلسات بلباس محترم ومنع بث «لايفات روتيني اليومي» من داخل اجتماعات اللجان الدائمة لأنها مشمولة بالسرية.
ومنذ بداية الولاية التشريعية الحالية، بدأت تتفشى بعض السلوكات والممارسات التي تسيء لصورة المؤسسة البرلمانية، حيث يتسابق بعض البرلمانيين والبرلمانيات إلى خلق «البوز» بمواقع التواصل الاجتماعي، إما من خلال لباسهم المثير، أو بث «لايفات» لمداخلاتهم من داخل اجتماعات اللجان البرلمانية أو التقاط «سيلفيات» داخل قاعة الجلسات أثناء انعقاد الجلسات العمومية، فيما أصبح برلمانيون وبرلمانيات منشغلين بنقل كل تفاصيل تحركاتهم داخل البرلمان على غرار أصحاب «روتيني» اليومي بمواقع التواصل الاجتماعي.
واتخذ مكتب المجلس قرارا بمنع بث مداخلات البرلمانيين داخل اجتماعات اللجان، لأنها مشمولة بالسرية طبقا لمقتضيات الفصل 68 من الدستور الذي ينص على أنه «لكل من المجلسين أن يعقد اجتماعات سرية، بطلب من رئيس الحكومة، أو بطلب من ثلث أعضائه، وجلسات لجان البرلمان سرية، ويحدد النظام الداخلي لمجلسي البرلمان الحالات والضوابط التي يمكن أن تنعقد فيها اللجان بصفة علنية».
وتمنع مدونة السلوك، النواب البرلمانيين من القيام بمجموعة من السلوكات المخلة أثناء انعقاد الجلسات العامة وخلال اجتماعات اللجن البرلمانية الدائمة، وتنص على أنه يتعين على النائبات والنواب ارتداء لباس يتناسب مع الاحترام الواجب للمجلس، بحيث تحضر النائبات والنواب جلسة افتتاح دورة أكتوبر مرتدين اللباس الوطني، ويحضرون باقي الجلسات بلباس تقليدي كامل أو بلباس عصري كامل، كما يتعين على النائبات والنواب الامتناع عن التحدث عبر الهاتف أو الانشغال بقراءة الجرائد والصحف أو ما شابه ذلك أثناء سير الجلسات العامة وداخل جلسات اللجن الدائمة، كما تمنع المدونة، التدخين وتناول الأطعمة والوجبات الغذائية داخل الجلسات العامة. وجاء في النظام الداخلي أنه «تسند لمكتب المجلس مهمة ضبط ومراقبة احترام هذه القواعد واتخاذ الإجراءات المناسبة في شأنها ويوجه عند الاقتضاء تنبيهات وإشعارات للمعنيين بالأمر».
وبخصوص تضارب المصالح الشخصية لبعض النواب البرلمانيين مع النصوص القانونية التي تتم دراستها والمصادقة عليها داخل المجلس، فإن كل نائبة أو نائب له مصلحة شخصية ترتبط بمشروع أو مقترح قانون أو لجنة نيابية لتقصي الحقائق، أو مهمة استطلاعية مؤقتة، يوجد في حالة تضارب المصالح قد يؤثر على تجرده أو استقلاليته، يخبر بذلك رئيس مجلس النواب قبل الشروع في مناقشة مشروع أو مقترح قانون أو القيام بمهمة البحث والتقصي أو مهمة استطلاعية أو طرح القضايا المرتبطة بتضارب المصالح. ويمنع النظام الداخلي للمجلس، النائبات والنواب استعمال أو تسريب معلومات توجد في حوزتهم بصفة حصرية حصلوا عليها بمناسبة ممارسة مهامهم النيابية بهدف تحقيق مصلحة شخصية أو مصالح فئوية معينة، كما تلزم المدونة، مقرري اللجان أو المنتدبين من قبل هيئات المجلس أثناء إنجازهم للتقارير وقبل نشرها، التقيد بالحياد والموضوعية والنزاهة وعدم استعمال المعلومات التي يتلقونها أثناء تأدية مهامهم النيابية إلا في ما يتصل بالقيام بتلك المهام.
كما يتضمن النظام الداخلي، المبادئ الأخلاقية العامة التي يجب على البرلمانيين التقيد بها، وتدعو النائبات والنواب أن يعملوا لمصلحة الوطن والمواطنين وعلى إيثار المصلحة العامة على كل مصلحة فئوية أو خاصة وتجنب تضارب المصالح مع مهامهم النيابية، وألا يستغلوا مهامهم النيابية لتحقيق مصلحة خاصة أو منفعة مالية أو عينية لهم أو لذويهم، كما تحث هذه المبادئ النائبات والنواب بالاستقلالية وأن لا يكونوا في حالة تبعية لشخص ذاتي أو اعتباري تحول بينهم وبين أداء واجباتهم على النحو المبين في النظام الداخلي، وأن لا يضعوا أنفسهم تحت أي التزام مالي أو غيره لأفراد أو منظمات قد يؤثر على أداء واجباتهم النيابية، وكذلك المسؤولية والالتزام، بأن تكون مواقفهم وتدخلاتهم مبنية على أسس تتسم بالدقة والمصداقية، وكذلك تمثيل الأمة بأمانة وإخلاص، وأن يصونوا ثقة المواطنات والمواطنين فيهم، وأن يعملوا على تقويتها وأن يتصفوا بخصال الاستقامة والفضيلة والشرف، كما تنص المدونة على تجنب استعمال ألفاظ أو عبارات تنطوي على التهديد أو الترهيب أو الاستفزاز أو الشتم.
وتحث المدونة النائبات والنواب البرلمانيين على ضرورة الحضور في أعمال اللجان والجلسات العامة وأنشطة المجلس المختلفة، والإدلاء بالتصريح بالممتلكات، والامتناع عن استعمال بيان الصفة النيابية في العمليات الإشهارية، والتصريح بكل نشاط مهني جديد، وعدم التخلي عن الانتماء السياسي أو الفريق أو المجموعة النيابية.
كلفة مالية باهظة وإنتاج تشريعي هزيل
هناك إجماع من طرف أغلب الفرق البرلمانية، على «هزالة» الحصيلة التشريعية للبرلمان بغرفتيه، خلال الدورة التشريعية التي اختتمت أشغالها، الأسبوع الماضي، وذلك مقارنة مع العدد الكبير من القوانين التي تنتظر العديد من مكونات الشعب المغربي إخراجها إلى الوجود. ورغم أن الفرق البرلمانية تبرر ضعف الأداء التشريعي للبرلمان، بهيمنة الحكومة على العمل التشريعي، فهذا لا يبرر أداء الفرق البرلمانية في أخذ المبادرة التشريعية، وفق الصلاحيات التي خولها لها الدستور الجديد.
وبالرغم من الميزانية المهمة المرصودة لمجلسي البرلمان، أبانت الحصيلة التشريعية عن هيمنة الحكومة على جل الإنتاج التشريعي، حيث أغلب النصوص القانونية المصادق عليها، يكون مصدرها هو الحكومة، في حين توجد في رفوف اللجان البرلمانية الدائمة، العديد من مقترحات القوانين، بعضها مرت عليه سنوات دون أن يدخل إلى المسطرة التشريعية للمصادقة عليه، ومنها قوانين مثيرة للجدل، ما جعل بعضها يدخل طي النسيان.
ومن بين الانتقادات الموجهة إلى فرق المعارضة البرلمانية، في مجال التشريع، هو أنها لم تقدر على وضع مقترح قانون تنظيمي يحدد كيفية ممارسة الحقوق التي منحها لها الدستور بموجب الفصل العاشر، وترى فرق الأغلبية أن المعارضة تنتظر من الحكومة وضع قانون يحدد للمعارضة كيف تعارضها.
وتمر عملية التشريع التي تنتج القوانين تحت قبة البرلمان بعدة مراحل، قبل الوصول إلى تطبيق هذه القوانين، بعد نشرها بالجريدة الرسمية، فطبقا للنظام الداخلي الجديد لمجلس النواب، تودع بمكتب المجلس مشاريع القوانين المقدمة من لدن الحكومة أو المحالة من مجلس المستشارين للمصادقة، ومقترحات القوانين ومقترحات القوانين التنظيمية المقدمة من لدن النواب أو المحالة من مجلس المستشارين للمصادقة، ويأمر مكتب المجلس بتوزيعها على النواب، ويحيل رئيس المجلس مقترحات القوانين المقدمة من لدن النواب إلى الحكومة، في أجل 20 يوما قبل إحالتها على اللجان الدائمة المختصة، وإذا انصرم الأجل، يمكن للجنة الدائمة المختصة برمجة دراستها للمقترح، ويحيط رئيس المجلس الحكومة علما بتاريخ وساعة المناقشة في اللجنة، ويتعين على اللجان النظر في النصوص المعروضة عليها في أجل أقصاه 60 يوما، من تاريخ الإحالة، لتكون جاهزة لعرضها على الجلسة العامة للمناقشة والتصويت.
ويتكلف رئيس المجلس بإحالة على اللجنة الدائمة المختصة كل مشروع قانون تم إيداعه أو مقترح قانون تم إيداعه لدى مكتب المجلس، وتبرمج مكاتب اللجان دراسة مشاريع ومقترحات القوانين المعروضة عليها في ظرف أسبوع من تاريخ الإحالة عليها، وتنظر اللجان في النصوص المعروضة عليها، أولا بتقديم النص من طرف ممثل الحكومة بالنسبة إلى مشروع القانون، أو من طرف واضع مقترح القانون، ثم يتم الشروع في المناقشة العامة للنص، وبعد انتهاء المناقشة العامة، يحدد مكتب اللجنة موعد جلسة لتقديم التعديلات كتابة، وتجتمع اللجنة بعد 24 ساعة للنظر في التعديلات بعد مناقشته، ثم عقب ذلك يتم التصويت على كل تعديل، قبل التصويت على النص التشريعي برمته.
ثلاثة أسئلة لعتيق السعيد:
هدر الزمن التشريعي في إصدار قوانين تفتقد الصياغة التشريعية
1- ما قراءتكم لحصيلة الإنتاج التشريعي؟
الحديث عن حصيلة أول دورة تشريعية من عمر الحكومة يصعب في الوقت الحالي، بالنظر إلى الإطار الزمني غير الكافي لتقييم حصيلة الإنتاج التشريعي، لكن حينما نضع مقارنة بين الحكومات السابقة والحالية، نلاحظ تفوق هذه الأخيرة، أي الحكومة الحالية، سيما بشأن عدد النصوص التشريعية المصادق عليها خلال الدورة الخريفية للبرلمان، حيث صادقت الحكومة الحالية على 19 نصا قانونيا خلال الدورة التشريعية الأولى من عمرها، في حين لم تتمكن حكومة بنكيران خلال الولاية التاسعة من المصادقة في أول دورة تشريعية من عمرها على أي قانون، أما الدورة الأولى من الولاية العاشرة مع حكومة العثماني، تمت المصادقة على مشروع قانون واحد، خلال شهر أكتوبر.
بناء على ما تقدم يمكن القول إن حصيلة عمل الحكومة في علاقتها بالبرلمان تبقى إيجابية، بالنظر إلى الحصيلة الحالية، أيضا بالنسبة إلى الجلسات الشهرية لرئيس الحكومة، الذي تفاعل مع 19 سؤالا بالغرفة الأولى أو الغرفة الثانية، بحيث إن عملية التفاعل شملت 13 سؤالا بمجلس النواب، وأيضا 6 أسئلة بمجلس المستشارين، وهي في مجملها تبقى في إطارها الزمني محفزة في سياق سياسي واجتماعي واقتصادي يعتبر حالة استثنائية تشهدها بلادنا، على غرار باقي دول العالم، جراء الجائحة وتداعياتها في مختلف القطاعات، والرهانات المنتظرة من الحكومة في الحد من الفوارق الاجتماعية، وتفعيل رؤية النموذج التنموي الجديد في إطار منهجية الاشتراك والتوافق، الذي يتطلب من مجلس النواب إعطاء نفس جديد للعمل البرلماني، والسعي الى خلق فضاء ييسر بشكل فعال وناجع عمل سبل أجرأة تصورات لجنة للنموذج التنموي، في ما يخص التخليق وتسريع الإنتاج التشريعي، وجعل أشغال المجلس منتجة للأثر الإيجابي على المجتمع وعلى الحكامة، ورافدا للإصلاحات المؤسساتية الكبرى. هي إذن حصيلة إيجابية في ظل رهانات منتظرة لتفعيل الأوراش المتعددة، تستلزم تجويد مخرجات الإنتاج التشريعي.
2- هل البرلمان مطالب في السياق الحالي بتكثيف عملية الإنتاج التشريعي؟
حقيقة جودة وفعالية مخرجات المؤسسة البرلمانية مرتبطة بغنى الإنتاج التشريعي، سواء من حيث العدد أو من حيث نوعية وآنية النصوص المصادق عليها، وأهدافها التي تمس بشكل تفاعلي قضايا المجتمع. أيضا عملية الإنتاج التشريعي تتطلب مواكبة مستمرة للمتغيرات والإصلاحات الكبرى، التي تشهدها في مختلف المجالات التي تُطلقها بلادنا بتوجيهات من الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، والانتقالات التي تتوخى إنجازها لترسيخ التنمية المستدامة، والتماسك الاجتماعي، بحيث إن المغرب شرع في تحقيق نهضة تنموية متعددة الأبعاد، في مقدمتها تفعيل وإعمال النموذج التنموي الجديد، الذي سيساهم في تنفيذه التشريع والتأطير القانوني من جهة، ومن جهة ثانية عملية المراقبة والتقييم في سياق زمني يتوخى تجاوز التحديات التي تطرحها جائحة كورونا.
هذا، ولابد من الإشارة إلى أن بلادنا بصدد تدشين انتقال حاسم في مجال الحماية الاجتماعية، وسلسلة من الأوراش الاجتماعية المجددة المسايرة لما تشهده بلادنا من تحولات كبرى، التي قدم هندستها جلالة الملك محمد السادس، نحو تثبيت مقومات نموذج دولة الرعاية الاجتماعية، كآلية لتحصين وتقويم النسيج المجتمعي من تداعيات وآثار الجائحة، وكلها أوراش تستلزم تبني الحكامة التشريعية، كمطلب لتجويد مخرجات الإنتاج التشريعي بالمغرب، بحيث إن مبادئ الحكامة في مجال التشريع شكلت أولوية في تصور وفكر جلالة الملك الرامي إلى تجويد مخرجات التشريع، حيث أكد جلالته في العديد من الخطب الملكية على أن الأحزاب والفرق النيابية تتطلب الأخذ بحكامة برلمانية جيدة، عمادها التشبع بثقافة سياسية جديدة وممارسة نيابية ناجعة، قائمة على تعزيز حضور الأعضاء، وجودة أعمالهم ومستوى إسهامهم في معالجة الانشغالات الحقيقية للشعب، ولهذه الغاية نجدد التأكيد على وجوب عقلنة الأداء النيابي، بالانطلاق من تجانس النظامين الداخليين للمجلسين، والنهوض بدورهما في انسجام وتكامل، كمؤسسة واحدة، هدفها المشترك جودة القوانين والمراقبة الفعالة، والنقاش البناء. وبالتالي إذا كانت مبادئ الحكامة تعتبر أسلوبا متطورا وعقلانيا لدمقرطة التدبير الجيد، فالإنتاج التشريعي هو الآخر يستلزم أن يستند في صناعته إلى الحكامة، بغية تحقيق التوازن والنجاعة التشريعية.
إن من أبرز الإشكالات والعوائق التي تمس صناعة التشريع، تتمحور أولا في مسألة هدر الزمن التشريعي في إصدار القوانين، ثم افتقاد الصياغة التشريعية لمبادئ الجودة العلمية، باعتبارها إطارا يستند على قواعد علمية ومبادئ مضبوطة، كفيلة بتجاوز أعطاب التشريع والسير في اتجاه تأسيس منظومة تشريعية ذات مرجعية وطنية مميزة ببصمتها المغربية، ستعزز القدرة التنافسية للتشريع الوطني أمام التشريعات المقارنة، بحيث ستساهم في إشعاع الدولة وتنافس باقي التشريعات العربية والقارية، سيما وأن العولمة القانونية باتت اليوم تشكل منصة ترويجية للإنتاج التشريعي المحلي. وبالتالي صار في حكم المؤكد نظريا وواقعا أن التشريع القانوني أصبح قوة ناعمة، بالموازاة مع باقي القوى الأخرى التي تمكن الدولة من تسويق منتوجه والسعي نحو تقوية ريادته التشريعية القادرة على أن تمتد من حدود المغرب إلى العمق المغاربي والإفريقي.
3- ما أهمية الإنتاج التشريعي في سياق المرحلة المقبلة، وأي دور للتشريع البرلماني في دعم تفعيل الأوراش الوطنية؟
المرحلة التي يعرفها المغرب مليئة بالأوراش الجديدة، وكذلك أمام العديد من التحديات التي تستلزم، وفقا للاختصاصات المنوطة بالمؤسسة التشريعية، مراقبة وتتبع ومواكبة عملية التنفيذ، والحرص على تيسير إصدار القوانين واعتماد الإجراءات المتفق عليها، بالإضافة إلى توفير المناخ السليم للاستثمار من خلال اعتماد التشريعات الضرورية لتأطير الدينامية الاقتصادية والاجتماعية الجديدة ومتطلباتها، وتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني. وبالتالي أهمية الإنتاج التشريعي تتبين من خلال قدرته على إحداث التغيير والإصلاح التنموي، عبر تيسير سبل تفعيل الأوراش الاجتماعية والاقتصادية من جهة، ومن جهة ثانية القدرة على التسويق لها في باقي المؤسسات الدولية، مع الأخذ بأهمية دور الديبلوماسية البرلمانية في الترويج لعدالة القضية الوطنية، وما تعرفه من افتتاح مجموعة من القنصليات بالأقاليم الجنوبية للمملكة، الذي يعد بكل تأكيد انتصارا للديبلوماسية المغربية الناجعة، التي انتقلت من مرحلة تحصين المكتسبات بخصوص القضية الوطنية، إلى مرحلة فرض واقع جديد، قوامه اعتراف دولي متزايد بمشروعية مبادرة الحكم الذاتي، كحل واقعي ومستدام لهذا النزاع المفتعل.
هذه الخطوة تندرج في إطار الدينامية القوية التي تعرفها قضية الصحراء المغربية، والتي تجسدت خلال الأسابيع الأخيرة، في تفاعل دولي أكد دعم المجتمع الدولي الكامل والصريح لمغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي، التي اقترحتها المملكة.