محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادرها، أن النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، محمد كنديل، قدم استقالته من رئاسة مجلس جماعة سيدي احرازم التابعة لعمالة فاس، في انتظار حل مكتب المجلس بعد معاينة انقطاع الرئيس عن مزاولة مهامه بقرار من والي الجهة، سعيد زنيبر.
وتتزامن استقالة كنديل، كذلك، مع شروع قاضي التحقيق بالغرفة الأولى المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بفاس في إجراء تحقيق معه، بصفته رئيسا للمجلس الجماعي منذ 30 سنة، من أجل شبهة تبديد أموال عمومية، حيث سيمثل أمام قاضي التحقيق في جلسة ثانية ستنعقد يوم 9 أكتوبر المقبل، وذلك قبل يومين عن افتتاح السنة التشريعية برئاسة الملك محمد السادس، بعدما غاب عن جلسة التحقيق الأولى بدعوى تواجده بالعاصمة الرباط لحضور أشغال جلسة مجلس النواب. وأفادت المصادر بأن استقالة كنديل مجرد مناورة للهروب من المحاسبة.
وكان المجلس الجهوي للحسابات أجرى افتحاصا لصفقة كراء مرافق المنتجع السياحي «سيدي احرازم»، بناء على مراسلة توصل بها المجلس تتضمن معطيات معززة بالوثائق والأدلة حول اختلالات تشوب هذه الصفقة التي يستفيد منها صاحب شركة مقرب من مستشار جماعي، وتم اعتقال هذا المقاول من طرف الدرك الملكي على إثر منعه لقضاة المجلس من القيام بزيارة ميدانية للوقوف على الاختلالات التي تشوب صفقات استغلال المنتجع.
وحسب الشكاية التي توصل بها المجلس، فإن شركة اكترت من المجلس الجماعي لسيدي احرازم حديقة للترفيه بمبلغ 40 مليون سنتيم سنويا منذ سنة 2011، علما أن عقد الكراء الذي يربط الشركة بالجماعة يتضمن كراء حديقة تتضمن بركة مائية فقط، ولا تتضمن أي مسبح. وأشارت الشكاية إلى أن صاحب الشركة «ع.م» يقطن بديار المهجر، وهو صهر المستشار الجماعي «م.م»، الذي يسير المحل رفقة زوجته، والمسجلين كأجيرين ضمن أجراء المقاولة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وبتاريخ 23 دجنبر 2015، تم إنجاز محضر معاينة تحت عدد 2015/45 يتعلق بمخالفة البناء من طرف صاحب الشركة، تتمثل في بناء شقتين على مساحة 110 أمتار مربعة بدون ترخيص والشروع في بناء مسبح للأطفال على مساحة 80 مترا مربعا، وبعد استجواب المخالف من طرف قائد سيدي احرازم، تبين أنه قام بتحويل المستودع إلى شقتين دون الحصول على رخصة، كما تبين أنه قام بتحويل بحيرة بالحديقة إلى مسبح للأطفال.
وبتاريخ 25 فبراير 2016 تم إنجاز محضري معاينة تحت عدد 07/2016 من طرف عوني الجماعة المحلفين، في مواجهة صاحب الشركة بشأن شروعه في بناء سور طوله 60 مترا وعلوه 3.5 أمتار، والشروع في بناء محلين الأول على مساحة 6 أمتار مربعة والثاني على مساحة 18 مترا مربعا بحديقة الترفيه الجماعية الكائنة بمركز سيدي احرازم، وبتاريخ 20 أكتوبر 2016 تم إنجاز محضر معاينة عدد 24/2016 من طرف العون المكلف بمراقبة البناء بشأن إحداث مسبح للأطفال على مساحة 415 مترا مربعا بمركز سيدي احرازم دون رخصة مسبقة من الجماعة، وبعد توجيه أمر فوري بإيقاف الأشغال وإعذاره من أجل إنهاء المخالفة تم وضع شكاية أمام النيابة العامة التي تابعت الشركة كشخص معنوي من أجل بناء مسبح دون ترخيص، وتم الحكم عليها غيابيا بإدانتها من أجل المنسوب إليها والحكم عليها بغرامة نافذة قدرها 20 ألف درهم، وهدم البناية موضوع المخالفة وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه.
وأكدت الشكاية أنه، على الرغم من كل هذه المخالفات والخروقات لدفتر التحملات الخاص بالحديقة، فإن رئيس الجماعة، محمد كنديل، لم يعمل على فسخ عقد الكراء بين الجماعة والشركة المكترية، وأوضحت الشكاية أن سبب ذلك يعود إلى تبادل المصالح، لأن المستغل الفعلي لمشروع حديقة الألعاب هو المستشار الجماعي «م.م» وزوجته وأن صاحب الشركة هو صهره وشريكه في عدة مشاريع أخرى.
وحسب الشكاية، فإن شركة أخرى تكتري من الجماعة نفسها مسبحا بلديا بقيمة 140 مليون سنتيم سنويا، تشتكي من المنافسة غير المشروعة التي تمارسها في حقه الشركة المخالفة، التي أضافت خمسة مسابح إلى قائمة مخالفاتها وحماما ومطعما وقاعة للأفراح، ما اضطر صاحب الشركة المتضررة إلى مراسلة مؤسسة وسيط المملكة، التي قامت بالبحث في الموضوع وأصدرت توصية موجهة إلى والي جهة فاس مكناس، توصي من خلالها بالعمل على التعجيل باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ قراري الهدم المخالفين للقانون ولضوابط التعمير الصادرين بتاريخ 5 ماي 2016 تحت عدد 208 و209.
وكشفت الشكاية أن المستغل الفعلي للحديقة التي تحولت إلى مركب سياحي، هو مستشار جماعي معروف بالجماعة وبعلم ومباركة من رئيس الجماعة، بمدخول للجماعة لا يتعدى 40 مليون سنتيم، علما أن ثمن تذكرة الدخول إلى المركب تبلغ 50 درهما للفرد الواحد، في الوقت الذي يؤدي مستغل المسبح البلدي مبلغ 140 مليون سنتيم سنويا، دون أن يتجاوز ثمن التذكرة 35 درهما فقط، ما اعتبرته الشكاية تبديدا منسقا وواضحا للمال العام من طرف رئيس الجماعة والمستشار الجماعي، مما يفوت على الجماعة مبالغ مهمة كان من الممكن استغلالها في تنمية الجماعة خدمة للصالح العام.
وتطرقت الشكاية، كذلك، إلى تغاضى رئيس الجماعة عن استيفاء الواجبات الكرائية من أخيه الذي يكتري من الجماعة محلا تجاريا عبارة عن «كشك»، ويتماطل في أداء الكراء، حيث سبق للجماعة أن رفعت ضده دعوى قضائية من أجل المطالبة بأداء الكراء، وصدر حكم قضائي يقضي بأداء أخ الرئيس لفائدة الجماعة تعويضا قدره 47539.30 درهما عن استغلال الملك العمومي وبإفراغه من الكشك موضوع الدعوى، لكن الرئيس لم ينفذ الحكم ضد شقيقه إلى غاية اليوم، مفوتا بذلك على الجماعة مداخيل مالية مهمة.