محمد اليوبي
أصدرت المحكمة الدستورية قرارا يقضي برفض طلب الوزير السابق، والقيادي بحزب العدالة والتنمية، إدريس الأزمي الإدريسي، الرامي إلى إلغاء انتخاب النائب البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، رشيد الفايق، الموجود رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن «بوركايز» بضواحي مدينة فاس، حيث يتابع في ملف جنائي ثقيل أمام محكمة جرائم الأموال.
وتقدم الأزمي بعريضة أمام المحكمة الدستورية، بصفته مرشحا، طالبا فيها إلغاء انتخاب رشيد الفايق في الاقتراع الذي أجري في 8 شتنبر 2021 بالدائرة الانتخابية المحلية «فاس الجنوبية» (عمالة فاس). واتهم الأزمي في عريضته مجموعة من الأشخاص المسخرين من قبل المطعون في انتخابه، قاموا في 4 شتنبر 2021، باعتراض سبيله أثناء قيامه بالحملة الانتخابية، واعتدوا عليه رفقة أنصاره بالضرب والجرح والسب والقذف والسرقة، وهددوه «بالتصفية الجسدية»، ما اعتبره الأزمي مناورة تدليسية للتأثير على حرية الناخبين ومسا بصدق ونزاهة الاقتراع.
وأدلى الأزمي بمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي، في 7 شتنبر 2021، تضمن معاينة لصور فوتوغرافية للمطعون في انتخابه، بمعية مجموعة من الأشخاص الذين نسب إليهم الاعتداء على الطاعن وعلى موكب حملته الانتخابية، نشرت بحساب على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، كما أرفق المحضر بصفحة وصور مستخرجة من الحساب المذكور، وبقرص مدمج يتضمن شريطي فيديو، الأول يعرض فيه الطاعن لمجريات الحملة الانتخابية، ولوقائع اعتراض سبيل حملته على النحو الوارد في المأخذ، والثاني يتضمن شريطا مصورا منجزا من قبل أحد المواقع الإلكترونية بشأن الأحداث نفسها، وشهادات لبعض المواطنين بهذا الخصوص، كما أدلى بنسختين لمحضرين منجزين من قبل الضابطة القضائية، تم فيهما الاستماع إلى تسعة مشتكين، من بينهم الطاعن، وإلى مجموعة من الأشخاص من بينهم تسعة مشتكى بهم.
واعتبرت المحكمة الدستورية، في قرارها، أن الصور الفوتوغرافية المدلى بها من قبل الأزمي لا تكفي وحدها لإثبات ادعاء تسخير الأشخاص السالف ذكرهم من قبل المطعون في انتخابه، الذي نفى، في مذكرته الجوابية، صلته بما تعرض له الطاعن من اعتداء، أثناء حملته الانتخابية، أو بالأشخاص الذين قاموا بذلك. كما تبين للمحكمة، من خلال الاطلاع على المحضرين المنجزين من طرف الشرطة القضائية، وعلى الحكمين الصادرين عن المحكمة الابتدائية بفاس، بتاريخ 14 أكتوبر 2021، و17 نونبـــر 2021، واللذين قضيا بمؤاخذة عدد من المتهمين، بما نسب إليهم من مخالفات وجنح، أن هؤلاء نفوا، أثناء الاستماع إليهم تمهيديا، صلتهم بالمطعون في انتخابه، أو تحريضهم من قبله، وأن بعضهم صرحوا بأن ما قاموا به تم بباعث منهم، كما خلت تصريحاتهم، أثناء الاستماع إليهم من قبل النيابة العامة وهيئة المحكمة الابتدائية، من أية قرائن تفيد بتسخير المطعون في انتخابه للمتهمين.
ومن جهة ثانية، وجه الأزمي اتهامات لرشيد الفايق بأنه قام بتعليق لافتات للدعاية الانتخابية «بالعمارات السكنية والمتاجر بطريقة عشوائية»، خارج الأماكن المخصصة لذلك من طرف السلطة المحلية. وأدلى الأزمي بمحضر معاينة اختيارية منجز من قبل مفوض قضائي في 5 شتنبر 2021، مرفق بصور فوتوغرافية، تضمن معاينة تعليق عدد من اللافتات في «أكثر من شارع، وفي أكثر من بناية سكنية أو في طور البناء أو في أكثر من محل تجاري» بجماعة «أولاد الطيب»، تبرز صورة المطعون في انتخابه، إلى جانب صورة رئيس الحزب الذي ترشح باسمه، لكن المحكمة الدستورية اعتبرت أن المعاينة لم تحدد الأماكن التي تمت فيها عملية التعليق، مما لم يتسن معه التحقق من مدى تقيد المطعون في انتخابه بالضوابط التشريعية والتنظيمية الخاصة بتعليق الإعلانات الانتخابية.
ومن جهة أخرى، طعن الأزمي في استعمال الفايق لإعلانات انتخابية تضمنت اسمه وصورته دون أسماء وصور باقي المترشحين في لائحة ترشيحه، واتهمه أيضا باستعمال إعلان انتخابي تضمن صورته وصورة «الأمين العام» للحزب الذي ترشح باسمه. وفي رده على هذا الطعن، أدلى الفايق رفقة مذكرته الجوابية، بإعلان انتخابي تضمن صور وبيانات جميع المترشحين بلائحة ترشيحه. وأكدت المحكمة الدستورية، في قرارها، أنه لا يوجد في القانون ما يمنع، لأغراض الدعاية الانتخابية، استعمال صور وبيانات مسيري الأحزاب السياسية التي ينتمي إليها المترشحون، طالما لم يقترن ذلك بمناورة تدليسية، وهو ما لم يثبته الطاعن.
كما طعن الأزمي في عملية الاقتراع، واستند في ذلك على استمرار تعليق «لافتات» الدعاية الانتخابية الخاصة بالمطعون في انتخابه، خلال يوم الاقتراع، واعتبرت المحكمة الدستورية استمرار تعليق الملصقات الانتخابية يوم الاقتراع، ليس فيه ما يخالف القانون، طالما أن هذه العملية تمت قبل اليوم المذكور، وهو ما ثبت بالاطلاع على محضر المعاينة الاختيارية المنجز من قبل مفوض قضائي في 5 شتنبر 2021، المدلى به من قبل الطاعن، كما أن المادة 33 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، لا تلزم المترشحين بإزالة الإعلانات الانتخابية بمجرد انتهاء الحملة الانتخابية، بل تخول لهم أجل خمسة عشر يوما، الموالية لإعلان نتائج الاقتراع، لإزالتها وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، تحت طائلة قيام المصالح الجماعية بذلك على نفقة المعنيين بالأمر.