شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

البؤر الجديدة للشغب

 

مقالات ذات صلة

حسن البصري

لم تكن خنيفرة يوما بؤرة للشغب وعنف ملاعب الكرة، فالمدينة ترقد على وسادة طبيعة خلابة وتنظر بعيون أم الربيع. قبل أن تتصدر المدينة وفريقها شباب أطلس خنيفرة الصحف ومنصات التواصل الاجتماعي، وتنقل مشاهد من اصطدامات بين الجمهور الخنيفري وضيفه المراكشي حولت الملعب البلدي إلى بؤرة توتر.

لم تكن مباراة أطلس خنيفرة والكوكب مصنفة في خانة المواجهات ذات المستوى البرتقالي، بل كانت مباراة عادية خالية من دسم العنف، قبل أن تتحول فجأة إلى اصطدام عنيف، قيل إن سببه محاولة سرقة «باش» فصيل الألتراس المشجع للكوكب المراكشي.

في أعراف حركة «الألتراس» فإن السطو على «الباش» هزيمة مذلة للفصيل، لهذا قد يقبل المنتمون لهذه الحركة بسرقة انتصار، ولا يقبلون بسرقة «باش».

انتهت المباراة بالتعادل، بعد أن عاد الهدوء إلى الملعب، لكن العديد من مشجعي الفريقين ما زالوا رهن الحراسة النظرية، وقد خلدتهم منصات المشجعين ووصفتهم بأبطال ملحمة «زيان».

لم تكن مدينة أولاد تايمة مصنفة في خانة بؤر عنف الملاعب، قبل عاشر نونبر الماضي، حين تناقلت وسائل الإعلام الوطنية والدولية مشاهد مقتطعة من ملعب 16 نونبر، الذي أريق حول جوانبه دم القاصرين، إثر معركة بين أنصار فريقي شباب هوارة وأمل تيزنيت، تجاوزت المدرجات إلى شوارع وأزقة المدينة الهادئة.

أغلقت المحلات التجارية والمقاهي وساد قانون الطوارئ المدينة، وحده صوت سيارات الإسعاف وسيارات الأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة يخترق صمت المدينة الثكلى ويعلنها مدينة منكوبة.

صدر قرار بمنع تنقل جماهير فريق نادي شباب هوارة خارج الميدان لما تبقى من مباريات الموسم الرياضي الجاري، وسيطر الوعد والوعيد على منصات التواصل الاجتماعي في سوس العالمة.

لم تكن مباريات شباب المحمدية والدفاع الحسني الجديدي بؤرة من بؤر الدم، لكن آخر مباراة بين الفريقين شهدت معركة بين فصيلين يمثلان الفريق الدكالي، اختارا الاقتتال خارج الجديدة في مدرجات محايدة.

انتصر الفريق الجديدي وانهزمت الروح الرياضية، وتبين أن حب الفصيل يتجاوز أحيانا عشق الفريق.

ولأن العنف أصبح وجبة يومية في مباريات الكرة، فقد فاجأ الجنوب إفريقي رولاني موكوينا، مدرب الوداد، الجميع حين حضر إلى الندوة الصحفية وهو يحمل حجارة من سجيل، في سابقة بالدوري المغربي، قال إنه تعرض للرشق تارة بالحجارة وتارة بقنينات.

في اليوم الموالي شوهد عمال النظافة وهم يقومون بحملة جمع الأحجار والمقذوفات من محيط الملعب البلدي بالقنيطرة، علما أن غالبية الملاعب الرياضية توفر لمرتاديها الحجارة بوفرة وتمكنهم من سلاح في المتناول.

نحن الآن أمام بؤر جديدة تنتج عنفا جديدا يحتاج إلى مقاربات جديدة، تتقاطع فيها كثير من الخطوط، فالعنف لا موطن له.

كشفت دراسة حديثة في الموضوع تحت عنوان: «التدبير الأمني للعنف وأحداث الشغب بالملاعب الرياضية بالمغرب: من أجل مقاربة شاملة»، أنجزها مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، ومركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، مدى خطورة تنامي العنف داخل وحول ملاعب كرة القدم في المغرب، سيما في ظل السياق الحالي، الذي يتميز بتحول المغرب إلى قبلة رياضية تستعد لتنظيم الأحداث الكروية الكبرى، وما يرتبط بها من ديناميات اجتماعية هامة.

الإحصائيات التي وضعتها مؤسسات رئاسة النيابة العامة والمديرية العامة للأمن الوطني والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج رهن إشارة مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، كشفت عن معطيات تستحق التوقف عندها، خاصة أمام ارتفاع نسبة القاصرين الذين رمى بهم الشغب في المؤسسات الإصلاحية، فانقطعت بهم سبل الدراسة.

الدراسة كشفت عن هواية الرشق بالحجارة واستخدام أشعة الليزر ورمي المقذوفات على الفريق منتصرا، كان أم مهزوما.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى