شوف تشوف

الرأي

الامتناع عن التصويت وأزمة الديمقراطية الفرنسية

بيير لوي ريمون

من المؤكد أن الموضوع بات مطروحا. الموضوع مطروح ومسبوق ببوادر أنذرتها الأزمتان الاجتماعية والصحية، اللتان تخللتا الاستحقاقات الانتخابية التي شهدتها فرنسا خلال هذه الفترة، انتخابات الأقاليم والمقاطعات، وقبلها الانتخابات البلدية.
وإذا أمكن ببعض السهولة نسب الامتناع عن التصويت في الانتخابات البلدية إلى الجائحة (مع أنها حجة ضعيفة)، من الصعب في المقابل التعلل بالجائحة لتفسير نسبة الامتناع القياسية التي شهدتها الانتخابات الأخيرة، نسبة لم تشهد مثيلا في تاريخ الجمهورية الخامسة.
ستسمع أصواتا تسارع إلى الحديث عن أزمة الديمقراطية،
لا أعتقد ذلك.
ففي النهاية، عدم التصويت هو تصويت. هنا، الصمت صوت. لا يمكن استبعاد الامتناع عن التصويت من سمات الديمقراطية.
ليست الديمقراطية الفرنسية في أزمة. لكنها، نعم، تحتاج إلى إصلاح. والإصلاح يمر عبر إشراك المواطن في صناعة القرار، في صناعته قبل اتخاذه.
هناك من تحدث عن الاستفتاء، بل ذهب إلى أبعد فعرض اعتماده أداة للتشريع.
لكن هذا لا يستقيم، الشعب ممثل أصلا في البرلمان.
هل يجب إصلاح البرلمان إذن؟
كلا، من حيث الهياكل المؤسساتية، البرلمان صوت الشعب عبر الأقاليم والمحافظات والمفروض أن يكون مسموعا عبر هذه القنوات.
هل نستنتج أن الجمهورية الخامسة خالية من كل مشكلة؟
لا، طبعا لا.
أولا لأن عددا من الإصلاحات الهيكلية أدت إلى عواقب أفرزت نتائج عكسية من المتوقع. هنا نسوق مثال تقليص عدد الأقاليم الذي طمس خصوصيات كثيرة، فلم يعد بالإمكان تحديد نوعية المشاكل ولا الاحتياجات الخاصة بكل جهة.
ثانيا، تعمم النفاق السياسي ليحرك ممارسات ديماغوحية تجدها عند أكثر من مترشح لرئاسة المجالس الإقليمية.
فكيف نقبل من أعلام اليمين التقليدي في الأقاليم الفرنسية أن يجعلوا من الأمن موضوع المواضيع في برامجهم الانتخابية، وهم يعلمون جيدا أن الأمن من صلاحيات الدولة، لا الجهات؟
الأمر يحكمه الضمير، لا الدستور.
ويقودنا جهل السواد الأعظم من الناخبين بصلاحيات الجهات إلى العامل الثالث، غياب تربية مدنية مركزة حديثة محينة تساعد المواطن على أن يكون، والأجدر أن نقول أن يصبح واعيا بحقوقه.
لا تعيش فرنسا أزمة ديمقراطية، لا هي ولا جمهوريتها الخامسة، لكن الممارسة الجمهورية في أزمة خانقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى