شوف تشوف

صحة نفسيةن- النسوة

الاكتئاب في المدن الكبرى أقل منه في المدن الصغرى

من خلال النظر في الصلة بين البيئات الحضرية والصحة العقلية، اكتشف باحثون أمريكيون أنه خلافا للاعتقاد السائد، فإن العيش في مدينة كبيرة لا يرتبط بخطر أكبر للإصابة بالاكتئاب، على العكس من ذلك. لأنه اتضح أن التفاعلات الاجتماعية، مهما كانت قصيرة، تكون أكثر عددا وتنوعا في هذه المناطق الحضرية عنها في الريف.
غالبا ما ينظر إلى المدن الكبيرة على أنها بيئات صاخبة وملوثة وملموسة، حيث تكون معدلات الجريمة عالية والتفاعلات الشخصية عابرة، مزيج يجعلها ضارة بالصحة العقلية لسكانها. لكن بحثا جديدا أجراه باحثون من جامعة شيكاغو نشر في مجلة “PNAS” يثبت العكس، وهو أن التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية والبيئات المبنية في المناطق الحضرية الكبيرة يمكن أن تتنبأ بالفعل بمعدلات منخفضة من الاكتئاب. وتستخدم الدراسة نماذج رياضية وبيانات متعددة لتقييم كيفية تأثير حجم المدينة والبيئة المبنية، مثل الهياكل والطرق، على الاكتئاب.
يشرح البروفيسور أندرو ستير، الذي أجرى الدراسة، أنهم تساءلوا عما إذا كان يمكن تطبيق هذه النماذج الرياضية على الظواهر النفسية، مثل الاكتئاب، لمعرفة ما إذا كانت الشبكات الاجتماعية وشبكات البنية التحتية الفعلية للمدن، وكيف تتغير مع كبر المدن يمكن أن تؤثر على نفسية الناس. واتضح أنه بافتراض أن العزلة الاجتماعية هي عامل خطر للإصابة بالاكتئاب، يكون لدى الناس اتصال أكبر من خلال مجموعة متنوعة من الأسباب عند العيش في المدن الكبيرة. في الواقع، تساعد التفاعلات الاجتماعية العرضية التي تتطلبها المدن الكبيرة، حتى السطحية وذات الجودة المنخفضة، في التخفيف من مشكلات الصحة العقلية.
ومع ذلك، يشير الفريق العلمي إلى أن الدراسة تركز على الاكتئاب وليس على الحالات العقلية الأخرى، وعلى العكس من ذلك، يمكن أن تتفاقم مع الكثافة الحضرية. ما سيكون مثيرا للاهتمام هو إذا تمكنا من تحديد خصائص المدن الكبرى التي تعزز الفوائد النفسية، مع محاولة القضاء على بعض جوانبها السلبية مثل الجريمة والفقر وعدم المساواة. ويمكن أن يساعد ذلك في الحصول على مستقبل أكثر استدامة، بما في ذلك تحسين الصحة العقلية..، وفي حين هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتأكيد هذه النتيجة، يعتقد الباحثون أن المخططين في المدن الصغيرة والضواحي يجب أن يستخدموا هذه النتيجة، ومعرفة كيفية زيادة فرص التفاعل الاجتماعي.
وللوصول إلى هذا الاستنتاج، قاموا بتحليل أربع قواعد بيانات لمعدلات الاكتئاب في المناطق الحضرية بالولايات المتحدة ومنشورات على “تويتر” تذكر مصطلح “أعراض الاكتئاب”. كما تم أخذ تأثير عوامل، مثل التعليم ومعدل التغير السكاني والدخل، في الاعتبار، مع العلم أن أحدث البيانات كانت منذ سنة 2019 وبالتالي لا تأخذ في الاعتبار آثار وباء كوفيد 19. وستكون الخطوة التالية هي النظر في الآثار الإيجابية لبعض العناصر المادية للمدن الكبيرة، مثل المساحات الخضراء والحدائق، وكيف يرتبط توزيعها الدقيق بالرفاهية النفسية. وبحسب الباحثين فإن البيئات الحضرية تغير طريقة تفكير الناس وتصرفاتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى