الاستثمار في عقلاء أوروبا
استقبل ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفرِيقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أوليفر فاريلي، المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع، حيث جاء ذلك، بعد أسابيع قليلة، على الزيارة التي قامت بها فان دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية.
تأتي هذه الزيارة في سياقين مختلفين، سياق ذروة اللقاءات الدبلوماسية المثمرة التي يجريها المغرب مع الاتحاد الأوروبي، كمؤسسة تنفيذية يقودها عقلاء أوروبا، أو ما يجري من اتصالات دبلوماسية مع عدد كبير من الدول الأوروبية، سواء من خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة المغربية الإسبانية، بعد أزمة سياسية بين البلدين، أو من خلال استقبال كارل نيهامر، المستشار الفيدرالي النمساوي، أو ما يجري من مجهودات من أجل تعزيز العلاقات مع بلجيكا وألمانيا أو البرتغال.
في المقابل هناك سياق يسوده التوتر نتيجة توظيف بعض المؤسسات الأوروبية في إطار أجندات حالمة تسعى إلى تحقيق مصالح ضيقة لبعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا التي تحاول جاهدة إبعاد التهمة عنها.
بطبيعة الحال لا يمكن للدبلوماسية المغربية سوى الاستثمار في السياقات البناءة، لأنها دائمة ومستمرة، لكن في الوقت نفسه مواجهة كل الانحرافات الأوروبية وأشكال الابتزاز المتخفي في مؤسسات أوروبا بالقوة والجرأة اللازمتين.
لا ينبغي لأوروبا أن تنسى أن المغرب هو الدولة الأولى من حيث «المشاريع الرائدة» بـ 7 مشاريع من أصل 12 مشروعا مخططا له ضمن الخطة الاقتصادية والاستثمارية من أجل الجوار الجنوبي، ومثل هذه المكانة لا يمكن أن تحوزها دولة تحاول فرنسا تشويهها بكل ما أوتيت من قوة. لذلك فزيارة المفوض الأوروبي تقول صراحة لباريس وأدواتها في البرلمان الأوروبي، إن المغرب كدولة صاعدة تستحق دعمها بـ5.5 مليارات درهم لإنجاز مشاريع اجتماعية وتنموية، فهو ملاذ السلام والاستقرار وحسن الجوار، في كل خياراته الاستراتيجية.
لذلك فعقلاء أوروبا مقتنعون أن الجغرافيا حتمت أن نكون جيرانا، ويفرض التاريخ أن نكون أصدقاء بعيدا عن الاستعلاء الاستعماري وتلزم المصالح أن نكون شركاء، وتفرض الأخلاق أن نكون نبلاء وشجعان في تدبير مشاكلنا بعيدا عن المؤامرات والدسائس، فالمصير مشترك ولا غنى للمغرب عن أوروبا العاقلة والعكس صحيح.