الاتحادي عبد المومني يحارب العمل النقابي بالشطط في استعمال السلطة
محمد اليوبي
وجهت المحكمة الإدارية بالرباط صفعة قوية إلى القيادي الاتحادي، عبد المولى عبد المومني، رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، بإصدارها لحكم قضائي يقضي بإلغاء القرارات «التعسفية» التي أصدرها لتنقيل موظفات من الإدارة المركزية بالرباط إلى مدن أخرى بعيدة، انتقاما منهن، بسبب ممارستهن لأنشطة نقابية.
وأوضح المحامي عمر بنجلون، دفاع الموظفات، أن القرار المطلوب إلغاؤه لم يحترم أدنى الشروط الشكلية والموضوعية ضاربا عرض الحائط كل المراجع القانونية والمؤسساتية المؤطرة للإدارات الخاضعة للقانون الإداري، وذلك في ما يخص، على سبيل المثال لا الحصر، مسطرة التبليغ أو صفة الموقع على القرار، أو تواجد تعليل صريح ولو من الناحية الشكلية، دون الخوض في جديته أو نجاعته، حيث توصلت مجموعة من الموظفات بقرارات إدارية غير قانونية من إدارة التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، ترمي إلى نقلهن من مهمة الى أخرى والتنقيل من دائرة لأخرى دون سند قانوني وبكل تعسف وانتقامية.
وأكد بنجلون أن القرارات موقعة من طرف «مسؤول عن قسم الموارد البشرية»، والحال أن صفته غير ثابتة في قانونية اتخاذ قرار إداري، كما أن الوثيقة المعنونة بـ«القرار» خالية من التعليل على ضوء فصولها ولا تتوفر على سبب ينبني عليه قرار الترحيل لخارج دائرة العمل أو إلحاق بمهام إدارية خارجة عن مجال العمل المحدد، كما أن التعاضدية لم توفر شروط الإخبار المخصصة للقرارات المهنية المتعلقة بالتكليف بمهام جديدة أو مستقبلية من أجل عقلنة مؤسسة معينة ومردوديتها، مشيرا إلى أن إدارة التعاضدية لم تكلف نفسها عناء إشعار الموظفات المعنيات بقرارات التنقيل، ومؤكدا أن كل القرارات الإدارية يجب أن تكون معللة وإلا اعتبر ذلك شططا في استعمال السلطة.
وأبرز بنجلون أن التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية تسببت في اضطهاد الموارد البشرية، ما أثر على الاستقرار النفسي والمادي والاجتماعي للأفراد والجماعات العائلية منها والمهنية، وكذلك على استقرار وسمعة المرفق العام في علاقته مع المنخرطين، والقدوة التي وجب على المسيرين التحلي بها من أجل زرع الثقة بين المنخرطين والمواطنين بصفة عامة في مثل هذه المؤسسات الاجتماعية الممولة من المال العام، وعلى العكس من ذلك، يقول بنجلون، عرف سلوك التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية تنديدا واسعا من طرف الجسم المهني وتضامنا نقابيا من خلال النقابات الأكثر تمثيلية، مشيرا إلى أن الانخراط النقابي للحالات التي تعرضت للقرارات التعسفية هو الذي جعل مجلس الإدارة يتخذ قرارات انتقامية وعشوائية دون شرعية قانونية.
وأكد دفاع الموظفات اللواتي شملهن القرار التعسفي، أن القانون الإداري يحمي المواطنين في إطار علاقتهم بالمؤسسات العمومية والإدارات، فقد وضع شروطا موضوعية وقانونية لها فلسفتها وآثارها في تجنيب كل من يهمه الأمر من التعسف والشطط في استعمال السلطة التنفيذية والإدارية، وأضاف: «والحال أن الشروط المؤسسة لشرعية قرار إداري تتجسد في حماية حقوق المواطنين والاستقرار القانوني والقضائي للدولة والمؤسسات العمومية وعلاقة المواطن مع الإدارة والمؤسسة العمومية والمال العام، لتجعل الأخير مقبولا وقابلا للتنفيذ لكي لا يكون معرضا للإلغاء من طرف العدالة».
وكشف بنجلون أن الأطر الإدارية التي شملتها قرارات التنقيل معروفة بأنشطتها النقابية، من خلال توقيع عرائض احتجاجية تضم عشرات الأسماء وتنظيم وقفات سلمية طبقا للقانون من أجل التعبير عن الظلم الناتج عن الشطط في استعمال السلطة الذي يتعرض له جسم التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، ثم المطالبة برفع الحيف عن الموظفين، مشيرا إلى أن الموضوع أضحى قضية وطنية، مما جعل التعاضدية تذهب في اتجاه ضرب الحركة النقابية بهذه التنقيلات العشوائية التي تمس عشرات الموظفين دون سبب أو سند قانوني، وتابع قائلا: «المحكمة الإدارية بالرباط أنصفت أطر التعاضدية في مرحلة أولى بالحكم بإيقاف التنفيذ ومرحلة ثانية بإلغاء القرارات الصادرة عن التعاضدية وترتيب الآثار القانونية على ذلك، مما يزيدنا ثقة في القضاء الإداري ببلادنا نظرا لاستقلاليته واجتهاده الدائم في الحفاظ على المصلحة العامة».