شوف تشوف

الرأيالرئيسية

الإمارة الأفغانية

أحد الشعارات التي روجت لها حركة طالبان، وبعض التنظيمات الإسلامية المتشددة، هو شعار «الإمارة الإسلامية»، أي اعتبار البلد أو المدينة أو حتى الحي الذي تسيطر عليه هو مجرد إمارة على طريق استعادة دولة الخلافة الإسلامية.

والحقيقة أن كل التجارب التي رفعت هذا الشعار كانت نتائجها كارثية في الواقع، ولم تحقق لشعوبها لا التنمية والرخاء الاقتصادي ولا حتى دولة الخلافة المنشودة، وبقي هذا الشعار مجرد غطاء لإخفاء مساوئ الحكم والإدارة.

وقد رفعت طالبان شعار الإمارة الإسلامية في أفغانستان، واعتبرت أن أحد أسباب نجاحها الرئيسية في هزيمة المحتل الأمريكي ترجع إلى اعتمادها على البيئة المحلية وعلى العرقية الأفغانية الأكثر عددا (البشتون)، في حين أن تحالفها مع نموذج القاعدة العابر للحدود، أثناء خبرتها الأولى في حكم أفغانستان من 1996 وحتى 2001، أسفر عن احتلال أفغانستان وضياع حلم الخلافة الإسلامية، وذلك عقب اعتداءات 11 شتنبر 2001.

ورغم أن حركة طالبان أعطت ملاذا آمنا لأفراد من تنظيم القاعدة داخل أفغانستان، إلا أنها لم تتورط معه في أي عمليات إرهابية، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى استهداف زعيم القاعدة أيمن الظواهري في قلب العاصمة الأفغانية كابول، بعد أن أعطى أحد قادة شبكة حقاني المشاركة في الحكم مع حركة طالبان مكانا آمنا لاختباء الظواهري نجحت الاستخبارات الأمريكية في رصده وقتلته.

صحيح أن طالبان قامت ببعض المواءمات مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، وأبدت مرونة تجاه بعض القضايا الخارجية وفصلت نفسها عن تنظيم القاعدة وحاربت داعش، إلا أنها استمرت في التمسك بمجموعة من المفاهيم والتفسيرات الدينية الخاصة بها شديدة التشدد والانغلاق، والتي عزلتها عن العالم، إلا في ما يتعلق بطلب المساعدات الاقتصادية والإنسانية.

وقد أدان المجتمع الدولي قرار طالبان بمنع تعليم النساء. وأصدر خبراء مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، بيانا أعلنوا فيه أن ما تفعله طالبان بحق المرأة في أفغانستان قد يعتبر جريمة ضد الإنسانية تستوجب المحاسبة، كما علقت بعض المؤسسات الدولية مساعدتها لأفغانستان، عقب قرار حكومة طالبان منع النساء من العمل والتعليم الجامعي، وهو ما مثل ورقة ضغط كبيرة على الحركة قد تدفعها إلى مراجعة موقفها من هاتين القضيتين.

إن ضغوط المجتمع الدولي على حكومة طالبان، إلى جانب خطاب المؤسسات الدينية الإسلامية الكبرى، التي تعبر عن الإسلام الوسطي كالأزهر الذي رفض في بيان شاف واف قرار طالبان بمنع تعليم النساء، قد تساعد في تفكيك مشروع «الإمارة الإسلامية»، ولو بشكل واقعي، حتى لو تمسكت به طالبان كمجرد شعار مرفوع.

معيار نجاح أي حكم ليس القناعات الإيديولوجية والعقائدية التي يتبناها، سواء كان اشتراكيا أو رأسماليا أو قوميا أو إسلاميا، وإنما في قدرته أن يقدم لشعبه نموذجا ناجحا في التنمية الاقتصادية والسياسية.

عمرو الشوبكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى