أفرجت المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، قبل أسبوعين، عن التقرير النهائي الخاص بافتحاص الجماعة الترابية لسيدي سليمان، والذي شمل التدقيق في العمليات المالية والمحاسباتية للجماعة برسم سنوات 2019-2020-2021-2022، ويتعلق الأمر بالحقبة التي تحمل فيها مسؤولية تدبير شؤون الجماعة، كل من البرلماني ياسين الراضي الذي يقبع بسجن العرجات -2- بسلا، وطارق العروسي، الذي ما زال التحقيق مستمرا معه من طرف قاضية التحقيق بغرفة جرائم الأموال بالرباط في ملفات أخرى.
وذكرت مصادر «الأخبار» أن عامل إقليم سيدي سليمان، ومباشرة بعد توصله بنسخة من التقرير النهائي الصادر عن المفتشية العامة للإدارة الترابية، والذي وصف بالتقرير الأسود، قام، بعد استشارة المصالح المركزية بوزارة الداخلية، بإحالة الملف على أنظار رئاسة النيابة العامة، حيث قرر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، إصدار تعليماته للفرقة الجهوية للشرطة القضائية بالرباط، من أجل التحقيق في الملف، حيث من المرتقب الاستماع خلال الفترة المقبلة لكل من الرئيس المعزول طارق العروسي، والرئيس المعزول ياسين الراضي، وحسن قاسمي، النائب الأول له، الذي أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط قرار عزله رفقته، في أفق عقد جلسات الاستنطاق التفصيلي من طرف مؤسسة قاضي التحقيق، قبل إحالة الملف أمام أنظار محكمة جرائم الأموال بالرباط.
شبهات بشأن إنجاز سندات طلب وهمية
رصد التقرير مجموعة من الاختلالات والخروقات في تدبير العمليات المالية والمحاسباتية بالجماعة، خلال فترة الرئيس المعزول طارق العروسي، منها عدم التقيد بقواعد الحكامة ومقتضيات مرسوم الصفقات العمومية في مجال إبرام الصفقات (صفقات اقتناء معدات الإنارة العمومية والتي من ضمنها الصفقة التي استفادت منها شركة «سترابل»، والصباغة وإصلاح قاعة الاجتماعات ومكتب الرئيس، وصفقة اقتناء سيارات النقل الصحي.. وغيرها)، إضافة إلى وجود عدد من سندات الطلب التي اضطر أصحابها إلى مقاضاة الجماعة بسبب الاختلالات التي شابت مسطرة إنجازها، والنفخ في قيمة الاعتمادات المالية المرصودة لبعض السندات ( على سبيل المثال سند طلب كراء المعدات والآليات التي خصصت لجمع مخلفات أشغال هدم دور الصفيح بحي السوق القديم، وسندات طلب متعلقة بنفقات الإطعام خلال فترة جائحة كوفيد 19، وسند طلب متعلق بإصلاح وتهيئة نافورة وسط المدينة على مستوى شارع الحسن الثاني، وسندي طلب تهيئة محيط منصة الشباب بحي الليمونة..)، وعدم تحديد محتوى الأعمال المنجزة عن طريق سندات الطلب بصفة واضحة، وهو الأمر ذاته بالنسبة لسندات الطلب الخاصة باقتناء مواد التعقيم والتنظيف والمكتبيات ومقتنيات مكتب حفظ الصحة واقتناء قطاع الغيار وإصلاح سيارات المصلحة.
كما تم تسجيل اختفاء بعض الحواسيب ذات التكلفة الباهظة، ورصد جملة من الملاحظات بخصوص اشتراكات الهاتف الثابت والنقال والأنترنيت، حيث أضحت الجماعة مطالبة بأداء مستحقات أكثر من شركة للاتصالات، ناهيك عن تسجيل ملاحظة تهم التقصير في تزويد لجنة الافتحاص بعدد من الوثائق المطلوبة، تزامنا مع وفاة المهندس الجماعي الذي كان يشرف على إنجاز الصفقات، في ظل وجود ملاحظات بخصوص تدبير أرشيف الجماعة، مثلما رصد التقرير المذكور، لجوء رئيس الجماعة المعزول طارق العروسي، إلى توريد مجموعة من المقتنيات في غياب أي سند قانوني، وعدم إرساء نظام معقلن لتدبير المشاريع والبرامج، والتأشير على عدد من رخص البناء بشكل أحاذي ودون أخذ الرأي الملزم للوكالة الحضرية، سيما أن رخصا في هذا الصدد استفاد منها النائب الأول للرئيس المعزول (ملف حانة ومطعم أليسيا وتجزئة عشوائية بدوار ازهانة)، وكذا رصد مجموعة من الملاحظات التي شملت طريقة أداء مساهمات الجماعة لفائدة مجلس مجموعة الجماعات الترابية بني احسن للبيئة، التي عهد إليها بتدبير مرفق قطاع النظافة.
صفقة مشبوهة وتجاهل لتوصيات الداخلية
رصد التقرير وجود مجموعة من الاختلالات خلال فترة الرئيس المعزول ياسين الراضي، شملت بالأساس تدبير صفقة اقتناء المعدات الكهربائية، وتمرير صفقة إنجاز الدراسات التقنية والطبوغرافية لربط تجزئة عشوائية في ملكية النائب الأول للرئيس بالتطهير السائل، سيما أن أشغال التطهير السائل لم تعد من اختصاص الجماعة، بموجب عقد التدبير المفوض الذي يربط جماعة سيدي سليمان بالمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والكهرباء-قطاع الماء- (قطاع التطهير السائل)، إضافة إلى القيام بتوريدات لفائدة الجماعة دون سلك المساطر القانونية المعمول بها، حيث تم تجهيز مكتب الرئيس واقتناء لوازم صباغة الطرقات والأرصفة، دون أي سند قانوني يفيد بوجود سند طلب أو صفقة في الموضوع، الأمر الذي يثقل كاهل الجماعة بالتعويضات المقرر بناء على الأحكام القضائية، في مقابل عدم التقيد بالملاحظات الواردة في التقرير النهائي للمفتشية رقم 132b/2019 برسم سنتي 2017 و 2018.
وسجل التقرير المذكور، ضعف الرقابة الداخلية لتحسين وظيفة الجبايات بالجماعة، وتطبيق دورية وزير الداخلية بشأن تطبيق إصلاح الجبايات المحلية، وهو الأمر الذي انعكس سلبا على مداخيل الجماعة التي تراجعت بشكل كبير، بالموازاة مع عدم إنجاز عمليات إحصاء للضرائب المحلية، وغياب إحصاء دقيق وشامل للملزمين بالرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، وعدم تحيين لوائح الملزمين بأداء الرسوم الجبائية، وعدم إرسال نسخ العقود والرخص التجارية ورخص السكن وشهادات المطابقة بصفة منتظمة إلى تقسيمة الضرائب، وضعف التنسيق بين مصلحة الموارد المالية وباقي المصالح الجماعية، خاصة على مستوى قسم التعمير والبيئة ومصلحة الممتلكات الجماعية)، والتقصير في حماية الموارد المالية للجماعة، وتراجع مداخيل السوق الأسبوعي وسوق الخضر والفواكه، وتعطيل مسطرة تحصيل الدين العمومي، وسوء تدبير الموارد البشرية.
تضارب المصالح واستغلال النفوذ
كشف التقرير تضارب المصالح واستغلال النفوذ، بخصوص استفادة النائب الأول للرئيس (المعزول) حسن قاسيمي، من عملية إدراج جزء مهم من الأرض التي يعتبر من ضمن مالكيها، ضمن برنامج إعادة الهيكلة، حتى تستفيد من أشغال الربط بشبكة التطهير السائل والماء الصالح للشرب، في حين أن برنامج إعادة الهيكلة الذي جرى تمويله من طرف القطاعات الحكومية المعنية، يستهدف الأحياء السكنية التي توجد بها بنايات قائمة وليس أرضا عارية.
مثلما باتت تلاحق النائب الأول المعزول شبهات التجزيء السري بدوار ازهانة، والتأشير على وثائق للربط بشبكة الماء الصالح للشرب والكهرباء بالمنطقة المذكورة، واستفادته من رخصة إصلاح بناية المركب السياحي (مطعم وحانة أليسيا ومسبح) التي يكتريها منه رئيس الجماعة ياسين الراضي رفقة شريكه، التي تقع بدوار الدويمية بارادي على مستوى الطريق الوطنية رقم 4، مع إحداث مجموعة من التغييرات والأشغال داخل البناية في غياب التراخيص المعمول بها قانونا، في ظل تسليم الجماعة لرخصة الاستغلال التجاري لمسير المطعم، التي تم سحبها في وقت لاحق، بناء على محضر منجز من طرف السلطة المحلية والشرطة الإدارية، كما وقف التقرير حول عدم أداء النائب الأول المعزول للرسوم الجبائية المتعلقة باحتلال الملك العمومي بالنسبة لمحطة البنزين التي يعتبر مسيرها، وكذا بالنسبة للضريبة على المشروبات المتعلقة بالمقهى الموجودة داخل محطة البنزين، في وقت أشار التقرير إلى الخروقات التي شابت عملية استفادة «ا.ق» شقيق النائب الأول للرئيس، بصفته مسيرا للشركة التي يعتبر النائب الأول المعزول من ضمن المساهمين فيها، من شهادة إدارية، تحمل عدد 07/2021 صادرة عن الملحقة الإدارية الرابعة، في الإعفاء من أداء الضريبة على الأراضي الحضرية غير المبنية بالنسبة للرسم العقاري عدد 17196/ر الكائنة بدائرة سيدي سليمان قبيلة أولاد يحيى فرقة ازهانة.