شوف تشوف

الافتتاحية

الإغلاق وحده ليس حلا

كل مرة تتسع فيها عدوى فيروس كورونا بشكل ملحوظ، تتجه الحكومة للخيارات السهلة معتقدة أن إغلاق المحلات على الساعة التاسعة وإغلاق مرافق كالحمامات والمسابح والقاعات الرياضية، ومنع الدخول لبعض المدن وحرمان بعض المهن التي تعرف نشاطا وكثافة من العمل في فصل الصيف، كلها إجراءات ستوقف انتشار الفيروس، والحال أن قرارات الإغلاق بالصيغة التي تلجأ إليها الحكومة لن تكون وسيلة أساسية للسيطرة على هذا الفيروس، في المقابل تنسى الحكومة أن عمليات الإغلاق تجعل الفقراء أكثر فقرا والمهمشين أكثر تهميشا والمقصيين أكثر إقصاء.
في الفترة الأولى من الفيروس بصيغته الطبيعية قبل أن نصل إلى أشكاله المتحورة، تمكنت الدولة، من خلال إجراءات قاسية اجتماعيا واقتصاديا، من العبور بالمواطنين من الموجة الأولى إلى بر الأمان مدعومة باحتضان شعبي ومجهود مؤسساتي، والأكثر من ذلك بصندوق مكافحة كورونا الذي كان يتوفر على 3500 مليار سنتيم. وها نحن نعود اليوم بهاته القرارات المستعجلة إلى المربع الأول، لكن بدون إمكانيات مالية واقتصادية ودون قدرة مجتمعية على تحمل ويلات الإغلاق لمصادر الرزق. وفي حال اتخاذ الحكومة لمزيد من قرارات الحظر الكلي أو الجزئي، فإن الكلفة ستكون هذه المرة كبيرة، فالخسارة لن تقتصر على القطاع الخاص الذي يقاوم من أجل البقاء على قيد الحياة بل ستشمل بلدا خزينته منهكة ماليا واقتصاده متخم بالخسائر بسبب تكلفة الفيروس.
فلا يمكن أن تتخذ الحكومة قرارات متهورة في عيد الأضحى بتوصية من اللجنة العلمية، وتطلق الحبل على الغارب لإقامة الأعراس والأفراح، وتغمض عينها على الأسواق وأمواج السفر لترويج 600 مليار سنتيم، ثم تأتي في ما بعد لتعاقب المواطن العامل في الحمامات والنوادي الرياضية والمقاهي والمطاعم، بسبب الارتفاع الصاروخي للفيروس.
فهل درست اللجنة العلمية تداعيات قراراتها السابقة؟ وهل للحكومة الجرأة لتقول إنها بقرارات عيد الأضحى تتحمل جزءا من الكارثة الواقعة؟ وهل يدرك رئيس الحكومة، الذي يردد بتباه أن التلقيح ليس إجباريا لأننا لسنا في دولة ديكتاتورية، حجم ما يرتكبه من كوارث بمثل هذا الخطاب المتهور؟ إذ عوض أن ينظم حملة عمومية لتشجيع التطعيم نراه يفضل الدعاية للحق في عدم تلقي التطعيم، علما أنه يرى كيف أنهم في فرنسا ذاهبون نحو فرض إجبارية التلقيح، فهل فرنسا دولة ديكتاتورية في نظر سعادة رئيس الحكومة؟
إذن، الخلل في مكان آخر، واللجنة العلمية والحكومة تعلمان ذلك، وهما بالدرجة الأولى السبب فيه، قبل المواطن.
وما ينبغي الاشتغال عليه بشكل جدي من طرف الحكومة واللجنة العلمية، بعيدا عن الاختيارات السهلة، هو التشدد في تطبيق القانون بخصوص ارتداء الكمامة والصرامة في تطبيق الاحترازات الطبية، ورصد نقاط الضعف التي يمكن أن يستغلها الفيروس لتوسيع رقعة انتشاره، وليس الإغلاق الكلي أو الجزئي، فهذا الأخير لن يقودنا سوى لمزيد من النتائج الكارثية، وسيضرب عجلة الإنتاج ويدمر الاقتصاد ويؤثر على أي خطوة نحو التنمية، ولن تتحمله الدولة.
جزء مهم من الحلُّ يكمُن كذلك في الإسراع بتعميم اللقاح للوصول للمناعة الجماعية مهما كانت الوسيلة وبأي ثمن ممكن. ولا يمكننا في هذا الصدد سوى التنويه بالصفقة التي عقدت مع مختبر فايزر بيوأنتيك لتزويد المغرب باللقاحات.
فلا يمكن أن تعاقب الحكومة الجميع بالغلق، بل يجب عليها أن تدرس الوضع جيدا لتنتج قرارات واقعية، والأكيد أنه لا الدولة بقطاعيها الخاص والعام ولا السلطات قادرة على تحمل تداعيات الإغلاق التام والحظر الكلي ولا المواطنون قادرون على ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى