وزيرة المالية تؤكد فشل الإصلاح السابق وتحذر من إفلاس نظام المعاشات المدنية سنة 2028
محمد اليوبي
بعد التحذيرات التي أطلقها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والهيئة الوطنية لمراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، بخصوص إفلاس أنظمة التقاعد بالمغرب، عقدت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أول أمس الأربعاء، يوما دراسيا حول أنظمة التقاعد، بحضور وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، لتقديم معطيات حول وضعية هذه الصناديق والسيناريوهات المقترحة للإصلاح الشمولي.
وخلص اليوم الدراسي حول موضوع «إصلاح أنظمة التقاعد.. التحديات والآفاق» إلى ضرورة العمل على مراجعة الوضعية الحالية لنظام المعاشات المدنية بعد الإصلاح المقياسي الذي عرفه سنة 2016، والعمل على تجاوز العجز التقني للصندوق الجماعي لمنح رواتب التقاعد، وتسريع جهود تعزيز توازنات أنشطة التقاعد وضمان الالتقائية على مستوى الخدمات والتمويل والإطار التنظيمي.
ومن بين خلاصات اليوم الدراسي، أيضا، تجميع منظومة التقاعد في قطبين، قطب عمومي يتكون من الصندوق المغربي للتقاعد والصندوق الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR-CMR)، وقطب خاص يضم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المهني المغربي للتقاعد، وذلك في أفق إحداث نظام وطني موحد يقوم على ثلاث دعامات، تتجلى في دعامة إجبارية يتم تدبيرها وفق قاعدة التوزيع تشمل الأشخاص في القطاعين العام والخاص وغير الأجراء، ودعامة تكميلية قائمة على مبدأ المساهمة بالنسبة للدخول التي تفوق السقف المحدد، ثم دعامة اختيارية.
ودعا البرلمانيون المشاركون في اليوم الدراسي إلى وضع آليات الحكامة وقيادة فعالة لأنظمة التقاعد للحرص على استدامته، واقتراح إحداث حد أدنى للدخل في سن الشيخوخة لا يقل عن عتبة الفقر بالنسبة للأشخاص الذين لا يستفيدون من أي معاش في إطار الإصلاح الشمولي للمنظومة، بالإضافة إلى توسيع مجال التمويلات المبتكرة على جميع الصناديق. وتم تقديم مقترحات بخصوص الإصلاح المقياسي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، وذلك بالإصلاح عن طريق تعديل النصوص التنظيمية وهو إصلاح سيكون له تأثير إيجابي على ديمومة النظام، يستدعي الرفع من سن التقاعد أو من واجب الانخراط.
وأكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، أن أنظمة التقاعد استخلصت، برسم سنة 2020، مبلغ 62,74 مليار درهم من مجموع المساهمات والاشتراكات، وأبرزت الوزيرة، في كلمة لها خلال اليوم الدراسي، أن الخدمات، في المقابل، كلفت 67,9 مليار درهم، بما في ذلك 32,6 مليار درهم للصندوق المغربي للتقاعد، و22,9 مليار درهم للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وذكرت، في هذا السياق، بأن المساهمين النشطين الذين شملتهم تغطية أنظمة التقاعد بلغوا، برسم السنة ذاتها، أكثر من 4.5 ملايين شخص، مضيفة أن مجموع المستفيدين وصل إلى 1.4 مليون شخص، كما استعرضت الوزيرة الإشكاليات والتحديات المرتبطة بأنظمة التقاعد في القطاعين العام والخاص، مبرزة أن نظام التقاعد الحالي يطبعه عدم التجانس على عدة مستويات.
وفي معرض حديثها عن الوضعية الحالية لنظام المعاشات المدنية بعد الإصلاح المقياسي الذي عرفه سنة 2016، حذرت من أن النظام سيستنفد احتياطياته (70 مليار درهم) بحلول سنة 2028، موضحة أنه للوفاء بالتزاماته بعد ذلك، سيحتاج الصندوق المغربي للتقاعد ما يناهز 14 مليار درهم سنويا لتمويل عجز النظام، وسجلت أيضا أن «المستوى الحالي لنسبة المساهمة (28 في المئة) وسن التقاعد القانوني (63 سنة) لا يتركان سوى هامش ضيق لتبني إصلاح مقياسي جديد».
وتابعت المسؤولة الحكومية أن أفق استدامة النظام القريب يجعل أثر الإصلاح المقياسي يقتصر على خفض الدين الضمني دون معالجة إشكالية نفاد احتياطيات النظام، وأضافت «يعد النظام حاليا متوازنا بالنسبة للحقوق المكتسبة بعد إصلاح 2016 بحيث إن الدين الضمني الحالي يهم بالخصوص الحقوق المكتسبة في السابق».
من جهته، أشار الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، إلى أن تمويل الحماية الاجتماعية يعتمد على آليتين تهم الأولى الاشتراك (28 مليار درهم) بالنسبة للأشخاص الذين تتوفر لديهم القدرة على المساهمة في تمويل التغطية الاجتماعية، والثانية تقوم على التضامن (23 مليار درهم) بالنسبة للأشخاص الذين لا تتوفر لهم القدرة على المساهمة في التمويل.
وبخصوص تفعيل تعميم التأمين الصحي الإجباري عن المرض، أفاد الوزير بأن هذا المشروع عرف، إلى غاية شهر فبراير الجاري، إدماج 561 ألفا و898 منخرطا من العمال غير الأجراء، مقابل 10 آلاف و45 في أكتوبر 2021، بمتوسط عمر بلغ 50 سنة، مشيرا إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لبلوغ 3.2 ملايين مستفيد عند متم يونيو المقبل، وأشار في هذا الصدد إلى أن تحقيق هذه الغاية يمر بالضرورة، على الخصوص، عبر عمليات التحسيس والتواصل من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتعبئة مختلف القطاعات الوزارية المعنية.
وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
أوصى باستعجالية تفعيل الإصلاح الهيكلي والشمولي لقطاع التقاعد بالمغرب، وأكد المجلس، في نقطة اليقظة الأخيرة الصادرة عنه، أن إرساء منظومة وطنية للتقاعد، تضامنية وناجعة ومستدامة وقادرة على الاستجابة لانتظارات الأجيال الحالية والقادمة من النشيطين والمتقاعدين وضمان حقوقهم، يقتضي العمل على تسريع تفعيل مسلسل تعزيز توازنات أنظمة التقاعد الموجودة وإرساء الانتقائية بين مصادر تمويلها، وخدماتها، والإطار القانوني والتنظيمي المتعلق بها ونمط حكامتها، وأوضح أن الهدف الاستراتيجي من هذا التوجه يكمن في العمل، وفقا للتوجيهات الملكية المتعلقة بإحداث منظومة حماية اجتماعية شاملة، على الانتقال نحو منظومة تقاعد قائمة على قطبين؛ قطب خاص وقطب عمومي، وذلك في أفق إحداث نظام وطني موحد للتقاعد.