شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسيةمجتمع

الإحسان على حساب المعوزين

تعرض عدد من المواطنين لصدمة كبيرة بعد انتشار خبر اعتقال الدكتور الشهير في جراحة التجميل، حسن التازي، وإحالته على قاضي التحقيق، من أجل تعميق البحث معه في مجموعة من التهم المنسوبة إليه صحبة زوجته وأخيه وشركاء آخرين، أبرزها الاتجار بالبشر وتبييض الأموال وجمع مبالغ مالية من متبرعين تحت غطاء تسوية تكاليف طبية لاستشفاء مرضى منتمين إلى أسر معوزة، على أن يتم تقديم العلاج لهم بالمصحة التي يعمل بها أغلبية المشتبه فيهم، حيث يتم الرفع من قيمة التكاليف الطبية بشكل تدليسي قصد الاستيلاء على مبالغ مالية مهمة.

قضية الطبيب التازي، في انتظار أن تقول العدالة كلمتها، تقدم لنا درسا بليغا وعبرة كبيرة للبعض ممن يتخذون العمل الخيري غطاء لأهداف لا علاقة لها بالإحسان العمومي والنفع العام، بل الغاية منها تحقيق مكسب مادي غير مشروع. فهناك نوع من البشر يتخذ من مصلحته المادية الشخصية حافزا للعمل الإحساني، ويجعله موردا ماليا أساسيا للاغتناء بدون سبب ولو على حساب المعوزين الذين يتاجر بمآسيهم. والأكيد أنه يعيش بيننا عشرات الآلاف من أمثال التازي في المجال السياسي والجمعوي والديني، لكن لم تصلهم بعد يد القضاء والمحاسبة لكشف جرائمهم المغلفة بالأعمال النبيلة.

ولا خير في أي عمل تطوعي إذا ما قدم بطريقة تخدم المصالح الذاتية لصاحبه، أو كان غطاء لقضايا فساد، أو شكلاً للتهرب من أداء الضرائب أو من أجل أكل أموال التأمين بغير وجه حق، وهناك ممن لا يعرفون الحياء يبدؤون عملهم الإجرامي المغلف بالإحسان بقفة رمضان أو عملية أو ختان أو جنازة وينتهي إلى تعبيد الطريق إلى البرلمان أو تضخيم الحساب البنكي.

مسألة أخرى تعظنا بها قضية التازي، وهي الحاجة الماسة إلى فتح النقاش العمومي حول العمل الإحساني غير المؤسساتي، فكثير من الخروقات تتم أمام أنظار السلطات بحجة العمل الخيري دون أن تحرك ساكنا، رغم أن القانون يضع قيودا شديدة على العمل الخيري وجمع الأموال. وربما صمت المؤسسات هو ما جعل بعض المتطفلين يتطاولون على العمل الخيري لتحريفه عن مقاصده فحولوا الخير إلى شر والنبل إلى مكر، ما دام الهدف هو تحقيق الإثراء غير المشروع أو المنصب غير المستحق.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى