شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيتقاريرسياسية

الأمن الطاقي.. تحدي المستقبل

المغرب مرشح لدخول نادي الدول المنتجة للبترول الأخضر

يواجه المغرب تحديات جديدة للأمن الطاقي، في ظل الأزمة الطاقية الحالية، لأنه يعاني بصفته مستورداً لجل حاجياته من المنتجات البترولية المكررة، وبشكل كبير، من آثار هذه الأزمة الطاقية العالمية. وتم تسجيل العديد من التوترات في سوق الطاقة العالمية ما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار المنتجات الطاقية. واتخذ المغرب عدة تدابير لتعزيز الأمن الطاقي للبلاد وتحسين مناعته وتنافسيته الطاقية، من بينها تسريع تطوير الطاقات المتجددة وتعزيز حصتها في المزيج الطاقي، وهي الحل الأمثل للمغرب لمواجهة التحديات المختلفة في إطار استراتيجية الانتقال الطاقي التي سجلت بالفعل، منذ إطلاقها سنة 2009، تقدما كبيرا (37,6% من القدرة الكهربائية المنجزة سنة 2021). وفي هذا السياق، ترأس الملك محمد السادس، بالقصر الملكي بالرباط، جلسة عمل خصصت لتطوير الطاقات المتجددة والآفاق الجديدة في هذا المجال، بهدف الرفع من حصة هذه الطاقات إلى أزيد من 52 بالمائة من المزيج الكهربائي الوطني في أفق 2030.

مقالات ذات صلة

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

هذه هي التوجهات الاستراتيجية لضمان الأمن الطاقي بالمغرب

 

 

أفادت وثيقة صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية بأن الاقتصاد العالمي يمر بأزمة طاقية غير مسبوقة، ويرجع ذلك أساسا إلى الآثار المزدوجة للأزمة الأوكرانية وعواقب الأزمة الصحية لفيروس كورونا. وتم تسجيل العديد من التوترات في سوق الطاقة العالمية، ما أدى إلى زيادة كبيرة في أسعار المنتجات الطاقية. وسجلت أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء بدورها ارتفاعات ملحوظة بلغت مستويات غير مسبوقة. وصارت تداعيات هذا السياق على الأمن الطاقي إشكالية مستعصية جعلت الرهان الطاقي في صلب أولويات الدول كل حسب مدى درجة اعتمادها على سوق الطاقة الدولية.

وحسب الوثيقة، فإن المغرب يعاني، بصفته مستورداً لجل حاجياته من المنتجات البترولية المكررة، وبشكل كبير، من آثار هذه الأزمة الطاقية العالمية، حيث بلغ معدل التبعية الطاقية حوالي 90% سنة 2019 (مع تسجيل انخفاض في هذه النسبة مقارنة مع السنوات السابقة). وإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من التقدم الكبير المسجل على المستوى الوطني من حيث تعزيز القدرة المنجزة للطاقات المتجددة، فإن حصة المنتجات البترولية في المزيج الطاقي لا تزال كبيرة، بنسبة قاربت 53 % سنة 2019.

وبالنظر إلى التداعيات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد لهذه الأزمة الطاقية على الأمن الطاقي للبلد، فإن المغرب مدعو لضمان تفعيل توجهاته الاستراتيجية المعتمدة وتسريع وتيرة تنفيذها، والتي تهدف بشكل خاص إلى تعزيز الأمن الطاقي للبلد وتحسين مناعته وتنافسيته الطاقية.

ويتعلق المحور الاستراتيجي الرئيسي الأول بتسريع مسلسل الانتقال الطاقي من خلال التطوير المكثف للطاقات المتجددة، ويبقى تسريع تطوير الطاقات المتجددة وتعزيز حصتها في المزيج الطاقي الحل الأمثل للمغرب لمواجهة هذه التحديات المختلفة في إطار استراتيجية الانتقال الطاقي التي سجلت بالفعل، منذ إطلاقها سنة 2009، تقدما كبيراً (37,6%) من القدرة الكهربائية المنجزة سنة 2021).

ويمكن أن يؤدي الاستخدام المكثف للطاقات المتجددة، أيضًا، إلى مجموعة من المزايا، بما في ذلك انخفاض معدل التبعية الطاقية، وخفض الفاتورة الطاقية الوطنية وخلق فرص شغل مباشرة وغير مباشرة، وكذا أثرها الهام على الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتحقيق طموح الحياد «الكربوني» على المدى الطويل. وفي هذا السياق، أضحى من الضروري تعزيز الإنتاج اللامركزي للكهرباء من المصادر المتجددة على مستوى المنازل والصناعات والجماعات والضيعات الفلاحية.

وفي هذا الإطار، يعد إصدار قرار رقم 2138.22 بتاريخ 26 شتنبر 2022 بتحديد المناطق المعدة لاستقبال مواقع تنمية مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية انطلاقا من مصادر الطاقة الشمسية، (يعد) خطوة حاسمة في مسار تسريع تطوير الطاقات المتجددة في المغرب.

أما المحور الاستراتيجي الثاني فيتعلق بتحقيق الأهداف والتدابير القطاعية من حيث النجاعة الطاقية وترشيد الطلب، لأن النجاعة الطاقية تعتبر إحدى أولويات الاستراتيجية الطاقية الوطنية. ووفقا لذلك، حُددت أهداف طموحة من حيث خفض الاستهلاك النهائي للطاقة بنسبة 20% بحلول سنة 2030. وتتمحور هذه الاستراتيجية الوطنية الطموحة حول أهداف وأسس ومحاور استراتيجية وتدابير قطاعية يتعين الإسراع بتفعيلها.

ويتطلب تعزيز الأمن الطاقي للبلاد، أيضًا، استخداما أكثر عقلانية للطاقة، لا سيما من خلال اعتماد تسعيرة للكهرباء من شأنها التشجيع على نقل جزء من الطلب إلى خارج فترة الذروة وذلك لجعل الطلب على الكهرباء أقل تذبذبا، وكذا اعتماد حوافز للاستخدام المعقلن للكهرباء. وينبغي لعملية تنفيذ خارطة الطريق الخاصة بالنجاعة الطاقية الاستفادة من الظرفية الراهنة لتشجيع مختلف الفاعلين وكذا الأسر للانخراط الفعال في تنفيذ البرامج و/ أو اقتناء معدات أقل استهلاكًا للطاقة.

وفي ما يتعلق بالمحور الثالث، فإن تطوير الغاز الطبيعي يعد خيارا استراتيجيا للمساهمة في تنويع مصادر الطاقة والحد من مشاكل الانقطاعات الناجمة عن الاعتماد المكثف على الكهرباء المتجددة، وكذلك لضمان سلامة تزويد محطات الطاقة الكهربائية المعتمدة على الغاز الطبيعي في تشغيلها.

وفي هذا الإطار، تم، في غشت 2021، وضع خارطة طريق وطنية لتطوير الغاز الطبيعي 2021-2050. وتتمحور أهداف هذه الخارطة حول إنشاء سوق منظم للغاز الطبيعي من خلال تحفيز التطور التدريجي للطلب وتطوير مشروع للبنية التحتية للغاز، وولوج المصنعين وباقي المستهلكين إلى طاقة تنافسية، وكذا تحسين تنافسية المصدرين الصناعيين المغاربة وتطوير أنشطة إضافية أخرى حول سلسلة الغاز الطبيعي.

ومن أجل تأمين الاحتياجات من الغاز الطبيعي، تم اعتماد مجموعة من التدابير الطموحة، بما في ذلك إنشاء وحدة تخزين الغاز الطبيعي المسال وإعادة تحويله إلى غاز بهدف تأمين تزويد مستمر ومتنوع من الغاز الطبيعي. وعلى المدى الطويل، يتم تنفيذ مشروع ذي أهمية كبيرة يتعلق ببناء خط أنابيب غاز بين المغرب ونيجيريا يقارب طوله 6.000 كيلومتر ويمر عبر عشر دول لربطها بالسوق الأوروبية.

ويتعلق المحور الاستراتيجي الرابع بتطوير الهيدروجين الأخضر كمشروع واعد لتوليد الطاقة النظيفة، حيث تفتح سلاسل الإنتاج المتعلقة بالهيدروجين آفاقًا كبيرة.

وأظهرت عمليات المحاكاة التي أجراها البنك الدولي انخفاضًا كبيرا في الانبعاثات الكربونية لقطاع الكهرباء منتقلة من 80 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا في أفق 2050 بالنسبة للسيناريو الأساسي، إلى 4 ملايين طن سنويا فقط بالنسبة للسيناريو المعتمد على الهيدروجين الأخضر.

وتم إطلاق خارطة طريق للهيدروجين الأخضر في يناير 2021 والتي تفتح آفاقًا كبيرة للتصنيع تهم مختلف مراحل سلسلة القيمة، بما فيها تحلية المياه والطاقات المتجددة (الكهروضوئية والريحية)، والتحليل الكهربائي والكيمياء الخضراء.

الطاقات المتجددة في أرقام

 

تندرج تنمية الطاقات المتجددة في صلب السياسة الطاقية الوطنية، والتي تتجه نحو تنويع مصادر التزود بالطاقة وذلك من خلال رفع حصة الطاقات الخضراء، في أفق سنة 2030، إلى نسبة 52 في المائة من القدرة الكهربائية الإجمالية المنتجة، مع السعي نحو تقليص التبعية الطاقية وتعزيز الأمن الطاقي للبلاد. وعلى هذا الأساس، تتمثل أهم إنجازات سنة 2022 في ما يلي:

 

1- ملاءمة الإطار القانوني:

 

صادق مجلس الحكومة، بتاريخ فاتح يوليو 2021، على مشروع القانون رقم 19. 40 بتغيير وتتميم القانون رقم 09. 13 المتعلق بالطاقات المتجددة، وتمت إحالته على البرلمان من أجل المصادقة عليه. ويهدف مشروع القانون المذكور آنفا إلى تحسين مناخ الأعمال، وتعزيز الشفافية، وتسهيل الولوج إلى المعلومات المتعلقة بفرص الاستثمار، وتبسيط مساطر منح الرخص، وذلك بغية تعزيز جاذبية قطاع الطاقات المتجددة للاستثمارات المحلية والدولية.

هذا، وعرفت سنة 2022 مواصلة إعداد النصوص التطبيقية المتعلقة بالقانون رقم 15. 48، المتعلق بضبط قطاع الكهرباء وإحداث الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء.

 

2- تطوير الطاقات المتجددة:

 

إلى غاية نهاية 2021، بلغت الطاقة المنتجة من مصادر متجددة 4.050 ميغاواطا مما رفع نسبة الطاقات المتجددة من المزيج الطاقي العام إلى 37,7 في المائة مقسمة كما يلي: الطاقة الشمسية بنسبة 7,7 في المائة، والطاقة الريحية بنسبة 13 في المائة، والطاقة الكهرمائية بنسبة 17 في المائة.

  • الطاقة الشمسية:

بلغت القدرة الإجمالية المنتجة انطلاقا من الطاقة الشمسية في سنة 2022، ما مجموعه 827 ميغاواطا باستثمار إجمالي يناهز حوالي 29,8 مليار درهم.

عرفت سنة 2022 بدء تشغيل مشروعين لمحطات الطاقة الشمسية الفولطاضوئية على مستوى موقعي «ميسور» و«زاكورة» بقدرة بلغت 40 ميغاواطا لكل موقع، وذلك في إطار برنامج «نور تافيلالت» الذي يهدف إلى إنتاج طاقة إجمالية تبلغ 120 ميغاواطا.

من المتوقع أن يتم سنة 2023 بدء تشغيل مشروع للطاقة الشمسية الفولطاضوئية بقدرة 30 ميغاواطا على مستوى عمالة طنجة- أصيلة، إضافة إلى مشاريع الطاقة الشمسية الفولطاضوئية المحدثة بالمناطق الصناعية، والتي تعادل قدرتها 330 ميغاواطا.

  • الطاقة الريحية:

إلى غاية نهاية سنة 2021، بلغت القدرة الإجمالية المنتجة انطلاقا من الطاقة الريحية ما مجموعه 1.423 ميغاواطا، باستثمار إجمالي بلغ 23,21 مليار درهم.

وعرفت سنة 2022 توسعة القدرة الاستيعابية للمركب الريحي «بئر أنزاران» من 200 ميغاواط إلى 203,5 ميغاواطات. وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 13.09 المتعلق بالطاقات المتجددة، من المتوقع أن تعرف سنة 2022 إنجاز المشاريع التالية:

− بدء تشغيل مشاريع المركبات الريحية بوجدور (300 ميغاواط) والواليدية 1 و2 وأفتيسات 2 (200 ميغاواط) والمرحلة الأولى بتازة (87 ميغاواطا).

− إعادة تشغيل المركب الريحي للكودية البيضاء (120 ميغاواطا).

− مواصلة إنجاز المركبات الريحية أفركط (80 ميغاواطا) وأخفنير 3 (50 ميغاواطا) وغراد جراد (80 ميغاواطا) والداخلة (40 ميغاواطا) وكاب كانتان (108 ميغاواطات).

إضافة إلى ذلك، وفي إطار الإنتاج الذاتي، من المنتظر أن يتم خلال سنة 2022 إنجاز مشروع المركب الريحي «AM WIND» بقدرة تعادل 100 ميغاواط.

ومن المتوقع أن تعرف سنة 2023، بدء تشغيل مجموعة من المركبات الريحية، إضافة إلى إطلاق أشغال إنجاز مشروع المركب الريحي لجبل الحديد بقدرة تبلغ 270 ميغاواطا وتسكراد (100 ميغاواط) في إطار البرنامج الريحي المندمج (850 ميغاواطا). كما سيتم العمل على تطوير مشروع توسعة المركب الريحي للكودية البيضاء (200 ميغاواط).

  • الطاقة الكهرومائية:

في ما يتعلق بالمشاريع الكهرومائية، من المنتظر أن تعرف سنة 2022 مواصلة أشغال بناء محطة تحويل الطاقة عبر الضخ بعبد المومن، بقدرة تبلغ 350 ميغاواطا واستثمار يعادل 3,2 مليارات درهم. ويتوقع أن يتم بدء تشغيل هذه المحطة في الأسدس الأول من سنة 2023.

المغرب مرشح لدخول نادي الدول المنتجة والمصدرة للبترول الأخضر

 

أكد التقرير المالي والاقتصادي المرفق لمشروع قانون المالية لسنة 2023، الذي أحالته الحكومة على البرلمان، وجود تحديات جديدة للأمن الطاقي في المغرب في ظل الأزمة الطاقية الحالية، مشيرا إلى أن المغرب يعاني، بصفته مستورداً لجل حاجياته من المنتجات البترولية المكررة، وبشكل كبير، من آثار هذه الأزمة الطاقية العالمية.

وحسب التقرير، فقد بلغ معدل التبعية الطاقية حوالي 90% سنة 2019 (مع تسجيل انخفاض في هذه النسبة مقارنة مع السنوات السابقة). وإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من التقدم الكبير المسجل على المستوى الوطني من حيث تعزيز القدرة المنجزة للطاقات المتجددة، فإن حصة المنتجات البترولية في المزيج الطاقي لا تزال كبيرة، بنسبة قاربت 53% سنة 2019.

وعرفت الأسعار العالمية للمنتجات الطاقية ارتفاعا ملحوظا منذ بداية سنة 2022، وأمام هذه الزيادات، عرفت التوازنات المالية والخارجية ضغطا كبيرا مع الزيادة المسجلة في الفاتورة الطاقية التي تضاعفت عند نهاية غشت 2022 لتصل إلى 103 مليارات درهم وكذا تضاعف الميزانية المخصصة لنفقات المقاصة من 16 مليار درهم، التي كانت مبرمجة في قانون المالية 2022، إلى ما يناهز 32 مليار درهم، بعد فتح اعتمادات إضافية، بما في ذلك 9,8 مليارات درهم مخصصة للبوتان.

وفي السياق نفسه، أفاد التقرير بأنه، وبالنظر لتوقعات استمرار ارتفاع أسعار المنتجات الطاقية على المستوى العالمي، ولا سيما المنتجات المكررة، فإن المغرب مدعو، أيضا، إلى وضع مجموعة من الإجراءات الكفيلة بتأمين ولوج اقتصاده إلى تزويد مستمر بموارد الطاقة الأساسية، ولا سيما المنتجات البترولية المكررة والغاز الطبيعي. وفي هذا الإطار، ومن أجل تأمين احتياجاته من الغاز الطبيعي، تم إبرام اتفاقية ثنائية بين المغرب وإسبانيا والتي تم بدء العمل بها متم شهر يونيو، وتتعلق بنقل الغاز الطبيعي من إسبانيا إلى المغرب عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، وذلك في إطار علاقات التعاون بين البلدين الجارين.

وأشار التقرير إلى أن المغرب اتخذ عدة تدابير لتعزيز الأمن الطاقي للبلاد وتحسين مناعته وتنافسيته الطاقية، من بينها تسريع تطوير الطاقات المتجددة وتعزيز حصتها في المزيج الطاقي، الحل الأمثل للمغرب لمواجهة هذه التحديات المختلفة في إطار استراتيجية الانتقال الطاقي التي سجلت بالفعل، منذ إطلاقها سنة 2009، تقدما كبيرا (37,6% من القدرة الكهربائية المنجزة سنة 2021).

وأشار التقرير إلى أن تطوير الغاز الطبيعي أصبح خيارا استراتيجيا للمساهمة في تنويع مصادر الطاقة والحد من مشاكل الانقطاعات الناجمة عن الاعتماد المكثف على الكهرباء المتجددة، وكذلك لضمان سلامة تزويد محطات الطاقة الكهربائية المعتمدة على الغاز الطبيعي في تشغيلها.

وفي هذا الإطار، تم، في غشت 2021، وضع خارطة طريق وطنية لتطوير الغاز الطبيعي 2021-2050. وتتمحور أهداف هذه الخارطة حول إنشاء سوق منظم للغاز الطبيعي من خلال تحفيز التطور التدريجي للطلب، وتطوير مشروع للبنية التحتية للغاز وولوج المصنعين وباقي المستهلكين إلى طاقة تنافسية، وكذا تحسين تنافسية المصدرين الصناعيين المغاربة وتطوير أنشطة إضافية أخرى حول سلسلة الغاز الطبيعي.

وبالإضافة لما سبق، ومن أجل تأمين احتياجاته من الغاز الطبيعي، تم اعتماد مجموعة من التدابير الطموحة، بما في ذلك إنشاء وحدة تخزين الغاز الطبيعي المسال وإعادة تحويله إلى غاز بهدف تأمين تزويد مستمر ومتنوع من الغاز الطبيعي. وعلى المدى الطويل، يتم تنفيذ مشروع ذي أهمية كبيرة يتعلق ببناء خط أنابيب غاز بين المغرب ونيجيريا يقارب طوله 6.000 كيلومتر ويمر عبر عشر دول لربطها بالسوق الأوروبية.

ويعمل المغرب، حسب التقرير، على تطوير الهيدروجين الأخضر كمشروع واعد لتوليد الطاقة النظيفة، مؤكدا أن سلاسل الإنتاج المتعلقة بالهيدروجين تفتح آفاقا كبيرة. وأشار التقرير إلى تصنيف المغرب، وفقا لمجلس الطاقة العالمي بألمانيا، كواحد من خمسة بلدان تتوفر على أكبر إمكانات لإنتاج وتصدير الجزيئات الخضراء (الأمونيا والميثانول…). ويمكن أن يستحوذ على ما يناهز 4 % من سوق الهيدروجين العالمي، وفقا لوزارة الطاقة، أو ما يقارب 3 مليارات دولار.

وأوضح التقرير أن هذه التكنولوجيا تتميز بمستقبل واعد، خاصة في مجال التنقل والصناعة، ولا تقتصر مميزاتها على تكلفتها فقط وإنما تشمل، أيضا، تأثيرها المنخفض جدا على البيئة مقارنة بالطاقات الأحفورية. ويتطلب تطوير الهيدروجين، باعتباره «بترول أخضر»، مجهودا وطنيا كبيرا للإسراع في دعم المهارات والكفاءات اللازمة لتطوير التقنيات، بالموازاة مع تعزيز التقارب مع الفاعلين المتميزين على المستوى الدولي. وسيمكن تطوير هذا المورد المغرب، على مدى السنوات القليلة القادمة، من توفير الهيدروجين الأخضر والجزيئات الخضراء لسوقه المحلي وكذلك للخارج، ولا سيما أوروبا.

وفي هذا الإطار، تم إطلاق خارطة طريق للهيدروجين الأخضر في يناير 2021 والتي تفتح آفاقا كبيرة للتصنيع تهم مختلف مراحل سلسلة القيمة، بما فيها تحلية المياه، والطاقات المتجددة (الكهروضوئية والريحية)، والتحليل الكهربائي والكيمياء الخضراء. وستتكلف «اللجنة الوطنية للهيدروجين»، برئاسة وزارة الطاقة والتي تضم جميع الجهات المعنية، بالتنسيق وتنفيذ هذه الخارطة من خلال التطوير التكنولوجي والاستثمارات والبنيات التحتية والأسواق.

ومن بين التدابير المتخذة، تعزيز قدرات التخزين والمخزون الاستراتيجي من المنتجات البترولية على المستوى الوطني. وأكد التقرير  أن المغرب مدعو إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الكفيلة بتأمين التزويد المستمر لاقتصاده بموارد الطاقة الضرورية، ولا سيما المنتجات البترولية المكررة. وفي هذا السياق، أصبح من الضروري إنشاء قدرات تخزين جديدة والامتثال للقواعد التنظيمية للمخزون الاستراتيجي مع التنفيذ التدريجي لاحتياطيات المنتجات الاستراتيجية بطريقة لامركزية، ولا سيما على مستوى مراكز الطلب الرئيسية. وبالإضافة إلى ذلك، يعتبر تنويع مصادر التزويد بالمنتجات الطاقية أمرا ضروريا لمواجهة مختلف المخاطر المحتملة لانقطاع هذه الإمدادات خلال فترات الأزمات.

السيادة الطاقية.. اهتمام ملكي ورهان حكومي

 

يحظى تحقيق الأمن الطاقي للمغرب، في عالم متغير باهتمام ملكي، فقد دعا الملك محمد السادس، خلال ترؤسه جلسة عمل بالقصر الملكي بالرباط يوم الثلاثاء 22 نونبر الماضي، إلى تسريع وتيرة تطوير الطاقات المتجددة، ولاسيما الطاقات الشمسية والريحية، من أجل تعزيز سيادة المملكة الطاقية، وتقليص كلفة الطاقة، والتموقع في الاقتصاد الخالي من الكربون في العقود القادمة.

يراهن المغرب على رفع حصة الطاقات المتجددة إلى أزيد من 52 في المئة من المزيج الكهربائي الوطني في أفق 2030، ورفع التحديات الكبرى للأمن الطاقي عبر تعزيز التوجهات الاستراتيجية لقطاع الطاقة، وقد أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، خلال تقديم مشروع الميزانية الفرعية للوزارة في لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة، يوم الخميس 3 نونبر 2022، أن المغرب قلص تبعيته الطاقية للخارج إلى 90,36 في المئة، بعدما كانت تقدر بـ97,50 سنة 2008.

وأصبح المغرب مدعوا، أكثر من أي وقت مضى، إلى ضمان تفعيل توجهاتها الاستراتيجية المعتمدة وتسريع وتيرة تنفيذها، والتي تهدف بشكل خاص إلى تعزيز الأمن الطاقي للبلاد وتحسين مناعته وتنافسيته الطاقية، فحسب ما جاء في التقرير الاقتصادي والمالي لمشروع قانون مالية سنة 2023، يتم العمل على تسريع مسلسل الانتقال الطاقي للبلاد من خلال التطوير المكثف للطاقات المتجددة؛ إذ يبقى تسريع تطوير الطاقات المتجددة وتعزيز حصتها في المزيج الطاقي الحل الأمثل للمغرب لمواجهة مختلف التحديات المطروحة، في هذا الإطار، مشيرا إلى أن استراتيجية الانتقال الطاقي سجلت، منذ إطلاقها سنة 2009، تقدما كبيرا (37,6 في المئة من القدرة الكهربائية المنجزة سنة 2021).

وأبرز التقرير أن الاستخدام المكثف للطاقات المتجددة يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من المزايا، بما في ذلك انخفاض معدل التبعية الطاقية، وخفض الفاتورة الطاقية الوطنية وخلق فرص شغل مباشرة وغير مباشرة، وكذا أثرها الهام على الحد من انبعاثات الغازات الدفينة وتحقيق طموح «الحياد الكربوني» على المدى الطويل، ولهذا، تعتبر الحكومة أنه بات من الضروري تعزيز الإنتاج اللامركزي للكهرباء من المصادر المتجددة على مستوى المنازل والصناعات والجماعات والضيعات الفلاحية، فضلا عن تعزيز قدرات التخزين والمخزون الاستراتيجي من المنتجات البترولية على المستوى الوطني.

ويشكل برنامج تطوير الطاقات المتجددة، والذي يخضع لتتبع خاص من قبل الملك محمد السادس، مكونا رئيسيا لاستراتيجية الانتقال الطاقي، ويساهم بشكل كبير في تقليص التبعية الطاقية للبلاد والتي ينبغي أن تنتقل من 97 في المئة سنة 2018 إلى 82 في المئة سنة 2030، وطبقا للتوجيهات الملكية، تمت سنة 2016 مراجعة أهداف الاستراتيجية الطاقية لسنة 2009، حيث تم الرفع من أهدافها لتنتقل نسبة حصة الطاقات المتجددة في باقة إنتاج الطاقة الكهربائية من 42 في المئة سنة 2020 إلى 52 في المئة في أفق سنة 2030.

ويراهن المغرب، كذلك، على تطوير الهيدروجين الأخضر كمشروع واعد لتوليد الطاقة النظيفة. فقد أشار التقرير إلى تصنيف المغرب، وفقا لمجلس الطاقة العالمي بألمانيا، واحدا من خمسة بلدان تتوفر على أكبر إمكانات لإنتاج وتصدير الجزئيات الخضراء (الأمونيا والميثانول)، حيث يمكن أن يستحوذ على ما يناهز 4 في المئة من سوق الهيدروجين العالمي، وفقا لوزارة الطاقة، أو ما يقارب 3 مليارات دولار، مبرزا أن هذه التكنولوجيات تتميز بمستقبل واعد، خاصة في مجال التنقل والصناعة.

وفي ما يتعلق بإنجازات هذا البرنامج حتى متم سنة 2021، تم، وفق ما جاء في تقرير مشروع قانون المالية لسنة 2023 المتعلق بالمؤسسات العمومية والمقاولات العمومية، تحقيق قدرة إجمالية من الطاقات المتجددة تبلغ 4.050 ميغاواط، وذلك من أصل قدرة إجمالية للإنتاج تبلغ 10.743 ميغاواط، حيث تبلغ حصة الطاقات المتجددة 37,7 في المئة من مزيج الكهرباء الوطني، مقابل هدف أولي حدد في 42 في المئة سنة 2020.

وتتوزع هذه القدرة الإجمالية من الطاقات المتجددة على مشاريع الطاقة الشمسية بـ827 ميغاواط (مشاريع الوكالة المغربية للطاقة المستدامة: نور ورزازات 1 بقدرة 160 ميغاواط، ونور ورزازات 2 بقدرة 200 ميغاواط، ونور ورزازات 3 بقدرة 150 ميغاواط، ونور 1 باستعمال نظام الألواح الضوئية بقدرة 177 ميغاواط موزعة على 3 محطات، وهي ورزازات 72 ميغاواط والعيون 85 ميغاواط وبوجدور 20 ميغاواط، إضافة إلى حظيرتين للطاقة الشمسية منجزة من طرف المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب بقدرة 20 ميغاواط بعين بني مطهر و120 ميغاواط تخص مشروع نور تافيلالت).

ثلاثة أسئلة ليونس معمر*: «المغرب لا يواجه أزمة أمن طاقي ويجب تنويع المصادر الطاقية»

 

 

  • هل يواجه المغرب أزمة أمن طاقي؟

 

أولا، يجب الإشارة إلى أن الأمن الطاقي يرتبط بثلاثة عناصر أساسية، والأمن الطاقي مفهوم في معناه أن يكون الطلب على الطاقة أقل من العرض أو في مستواه على الأقل، بمعنى أن الطاقة المتوفرة يجب أن تلبي الطلب عليها وطنيا، والإشكال هنا هو كيفية تموين الاقتصاد بطاقة على اختلاف نوعها، بمحددات على رأسها أن تكون متوفرة وبسعر منخفض، بمعنى ألا تكون مهددة بالانقطاع أو النفاد، مما من شأنه تهديد عجلة الإنتاج والاقتصاد الوطني بالتوقف، بالإضافة إلى إشكالية «عصرية» وهي أن يكون انعكاسها البيئي قليلا، حتى ولو أن المغرب في الخريطة الدولية العامة لا يصنف من الدول الملوثة، إلا أنه رغم ذلك قد اتخذ موقفا رائدا بأن يكون هذا المعطى عنصرا محددا في أمنه الطاقي.

وبالتالي، جوابا عن هذا السؤال، يمكن القول إن الواقع يبين أنه ليس لدى المغرب والاقتصاد الوطني أزمة طاقة أو أمن طاقي، غير أنه من الضروري العمل على تشجيع الإنتاج الذاتي للطاقة في المغرب، وهذا الأمر لن يتسنى إلا من خلال عنصرين أساسيين، أولهما هو العمل على الطاقات المتجددة، وهو الأمر الذي خطا فيه المغرب خطوات مهمة، من خلال تنويع إنتاج الطاقات البديلة (ريحية وشمسية وكهرومائية)، بالإضافة إلى تخزين الطاقة عبر الوحدات المائية، زيادة على محور مهم في مشروع إنتاج الطاقة وهو المرتبط بالهيدروجين، وهو المشروع المستقبلي.

وبالإضافة إلى هذا الجانب، في مجال إنتاج الطاقة، وجب الإشارة إلى عنصر مهم، وهو المرتبط بحقول اكتشاف الغاز الطبيعي في مناطق متعددة، وهذه الحقول وإن كان مخزونها ليس كبيرا بالشكل المطلوب، غير أن هذا المخزون من شأنه المساهمة بشكل مهم في الخليط الطاقي الوطني.

 

  • ما هي المعيقات التي تحول دون إنتاج المغرب للطاقة والتنقيب عنها؟

 

إن هذا الأمر المرتبط بالتنقيب عن الطاقة الأحفورية، سواء بترول أو غاز، رهين بالكلفة الباهظة لأشغال التنقيب، وهي التي تتطلب استثمارات كبرى من الفاعلين على الصعيد الدولي، فهؤلاء الفاعلون يعتمدون على عدد من المحددات من أجل اختيار الاستثمار في التنقيب في بلد وعدمه في بلد آخر، وهذه المحددات تدخل فيها الجيولوجيا، ونتائج عمليات التنقيب السابقة، وبالتالي فالاكتشافات الأخيرة بخصوص حقول الغاز الطبيعي، هي مشجعة فعلا من أجل جذب المزيد من الفاعلين الدوليين.

وكمثال على الكلفة الباهظة لمشاريع التنقيب عن الغاز التي تمت في المغرب، فيكفي التأكيد بأن حملة التنقيب التي قامت بها شركة «شاريوت» في المغرب كلفت 800 مليون درهم (80 مليار سنتيم)، من هذا المنطلق فإنه من الصعب جلب مستثمر لوضع هذه المبالغ المالية الضخمة.

 

  • ما هي سبل حماية الأمن الطاقي الوطني؟

 

إن أول ما يتم اعتماده كخيارات في سبيل حماية الأمن الطاقي الوطني، وفق العناصر التي تذكرت آنفا، هو تنويع مصادر التموين، حتى لا يبقى الاقتصاد الوطني رهين مصدر واحد للطاقة، وهذا العنصر لا يرتبط فقط بالأزمات السياسية، بل هو توجه يجب أن تتخذه الدول التي تعتمد في اقتصادها على طاقة أغلبها مستوردة، ولا يمكن الحديث عن اقتصاد مستقر ما لم يتم التركيز في جانب الأمن الطاقي على تنويع المصادر وتشجيع الإنتاج المحلي للطاقة.

وتجب الإشارة إلى أن المغرب تحمل الإكراهات المرتبطة بأزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، من خلال حسن تسيير القطاع الكهربائي بشكل معقلن، من خلال ربط الطلب بالعرض المتوفر، وتجاوز ذروة الصيف التي شهدت نسبة استهلاك كبير للطاقة الكهربائية، وصل أرقاما قياسية بلغت 8 آلاف ميغاواط، ولم يتم تسجيل أي خصاص في هذه المادة، هذا زيادة على تحمل الدولة على عاتقها تقليص أثر هذه الأزمة على القدرة الشرائية للمغاربة، سيما في قطاع حيوي كالكهرباء التي بلغ فيها ثمن الميغاواط في فترة من الفترات ألف أورو، أي 100 درهم للكيلو واط، وهو الثمن الذي كان المكتب الوطني للكهرباء يقتني به من الشركاء الأوروبيين، وكانت الدولة تؤدي الفارق حفاظا على القدرة الشرائية، وكذلك الشأن بالنسبة إلى غاز البوتان المدعم الذي لم تتغير أسعاره، لكن ارتفعت على المستوى العالمي بشكل كبير.

 

*متخصص في الاقتصاد والطاقة – المدير العام السابق للمكتب الوطني للكهرباء

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى