هشـام الطرشي
بعدما تفرقت بهم سبل التوافق السياسي طيلة سنوات من الصراع السياسي الذي تطور إلى حرب أهلية تمت الاستعانة فيها بالفصائل والقبائل الداخلية، وبالتكتلات والقوى المصلحية الخارجية، عكست البيانات الصادرة، يومه الجمعة، عن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ومجلس النواب الليبيين، تقاطعا في المواقف من ضرورة وراهنية إيجاد مخرج للأزمة وطريق سالك لتوافق ليبي-ليبي سلمي، دائم ومستقر.
فقد قرر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، وقفا فوريا لإطلاق النار وتعليق كل العمليات العسكرية على كل التراب الليبي. كما دعا إلى لتوافق سريع ودائم، يمكن من إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أفق مارس المقبل، مشددا على ان وقف إطلاق النار رهين بنزع السلاح كليا من منطقتي سرت والجفرة.
من جهته، لم يتأخر مجلس النواب الليبي كثيرا، حيث أعلن ساعات قليلة بعد ذلك على السعي إلى مصالحة وطنية شاملة تكون الأساس لبناء الوطن وضمان استقراره. كما شدد على ضرورة تفكيك الميليشيات لاسترجاع السيادة الوطنية الكاملة، مضيفا أن وقف إطلاق النار سيقطع الطريق على أي تدخلات عسكرية حالية أو مرتقبة.
وإن كان المغرب قد نأى بنفسه عن الصراعات الليبية الداخلية التي أذكتها التدخلات المصلحية الخارجية طيلة الفترة السابقة، فقد حرص، منذ احتضانه لاتفاق الصخيرات عام 2015، على أن تكون قنوات الحوار والتواصل بين الأطراف الليبية مفتوحة على الدوام ومؤهلة بما يلزم من روح الوطنية والحكمة والتطلع نحو المستقبل، حتى تتمكن من وضع أسس اتفاق ليبي-ليبي ينتشل البلد من حالة الصراع التي وجد فيها وإعادة بناء مؤسساته الدستورية والإشراف على عناصر ومقومات سيادته الوطنية.
إلا أن عددا من المتتبعين يربطون بين تقاطع مواقف طرفي النزاع في ليبيا المعلن عنه اليوم الجمعة، ومخرجات آخر زيارة قام بها كل من رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، خالد البشري، ورئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، والتي توافقت حول حرص الطرفين على إحياء مضامين اتفاق الصخيرات وتجويد بعض بنوده بما يحقق التوافق الوطني الليبي المنشود.
وهي التصريحات التي أعادت المغرب إلى واجهة الأحداث الساخنة في المنطقة، حيث تأكد للأطراف الليبية ان كل المؤتمرات واللقاءات والوساطات التي وعدوا بعا ودعوا إليها لم تكن لخدمة الليبيين بقدر ما كانت لحجز أطراف خارجية لتذكرة دخول ليبيا والنفاذ إلى خيراته.
واعتبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، لقاءه بخالد البشري أواخر يوليوز المنصرم “فرصة للتأكيد على أن المغرب لن يقترح حلولاً لليبيين، وإنما يتعين أن تأتي منهم”، لافتاً إلى أن “اتفاق الصخيرات منتوج ليبي، وبإمكان الليبيين أن يجودوا هذا المنتوج للوصول بليبيا إلى بر الأمان”.
كما أوضح رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، من جهته خلال اللقاء الصحفي الذي أعقب المباحثات التي جرت بين الطرفين بالعاصمة الرباط أن “الخروج عن الاتفاق السياسي كان سبباً في الأزمة التي عرفتها ليبيا”، معتبراً، بالمقابل، أنه “بعد 5 سنوات من الاتفاق ظهرت نقاط القصور، ما يستدعي منا الوقوف للنظر إلى أماكن ذلك القصور”.
في حين شدد رئيس مجلس النواب الليبي، صالح عقيلة، في مباحثات مماثلة ومنفردة على أن “بلاده لا تريد الحرب وإنما فرضت عليها نتيجة التدخلات الخارجية”، مشيراً إلى أن “الحل في ليبيا يجب أن يكون سياسياً وأن يكون بين أيدي الليبيين وبدعم من الدول العربية”. متوقفا عند سياق ومخرجات اتفاق الصخيرات، وأن “ليبيا مازالت تحتاج إلى دعم المغرب من أجل الاستمرار في المسار السياسي والتوصل إلى وقف إطلاق النار”.
هذا ورحبت عدد من الأطراف الدولية والعربية بالبيانات الصادر عن كل من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق ورئاسة مجلس النواب الليبيين. حيث عبرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن ترحيبها ببياني رئيسي المجلس الرئاسي ومجلس النواب الذين يهدفان إلى وقف إطلاق النار وتفعيل العملية السلمية.