الأسعار في خط مستقيم
أفادت المندوبية السامية للتخطيط، في آخر إحصائياتها، بأن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بحوالي 16.3 بالمائة عما كانت عليه قبل عام. بداية، نتفق جميعا أن هناك أزمة مالية عالمية وجفافا غير مسبوق وتركة ثقيلة لها تأثيراتها السلبية على الاقتصاد الوطني، خاصة في ارتفاع أسعار بعض السلع، لأنه، ببساطة، لسنا بمنأى عن ما يحدث في العالم من موجة تضخم طاحنة، لكن الأسباب لا يمكن أن تتحول إلى مناطق للراحة للاختباء وراءها وعدم بذل الجهد المضاعف لإيجاد الحلول.
والغريب في الأسعار ببلدنا أنها تتحرك عموما في اتجاه واحد طوال الوقت ولا تنخفض وتعود إلى طبيعتها إلا نادرا. فإذا حضرت أسباب الارتفاع، ترتفع الأسعار بشكل تلقائي، لكن إذا غابت العوامل التي تساعد على ارتفاع الأسعار فإن أسعارنا لا تتراجع، بل تنتظر أي سبب آخر لكي تقفز إلى مستويات إضافية، والأمثلة منها اللحوم التي، رغم مجهودات الحكومة بالاستيراد والدعم العمومي، لم تعد أسعارها إلى سابق عهدها، والزيوت ومواد أساسية أخرى.
السلطات العمومية تطالب المواطن بتفهم الأسباب المستوردة التي ترفع من الأسعار، لكن المواطن يطالب الحكومة، أيضا، بتفهم قواعد السوق والاقتصاد الحر في وجه من يشكون من انفلات الأسعار إذا ما تم تراجعها في الأسواق العالمية، فمن اللازم أن تكون حركة الأسعار في جميع الاتجاهات بالصعود والنزول والاستقرار وليس الاتجاه الواحد المتمثل في الصعود فقط. هنا يبدأ المواطن في طرح الأسئلة حول دور المؤسسات في حمايته وحول تغول اللوبيات التي تضخم حساباتها في الأزمات كما في الرخاء.
إن من قرروا زيادة أسعار اللحم والزيت، مستفيدين من حرية الأسعار والمنافسة، لأن أسعار تلك المواد مرتفعة، آن الأوان لكي يعودوا إلى الأسعار السابقة، حيث كان ثمن الكيلوغرام من اللحم لا يتجاوز معدل 70 درهما، آنذاك يمكن لأي مواطن أن يتفهم دور العوامل المستوردة والخارجة عن إرادة الحكومة، لكن أن تبقى الأسعار في خط مستقيم إلى الأعلى دائما فهذا يعني أن المواطن سيدفع ثمن الارتفاع دون أن يستفيد من عوامل تراجع الأسعار.
إذن، الحكومة عليها دور ومسؤولية قانونية وأخلاقية في قضية ضبط ميزان الأسعار بالارتفاع والانخفاض، وحماية المواطن من الجشع والمحتكرين والمضاربين الذين يهمهم أن تبقى الأسعار في الاتجاه الواحد.