شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الأسد الإفريقي رسائل ردع وثقة

انطلقت مناورات الأسد الإفريقي، في نسختها الـ19، بمشاركة 18 دولة. صحيح أنه تمرين مشترك بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وجيوش دول أخرى، هدفه الرفع من قدرات جيشنا العملية في مختلف المجالات، والرفع من مستوى جاهزيته القتالية واستجابته للأزمات والكوارث واختبار الأسلحة الجديدة، وفحص مستوى التنسيق بين الوحدات القتالية المختلفة، لكن هذه المناورات التي نجحت في الحفاظ على انتظامها وتطورها رغم كل الدسائس والحملات، تحمل رسائل للعدو والصديق، في الداخل والخارج، بما تتوفر عليه قواتنا من منسوب كبير من الثقة والمصداقية، وكذا بما تمتاز به من أدوات الردع والدفاع.

هي رسالة للردع موجهة لأي عدو بأن القوات المسلحة الملكية جاهزة لأي حماقة يفكر أحد في ارتكابها تجاه أمن بلدنا، وأنها تمتلك القدرات الكافية لدحر التهديدات، بما اكتسبته في سلم الاحتراف والمهنية بشكل يمنحها القدرة على القيام بعمل محترف وموثوق بنجاحه. والدليل هو ما حصل في معبر الگرگرات، حيث إن بضع ساعات كانت كافية لإعادة الأمور إلى نصابها، دون إراقة قطرة دم. وبكل صراحة، فإن المناورة العسكرية تندرج ضمن الرسائل الإقليمية لبعض الخصوم، وفي مقدمتهم الطغمة العسكرية الجزائرية وخدامها من الانفصاليين والجماعات الإرهابية، خصوصا وأن مناورة الأسد الإفريقي جاءت بعد أيام قليلة على استنفار عسكري جزائري غير مسبوق على الحدود المغربية، لمحاولة القيام ربما بعمل عسكري متهور لتغيير معادلات قائمة. لهذا كان تنفيذ المناورة رسالة مبطنة لإفهام نظام «الكابرانات» وخدامه، بأن سعيه في هذا التوقيت أو أي وقت إلى تغيير قواعد اللعبة، ودفع المنطقة إلى المناوشات العسكرية، أمر ساقط وستفشله القوات المسلحة بكل الصرامة المطلوبة.

أما رسالة الثقة الموجهة للصديق، فمفادها أن القوات المسلحة الملكية ومن خلالها الدولة المغربية تحظى بتقدير جيوستراتيجي من لدن أقوى جيوش العالم، وعلى رأسها الجيش الأمريكي. فالجيش المغربي بما يتوفر عليه من سمعة ومصداقية، يمكن أن يشكل جدار أمان من أجل الحفاظ على السلم والأمن الإقليميين والعالميين. ولذلك فكل الاستراتيجيات الدولية التي يتم التخطيط لها، لا تسقط من حساباتها الجيوستراتيجية استحضار المغرب عسكريا وأمنيا واقتصاديا في تأمين نجاحها، فالموقع الجيوسياسي لبلدنا والثقة في نظامه السياسي المستقر واحترافية قواته العسكرية والأمنية تضع بلدنا فاعلا وسيدا ضمن كل السيناريوهات المخطط لها.

لذلك فمناورة الأسد الإفريقي تتجاوز ما هو فني وتقني، إلى ما هو جيوستراتيجي مرتبط بالتوازنات والتموقعات العالمية الكبرى.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى