الأرض المحروقة
سخر الاتحاد الدولي للتنس من المغاربة، وكشف عبر موقع «اليوتوب» عن طريقة غريبة في تجفيف برك مائية بملعب التنس للدار البيضاء، قبيل مباراة نصف النهائي التي جمعت بطلا بلجيكيا يدعى غريف بغريمه الفرنسي جانفييه في إطار منافسات دوري «شالانج».
تداولت مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع الوصفة المغربية العجيبة التي لجأ إليها المنظمون للتخلص من برك مائية بعد زخات مطرية، إذ عمدوا إلى صب كمية من الوقود في جنبات البرك وأضرموا النار إلى أن جفت الأرضية.
انتشر الشريط على نطاق واسع بين عشيرة كرة المضرب، وتحول إلى موضوع للسخرية من منظم يحمل «بيدو» مملوء بالوقود، ويشرع في صبه على البركة فيحولها إلى شعلة من النار، وما هي إلا دقائق حتى تنطفئ النيران وتختفي البركة، وتستمر المباراة، بعيدا عن «كراطات» جلبت للبلاد الكثير من المآسي.
علق أحد محترفي لعبة التنس على «الفيديو»، قائلا إن المنظمين استعانوا بدجال من جامع لفنا، غير كل النظريات، وجعل النار قادرة على تجفيف الماء. والحال أن التصدي للبرك المائية في الملاعب باللجوء إلى النيران يضرب في العمق ما تعلمناه من مدرس الابتدائي حين أقنعنا من خلال «أكلة البطاطس» بأن الماء يطفئ النار.
خشي لاعب يوناني يدعى «تسي تسي باس»، من الوصفة السحرية، وظل يترقب تحركات حامل «البيدو»، وهو يمر أمامه باحثا عن برك مائية، كان اللاعب يعتقد أن صاحبنا سيصب على قميصه المبلل قطرات من البنزين ويشعل النار، وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة.
يبدو أن البرك المائية التي غمرت ملعب الأمير مولاي عبد الله، قد شجعت على ابتكار أساليب جديدة في التصدي للسيول، لكن لا أحد كان يعتقد أن العلاج بالنيران سيجنب المنظمين الكارثة، ما دامت العملية قد أدفأت اللاعبين والمتفرجين، وجعلت الجميع يؤمن بأن «الكي» خير علاج.
تبين أن ملاعبنا تصدر السخرية للعالم، وتحولنا إلى موضوع للسجال الساخر في أكثر من برنامج تلفزيوني، على غرار ما حصل قبل أسبوعين حين عرض منشط تركي ساخر على «تيرك سبور كنال»، شريطا لشبان فريق الرشاد البرنوصي وهم يمارسون تداريبهم في ملعب يخضع للهدم، وسط الغبار المتطاير من جرافات تحطم المدرجات، بعد أن قرر مجلس مدينة الدار البيضاء تحويل ملعب الرشاد إلى مستودع لصيانة «الترامات». ضحك المشاركون حد البكاء، حين قال المنشط، «سأحيلكم على ملعب داسه ترام في كازابلانكا».
ليس ملعب الرشاد هو الذي أصبح في ذمة الله، بل هناك ملاعب في الدار البيضاء رصدت لها ميزانية ضخمة دون أن تستفيد منها فرق المدينة، والأخطر في النازلة أن يتم تفويت مرافق الملاعب في غفلة من الجميع، إذ تحولت القاعة المغطاة للرياضات المتاخمة لملعب تيسيما بسيدي عثمان، إلى قاعة للأعراس يستفيد منها شخص له نفوذ، اكتفى بإعادة طلاء القاعة وإصلاح مرافقها الصحية، واستبدال مرمى كرة اليد بمنصة للعرسان وشرع في تكديس الأموال مخصصا جزءا منها للجهة التي فوتت له القاعة ومعها موقف سيارات الملعب. انتبه سكان شارع الجولان إلى أن صخب الجمهور قد ولى إلى غير رجعة، وأن أهازيج التشجيع قد تغيرت، وأصبحت تمجد العرسان بدل اللاعبين وتدعو «مولاي السلطان ليرفع رأسه كي يرى جمال العروس»، في الوقت الذي يغض فيه المسؤولون النظر عن بشاعة هذا التفويت.
وفي مقاطعة مولاي رشيد التي تحكمها العدالة والتنمية، يعيش ملعب المنطقة الذي رصدت له ملايين الدراهم، وضعية المغادرة الطوعية من الرياضة، لا يفتح بابه للمباريات إلا إذا أقسم رئيس الفريق بأغلظ الإيمان أن الأمر لا يتعدى حصة تدريبية، بينما ما زال المسبح المجاور للملعب مغلقا كأنه بني لتغرق في أعماقه الميزانية، لذا كان أحد المستشارين الجماعيين محقا حين قال إن الملاعب كالحج لمن استطاع إليها سبيلا.