الأخبار
بعدما قررت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالرباط، الإبقاء على إجراء إغلاق الحدود وسحب جواز السفر في حق رئيس جماعة سيدي قاسم لفائدة البحث، حلت، أول أمس الخميس، عناصر تابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، بمقر الجماعة التي يدبر شؤونها عبد الإله أوعيسى، حيث انتقل المحققون في أول الأمر نحو مقر مكتب حفظ الصحة التابع لجماعة سيدي قاسم، من أجل التدقيق في بعض الملفات والسجلات، ومن ضمن ذلك وثيقة صادرة عن المكتب المذكور، والتي تخص التحريات التي تباشرها الفرقة الوطنية بشأن فضيحة تفويت مركب اجتماعي تم بناؤه من مالية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إطار برنامج محاربة الهشاشة والفقر والإقصاء الاجتماعي، إلى فندق مصنف يستغله بموجب سومة كرائية هزيلة أحد «النافذين»، الذي كان يترقب أن يحصل على رخصة لافتتاح فضاء لترويج المشروبات الكحولية، حيث جرى بالموازاة مع ذلك، توقيع ممثلي كل من المجلس الإقليمي لعمالة سيدي قاسم ومندوبية التعاون الوطني بسيدي قاسم وممثل قسم العمل الاجتماعي بالعمالة، والنائب الأول لرئيس المجلس الإقليمي عادل بنحيمود، القيادي السابق بحزب العدالة والتنمية، الذي كان يشتغل موظفا بسيطا بإحدى الثانويات، قبل أن ينتقل لتعزيز صفوف حزب الأصالة والمعاصرة، والذي باتت ممتلكاته مثار العديد من التساؤلات، وإدريس بنطالب عن المجلس الإقليمي، والميلودي بودابي عن شركة «بناصا سنتر».
إخفاء وثائق مهمة
أكدت مصادر «الأخبار»، أن عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ومباشرة بعد وصولها إلى مقر مكتب حفظ الصحة، انتبهت إلى وجود تعليمات من جهات معينة، أوصت بعدم التعاون مع المحققين، وهو الأمر الذي كشفه عدم «تعاون» بعض الموظفين مع عناصر الفرقة الوطنية بخصوص منحها المعطيات المطلوبة، التي تخص «وثيقة» تم التأشير عليها من طرف رئيس الجماعة والطبيب المسؤول والتقني، تفيد بتوفر كافة شروط السلامة والصحة بفضاء «بناصا»، وهي الوثيقة التي تم تضمينها بملف مشروع الفندق المصنف الخاص الذي تدبره شركة «بناصا سنتر»، حيث اضطرت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى التوجه بشكل سريع نحو مقر الجماعة، إذ استمر بشكل غريب «غياب التعاون» مع المحققين، في ظل الحديث عن إخفاء مجموعة من الوثائق المهمة التي تخص مشروع المركب الاجتماعي الذي تم تفويته للخواص، خصوصا أنه تأكد للمحققين بأن المسؤولين بالوقاية المدنية والمركز الجهوي للاستثمار، رفضوا التأشير على عدد من الوثائق التي تخص طلب التهيئة الخاص بالفندق، بعد فضيحة تفويت المركب الاجتماعي، وهو القرار نفسه الذي اتخذته مصالح الوكالة الحضرية، سواء على مستوى ملحقة إقليم سيدي قاسم أو بالقنيطرة.
وأكدت المصادر ذاتها أن العرقلة التي تم التعامل بها مع عناصر الفرقة الوطنية من طرف بعض المسؤولين بالمصالح الجماعية، في ظل غياب الرئيس، دفعتها إلى صياغة استدعاءات في الحين لفائدة كل من رئيس قسم التعمير وتقني بمكتب حفظ الصحة وطبيب متعاقد مع الجماعة، هذا الأخير الذي باتت وضعيته الإدارية أثناء تعيينه لتدبير شؤون مكتب حفظ الصحة، تستدعي التوضيح من طرف رئيس الجماعة، سيما ما يتعلق باحترام مقتضيات المرسوم رقم 2.22.218، خصوصا أنه جرى «التعاقد» مع الطبيب المعني من طرف الجماعة، مباشرة بعد حصوله على التخرج من كلية الطب، ولم يكن يملك حينها مصحة أو عيادة طبية، بينما يلزم المرسوم المذكور آنفا، منح الأولوية في التعاقد لطبيب أو ممرض يشتغل في القطاع العام، وفي حالة تعذر ذلك، التعاقد مع طبيب خاص.
وثيقة تورط رئيس المجلس الإقليمي
أضافت مصادر «الأخبار» أن تحقيقات عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بشأن فضيحة تفويت المركب الاجتماعي المذكور لفائدة نافذين، الذين حولوه إلى فندق مصنف خاص ومقهى ومطعم تقام به الحفلات، انصبت أيضا على وثيقة مؤشر عليها من طرف رئيس المجلس الإقليمي لعمالة سيدي قاسم، والتي بناء عليها كوثيقة أساسية تم تفويت مرافق وتجهيزات المركب الاجتماعي المقتناة من مالية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وإدارة التعاون الوطني، لفائدة «شركة بناصا سنتر»، في وقت أكدت المصادر أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية استمعت إلى المهندس المعماري الذي أشرف على إعداد تصميم التهيئة الخاص بمشروع المركب الاجتماعي، بغرض استغلاله كفندق مصنف، كما تم الاستماع للمرة الثانية إلى المندوب الإقليمي لمؤسسة التعاون الوطني، مثلما جرى الاستماع إلى المنتخبين المعنيين بالملف.
في السياق نفسه، حصلت «الأخبار» على وثائق حصرية تفيد بأن شركة «بناصا سنتر» التي كانت تعود ملكيتها عند أول تأسيس لها إلى المسمى بودابي ميلودي، باعتبارها شركة ذات مسؤولية محدودة بالسجل التجاري رقم 61453، وأنه في إطار الجمع العام الاستثنائي المنعقد بتاريخ 5 يوليوز 2023، حيث تداول مساهمو الشركة على بيع 1000 حصة إلى السيد المكي الزيزي، وتعيينه مسيرا وحيدا للشركة، وهي العملية التي تم بموجبها الإيداع القانوني لدى كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة في 12 يوليوز 2023، تحت رقم 95986، بحسب الإشهار المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5779 الصادرة بتاريخ 15 محرم 1445 الموافق لـ2 غشت 2023، ليظهر بأن صاحب الشركة الفعلي ليس سوى المكي الزيزي، القيادي بحزب الأصالة والمعاصرة ورئيس جهة الغرب سابقا والمستشار البرلماني السابق، في حين كشفت وثيقة عقد الكراء الصادرة عن المجلس الإقليمي لعمالة سيدي قاسم، أن سومة الكراء لفائدة شركة «بناصا سنتر» قدرها 16000 درهم لمدة ست سنوات، وأن عقد الكراء مصادق عليه من طرف بنعيسى بن زروال، رئيس المجلس الإقليمي، بتاريخ 2 فبراير 2023، ما يعني أن عقد الكراء أبرم قبل الحصول على رخصة تسليم السكن التي سلمت بتاريخ 23 ماي 2023، وهذا في حد ذاته خرق واضح لقانون التعمير ويعتبر مخالفة صريحة، إذ لا يمكن استغلال أي بناية قبل الحصول على شهادة المطابقة، ما يشير أيضا إلى أن السمسرة الخاصة بعملية كراء المرفق الجماعي لم تكن قانونية، بسبب غياب شهادة المطابقة.
مؤطر
مواصفات المشروع موضوع التحقيقات
يقع المركب الاجتماعي على مساحة تفوق هكتار ونصف الهكتار، وهو عبارة عن مركز للاستقبال والتكوين المستمر وحماية الطفولة، من جناحين للإيواء وقاعة للندوات مجهزة، مع تهيئة خارجية تشتمل على ممرات ومساحات خضراء وحائط سياج، حيث يضم الجناح الأول في طابقه الأسفل فضاء مجهزا للاستقبال، ومكتبا ومقصفا مجهزا ومطبخا ومرافق صحية ومسبحا وثلاث غرف لشخص أو شخصين مجهزة، في حين يضم الطابق الأول ثماني غرف للنوم مجهزة لشخص أو شخصين، والطابق الثاني يضم تسع غرف للنوم لشخصين، أما الجناح الثاني في طابقه الأسفل فيحتوي على مصبنة مجهزة ومطبخ وقاعة للأكل، ويحتوي طابقه الأول على عشر غرف للنوم لشخص واحد مجهزة، وبهو ومرافق صحية وقاعة للندوات تتضمن فضاء للعرض وفضاء للاستقبال، ومرافق صحية وفضاء تقني وقاعة للندوات والمؤتمرات مجهزة بالصوتيات ومسلاط ضوئي
و210 مقاعد ومسرح صغير مجهز بطاولة الإلقاء وصالون أوروبي.
المشروع موضوع التحقيقات، أَنْجَزَت بشأنه مديرية أملاك الدولة -الملك الخاص-، بتاريخ 30 يونيو 2011، عقد كراء لفائدة مؤسسة التعاون الوطني، وأكرت بموجبه القطعة الأرضية مساحتها 5268 مترا مربعا التابعة للرسم العقاري عدد 515/ر لمدة عشر سنوات، تنتهي عند متم سنة 2020، قابلة للتجديد التلقائي، بناء على اتفاقية الشراكة عدد 112/P/2016، وجرى في ظروف غامضة تحويله إلى فندق مصنف لفائدة العموم من فئة أربع نجوم، يحمل اسم فندق «بناصا»، لفائدة شركة «بناصا سنتر» ذات السجل التجاري عدد 61453، وتمت إعادة تهيئة غرف النوم التي كانت معدة للضيوف، إلى غرف متعددة خاصة تابعة للفندق الذي أطلق عليه اسم «Hôtel BANASA» الذي تكلف ليلة المبيت الواحدة فيه أزيد من 500 درهم، وشهد تهيئة مكان الإطعام، وتحويله إلى مطعم ومقهى بمواصفات عالية، وإعادة تهيئة المسبح الذي كان تابعا لمنصة دار الشباب، وعزل كل ذلك (الفندق والمطعم والمقهى والمسبح) بسياج حديدي عن القاعة الكبرى.