“الأخبار” تكشف مضامين تقرير اللجنة الاستطلاعية حول أسعار المحروقات
محمد اليوبي
كشف التقرير الذي أنجزته اللجنة الاستطلاعية حول أسعار المحروقات، عن مخاطر قرار تحرير الأسعار الذي اتخذته الحكومة السابقة، برئاسة عبد الإله بنكيران، على القدرة الشرائية للمواطنين، بعد عدم التزام الحكومة بوضع إجراءات موازية لرفع دعم صندوق المقاصة عن المواد البترولية.
ومن أهم الخلاصات التي توصل إليها التقرير الذي سيعرض على لجنة المالية بمجلس النواب، في اجتماعها الذي سينعقد يوم الثلاثاء المقبل، هو أن أول مستفيد من عملية رفع الدعم عن المواد البترولية وتحرير القطاع، الذي أقره بنكيران، هو الحكومة التي استفادت من توفير ما يزيد عن 35 مليار درهم سنويا، التي تشكل نفقات المقاصة والتي بلغت سنة 2012 مستوى قياسيا يقدر ب 56 مليار درهم، وهنا نطرح السؤال المحير، أين ذهبت هذه الأموال التي وفرتها سنويا الحكومة السابقة والحالية، بعدما وعد الحزب الحاكم، بإعادة برمجتها لخدمة القطاعات الاجتماعية وتوجيه الدعم المالي المباشر على الفئات الفقيرة.
وأشار التقرير إلى أن قرار تحرير أسعار المحروقات سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين، مؤكدا وجود تأثير مباشر لارتفاع المحروقات على القدرة الشرائية للمواطنين، وذلك بالاستناد إلى أرقام وإحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، التي كشفت أنه خلال سنة 2016، ارتفعت بنية إجمالي الدخل المتاح للأسر بنسبة 2.1% ليبلغ 665.1 مليار درهم، خصصت نسبة 87.6 في المائة منه لنفقات الاستهلاك النهائي عوض 86.4 في المائة المسجلة سنة 2015، وأوضح أن معدل ادخار الأسر تراجع ب 1.2 نقطة ليبلغ 12.9 في المائة سنة 2016. وبلغ الدخل المتاح للأسر حسب الفرد 19286 درهما سنة 2016 مرتفعا بنسبة 1 في المائة، كما ارتفعت الأسعار عند الاستهلاك بنسبة 1.6 في المائة، وهو ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للأسر بنسبة 0.6 في المائة.
وبعد اطلاع أعضاء اللجنة على كل الوثائق التي وفرتها وزارة الطاقة والمعادن وزارة الشؤون العامة والحكامة، التي يوجد على رأسهما وزيرين من حزب العدالة والتنمية، أكد التقرير، أن الأسعار المطبقة في المغرب بعد التحرير تبقى من بين الأسعار المنخفضة مقارنة بنظيراتها في الدول غير المنتجة للبترول، مشيرا إلى أنه يتضح من خلال تحليل بنية أسعار المحروقات التي تباع للعموم، أنها تتكون من شطرين أساسيين: شطر ثابت يتعلق بالضريبة الداخلية على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة، وشطر متغير يتعلق بسعر المنتوج العالمي ومصاريف استيراده وتوزيعه، وهذه التركيبة معمول بها في جل الدول غير المنتجة للنفط والخاضعة لتحرير القطاع.
وتتراوح نسبة الضرائب التي تجنيها الحكومة من كل لتر غازوال أو بنزين يباع في محطة الوقود، ما بين 40 و 43 في المائة، أي حوالي نصف سعر البيع، إذن الضرائب المفروضة من طرف الحكومة والتي يصادق عليها البرلمانيون في قانون المالية، تشكل نسبة مهمة من سعر المحروقات، مثلا إذا كان سعر الغازوال يتراوح ما بين 9 و10 دراهم، فإن الدولة تجني حوالي 4 دراهم عن كل لتر يباع.
وحمل التقرير المسؤولية للحكومة التي مررت قرار رفع دعم المقاصة، بسبب غياب الإجراءات المصاحبة لتحرير سوق المحروقات، وعلى رأسها غياب نظام للتتبع الدقيق لحركة الاسعار على المستوى الدولي وأثرها على المستوى الداخلي، والتدخل عند الضرورة كما هو معمول به في المواد الغذائية الأساسية المحررة، وسجل التقرير خلاصة مهمة، تؤكد أن أن التغيير في سعر النفط الخام على الصعيد الدولي يتم عكسه على الثمن داخل المغرب بصفة مباشرة، ولكن أساسا في الشطر المتغير من تركيبة الأسعار بشكل متفاوت، لأن قبل مرحل التحرير، لم يكن ثمن البيع للعموم يتأثر بالسوق الدولية اعتبارا لتدخل صندوق المقاصة في موازنة الأسعار.
وأوضح التقرير، أنه في مرحلة قبل التحرير، لا يتأثر مباشرة ثمن البيع للعموم بالسوق الدولية اعتبارا لتدخل صندوق المقاصة في موازنة الأسعار، أما حاليا، ونظرا للاعتماد الكلي على الاستيراد لتزويد السوق الوطنية ولإلغاء دعم المقاصة، تتأثر أسعار البيع النهائي مباشرة بتغيرات أثمان المواد الخام على الصعيد الدولي وكذا تغير أسعار صرف العملات الأجنبية، وسجل التقرير، أنه من خلال تتبع وزارة الطاقة والمعادن لأسعار المواد البترولية على صعيد السوق الدولية وكذا تتبع أسعار البيع الداخلية لمادتي البنزين والغازوال المطبقة من طرف محطات الوقود، تبين أن تطور أسعار البنزين والغازوال على الصعيد الوطني يأخذ نفس منحى تطور الأسعار الدولية لهذه المواد.
وبرأ التقرير الشركات من الزيادة في الأسعار، مرجعا ارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب إلى ارتفاعها بالسوق الدولية، والذي مرده أساسا التوافقات حول الأثمنة المبرمة على صعيد تجمع (كارتيل) الدول المنتجة للنفط على صعيد منظمة الأوبيك، والتي قررت منذ سنة التخفيض من مستويات الإنتاج قصد الرفع من الأثمان، وأوضح التقرير، أنه عندما ينخفض السعر فإنه يهم المكونات المتغيرة، في حين أن الواجبات الضريبية تظل دون تغيير ملحوظ، لذا فإنه لا يمكن أن تنخفض الأسعار بالمستوى ذاته، الذي انخفضت به في الأسواق الدولية، بالنظر إلى أن هناك واجبات وحقوقا تظل شبه قارة، بغض النظر عن تطورات سعر المحروقات، وعليه فإن التطور يهم المكونات المتغيرة المتمثلة في سعر المادة وكلفة النقل وتغيرات سعر صرف الدولار، كما أن المقارنة يجب أن تتم بين أسعار المحروقات المكررة ببورصة روتردام والأسعار الداخلية، مع الأخذ بعين الاعتبار سعر الصرف بين الدولار والدرهم، إذ يمكن أن ترتفع الأسعار حتى وإن ظلت مستقرة في الأسواق الدولية، إذا ارتفعت قيمة الدولار مقارنة بالدرهم، كما يمكنها أن تنخفض إذ ارتفعت قيمة الدرهم مقارنة بالدولار.
وكشف التقرير معلومات مهمة حول الأرباح الخيالية التي تراكمها الشركات الأجنبية مقارنة مع الشركات الوطنية، لذلك ففي حالة البيع بنفس الأسعار فإن الشركات الأجنبية تحقق أرباحا أكثر، لأنها تستثمر من الخام إلى التكرير إلى التخزين إلى البيع في الأسواق الدولية والنقل و التوزيع و البيع بالتقسيط، مما يوفر لها هوامش للربح، وأن عددا آخر من الشركات خلق له شركات دولية يقتني منها للأسواق المحلية مما يوفر له كذلك هوامش للربح، كما أحدثت بعض الشركات فروعا لها في بعض الدول الأجنبية كإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية واستوردت من فروعها كميات من المواد البترولية،