الأخبار تكشف تفاصيل هجوم مريض نفسيا بسيف على المصلين داخل مسجد بتطوان
تطوان: حسن الخضراوي
لا حديث بتطون والنواحي إلا عن الجريمة البشعة التي هزت أركان المدينة في وقت مبكر من صباح أول أمس الثلاثاء، وراح ضحيتها شخصان مسنان، فضلا عن إصابة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة عندما هاجمهم شاب مريض نفسيا بواسطة سيف من الحجم الكبير داخل مسجد الأندلس، الذي يتواجد بالمدينة القديمة على بعد أمتار قليلة من القصر الملكي قبيل صلاة الفجر، ما أحدث فزعا بين سكان الحي وتسبب في استنفار أمني شمل كل الأجهزة للتحقيق في ظروف وحيثيات الجريمة، وسط تناقل الإشاعات وتناسلها لتتحدث مرة عن تشيع المتهم، وآخرى عن تشدده الديني وميوله إلى التطرف والغلو.
كل من التقتهم “الأخبار” خلال زيارتها للحي الذي شهد الجريمة أكدوا أن المتهم كان منطويا على نفسه لمدة طويلة ولا يتحدث إلى أحد، كما كان بين الفينة والأخرى يدخل في صراع مع المصلين والمؤذن من أجل منحه فرصة رفع الأذان الذي منع منه بسبب مرضه النفسي وهلوسته في الكلام.
وأكد شاب يقطن بحي الملاح قرب المسجد الذي شهد الجريمة، أن المتهم بات طيلة الليل يراقب الزقاق ذهابا وإيابا، دون أن يلفت نظر أحد لأنه كان معروفا عنه الجلوس لوحده والدخول إلى المسجد في بعض الأحيان لأداء الصلاة بمفرده.
وأضاف المتحدث نفسه، أن أحد الجيران شاهده وهو يقوم بطقوس غريبة ويهلوس بكلمات غير مفهومة ليلة الحادث، لكنه تجاهل ذلك لمعرفته المسبقة بأنه مريض نفسيا، قبل أن يختار المتهم مكانا قريبا من المسجد ويقف هناك منتصبا، وهو ينظر إلى أسفل لمدة طويلة من الزمن.
وكشف المتحدث ذاته، أن المتهم كان يحمل ما يشبه الكيس، وفيه كان يخفي سيفا من الحجم الكبير مجهول المصدر دون أن يعمد إلى استعماله قبل تنفيذ الجريمة أو التهديد به.
وخلفت الجريمة صدمة كبيرة لدى سكان الحي، الذين فقدوا أشخاصا من عائلاتهم وجيرانهم، كما بدا على بعضهم التأثر الكبير ومطالبتهم العدالة بإعدام المتهم في جميع الظروف ومهما كانت الأحوال.
لحظات مرعبة
عاش أحد الناجين مما سمي مجزرة مسجد الأندلس بتطوان، لحظات رعب حقيقية وهو يشاهد بأم عينه شخصا يهاجم المصلين بسيف بشكل مفاجئ ويقطع أجسادهم دون شفقة أو رحمة.
يقول المتحدث نفسه، أنه قصد المسجد كالعادة قبل موعد صلاة الفجر بقليل، وقد وجد المتهم خارجا على بعد أمتار قليلة من المسجد ينظر إلى أسفل ويظهر أنه غير مهتم بمن يمر أمامه.
مرت لحظات يضيف المتحدث ذاته، ودخل المسجد لأداء الصلاة فوجد هناك أربعة أشخاص يعرفهم فشرع في الصلاة وقراءة سورة الفاتحة قبل أن يقتحم المتهم المسجد بسيفه الذي كان يخفيه ويشرع في مهاجمة المؤذن بعنف وسط صراخ شديد للضحية واستغاثته بمن حوله.
“حملت كرسيا، يقول الشاب، في محاولة للدفاع عن نفسي لكن المتهم وبمجرد ما شاهدني أستعد للدفاع، هاجمني بضربة قوية من السيف اعترضتها بالكرسي، وتسببت لي في جرح غائر في الكتف جعلني أغادر المكان بسرعة في اتجاه البيت طالبا للنجدة ومحاولة إيقاف النزيف”.
وكشف مصدر “الأخبار” أن المصلين الخمسة الذين كانوا بالمسجد هم أشخاص مسنون، لذلك كان من الصعب عليهم السيطرة سريعا على المتهم أو معالجته بضربة قوية تسقطه لينزع منه السيف الذي كان يهاجم به بطريقة هيستيرية ودون رحمة.
وأضاف المصدر نفسه أن المتهم حاول إحكام إغلاق باب المسجد، لكن رجال الأمن منعوه من ذلك، وتمكنوا من إلقاء القبض عليه رغم حالة الهيجان التي كان عليها.
قتلى وجرحى
كشفت مصادر طبية داخل المستشفى الجهوي سانية الرمل أن المستعجلات استقبلت خمس حالات، منها حالة توفيت مباشرة بعد الهجوم، وحالة ثانية تم إدخالها للعناية المركزة، لكن صاحبها توفي نتيجة الجروح الخطيرة التي أصيب بها، فضلا عن حالة ثالثة وضعها حرج للغاية في حين تتماثل الحالتان الرابعة والخامسة للشفاء رغم وجودهما بقسم القلب.
وأضافت المصادر نفسها، أنه تم استدعاء كافة الأطباء المختصين بعد الجريمة لإسعاف الجرحى، كما تم تجهيز غرف العمليات والإنعاش لإنقاذ الحالات الخطيرة مباشرة بعد الحادث.
وزار والي جهة طنجة تطوان الحسيمة المستشفى الجهوي صباح أول أمس الثلاثاء، للاطلاع على أوضاع المصابين، والوقوف على حيثيات وأسباب الجريمة التي هزت الرأي العام المحلي والوطني عن قرب.كما شيع جمهور غفير من سكان تطوان جنازتي المؤذن وأحد المصلين مساء أول أمس الثلاثاء، حيث خيمت أجواء من الحزن والأسى على الفقيدين وتعرضهما للاعتداء داخل بيت من بيوت الله.
فتح تحقيق
كشفت مصادر أمنية أن الوليدي والي أمن تطوان يشرف بنفسه على التحقيق الذي تباشره فرقة خاصة من المحققين التابعين للشرطة القضائية مع المتهم، وقد ثبت من خلال وثائق طبية أن المتهم كان يعاني من اضطرابات نفسية خطيرة وخلل عقلي دخل على إثره مستشفى الأمراض العقلية من أجل تلقي العلاج مرتين.
ونفت المصادر ذاتها كل الروايات المتضاربة والإشاعات التي تم تناقلها على المواقع الاجتماعية كون المتهم شاب متطرف وارتكابه الجريمة كان بسبب خلاف فقهي مع المؤذن، مؤكدة أن المعني كان يقيم بإسبانيا قبل عودته إلى المغرب وإصابته باضطراب نفسي تطور إلى الأسوأ مع مرور الأيام رغم تلقيه العلاج. وأكدت المصادر نفسها، أن المتهم سيتم الاحتفاظ به لخطورته حتى تقديمه أمام النيابة العامة المختصة التي تتابع القضية عن كثب وبتنسيق تام بينها وبين الشرطة القضائية المكلفة بتحرير محضر رسمي في الموضوع.
مطالب ملحة
طالب مجموعة من المواطنين السلطات المسؤولة بضرورة معالجة مشكل تواجد بعض المرضى النفسيين بالشارع وتهديدهم المارة في كل وقت وحين عندما يصابون بنوبات خطيرة، فضلا عن توفير وسائل العلاج واستقبال هذه الحالات في ظروف مقبولة داخل مستشفى الأمراض النفسية والعقلية.
وكشف أحد المهتمين أن خطر تعرض المواطنين للأذى مازال قائما مع وجود عدد من المرضى نفسيا والمختلين عقليا تنتابهم نوبات عصبية بالشارع، فيقومون بالاعتداء المفاجئ على المارة وتهديد سلامتهم، فضلا عن تخريبهم السيارات والممتلكات في لحظة هيجان.
وأضاف المتحدث نفسه، أن عدد الأسرة بمستشفى الأمراض النفسية غير كاف بالمرة، والاحتفاظ بالمريض أصبح يتم عن طريق قوانين جديدة تكون فيها النيابة العامة المختصة طرفا يؤخذ بموافقتها، فضلا عن شهادة طبية مفصلة من طبيب مختص.