محمد اليوبي
فجر محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، جدلا حول العدد الحقيقي لموظفي مجلس المستشارين، عندما كشف أمام لجنة المالية والتنمية الاجتماعية، أثناء مناقشة التعديلات المقدمة من طرف الفرق البرلمانية على قانون المالية لسنة 2016، أن عدد موظفي الغرفة الثانية للبرلمان يصل إلى 596 موظفا، فيما يقول حكيم بنشماش، رئيس المجلس، إن عدد موظفي المجلس لا يتجاوز 320 موظفا، ما أثار تساؤلات حول مصير 276 موظفا، وهو الفارق بين العدد المعلن من طرف وزير المالية، والعدد المعلن من طرف رئيس مجلس المستشارين.
وأثير الجدل حول عدد موظفي غرفتي البرلمان، لما تقدم فريق الأصالة والمعاصرة بمقترح تعديل حول المادة 38 من قانون المالية، المتعلقة بتوزيع المناصب المالية على مؤسسات الدولة، وطالب فريق «البام» بتخصيص 10 مناصب لمجلس النواب، والعدد نفسه من المناصب لمجلس المستشارين، حيث لم تخصص الحكومة لغرفتي البرلمان في قانون المالية أي منصب، واقترح فريق الأصالة والمعاصرة، خصم هذه المناصب البالغ مجموعها 20 منصبا من 50 منصبا ماليا، التي منحها قانون المالية لرئيس الحكومة من أجل توزيعها على مختلف الوزارات والمؤسسات العمومية، وبرر الفريق هذا التعديل بتمكين مجلسي البرلمان من موارد بشرية إضافية، بالنظر إلى الأدوار الدستورية المناطة بالبرلمان (التشريع، مراقبة العمل الحكومي، تقييم السياسات العمومية، الدبلوماسية البرلمانية).
لكن محمد بوسعيد رفض الاستجابة لهذا التعديل، لكون غرفتي البرلمان تتوفران على العدد الكافي من الموظفين، وأعلن أن العدد الحقيقي لموظفي البرلمان بغرفتيه يقارب حوالي 1500 موظف، منهم 886 بمجلس النواب، و596 بمجلس المستشارين، وهو ما أثار موجة من الاستغراب داخل لجنة المالية، لكون رئيس المجلس الحالي والرؤساء السابقين كانوا دوما يعلنون أن عدد موظفي المجلس لا يتجاوز 320 موظفا من مختلف الرتب والدرجات.
وأوضح مصدر من مكتب مجلس المستشارين، أن بوسعيد قدم لأعضاء لجنة المالية معطيات وأرقام خاطئة حول عدد موظفي المجلس، وأدلى لـ»الأخبار»، بوثائق صادرة عن مديرية الميزانية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، تحدد فعلا عدد المناصب المالية لمجلس المستشارين في حدود 596 منصبا، لكن باحتساب عدد المستشارين البرلمانيين ورئيس المجلس، حيث كانوا في الولاية السابقة 270 برلمانيا، الذين تقتطع تعويضاتهم الشهرية من الميزانية المخصصة لتسيير المجلس، بالإضافة إلى أعضاء ديوان الرئيس، وعددهم 7 موظفين. وأشار المصدر ذاته، إلى أن العدد الحقيقي لموظفي مجلس المستشارين يبقى هو 320 موظفا، باستثناء 270 برلمانيا وأعضاء ديوان الرئيس.
وأكد محمد الأنصاري، النائب الأول لرئيس مجلس المستشارين، أثناء تقديم الميزانية الفرعية لمجلس المستشارين، أن تحديد الغلاف المالي لميزانية الغرفة الثانية للبرلمان، برسم سنة ما، يخضع أساسا لقرار حكومي، يتجسد في رسالة توجيهية تتضمن الخطوط العريضة للسياسة العامة برسم هذه السنة، ترفقها بوثيقة تحدد الأغلفة المالية التي ترى الحكومة تخصيصها للمجلس، وتطلب من المجلس إعداد مشروع ميزانيته، مع تحديد أجل إرساله إلى الوزارة المكلفة بالمالية، وتاريخ اجتماع يعقد مع المصالح التابعة لمديرية الميزانية قصد التداول وتحديد توزيع الغلاف المالي. وأشار الأنصاري، إلى أنه رغم المحاولات التي قام بها المكتب السابق لمجلس المستشارين من أجل كسر طوق هذه المسطرة، بالمبادرة بتقدير احتياجاته لسير المؤسسة وفق رؤاه، وتحديد الغلاف المالي الضروري لتسييره، وإرساله إلى الحكومة قبل إعدادها لمشروع قانون المالية، غير أن الحكومة غالبا ما لا تأخذه بعين الاعتبار.
وبلغت الاعتمادات المالية التي خصصتها الحكومة لمجلس المستشارين في قانون المالية لسنة 2016، ما مجموعه 23 مليارا و205 ملايين سنتيم، مقابل 31 مليارا و254 مليون سنتيم في قانون المالية الحالي، أي بتراجع قدره 7 ملايير و48 مليون سنتيم، وذلك بسبب تراجع عدد أعضاء المجلس من 270 برلمانيا إلى 120 برلمانيا، وفق التركيبة الجديدة التي أسفرت عنها الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 2 أكتوبر الماضي، وخصص المجلس اعتمادات تفوق 19 مليار سنتيم لأداء أجور وتعويضات البرلمانيين والموظفين، منها 5 ملايير ستخصص لأداء أجور المستشارين البرلمانيين، و417 مليون سنتيم لأداء تقاعدهم، و218 مليون سنتيم بمثابة تعويضات جزافية عن استعمال السيارة الشخصية لحاجات المصلحة، و100 مليون سنتيم لتعويضات أعضاء الديوان، و312 مليون سنتيم لأداء مصاريف التأمين.