«الأخبار» تفجر فضيحة أخرى من فضائح عبد المولى عبد المومني
محمد اليوبي
بعد فضائح الحسابات المالية والخروقات التي شملت إحداث وحدات صحية واجتماعية وأخرى لبيع النظارات من طرف عبد المولى عبد المومني، رئيس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، دون الحصول على التراخيص المسبقة من سلطات الوصاية في شخص وزارتي الشغل والمالية وكذلك وزارة الصحة، حصلت «الأخبار» على وثائق فضيحة أخرى تتعلق بصفقات تهيئة البنايات التابعة للتعاضدية.
وقام عبد المولى بعدة أشغال تتعلق بتهيئة وبناء بعض المرافق والمقرات بدون إخبار سلطات الوصاية وبدون توفره على التراخيص المطلوبة وهو ما أثارته لجن المراقبة في تقاريرها لسنة 2016 وكذلك 2017. والغريب في الأمر، أن تقرير 2016 لم يتطرق لصفقة تهيئة الطابق الأرضي للمركب الصحي الأمير مولاي عبد الله الكائن بشارع ابن سينا بحي أكدال بالرباط، والتي تحمل رقم 16/2016 وما شابها من اختلالات، كما أن الصفقة مكلفة جدا، حيث شرع في الأشغال منذ بداية سنة 2017 دون قرار المصادقة على الصفقة. وكشفت المصادر، أنه تم الاعتماد فقط على الأمر بالخدمة وبغلاف مالي بلغ 348 مليون سنتيم، وطبعا دون الحصول على التراخيص اللازمة المسبقة من سلطات الوصاية طبقا لما تنص عليه المادة 16 من الظهير الشريف رقم 187- 57- 1 الصادر بتاريخ 12 نونبر 1963 المنظم للتعاضد.
وحسب الوثائق التي (تتوفر عليها «الأخبار»)، فقد انطلقت الأشغال منذ 17 يناير 2017، حسب ما هو مبين في الأمر بالخدمة رقم 7842017 بتاريخ 23 يناير من السنة نفسها، ولحدود اليوم لم يتم تسليم الأشغال، ولم تنته معه معاناة المستخدمين والمنخرطين مع مخلفات الأشغال من أوساخ وتلوث بيئي بعد مرور سنتين على انطلاق عملية الإصلاحات، تمخضت عنها عدة مشاكل مع المهندس المعماري ومكتب الدراسات التقنية، مدير المشروع. كما أن المقاولة النائلة للصفقة، كثيرا ما يفرض عليها إضافة أشغال خارجة عن مضمون وموضوع الصفقة، وغالبا ما تبلغ شفويا لرئيس الورش دون احترام المساطر التي يحددها نظام الشروط الإدارية المطبقة على صفقات الأشغال كانت سببا في تعثر وتوقف هذه الأشغال.
وتشوب هذه الصفقة الكثير من التجاوزات في كل مراحلها دون أن تنتهي إلى اليوم، بفعل المشاكل المتتالية، التي غالبا ما يتسبب فيها عبد المولى عبد المومني بملاحظاته التي لا تنتهي وضغط الاستعجال، ما دفع بالتقني المتخصص في القياسات السابق ورئيس قسم الصفقات «فؤاد الدعاني» إلى تقديم استقالته، وهو إطار ملحق من وزارة الاقتصاد والمالية، بعد أن فطن إلى الخروقات القانونية التي تشوب هذه الصفقة، حتى لا يتورط في هذه التجاوزات الخطيرة.
وتم تقسيم هذه الصفقة إلى جزئيات غريبة، حيث جرى تخصيص مبلغ 40 مليون سنتيم للتسقيف بالخشب، و55 مليون سنتيم للجبص، و54 مليون سنتيم للنجارة، و26 مليون سنتيم للكهربة، إضافة إلى مجموعة من الجزئيات للحصة الواحدة، وهي معالجة التيار الكهربائي الضعيف بمبلغ 57 مليون سنتيم، والترصيص والتهوية بمبلغ 47 مليون سنتيم، والصباغة بمبلغ 5 ملايين سنتيم، إضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة بمبلغ 58 مليون سنتيم.
هذا وأجمع مسؤولو مصلحة الصفقات المستقيلون على أن الأثمان جد مرتفعة مقارنة مع أثمنة السوق، وأن المنافسة لم تحترم ورفضوا تزكية مبالغ خيالية لـ «روتوشات» وإصلاحات بسيطة في الطابق الأرضي يعرفها كل العارفين بخبايا الأمور، خاصة المبلغ المخصص لهذه الإصلاحات والذي طرحت بشأنه أكثر من علامة استفهام، مع العلم أن الطابق الأرضي للمركب موضوع الإصلاحات الحالية تمت تهيئته في عدة مناسبات سابقة، إضافة إلى كون الدولة حسمت في فصل تدبير التغطية الصحية الأساسية عن إنتاج العلاجات الطبية طبقا للمادة 44 من المدونة المنظمة لها، إذن، ما الجدوى من استثمار مبلغ مالي باهظ في مشروع من المحتمل أن يتم تفويض تدبيره مستقبلا.
كما أن المصالح التقنية بمقاطعة أكدال الرياض التي يسيرها حزب العدالة والتنمية، هي الأخرى لم تمنح لعبد المولى ترخيصا بالبناء ولم تطلع على التصاميم الجديدة للمهندس والتغييرات التي تم إدخالها على البناية ومدى ملاءمتها لمعايير التعمير، وما يتطلبه ذلك من إجراءات قانونية وتقنية وواجبات مالية حرمت منها الدولة لم تسددها التعاضدية العامة. وأفادت المصادر بأن مصالح الجماعة والسلطات المحلية تغاضت عن مسؤوليتها دون أن تكلف نفسها عناء إجراء معاينة بعين المكان للورش، والاطلاع على مخالفات البناء، وتحرير محضر في الموضوع، ورفعه للجهات المختصة، خاصة قسم التعمير بالولاية، من أجل تدخل السلطات لتوقيف هذه التجاوزات، التي يمكن تصنيفها في إطار البناء العشوائي.