شوف تشوف

الرئيسيةخاص

الأخبار ترصد أولى استراتيجيات الحموشي في إصلاح منظومة الأمن

محمد سليكي
لم يكن يوما عاديا في تاريخ عدد من ولاة الأمن حين جلسوا على طاولة الحوار المباشر مع عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، في اجتماع عكس المقاربة التشاركية للإدارة الجديدة للمديرية في تجويد المنتوج الأمني ومواجهة التحديات المطروحة. لقد كان هذا الاجتماع، الذي يعد الأول من نوعه الذي جمع بين ولاة الأمن الميدانيين وكبار أطر المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني، بوجود المدير العام، وفق ما تسرب، مناسبة أخرى للاطلاع على التوجهات العامة الجديدة لإدارة الأمن على عدة مستويات. غير أن اللافت هو أنه في أعقاب هذا الاجتماع، ستذاع أخبار كالنار في الهشيم في صفوف صغار رتب نساء ورجال الأمن، منها ما تحدث عن زيارة في الرواتب تقدر بـ600 درهم، ومنها ما هم تغييرا مرتقبا في بذلات الشرطة.. لكن دون أن يخرج الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى الرأي العام بتصريح يقطع الشك بالقين. للبحث والتحري في حقيقة هذا الأمر وتنوير الرأي العام حول الإستراتيجية الأمنية التي تبنتها المديرية العامة للأمن الوطني لحماية الوطن والمواطنين والمتغيرات التي ستطرأ عليها سنة 2016، أجرت «الأخبار» تحقيقا صحفيا في الموضوع، قاد إلى اكتشاف عدة معطيات ومفاجآت، لعل من أبرزها رفع حكومة عبد الإله بنكيران «الفيتو» في وجه الزيادة في رواتب موظفي الأمن.. لكن قبل التفصيل في ذلك، فلنتوقف، أولا، عند ما يحمله الحموشي من شرطة القرب للمواطنين.
بعد ولاية أمن الرباط، تتضمن استراتيجية عبد اللطيف الحموشي، على مستوى المديرية العامة للأمن الوطني، خلال 2016، إعادة «الروح» لخط شرطة النجدة، على صعيد جميع ولايات الأمن والأمن الجهوي والإقليمي، والقطع مع زمن عبارة «واش كاين الدم».

فرق النجدة.. أولى بصمات الحموشي
تهدف المديرية العامة للأمن الوطني، من وراء إعادة الاعتبار إلى الرقم (19)، إلى ترسيخ مبادئ القرب في العمل الأمني والاستجابة السريعة والناجعة لاتصالات المواطنين وطلباتهم الواردة إلى المصالح الأمنية على مستوى خط النجدة.
خدمة الرقم (19) التي جرى تطويرها لوجيستكيا وتقنيا للنهوض بنجاعة تدخلات شرطة القرب، يقول مصدر أمني، لم تكن في المستوى الذي تطمح إليه الإدارة الجديدة، على الرغم من استقبال مصالح الأمن خلال سنة 2014 ما يزيد عن 716 ألفا و794 اتصالا هاتفيا على الخط رقم (19)، باشرت إثرها 394 ألفا و182 تدخلا ميدانيا، أسفر عن توقيف وتقديم 374 ألفا و913 شخصا أمام العدالة.. فماهي إذن أهم المتغيرات التي أضفتها المديرية العامة للأمن على عهد الحموشي على خط «النجدة»؟
من خلال تجربة ولاية أمن الرباط، نجد أنها تحتضن لفائدة فرق النجدة، مصلحة مختصة لاستقبال نداءات المواطنين داخل قاعة مجهزة بأحدث التقنيات والمعدات في مجال الاتصال والتواصل، وذلك من خلال 40 خطا هاتفيا، مع وضع الإدارة رهن إشارتها 24 شرطيا وشرطية مكونين من مستوى عال.
وعلى عكس التجربة السابقة، عمدت المديرية العامة، من خلال مصلحة استقبال نداءات المواطنين على مستوى خط النجدة الرقم (19) كوحدة إدارية وتقنية، إلى ربطها بمجموعة من الوحدات التي تشتغل على المستوى الميداني، والتي تضم في المجموع 80 شرطيا من ضمنهم 10 عناصر نسوية.
قاعة القيادة والتنسيق والوحدة المتنقلة لشرطة النجدة، التي جاءت على أنقاض تجربة «la salle trafic»، تشتغل على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع لمحاربة جرائم الشارع بالدرجة الأولى بعدما سخرت لها إمكانيات مهمة.
وصرح الكولونيل رشيد بريكات، رئيس القيادة العليا للهيئة الحضرية بولاية أمن الرباط، للصحافة عند إطلاق هذه التجربة الجديدة، بـ«أن المديرية العامة للأمن الوطني عرفت عدة إنجازات وتغييرات سخرت لها إمكانيات لوجيستية وبشرية مهمة للنهوض بالخدمة الموجهة للمواطنين»، موضحا «أن إنجاز قاعة للقيادة والتنسيق على مستوى ولاية أمن الرباط يشكل تجسيدا كبيرا لهذا التطور».
المسؤول ذاته سلط الضوء على العناصر الأمنية المعول عليها لإنجاح هذه التجربة في انتظار تعميمها على باقي ولايات الأمن والأمن الجهوي والإقليمي، بقوله «تم لهذا الغرض تكوين عناصر أمنية تتولى مهمة الاستجابة لنداءات النجدة التي يطلقها المواطنون عبر الرقم (19)، وتوفير الاستجابة السريعة حتى يكون التدخل ناجعا وناجحا وبالسرعة المطلوبة».

عهد «جيستار» و«الفيديو كونفيرونس»
على الصعيد الميداني لهذه التجربة، أكد الكولونيل بريكات: «أنه تم تكوين فرقة متنقلة لشرطة النجدة، تتكون من قائد رئيس هيئة حضرية، وعناصر متدربة ومتمرسة من ضمنها 80 دراجيا و10 شرطيات دراجيات و24 مناولا بقاعة المواصلات، وآخرين بقاعة الفيديو كونفيرونس».
من جهته، قال حسن الشراط، عميد الشرطة الممتاز بولاية أمن الرباط هذه الفرقة الجديدة «إن هذه المبادرة تندرج في إطار مخطط شامل الهدف منه النهوض بجهاز الأمن الوطني وتحديث وسائل عمله وتركيزه بالأساس على الاستجابة الفعالة لنداءات واستغاثات المواطنين».
واعتبر الشراط أن هذه التجربة تتعلق بورش ريادي استعجالي، يتضمن تفعيل آليات الاستجابة لنداءات المواطنين، خاصة منها طلبات الإغاثة التي تتطلب تدخلا سريعا، من خلال إحداث وحدة ميدانية الهدف منها ضمان تحرك ناجع وسريع للشرطة في الاستجابة لطلبات ونداءات المواطنين بالشارع العام وخاصة النداءات الاستعجالية.
تجربة قاعة القيادة والتنسيق والوحدة المتنقلة لشرطة النجدة، التي تحمل بصمة المدير العام للأمن الوطني عبد اللطيف الحموشي، وجدت في انتظار تعميمها على باقي ولايات الأمن والأمن الجهوي والإقليمي، إطلاق العمل بنظام جديد لتدبير قضايا الأمن وهو نظام (جيستار)، وهو عبارة عن نظام معلوماتي لتدبير العمل اليومي للدوائر الشرطية، من خلال قواعد بيانات معلوماتية موصولة بين جميع الدوائر في مجموع التراب الوطني والمصالح المركزية.
هذا النظام المعلوماتي، الذي يسمح بضمان معالجة سريعة لشكايات المواطنين وتمكينهم من الوثائق الإدارية، فضلا عن توفير إحصائيات دقيقة حول نوعية الجريمة وجغرافيتها، سيساهم في إنجاح تجربة فرق النجدة أو الرقم (19) واستتباب الأمن، خاصة عقب ربط 218 دائرة للشرطة و112 قاعة للمواصلات، بالشبكة المركزية للإعلاميات تسهيلا لعملية ولوج قواعد المعطيات وإجراء التحريات التقنية اللازمة وبالسرعة الممكنة.

شرطة-النجدة

حذف خمس ولايات للأمن
في إطار تنزيل مؤسسات الدولة للدستور الجديد، وانسجاما مع المرسوم الوزاري القاضي بتغيير الظهير الشريف رقم 351-59-1 الصادر في فاتح جمادى الآخرة 1379 (2 دجنبر 1959) في شأن التقسيم الإداري للمملكة، والذي انتقل بموجبه عدد جهات المملكة من 16 إلى 12 جهة، يتوقع أن تحمل سنة 2016 مشروع ملاءمة المديرية العامة للأمن الوطني على مستوى ولاياتها الجهوية مع التقسيم الجهوي الجديد للمملكة.
«سيفرض التقسيم الترابي لولايات الجهات مع التقسيم الجهوي الجديد الذي قلص عدد الجهات من 16 إلى 12، التوجه نحو إحداث ولاية أمن في كل جهة»، يقول مصدر أمني. لكن ما مصير باقي الولايات التي سيطرأ عليها هذا التغيير؟ وما هي السيناريوهات المحتملة لتدبير هذه المراجعة الترابية؟
مما لاشك فيه أن مشروع المديرية العامة للأمن الوطني الإصلاحي، سيحمل بدوره مراجعة للنفوذ الترابي لولايات الأمن الحالية بما يشمل اثنتي عشرة ولاية، مع ملاءمة تسمية كل ولاية مع الجهة التي توجد فوق نفوذها الترابي.
لذلك بات من المرتقب أن يستوعب تقسيم ولايات الأمن في صيغته الجديدة «ولاية أمن طنجة- تطوان- الحسيمة، ولاية أمن فاس- مكناس، والرباط – سلا- القنيطرة، ولاية أمن بني ملال- خنيفرة، ولاية أمن الدار البيضاء- سطات، ولاية أمن مراكش- آسفي، ولاية أمن سوس- ماسة، ولاية أمن الشرق، وكلميم- واد نون، ولاية أمن العيون- الساقية الحمراء، ولاية أمن جهة الداخلة- وادي الذهب وولاية أمن درعة- تافيلالت».
توجه المديرية العامة نحو تبني هذا الخيار، سيدفع مباشرة إلى حذف خمس ولايات جهوية للأمن، وهي ولاية أمن تازة- الحسيمة- تاونات، ولاية أمن مكناس- تافيلالت، وولاية أمن الغرب- الشراردة بني حسن، ولاية أمن الشاوية- ورديغة، ولاية أمن دكالة- عبدة، وولاية أمن تطوان.
المعطيات المتوفرة لدى «الأخبار»، تؤكد أنه مع دخول المديرية العامة للأمن الوطني هذه التجربة سيصبح التقسيم الجهوي الجديد للمديرية، مكونا من 12 ولاية أمن جهوية، وهي جهات تضم 62 إقليما و13 عمالة و8 عمالات مقاطعات. لكن هل ذلك سينعكس على تغيير الزي الرسمي لرجال الشرطة بكل ولاية أمن جهوية على حدة؟ وما حقيقة الزيادة المرتقبة في أجور موظفي الأمن؟

حكومة بنكيران تعترض زيادة الرواتب
«معلوم أنه لا زيادة في رواتب موظفي الأمن إلا بنص قانوني وكذلك لا تغيير في الزي الرسمي للشرطة إلا بنص قانوني، وهذا ما لم يصدر بعد في شكل مشروع مرسوم أو خلافه من مصادر التشريع».. كان هذا تصريح محمد اكضيض، العميد الممتاز المتقاعد، لـ«الإخبار». وسيمضي الإطار الأمني موضحا أن ما جرى تداوله على نطاق واسع من كون نساء ورجال الأمن على موعد مع زيادة في الرواتب تقدر بـ600 درهم، قرار لم يصدر بشأنه مرسوم مؤطر، مضيفا أن ذلك لا يعدو أن يكون سوى مراجعة من الميزانية الداخلية للمديرية العامة للأمن الوطني لمنظومة تعويضات بعض فئات موظفي الأمن عن المهام، وهذه مبادرة تحسب للإدارة الجديدة للمديرية العامة للأمن الوطني، حسب اكضيض.
وقال محمد اكضيض، الذي سبق أن كان مندوبا للمغرب تحت راية قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بعدد من بؤر التوتر عبر العالم، كذلك: «لئن كان موظفو الأمن الوطني يستحقون الزيارة في رواتبهم من الميزانية العامة للدولة، فإن الحكومة استثنتهم هذه السنة من الزيادة المخصصة للموظفين والعسكريين متحججة بالزيادة التي شملتهم عام 2010».
وتابع المتحدث نفسه، قائلا: «أعتقد أن المناخ ملائم لإعلان الزيادة بشكل رسمي لموظفي الأمن الوطني ولعل أغلبهم إن لم نقل كلهم في أمس الحاجة إلى هذه الزيادة التي تدخل في إطار الإصلاح الحقيقي للأمن الوطني».
وفي خضم فضيحة ما أضحى يعرف بـ«تقاعد جوج فرنك» الخاص بالوزراء والبرلمانيين، سيعتبر اكضيض أن تقاعد الأمنيين يفتح حياتهم على معاناة كبيرة تتطلب إصلاحا استعجاليا عبر دمج التعويضات عن الكراء والمهام في الأجر الخام لموظفي الأمن.

AbdellatifHammouchiDGSN0

«فلاش باك».. ملامح استراتيجية الحموشي ظهرت يوم التعيين بشهادة وزير الداخلية
في عام احتفاله بمرور عشر سنوات على ثقة الملك محمد السادس في تعيينه مديرا عاما للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، سيحتفل عبد اللطيف الحموشي في 15 من ماي 2015 بتجديد الثقة الملكية في شخصه وهو يعين كذلك مديرا عاما للمديرية العامة للأمن الوطني.
محمد حصاد، وزير الداخلية الذي حضر حفل تنصيب عبد اللطيف الحموشي، في منصبه الجديد، مع احتفاظه بمنصبه على رأس «الديستي»، سيرسم في تصريح صحفي ملامح استراتيجية الرقي بمنظومة الأمن إلى مستوى ما يطمح إليه ملك البلاد.
وظهر ذلك من خلال قول وزير الداخلية، «إن هذا التعيين سيعطي دينامية جديدة لعمل المديرية العامة للأمن الوطني وسيمكنها من تطوير وعصرنة أساليب عملها».
غير أن أهم إشارة وردت في تصريح وزير الداخلية، هي تلك التي همت العلاقة الجديدة التي ستجمع ما بين جهاز المخابرات «الديستي» والمديرية العامة للأمن الوطني التي تتوفر بدورها على جهاز مخابرات «الاستعلامات العامة» المعروف، باسم «RG».
لقد أكد وزير الداخلية في هذا الإطار، «أن إشراف الحموشي على المديريتين العامتين (الأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني) سيمكن من التنسيق التام بينهما والرفع من نجاعة عملهما».
المسؤول الأمني في حكومة عبد الاله بنكيران، سينبه إلى أن مكتسبات البلاد في مجال السلم الاجتماعي والأمن وحماية الأشخاص والممتلكات، وكذلك في مجال محاربة التطرف والإرهاب، يجب أن تظل على الدوام موضوع يقظة وفعالية في التدبير، توازن بين خيار ترسيخ الحريات الفردية والجماعية واحترام حقوق الإنسان، وواجب التطبيق الصارم للقانون صيانة لكرامة المواطن وتحسينا لظروفه الاقتصادية والاجتماعية.
وسيضيف حصاد أنه من أجل ذلك، وتنفيذا للتعليمات الملكية، فإن الحكومة ستواصل جهودها لدعم مجال الأمن بالوسائل الضرورية، من خلال توفير آليات العمل المتطورة، وتحسين أساليب التدبير والتنسيق والتعاون، مع إحاطة العنصر البشري بعناية خاصة عبر التطوير المستمر لمناهج التكوين والتدريب. وسيشدد وزير الداخلية على أن إدارة الأمن الوطني، كباقي أجهزة الأمن، تساهم بفعالية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال توفير مناخ ملائم لممارسة الحقوق والحريات الدستورية، ودعم الاستقرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى