شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

«الأخبار» ترصد أخطار الحرائق الغابوية على البيئة والإنسان بالشمال

خصاص في الحراسة و«كانادير» تنقذ منتزهات من كوارث حرائق مهولة

تطوان: حسن الخضراوي

 

مازالت كل المناطق الغابوية بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، مهددة بحرائق مهولة، وسط تسجيل خصاص في الحراسة، وضرورة تمكين حراس الغابات من آليات ومعدات تقنية حديثة في المراقبة والتبليغ وتنفيذ الدوريات بالأدغال، وذلك في إطار تنزيل استراتيجية حماية الملك الغابوي، والحد من تداعيات المتغيرات المناخية، وحماية المنتزهات الطبيعية، باعتبار الغابة الرئة التي تتنفس منها كافة المناطق الشمالية، وتضمن اعتدال المناخ كما تشكل متنفسا حقيقيا يقصده السكان والسياح والزوار طيلة فصول السنة.

وتسببت الحرائق الغابوية التي سجلت خلال الصيف الماضي على مستوى العرائش والقصر الكبير وتطوان وشفشاون..، في تدمير مساحات شاسعة جدا من الغطاء الغابوي، وتضرر العديد من السكان وهلاك مواشي وحيوانات واحتراق مناطق زراعية، إذ رغم التدخلات التي تم القيام بها لتعويض المتضررين، وإعادة التشجير وتوزيع الأغنام وخلايا النحل ودعم الأعلاف..، إلا أن بعض السكان اختاروا الهجرة إلى المدينة خاصة فئة الشباب، نتيجة الصدمة التي خلفتها تبعات الحرائق المهولة ووصولها لمناطق سكنية.

ويتواصل استنفار كافة المؤسسات المسؤولة من مصالح وزارة الداخلية والمياه والغابات والقوات المساعدة والوقاية المدنية والقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والأمن الوطني، قصد حماية الملك الغابوي بجهة الشمال، وتنزيل تدابير استباقية للحماية من الحرائق، وسرعة التبليغ عنها، والجاهزية بالنسبة للتدخلات البرية والجوية، وهو ما تؤكده مؤشرات ميدانية من خلال حضور مسؤولين كبار لعمليات إطفاء النيران ومتابعة التدخلات بشكل مباشر والحرص على حماية سلامة وحياة المواطنين وأفراد التدخل بالدرجة الأولى.

وتراجعت نسبة الحرائق الغابوية المسجلة بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، خلال الموسم الصيفي الجاري، فضلا عن تراجع نسبة المساحات الغابوية التي دمرتها النيران، وذلك بسبب سرعة التبليغ عن الحرائق، وسرعة ونجاعة تدخلات القوات الجوية التابعة للقوات المسلحة الملكية من خلال طائرات كانادير المتخصصة في الإطفاء، ونجاحها في إخماد حرائق بشفشاون وتطوان في ظرف وجيز.

 

عوامل بشرية

تشير نتائج التحقيقات الأولية في حرائق غابوية اندلعت خلال شهري يوليوز وغشت من السنة الجارية، بتطوان وشفشاون إلى عوامل بشرية، حيث اندلعت النيران ليلا بالمنتزه الغابوي النقاطة بتطوان، قبل السيطرة عليها من قبل لجان الإطفاء، لتشتعل من جديد بغابة بوعنان ضواحي الحمامة البيضاء وتتم السيطرة عليها بدعم من طائرات «كانادير» التابعة للقوات المسلحة الملكية، ثم اندلاع حريق غابوي ثالث بالمنطقة السياحية الزرقاء بإقليم تطوان، وهي الحرائق التي تمت السيطرة عليها في وقت وجيز نتيجة تأهب واستنفار كافة المصالح المعنية.

وشاركت فرق من القوات المسلحة الملكية، قبل أيام قليلة، في عمليات التدخل لتحويط وإخماد الحريق الغابوي المهول الذي اندلع بغابة عين الحصن بإقليم تطوان، إلى جانب السلطات المحلية والإقليمية والدرك الملكي والوقاية المدنية والمياه والغابات وعمال الإنعاش الوطني، حيث نجحت لجان الإطفاء في مهامها مدعومة بطائرات كانادير وبلغت المساحة الغابوية المتضررة 17 هكتارا.

وساهمت الإجراءات التي تم تنزيلها على مستوى إقليم شفشاون، من خلال تعزيز الحراسة الغابوية ودعم الحراس بعمال البرنامج الحكومي «أوراش»، في تجنب اتساع دائرة الحرائق الغابوية التي اندلعت بمناطق قروية متعددة، خلال الصيف الجاري، حيث تقوم السلطات المحلية بتفقد عمل الحراس ليلا ونهارا بأدغال الغابات وإنجاز تقارير مفصلة، مع معاقبة كل من يثبت تهاونه في الحراسة وسرعة التبليغ عن الدخان ومؤشرات الحرائق.

وحسب مصادر مطلعة فإن اندلاع الحرائق الغابوية ليلا أو خلال فترة المساء التي تشهد انخفاض درجة الحرارة، يشير إلى عوامل بشرية مباشرة من خلال إشعال النيران قصد طهي الطعام أو اللهو واللعب من طرف قاصرين، فضلا عن تهور بعض المدخنين ورميهم أعقاب السجائر التي تتسبب في نشوب حرائق مهولة نتيجة الشرارة الأولى الناتجة عن الحشائش اليابسة، وتبعات الجفاف والأغصان اليابسة.

واستنادا إلى المصادر نفسها فإن العوامل البشرية غير المباشرة في حرائق الغابات، تتمثل في رمي النفايات ومخلفات البناء والزجاج المكسور، وعجلات السيارات ومواد كيميائية سريعة الاشتعال بفعل الحرارة، وقارورات العطر الفارغة التي تنفجر بفعل ارتفاع درجة الحرارة أيضا، ما يتسبب في نشوب حرائق مهولة، تكون نتائجها كارثية في حال اندلعت بأماكن صعبة الولوج، وتزامنت مع سوء الأحوال الجوية والرياح، وبُعد النقط المائية التي تتزود منها طائرات الإطفاء «كانادير».

وأشارت المصادر عينها إلى أن السلطات المختصة، منعت التخييم بعدد من المناطق الغابوية بالشمال، بسبب تهور البعض في استعمال الحطب لإشعال النيران وعدم أخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب أسباب الحريق، فضلا عن تصرفات طائشة لقاصرين وصراعات وتصفية حسابات بين شبكات للاتجار الدولي في المخدرات تنتهي بحرائق غابوية مهولة، كما حدث في وقت سابق بتراب عمالة المضيق.

 

مساءلة الحكومة

تمت مساءلة الحكومة بالمؤسسة التشريعية بالرباط، حول تبعات مجموعة من الحرائق الغابوية التي اندلعت بمناطق بالشمال، والإجراءات التي تم اتخاذها من أجل الحد من تضرر السكان والحيوانات والغطاء الغابوي، فضلا عن تنزيل برامج دعم سكان المناطق القروية، والتدابير الوقائية للحد من أخطار الحرائق وتداعياتها الكارثية في ظل الجفاف وارتفاع درجة الحرارة على مستوى العالم.

وتمت مساءلة محمد الصديقي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، نهاية شهر يوليوز الماضي، من قبل برلماني عن حزب الاستقلال بتطوان، حول التدابير الاستباقية لمواجهة اندلاع حرائق مهولة بالغابات والمساحات الخضراء والممتلكات، وهي الحرائق التي شبت في الآونة الأخيرة بالعديد من المناطق الشمالية، وتنضاف إلى العديد من الحرائق التي كانت تشهدتها المناطق ذاتها خلال السنوات السابقة، حيث في كل مرة يشب حريق يمحي تاريخ أشجار شامخة لسنوات طويلة.

وتمت مساءلة صديقي أيضا عن الإجراءات التي ستتخذها الوزارة لتعويض الأسر بقرية تاليامين التابعة لجماعة تزروت بإقليم العرائش عن المغروسات والمزروعات وخلايا النحل التي أُتلفت بسبب الحرائق، وذلك في إطار البرنامج الحكومي الاستعجالي الذي جاء بتعليمات ملكية سامية والمتعلق بالتعويضات على المغروسات والمزروعات والمواشي وخلايا النحل الضائعة في عدة مناطق والتي تضررت بشكل مباشر من موجة الحرائق الغابوية التي ضربت إقليم العرائش صيف سنة 2022.

وسبق وقامت المصالح الحكومية المختصة، بدعم العديد من الفلاحين ومربي الماشية المتضررين من الحرائق الغابوية المهولة بالعرائش والقصر الكبير، حيث تم تعيين لجان إقليمية مختلطة، عُهد إليها بمعاينة وحصر الخسائر والأضرار، قبل توزيع الدعم المالي والماشية والأعلاف وخلايا النحل تحت إشراف مباشر من محمد مهيدية والي جهة طنجة – تطوان – الحسيمة.

 

خصاص الحراسة

اعتمدت السلطات المختصة بشفشاون وتطوان، بشكل كبير في حراسة المساحات الغابوية الشاسعة، على عمال البرنامج الحكومي «أوراش»، وذلك لحل مشكل النقص الحاد في الموارد البشرية بمصلحة حراس الغابة، والأهمية البالغة للحراسة في تجنب الحرائق، وسرعة التبليغ عندها لتدخل لجان الإطفاء والإنقاذ في الوقت المناسب.

وحسب متخصصين في المجال، فإن إخماد الحرائق يعتمد على سرعة التبليغ ونجاعة التدخلات، بحيث يبقى الوقت عاملا مهما في كل تدخل (النيران في الثواني الأولى تحتاج لكمية قليلة جدا من المياه وعناصر بشرية محدودة للتدخل، لكن كلما زادت الدقائق كلما احتاج الأمر تعزيز الموارد البشرية واللوجستيك والحاجة لكميات ضخمة من الماء، حتى وصول الحرائق لدرجة تتطلب التدخل الجوي من قبل طائرات «كنادير» التابعة للقوات المسلحة الملكية).

وسجلت نسبة نجاح عالية من قبل الجهات المعنية بالتتبع في التغطية الشاملة للغابات المتواجدة بتراب عمالة شفشاون، من خلال تقسيمها على الخريطة، وتوجيه فرق الحراسة للتمركز الجيد بالمناطق السوداء، مع تمكينهم من وسائل الاتصال، وحسن انتشار مصالح الوقاية المدنية والمياه والغابات والجودة في التنسيق الأمثل بين المؤسسات المعنية.

وذكر مصدر أن حراس الغابات، وجب أن تتم استفادتهم من تكوينات مستمرة والاطلاع على مستجدات الحماية من الحرائق الغابوية، ومدهم بالدراجات النارية والسيارات والخيول القادرة على الوصول للأدغال، فضلا عن تحسين أجورهم الشهرية ومنحهم تحفيزات مالية في حال تخفيض نسبة الاعتداء على الملك الغابوي والحد من تبعات الحرائق.

وأضاف المصدر نفسه أن حماية الملك الغابوي، تتطلب أيضا، فتح ممرات غابوية والاستمرار في توسيعها وصيانتها، ووضع خرائط دقيقة للوصول إلى الأدغال، مع إشراك المجتمع المدني وسكان المناطق القروية في التوعية بأهمية الغابات في الحياة، والتحسيس بمسؤولية الجميع في حمايتها من الاعتداء والاستيلاء بطرق غير قانونية وكذا الحماية من الحرائق التي تستمر تداعياتها الكارثية لسنوات طويلة، وتُحول مناطق خضراء تسر الناظرين إلى رماد أسود تذروه الرياح ويبعث على القلق وغموض مستقبل الأجيال القادمة والتحولات المناخية.

 

 

أطماع «اللوبيات»

تحاول «لوبيات» وشبكات إجرامية بشكل متواصل الاستيلاء على الملك الغابوي بالشمال، وذلك باستغلال اندلاع الحرائق وظهور مساحات أرضية فارغة، أو القيام بقطع الاشجار وعملية «التعشيب» الخاصة باجتثاث الأشجار الصغيرة، حيث يتم التوسع على حساب أملاك الدولة، والقيام بإنجاز وثائق الملكية بناء على لفائف عدلية أو إحصاء متروك واعتماد الشهود وغموض تحديد المساحات بالحديث عن حدود تحت تسمية وديان وخنادق وغيرها.

ويسود ترقب وانتظار، لما ستؤول إليه التقارير المفصلة التي تم إنجازها من قبل السلطات الإقليمية بالمضيق، بخصوص هدم فيلات عشوائية في ملكية العديد من المسؤولين، والاشتباه في كونها شيدت في الملك الغابوي، كما أصبحت رخص البناء الانفرادية تؤرق سياسيين، ضمنهم رئيس جماعة العليين.

وتقوم «اللوبيات» المتحكمة بالتحايل للاستيلاء على أملاك الدولة، من خلال التسييج وشراء مساحات أرضية بحدود غير دقيقة والتوسع بعد ذلك بطرق ملتوية على حساب الأراضي السلالية أو المياه والغابات، فضلا عن مشاكل العقود العرفية، واللفائف العدلية والشكايات التي تم وضعها سابقا، وجدل تفعيل المحاضر التي أنجزتها مصالح المراقبة، وحماية الملك الغابوي.

وعمرت مشاكل الاستيلاء على الملك العام الغابوي وأملاك الدولة والترامي لسنوات طويلة، بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، كما تم استغلال الملفات المذكورة من طرف بعض السياسيين، ومن يدعون النفوذ ويقومون بتسييج مساحات واسعة وغرس الأشجار والزراعة وتربية المواشي وإقامة منازل بشكل عشوائي، وذلك قصد فرض الأمر الواقع واستحالة تنفيذ قرارات الإخلاء وعودة الأمور إلى سابق عهدها.

وكانت السلطات الإقليمية بالمضيق، استنفرت السلطات المحلية بالعليين، من أجل الاستمرار في تنفيذ عمليات هدم واسعة لبنايات أقيمت بأملاك الدولة، فضلا عن مواجهة الترامي على مساحات أرضية للمياه والغابات والأراضي السلالية، والعمل على تسييجها، في ظروف غامضة، من قبل أعيان بالمنطقة وغيرهم من الأشخاص الذين يدعون النفوذ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى