الأخبار «المغرب شريك أساسي للاتحاد الأوربي»
حاورتها: كريمة موال
عشية زيارتها الأولى للمغرب، تحدثت فيديريكا موغريني، مفوضة السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوربي، عن آفاق تطوير العلاقات مع الرباط، وكشفت عن التوقعات الكبرى بخصوص العمل المشترك بين الطرفين وسبل التعاون في كافة المجالات. واعتبرت موغريني، في هذه المقابلة الحصرية مع «الأخبار»، المملكة المغربية شريكا رئيسيا للاتحاد الأوربي، لا سيما مع الروابط الكثيرة التي تجمعهما وقيمة المبادلات التجارية التي تتجاوز 26 مليار أورو. وتطرقت المفوضة الأوربية أيضا إلى الإصلاحات التي يشهدها المغرب والدور الإقليمي والإفريقي الذي يتصدى له في حل النزاعات ومواجهة المشاكل الاقتصادية في المنطقة.
✖ السيدة المفوضة موغريني، هذه أول زيارة رسمية لكم للمغرب، كممثلة سامية للسياسة الخارجية وللأمن بالاتحاد الأوربي. إنها زيارة مهمة ولا شك أنكم تستحضرون المكانة التي يحتلها الاتحاد الأوربي باعتباره الشريك الرئيسي للمغرب، مع مبادلات تقدر بما يقارب 27 مليار أورو سنة 2013، وبالتالي التوقعات تبدو عديدة.. ماهي المحاور التي أتيتم لمناقشتها؟
إن المغرب يعتبر الشريك الأساسي بالنسبة لأوربا، وليس فقط من وجهة نظر تجارية. فمن المؤكد أننا سنناقش علاقاتنا الثنائية والمزيد من الدعم من طرف أوربا للإصلاحات التي تقوم بها حكومتكم.. لكن هناك الكثير مما يمكننا مناقشته. فالمغرب يلعب دورا مهما في إطار المحاولات لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية. كرئيس للعملية – وليس لهذا السبب فقط- نرى أن المغرب يعتبر البلد الأنسب ليكون المحاور الرئيسي في مسألة الهجرة. كما أن هناك الكثير من العمل للقيام به، بخصوص المؤتمر الذي يخص المناخ، والذي سينظم من طرف المغرب سنة 2016.
✖ إن الاتحاد الأوربي في طور مناقشة السياسات الخارجية للجوار. فما هي التوقعات بالنسبة لبلدان البحر الأبيض المتوسط ودور المغرب في هذا التصميم الجديد؟
من الأفكار الرئيسية لسياستنا الجديدة للجوار أننا نعمل على استغلال كل فرصة بشكل أفضل، فأوربا ملزمة بأن تكون قادرة على إنشاء علاقات متساوية مع بلدان الجوار، علاقات تقوم على توقعاتهم وأولوياتهم. وتوقعات المغرب في ما يخص علاقته بالاتحاد الأوربي مرتفعة لأسباب قوية. فالمغرب يعتبر البلد الأول في جنوب الاتحاد الأوربي، الذي يدخل في شراكة في إطار مجال التنقل. كما أن المناقشات لتعزيز علاقات التبادل الحر بين المغرب وأوربا في تقدم ملحوظ. إنه من المهم بالنسبة إلينا الحفاظ على الحوار المفتوح المتوافق والطموحات الكبيرة لشراكتنا التي نتطلع إليها معا.
✖ نتحدث عن المغرب، الذي يعتبر حالة استثنائية في البحر الأبيض المتوسط بالنسبة للاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي، إلا أنه لا يمكننا أن نغض النظر عن الحالة المستعصية التي تمر بها دول جنوب البحر الأبيض المتوسط والمعاناة التي تواجهها لتحقيق الاستقرار.. لقد تحدثتم عدة مرات عن الترتيب العالمي الجديد الذي سيترك وراءه سياسات ما بعد الاستعمار القديمة، والذي يركز على مصلحة البلدان المعنية، والتعاون هو منظور جديد للثنائية.. كيف ذلك؟
في عالمنا اليوم، لا يمكن لأي أمة أن تتعامل وحدها مع التهديدات التي تواجهها. إن أوربا لديها مصلحة كبيرة في عقد شراكات قوية وعميقة مع الشركاء الذين لديهم المصالح نفسها في النمو الاقتصادي والأمن ومكافحة الإرهاب. إننا فعلا بحاجة إلى شركاء مهمين وأقوياء، لمواجهة التحديات المشتركة بيننا سويا. وبالتالي، ومن وجهة نظرنا، فمن الضروري العمل بشكل متزايد مع أصدقائنا الأفارقة لتقوية مؤسساتهم، اقتصادهم، وحسن سير ديمقراطياتها.
✖ للتصدي بفعالية لقضية الهجرة، يجب حتما حل مشكل عدم الاستقرار في ليبيا.. هل يجب علينا أن نتأسف لرحيل القذافي؟ لقد تلقينا عدة محادثات في ما يخص الرباط، غير أننا لم نشهد بعد تقدما ملموسا.. ما الذي يقف عائقا أمام تغيير المسار؟ ما الذي يجب القيام به للسماح للأطراف بالوصول إلى اتفاق للسير بالبلاد نحو الاستقرار السياسي؟
لا، لا يجب علينا بتاتا أن نتأسف لرحيل القذافي والنظام القمعي الذي كان يتبناه. ولكن يجب الاشتغال بكل قوة وحزم لتتمتع ليبيا بحكومة ذات شرعية قوية، ومؤسسات سياسية قادرة على مواجهة المشاكل العويصة التي تعرفها البلاد. الاتفاق الذي وقع الأسبوع الماضي يمكنه أن يمثل انطلاقة جديدة لليبيا، وكذلك، بفضل المغرب تم تحقيق هذه النقطة. ونحن نعمل أيضا لكي تساند القوات في طرابلس اتفاقا بدعم الغالبية العظمى من الشعب الليبي. ونحن الأوربيون نعلم جيدا أنه سيكون من واجبنا ومن مسؤوليتنا العمل فورا ومعا لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، لضمان كل الدعم اللازم، وفقا للوسائل والإطار الزمني المشار إليه من طرف الليبيين، وبالتنسيق الوثيق مع البلدان المجاورة.
✖ من بين أسباب عدم استقرار جنوب البحر الأبيض المتوسط، ظهور تنظيم «داعش»، الذي بدأ يترسخ، حتى خارج إطار مسرح الحرب بسوريا والعراق. حتى الآن، أجابت أوربا باستحياء واضح على هذا التهديد. في الواقع التنظيم لا يبدو أنه يتراجع عن تهديداته. كيف يمكن تقوية استراتيجية مواجهته؟
تماما كالمغرب، فالدول الأوربية تشكل جزءا من التحالف المناهض لـ«داعش». الاتحاد الأوربي في حد ذاته ليس متورطا مباشرة عسكريا، ولكنه يدعم جهود الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي للائتلاف، والجهود في ما يخص الائتلاف في حد ذاته، في مجالات المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار، ودعم السلطات المحلية، والوقاية وتبادل المعلومات. إن استقرار ليبيا يعتبر هو الأولوية المطلقة لحملة فعالة لمكافحة «داعش» في شمال إفريقيا، وهذا يتطلب وجود مؤسسات فعالة. وبالموازاة مع ذلك، يجب منح الشباب الليبي الفرصة ليشعروا بأنهم معنيون في مجتمعاتهم، ليستطيعوا استئناف عملهم، وليكونوا عناصر فاعلة في مجتمع ديمقراطي. ويجب القيام بقراءة تكون أوسع وأعمق للمشكلة، التي تتجاوز الجانب العسكري. إن تنظيم «داعش» حاليا بصدد تحويل التقليد المسالم للإسلام بهدف إضفاء الشرعية على مشروعه الذي لا علاقة له بالإسلام. إنه يعتبر تهديدا للإسلام، مما يدعو إلى تحرك كل المسلمين للرد على هذا التهديد. والمغرب، مع تقاليده الدينية والمفتوحة للحوار، يمكنه أن يلعب دورا حاسما في هذا الصدد.
✖ تم أخيرا إبرام الاتفاق مع إيران، حيث لعبتم دورا رئيسيا في إنجاحه، وكنتم قد ذكرتم مرارا أن هذه الصفقة جيدة بالنسبة لإيران وكذا بالنسبة للمنطقة أيضا.. من أي ناحية؟
من نواح كثيرة، فإيران بلد مهم لتحقيق التوازن في الشرق الأوسط. وإذا كانت إيران مستعدة لاتخاذ موقف أكثر تعاونا، كما تجلى في فيينا، فهذا سوف يعود بالنفع على المنطقة بأسرها. التعاون بين أوربا والعالم الإسلامي سيساهم في مناهضة تنظيم «داعش»، وهو يهدف بالأساس إلى تغذية منطق مغاير لـ«صدام الحضارات». ويمكن لإيران أن تلعب دورا هاما في الأزمات المتعددة والجارية في المنطقة من سوريا إلى العراق، حيث إن طهران تدعم بشكل مسبق حكومة الوحدة الوطنية. ولئن اختارت القوى الإقليمية أخيرا طريق الحوار، فإن الاتفاق في ما يتعلق بالملف النووي يوضح أنها يمكن أن تكون منتصرة، وأن فرص السلام ستفتح بشكل لم يسبق له مثيل.