شوف تشوف

الرئيسيةالقانونية

الأجندة الدستورية للبرلمان المغربي خلال حالة الطوارئ الصحية 3.3

كمال الهشومي – أستاذ باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري
من حيث حضور الجلسات العامة وتطبيقا لكل الإجراءات المتخذة، تم عقد على الأقل جلستين لكل مجلس؛ جلسة الافتتاح وجلسة المساءلة، وتم الانضباط التام لعدد وشكلية الحضور، وهو أمر لا يطرح أي إشكال من الناحية القانونية أو الدستورية. أما بخصوص إعمال اللجان وخاصة الدائمة والتي يعتبر عملها مهما وبمثابة الأشغال التحضيرية لعملية التشريع أساسا، فإنه رغم الإجراءات المتخذة بحضور عضو واحد عن كل فريق، ونظرا لأهميتها فإنه لا ضير لو اتسعت القاعدة من حيث العدد لتمكين البرلمانيين من المساهمة في النقاش والاقتراح، خاصة أن البرلمان يتوفر على قاعات كبرى يمكن معها اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة لتفادي العدوى والإصابة.
بخصوص عملية التشريع والتي تعتبر مسألة مهمة، خاصة أن البرلمان بغرفتيه مطالب بالتصويت على مشروعي القانونين، واللذين تم التصويت عليهما بصيغة مشروع مرسوم بقانون رقم 2.20.320، يتعلق بتجاوز سقف التمويلات الخارجية، وعلى مشروع مرسوم بقانون رقم 2.2.292 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، في شكلهما الجديد كمشاريع قوانين، بعدما تمت المصادقة عليها من طرف لجنتي الاختصاص بمجلسي البرلمان؛ لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، ولجنة الداخلية والجهات والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين، وهو ما يؤكد عليه الفصل 81 من الدستور، حيث تطرح مسألة النصاب والحضور وعدد المصوتين. هنا وجب التأكيد أنه رغم أن الدستور يتكلم عن مبدأ أساسي يتمثل في كون التصويت حق شخصي لا يمكن تفويضه (الفقرة 1 من الفصل 60- المادة 156 من النظام الداخلي لمجلس النواب، المادة 157 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين)، فإن ذلك مرتبط بعدد الحضور، أي عدد المصوتين، إذ إن انعقاد الجلسات العامة بما فيها الجلسات الافتتاحية للدورتين لم يشترط لا الدستور ولا القانون بعدد معين أو محدد من الحضور، وكذلك الأمر بالنسبة إلى عملية التصويت على القوانين العادية، فباستثناء مشاريع أو مقترحات القوانين التنظيمية التي تخص مجلس المستشارين أو الجماعات الترابية، فإن التصويت يكون وجوبا بأغلبية أعضاء مجلس النواب (الفقرة الأخيرة من الفصل 85 من الدستور)، وبالإضافة إلى بعض التعيينات في بعض المؤسسات الدستورية من طرف مجلسي البرلمان، والتي تشترط عددا محددا من المصوتين (ثلثا أعضاء كل مجلس على مرشحه لعضوية المحكمة الدستورية على سبيل المثال). ثم باستثناء هذه القوانين التنظيمية، لا يشترط أي عدد للمصوتين لاعتماد تشريع قانوني بالمجلسين، بحيث تتبع قاعدة أصوات أغلبية الحاضرين هذا من جهة. ومن جهة أخرى، وفي إطار المرونة القانونية فلقد اعتمد النظامان الداخليان لمجلسي البرلمان، إمكانية التصويت عبر الأجهزة الإلكترونية (المادة 175 من النظام الداخلي لمجلس النواب، المادة 175 من النظام الداخلي لمجلس المستشارين)، ولئن كانت خلفية المشرع تعني الأجهزة الإلكترونية المثبتة بقاعة الجلسات العمومية لغرفتي البرلمان، فإنه لا ضير في حالة الضرورة يمكن اللجوء إليها بتوفر الإمكانيات عبر الأجهزة المعلوماتية لاستعمالها في التصويت عن بعد من طرف البرلمانيين وفق أجندة محددة، أي البرلمانيون حيث هم موجودون. ولئن كانت العبرة بالتشريع تروم القوة الاقتراحية والرقابة على عدم الإضرار بمصالح المجتمع عامة بالنقاش وتبادل الأفكار كل حسب موقعه السياسي، ولئن اعتبرت أشغال اللجان أشغالا تحضيرية تستهلك فيها من الناحية المبدئية كل النقاشات التفصيلية، بالتدقيق في مختلف مواد المشاريع والقوانين المعروضة، ولئن اعتبر التصويت دائما بالجلسات العامة هو تصويت سياسي بعد استنفاد النقاشات والتعديلات والاقتراحات عبر اللجان، ولئن اعتبرت عملية التصويت بالجلسات العمومية هي تصويت سياسي يترجم قناعات واختيارات وتموقع الفريق أو المجموعة، فإن عملية التصويت داخل الجلسات العمومية تعتبر تصويتا يمثل الفريق أو المجموعة برمتها، وبالتالي باستثناء ما نص عليه الفصل 185 من الدستور، فإن انتداب من يصوت باسم الفريق بالجلسة العامة لا يعد إشكالا دستوريا أو قانونيا.
إن العبرة من خلال هذا الظرف الاستثنائي تكمن في مدى استيعاب البرلمانيين أنفسهم مدى جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم، من خلال ممارسة أدوارهم الدستورية، والعمل من أجل المساعدة على ممارستها في جو من المسؤولية المواطنة الكاملة، ومن جانب المواطنين الوعي العميق بأهمية وجود مؤسسات دستورية قائمة، تمارس اختصاصاتها في إطار من الشرعية الدستورية والمشروعية الشعبية، بعيدا عن الثقافة العدمية وسؤال التشكيك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى