افتتاحية
انتظر الرأي العام الخروج الرسمي لسعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، ليستوعب حيثيات وحقائق قرارات الحكومة بمنع التجول طيلة ليالي رمضان والتدابير المرافقة لتلك القرارات، والتي تجعلها جديرة بالاحترام والالتزام بالتطبيق. وقد ظل الرأي العام متحمسا لرؤية رئيس حكومته، خصوصا وأنه اختار هذه المرة مخاطبة البرلمان عبر آلية قانونية لها رمزيتها السياسية ودلالتها الدستورية، وفق ما ينص عليه الفصل 68 من الدستور. فالعثماني لم يختر الحديث عن مستجدات الوباء والقرارات الجديدة المتخذة، من باب الجلسة الشهرية المخصصة لرئيس الحكومة، التي أصبحت مستهلكة دستوريا وسياسيا ولا ينتظر منها أي شيء، بل اختار منفذ جمع مجلسي البرلمان في جلسة مشتركة لتقديم بيانات حول الوضع، لكن للأسف مرت الجلسة، التي أولاها الدستور مكانة خاصة، دون أن تترك أي صدى إعلاميا أو سياسيا، إذ مرت بدون روح وبدون معنى وبدون أي قيمة مضافة.
ويبدو أن المشكلة الحقيقية ليست في آلية الخروج السياسي لرئيس الحكومة مهما كانت مهمة، بل في شخصية العثماني نفسه الذي لم يتمرس بعد ولاية كاملة في رئاسة الحكومة على التواصل الفعال، الذي يحدد متى يخرج المسؤول الأول عن السلطة التنفيذية، وما هي الرسائل الكبرى التي سيخبر بها الرأي العام، وما هي الأهداف المتوخاة من ظهور رئيس الحكومة، وما هي التدابير التي ستتخذها الحكومة لدعم المتضررين، وغيرها من الأسئلة التي تجعل العملية التواصلية ناجحة وناجعة.
والمؤكد أنه بعد اجتماع العثماني بمجلسي البرلمان، خرج الرأي العام بحقيقة مؤلمة مفادها أن رئيس حكومته لا يملك الأرقام ولا يضبط ما يجري، بل يكرر معطيات مستهلكة ويردد كلاما مستهلكا إن لم نقل غريبا، مثل قوله إن «معظم المغاربة أعجبهم قرار الإغلاق في رمضان».
وبدل أن يسرد رئيس الحكومة التدابير العمومية المصاحبة التي ستتخذها الحكومة لتخفيف العبء عن المتضررين، ردد كلاما لا علاقة له بالمقام أو السياق، معلنا «أن الحكومة غادي تدير اللي فجهدها وكثر من جهدها».
هذه الخرجات الإعلامية على منصة دستورية مثلها مثل العدم، وعقدها مثل عدم عقدها، لأنها لا تحقق أي قيمة مضافة، اللهم أنها تزيد الاقتناع بأن منصب رئاسة الحكومة في أسوأ حالاته، ولا يعول عليه للمساهمة في قيادة سفينة البلد إلى شاطئ الأمان.