فاس: محمد الزوهري
مثُل يوم الجمعة الماضي مسؤول بمندوبية وزارة التجهيز بفاس أمام النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية، في حالة اعتقال احتياطي، بعد توقيفه يوم الثلاثاء الماضي، رفقة موظف آخر بالمندوبية (طبوغراف)، متلبسين بتلقي رشوة من مستثمر، بعدما قرر وكيل الملك تمديد حراستهما النظرية لتعميق البحث.
وعلمت «الأخبار» أن صاحب محطة للبنزين بضواحي المدينة أوقع بالمتهمين، بعدما تقدم بشكاية لدى وكيل الملك، يتهم فيها موظفي التجهيز بـ«ابتزازه» في ملف إدخال تغييرات على مسار الطريق الوطنية رقم 8 قرب مطار فاس- سايس، من خلال رشوة تقدر قيمتها المالية بحوالي 20 مليون سنتيم، من أجل التأثير على ورش تثنية طريق تربط بين المدار الحضري للمدينة والطريق السيار الرباط / وجدة.
وبحسب وقائع هذا الملف الذي أثار حالة من الاستنفار داخل مندوبية وزارة عزيز رباح بفاس، ودفع الوزير المعني إلى إيفاد لجنة تحقيق مستعجلة إلى فاس للوقوف على تفاصيل الواقعة، فإن المستثمر المعني سبق أن طالب المتهم الرئيسي، وهو مسؤول عن مصلحة الأشغال العمومية بمديرية التجهيز رفقة «طبوغراف»، لأجل إدخال تغييرات على مسار الطريق الوطنية رقم 8، بهدف تمكين محطة البنزين من مداخل ومخارج لها، بعدما تقرر تثنية الطريق ذاتها من مدينة فاس حتى مدخل الطريق السيار بين الرباط ووجدة، عبر مطار فاس- سايس. وأمام إلحاح المستثمر على طلبه وإقدام المسؤول المعني بمندوبية التجهيز على «المناورة»، قرر الطرفان الدخول في مفاوضات لأجل إيجاد صيغة لتغيير مسار الطريق، لكن هذه المفاوضات لم تفض إلى أي شيء، قبل أن يعمد مسؤول التجهيز إلى «مطالبة المستثمر بمبلغ مالي يناهز 20 مليون سنتيم، نظير التلاعب بهذا المشروع». بيد أن الأخير كانت له وجهة نظر أخرى، عندما قرر اللجوء إلى القضاء، فعمد إلى نسخ الأوراق النقدية المزمع تقديمها كرشوة، كما قام بتسجيل بعض المكالمات الهاتفية، وضرب موعدا مع المتهم الرئيسي بأحد مقاهي المدينة.
وفي ضوء إشعار في الموضوع، أصدرت النيابة العامة تعليماتها لعناصر الشرطة القضائية من أجل التحري في الموضوع، ما أفضى إلى نصب كمين للمتهم الرئيسي بتنسيق مع المستثمر المعني داخل مقهى بشارع الجيش الملكي يوم الثلاثاء الماضي. وبمجرد شروع الطرفين في التحدث عن كيفية التلاعب في المشروع وتحويل مسار الطريق، حتى تدخلت عناصر الشرطة وأوقفت المتهم الرئيسي في حالة تلبس بتلقي المبلغ المالي المتفق عليه كرشوة، وتلقيه وعدا بالحصول على 6 أضاحي العيد بإحدى الضيعات، بينما سقط المتهم الثاني (طبوغراف) داخل مقهى أخرى بطريق عين الشقف، بعد أن تم الإيقاع به بالطريقة نفسها التي وقع بها المتهم الرئيسي، ليتم اقتياد الاثنين في حالة اعتقال إلى ولاية الأمن الإقليمي للشروع في التحقيق معهما، بعد تجريدهما من بعض الوثائق والمقررات وحاسوب يتضمن معلومات عن المشروع والتلاعبات الحاصلة به.
وكان المحور الطرقي المذكور والذي أعطى الملك انطلاقة إنجازه، موضوع عدة شكايات وتظلمات رُفعت إلى الوزارة المعنية والسلطات الولائية، بشأن اختلالات عديدة في الإنجاز، منها شكايات من المجلس الجماعي لأولاد الطيب، وأخرى لبعض سكان المنطقة ومستثمرين محليين، منها الاختلال المتعلق بتغيير مسار الطريق ليرضي جهة دون أخرى، والتلاعب في إنجاز قنطرة على الطريق نفسها.
ومن المتوقع أن تعصف هذه الفضيحة بمتهمين آخرين تابعين لوزارة التجهيز أو مقاولين قد يكونون على صلة مباشرة بالتجاوزات الحاصلة، خاصة بعدما تقرر إيفاد لجنة مركزية لفتح تحقيق موسع في الموضوع.