كلميم: محمد سليماني
أثار إيداع أم عازبة تبلغ من العمر 27 سنة، السجن المحلي لبويزكارن بإقليم كلميم، أياما قليلة بعد وضع مولودتها غير الشرعية، حالة من الاستياء والاحتقان بإقليم سيدي إفني، وبجماعة «إمي نفاست» على وجه الخصوص، خصوصا وأنها ما زالت تحت تأثير الصدمة النفسية، كما أن المشتبه فيه حر طليق.
وتعود تفاصيل الواقعة إلى الثالث من شهر أبريل الجاري، عندما سمع راعي للغنم صوت رضيع بأحد الجبال القريبة من جماعة «إمي نفاست»، التابعة إداريا لإقليم سيدي إفني، فبدأ يفتش بين الأحجار حتى عثر على مولودة متخلى عنها في وضعية حرجة، ذلك أنها لم تكن ملفوفة في أي قماش أو أي لباس يقيها الحر والقر. ومباشرة بعد العثور عليها، أخبر الراعي السلطات المحلية والدرك الملكي، والذين حلوا بعين المكان، حيث تم نقل المولودة إلى المركز الاستشفائي الإقليمي لسيدي إفني، لتلقي العلاجات الضرورية. ورغم التدخلات الطبية بالمستشفى، إلا أن المولودة فارقت الحياة بعد يومين من ولوجها المستشفى.
إلى ذلك، فتحت عناصر الدرك الملكي بحثا عن الأم المحتملة، حيث تم تمشيط المكان الذي عثر فيه على المولودة الضحية، غير أنها لم تعثر على أي شيء. وباشرت بعد ذلك البحث بأحد الدواوير عن أم الضحية، إذ تم الاشتباه في ثلاث فتيات، واللواتي تم نقلهن إلى المركز الاستشفائي الإقليمي بسيدي إفني، وذلك لإخضاعهن للفحوصات الطبية للتعرف على والدة الطفلة المولودة. ومباشرة بعد ولوج الفتيات الثلاث إلى المستشفى سقطت إحداهن مغمى عليها، متأثرة بمضاعفات مادة قاتلة تناولتها داخل منزل أسرتها من أجل وضع حد لحياتها، الأمر الذي استدعى تدخلات طبية عاجلة، حيث تم إيداعها العناية المركزة، كما تم تنظيف أمعائها من بقايا المادة القاتلة، وظلت بالمستشفى لمدة أسبوع، إلى أن تم عرضها على طبيب نفساني.
وبعد مغادرة الأم العازبة للمشفى، تم إيقافها من قبل عناصر الضابطة القضائية بسرية الدرك الملكي بسيدي إفني، إذ تم استنطاقها بخصوص ملابسات الولادة، والحمل، والفاعل المشتبه فيه، حيث أعادت شريط الأحداث على مسامع المحققين، كما كشفت لهم أن والد المولودة هو أحد أبناء المنطقة، وهو قريب أحد المنتخبين بجماعة «إمي نفاست». وقد قضت الأم العازبة 48 ساعة في الحراسة النظرية، كما تم استدعاء المشتبه فيه من قبل عناصر الدرك الملكي، غير أنه أنكر التهم المنسوبة إليه، ليتم تقديم الاثنين أمام النيابة العامة لدى غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بكلميم، والتي قررت بدورها إحالتهما على أنظار قاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها، والذي قرر بدوره إخضاع الأم العازبة لتدبير الاعتقال الاحتياطي، فيما تم إطلاق سراح المشتبه فيه.
وفي هذا الإطار تفاعل المحامي عمر الداودي مع هذه الواقعة، حيث أشار إلى أن «الاعتقال الاحتياطي تدبير استثنائي لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة القصوى، ذلك أنه في غياب قرارات محكمة النقض بخصوص تحديد مفهوم الضمانات، وشح التفسير القضائي لمحاكم الموضوع لمفهوم الضمانات، فإن الركون إلى مضامين عدة دوريات لرئاسة النيابة العامة وقبلها وزير العدل يميط اللثام عن خطورة هذا الإجراء». وأوضح الداودي أن «مناسبة هذا الكلام هي اعتقال أم عازبة ما زالت نفساء في ضواحي مدينة كلميم على ذمة ملف التحقيق، على الرغم من كون المعنية بالأمر هي بدورها ضحية تغرير من طرف أحد الذئاب البشرية الذي ينعم الآن بالحرية، علاوة على كون هذه الشابة تنحدر من عائلة تعيش الفقر المدقع وأبوها ضرير، ولها إخوة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وحالتها النفسية متدهورة، أي أننا أمام حالة إنسانية تحتاج إلى المصاحبة الطبية والنفسية، وليس إلى تنفيذ عقوبة فعلية معجلة ما زال القضاء المختص لم يحكم بها».