شوف تشوف

الرئيسيةرياضة

اعترافات بائع «ماتش» بالتقسيط

حسن البصري

 

في مثل هذا الشهر من سنة 2019، تابع المغاربة مباراة سريالية في مراكش، جمعت بين الكوكب المراكشي ويوسفية برشيد، برسم الدورة 28 من البطولة «الاحترافية». كانت المباراة أشبه بمباريات الكابتن ماجد، حيث فتح دفاع وحارس أولاد احريز الشباك لاستقبال أربعة أهداف عن طيب خاطر.

في اليوم الموالي، راسل المغرب التطواني المتضرر من خسارة يوسفية برشيد، الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، مطالبا بفتح تحقيق في المباراة المشبوهة، وزكى المراسلة ببيان يدين التفويت المفضوح ويعلن وفاة التنافس الشريف.

في اليوم نفسه، أصدر المكتب المسير ليوسفية برشيد بيانا مضادا برر فيه الخسارة، ونفى وجود اتفاق مسبق على النتيجة، وهدد باللجوء إلى القضاء في حالة اتهام أولاد احريز بالبيع والشراء.

على أمواج «إذاعة مارس»، قدم الكاتب العام ليوسفية برشيد تبريرات الهزيمة، ومسح الخسارة المذلة في «الحرارة»، وبرأ لاعبيه من تهمة التفويت، مانحا حارس المرمى المدان صكوك الغفران.

تناسلت البيانات، وجاء دور الكوكب المراكشي ليقول للرأي العام، إن نتيجة المباراة كانت سليمة وخالية من باكتيريا الفساد، وهدد باللجوء إلى القضاء في حالة التشكيك في فحولة مهاجمي الفريق.

وقفت الجامعة عاجزة عن فك طلاسم هذه المباراة التي انبعثت منها رائحة التفويت، وطالبت بدليل إدانة مسموع أو مرئي، قبل أن تحولها للنيابة العامة التي حكمت بعدم الاختصاص.

مرت ثلاث سنوات بالتمام والكمال، ليعترف رئيس يوسفية برشيد ببيع المباراة للفريق المراكشي، حين صرح في نهاية الأسبوع الماضي علنا بتفويت نتيجة المواجهة المثيرة للجدل.

اعترف الرئيس علنا بالبيع والشراء، حين توجه صوب اللاعب عبد الإله اعميمي، مهاجم الجيش الملكي، ليذكره لعل الذكرى تنفع اللاعبين بما جرى، إذ خاطب هذا الأخير قائلا: «عميمي أنا عطيتك ماتش وخليتك تربحنا بربعة ما فيكش الخير». كان عميمي حينها لاعبا في صفوف الفريق المراكشي قبل أن يغير جلده.

وجه الرئيس لومه للاعب وذكره بـ «اللي فات»، وردد على مسامعه موال: «إن كنت ناسي أفكرك». ولأن الاعتراف سيد الأدلة، فقد تناقلت منصات التواصل الاجتماعي شريط اعترافات على الهواء، وطالبت بفتح تحقيق في تصريحات الرئيس والضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه بيع المباريات في المزاد العلني.

الغريب في هذه النازلة أن رئيس اليوسفية ظل يرأس بعثات المنتخبات الوطنية، ويفتخر بالحصانة البرلمانية التي تصد كل الغارات، وفي جلساته المسائية يحكي للاعبين والمدربين قصص البيع والشراء في واضحة النهار.

رغم أن صحيفة سوابق رئيس بعثات المنتخب الوطني تؤكد وقوفه أمام لجنة الأخلاقيات ثلاث مرات، وحضوره في أكثر من نشرة إنذارية برتقالية، إلا أنه ظل جاثما في مكانه كأبي الهول، صامدا أمام عاديات الزمن.    

ثمة حاجة اليوم إلى تدابير استعجالية لمكافحة التلاعب في نتائج المباريات، بغاية الضرب على كل من سولت له نفسه الاتجار في جهد الآخرين وعرقهم، حتى لا تظل لجنة الأخلاقيات وقوانين التأديب مجرد فزاعة في حقول الكرة.

ثمة حاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لطرد المندسين في لعبة قيل إنها تجعل الجسم السليم في العقل السليم، وقيل في مرويات الأسلاف إنها تربي الممارسين على الروح الرياضية، وتصنع حسب علماء الاجتماع جيلا أنقذه القدم من هشاشة القلم.

صحيح لا يمكن تنظيف المشهد الكروي من الباعة المتجولين للماتشات، لأنه لا يمكن أن تقنع الذباب بأن التحليق فوق الورود خير من التحليق فوق أكوام الأزبال والنفايات، فالكرة أصبحت عندنا تجارة والتجارة شطارة وغفلة بين البائع والمشتري.

اليوم فقط، فهم اعميمي أن الأهداف التي سجلها كانت مجرد خدعة، وأن المدافعين الذين تساقطوا أمامه كالسكارى، كانوا يؤدون دورا بعد نجاحهم في «الكاستينغ».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى