شوف تشوف

الرئيسيةصحةصحة وتغذيةن- النسوة

اضطراب الأكل القهري مرض نفسي يؤثر على الصحة الجسدية

إعداد: مونية الدلحي
من بين أكثر الأمراض والمشاكل النفسية التي تتعلق بالأكل وتؤثر بشكل كبير على صحة المريض، اضطراب الأكل القهري، الذي يسمى علميا «متلازمة الشره القهري»، وهو أحد أنواع اضطرابات الأكل. هذا المرض لا يؤثر فقط على الحالة النفسية وإنما يؤثر أيضا على الصحة بشكل عام، وقد يسبب مشاكل صحية كبيرة، لأن هذا الاضطراب يتعلق باضطرابات الأكل بشكل خاص، ما يؤثر على الصحة.
يظهر مرض اضطراب الأكل القهري بداية على شكل مشكل صحي يتعلق بمشكلة في الجهاز الهضمي أو زيادة الرغبة في تناول الطعام وعدم الاكتفاء منه، لكن أصل هذا المرض، في واقع الأمر، نفسي، وهذا المرض النفسي هو ما يجعل الشخص يقبل على تناول الطعام بشراهة وبدرجات كبيرة تفوق المعتاد، أو قد يحدث العكس، بحيث إن المريض إما أن يتبنى طريق تناول كميات كبيرة من الطعام تفوق حاجياته بدرجات كبيرة، أو قد يعمل على تجويع ذاته واتباع طرق غير صحية للتخلص من كل ما يتم تناوله.
ويتبنى المريض هذه السلوكيات غير الصحية نتيجة لاتباعه أنماطا سلوكية وفكرية وعاطفية خاطئة، كما قد يكون المريض مصابا بأحد الاضطرابات النفسية الشهيرة، على غرار الاكتئاب، أو التوتر أو مرض القلق بكل أطيافه الواسعة.
كميات طعام تفوق الحاجة
اضطراب الأكل القهري أو «متلازمة الشره القهري» مرض نفسي صعب للغاية ويجب عدم الاستهانة به، إذ يبدأ الأمر بأن يقوم الشخص بتناول كميات كبيرة جدا من الطعام، وتكون نتائج هذا الشره أن المريض إما يصاب باضطرابات في الهضم، كما يلاحظ عليه زيادة كبيرة في الوزن. وعادة فهؤلاء الأشخاص لا يستطيعون السيطرة على رغبتهم في تناول الطعام، حتى وإن كانوا قد تناولوا كميات كبيرة تفوق حاجياتهم، وحتى إن شعروا بالشبع، إلا أنهم لا يستطيعون التوقف عن تناول الطعام. وهنا يجب التفريق بين «متلازمة الشره القهري» و»اضطراب الأكل القهري»، إذ إن مرضى النوع الأول لا يميلون إلى التخلص مما تناولوه عن طريق التقيؤ، بينما مرضى النوع الثاني يسارعون فور الانتهاء من تناول الطعام للتخلص منه عن طريق التقيؤ المتعمد أو عن طريق استعمال أدوية مسهلة.
تخفيف الضغط
عادة الأشخاص الذين يميلون لتناول الطعام بكميات كبيرة هم، في الواقع، أشخاص يلجؤون إلى الطعام كوسيلة للتخلص من الضغط النفسي الذي يعانون منه، غير أن استهلاكهم لكميات كبيرة من الطعام من أجل التخلص من الضغط النفسي يولد لديهم أيضا شعورا بالذنب لأنهم لم يستطيعوا التحكم في أنفسهم. ناهيك عن أن الشعور بالذنب يتولد لديهم كخوف من الزيادة في الوزن أو بتفكيرهم بأنهم يؤذون أنفسهم بسبب تناولهم كميات كبيرة من الطعام، وهو ما يزيد معاناتهم النفسية..، وهؤلاء الأشخاص يصلون إلى هذه الحالة لأنهم لم يتعلموا الطريقة الصحيحة لضبط أنفسهم وغضبهم حتى يستطيعوا التحكم في مشاعرهم وعواطفهم.
  أعراض الإصابة باضطراب الأكل القهري
أولا لا يجب القول دائما إن أي شخص يتناول كميات كبيرة من الطعام هو شخص يعاني من اضطراب الأكل القهري، فيجب التفريق بين شخص يتناول كميات كبيرة من الطعام، وشخص مصاب باضطراب نفسي يدفعه للإكثار من تناول الطعام.
ومن بين أكثر الحالات التي تظهر على الأشخاص الذين يعانون من زيادة الرغبة في تناول الطعام، نجد أنهم يعانون من إحساس دائم بعدم القدرة على التحكم في نوعية الطعام والكمية التي يستهلكونها، يعملون على تناول الطعام بسرعة كبيرة، يتناولون كميات كبيرة من الطعام ولا يتوقفون إلا عندما يشعرون بالألم وعدم الراحة في منطقة المعدة..، يتناولون كميات كبيرة من الطعام حتى عندما لا يشعرون بالجوع، فضلا عن أن هؤلاء الأشخاص عادة ما يميلون إلى تناول الطعام عندما لا يوجد أحد معهم لأنهم يخجلون من تناول الطعام أمام الآخرين، وهم، في العادة، يشعرون بالقرف والتقزز من أنفسهم، ويسيطر عليهم شعور بالذنب عند الانتهاء من تناول الطعام.
يرافق كل هذه الاضطرابات في الأكل عدم استقرار الوزن، إذ قد يزيد وزن هؤلاء بشكل ملحوظ وفي فترة قصيرة، مع إصابتهم بهبوط في الرغبة الجنسية وانعدامها، وبسبب شعورهم بالذنب فقد يحاولون اتباع نظام غذائي صحي أو حمية من أجل التخلص من الوزن الزائد، لكن سرعان ما يعودون مجددا لتناول كميات كبيرة من الطعام.
 أهم أسباب المرض
لحد الآن لم يتم التعرف بعد على السبب الحقيقي وراء الاصابة بهذا النوع من الاضطراب النفسي، ولا زال الباحثون يعملون جاهدين للبحث عن أهم الأسباب التي تؤدي إلى ظهور هذا النوع من الاضطراب ونشوئه. وشأنه شأن كل الاضطرابات النفسية المتعلقة بالأكل الأخرى، فيمكن القول إنه ليس هناك سبب واحد معين وراء الإصابة بهذا النوع من الاضطراب، وأن هناك مجموعة من الأسباب المجتمعة في ما بينها، والتي تؤدي لظهور هذا النوع من الاضطراب، وهي أسباب نفسية وبيولوجية وبيئية.
وتبين للباحثين وجود علاقة سببية بين الإصابة بهذا الاضطراب القهري والإصابة بمشاكل نفسية عديدة أخرى، إذ إن جل المصابين بهذا الاضطراب عانوا، في فترات من فترات حياتهم، من الاكتئاب على سبيل المثال، على الرغم من أن العلاقة التي تجمع هذا الاضطراب والاكتئاب ليست مفهومة. فيما يدرك بعض الأشخاص المصابين باضطراب الأكل القهري جيدا أن هناك بعض المشاعر التي تثير هذا الاضطراب لديهم، مثلا عندما يصابون بالغضب أو الحزن، أو حتى الملل أو القلق أو أي مشاعر سلبية أخرى، من الممكن أن تثير لديهم ذلك الشعور السيئ والبئيس، وتسبب لهم زيادة الرغبة في تناول الطعام بشكل مرضي، فكل تلك العوامل سالفة الذكر هي عوامل مشتركة عند الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب.
يمكن أن يكون سبب ظهور الإصابة وراثيا، أيضا، بحيث إن جميع اضطرابات الأكل المختلفة قد تظهر بشكل وراثي، ويفحص الباحثون، في العادة، بعض المواد المتواجدة في الدماغ وطرق تأثيرها على ظهور اضطرابات الأكل القهري.
تجب الإشارة، كذلك، إلى أنه في أغلب الحالات، فإن المرضى المصابين باضطراب الأكل القهري ينتمون لعائلات يميل أفرادها للمبالغة في تناول الطعام، أو أنهم يهتمون بالأكل بشكل كبير، أو يعتبرون الطعام مصدرا فعليا للشعور بالراحة.
مضاعفات تجعل الاضطراب مرضا خطيرا
تجب الإشارة إلى أن مشكلة اضطراب الأكل القهري تؤثر بشكل كبير على الحالة الصحية للمرضى، فبالطبع يؤثر تناول الطعام بكميات مبالغ فيها على الحالة الصحية، وقد يسبب العديد من الأمراض، على رأسها السمنة، وقد يسبب مشاكل صحية أخرى، منها مرض السكري، وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين، وكذا أمراض المرارة، مع ضيق في التنفس واضطرابات الدورة الشهرية عند النساء، واضطرابات النوم..، وكل المشاكل الصحية الأخرى التي تسببها السمنة أو الإكثار من تناول بعض المكونات غير الصحية أو الإكثار من تناول الدهون والبروتين وحتى السكريات.

مقالات ذات صلة

صعوبة تشخيص المرض
ما يجعل من الصعب جدا تشخيص المرض، أن المريض، في العادة، لا يعترف بمشكلته ولا يصرح بها، كما أنه يخجل من الأمر ولا يخبر به أحدا.. لهذا فهو لن يطلب العلاج، وبالتالي يستحيل تشخيص المرض أمام رفض المريض زيارة الطبيب في الأصل. وعادة، فإن اكتشاف المرض يحدث بالصدفة، أي عندما يزور المريض الطبيب من أجل علاج مشكلة صحية أخرى تتعلق بالسمنة أو السكري، مثلا، أو ارتفاع ضغط الدم.
عندما يكتشف الطبيب المشكلة الحقيقية التي يعاني منها المريض، فإنه، في العادة، يقوم بفحوصات أخرى، على غرار التصوير بالأشعة، والقيام بفحوصات الدم، وفي حال كانت كل الفحوصات سليمة وتأكد للطبيب أن المريض لا يعاني من أية مشكلة صحية، فهنا يقوم بتوجيهه إلى طبيب مختص في العلاج النفسي، وذلك من أجل الخضوع لتشخيص للمشاكل النفسية التي يعاني منها.
عادة يخضع المريض لمجموعة من العلاجات، منها العلاج النفسي، وتقديم استشارة غذائية من أجل جعله يستطيع أن يتحكم في شهيته ويقاوم رغبته في تناول الطعام، ويتم، أيضا، تقديم مجموعة من الأدوية التي تساعد المريض في السيطرة على حالته المرضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى