إعداد: مونية الدلحي
يستخدم مصطلح العصاب بشكل شائع للإشارة إلى الأمراض ذات الأصل النفسي. وهذا التحليل النفسي الفرويدي تم استبداله اليوم بمفاهيم أخرى أكثر حداثة وأقرب إلى اضطرابات المرضى. ويشير مصطلح العصاب إلى مرض ذي أصل نفسي ليس في مجال الذهان، أي أنه اضطراب نفسي غير ذهاني. ومن المعتقد تقليديا أن العصاب لا يؤدي عموما إلى تشويه في إدراك الواقع ويكون المرء، في أغلب الأحيان، على دراية به.
اليوم، ومنذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، لم يعد مصطلح العصاب يستخدم في الطب النفسي. في فرنسا، تم استخدامه لفترة أطول قليلا بسبب العادة وبسبب استمرار تدريس التحليل النفسي، لكن المفهوم لم يتم تدريسه في كليات الطب لمدة عشر سنوات. إنه مفهوم سيء من وجهة نظر طبية تشرح الدكتورة عايدة كانسل، الطبيبة النفسية والطبيبة في علوم الأعصاب، حيث يعرف الاضطراب بأنه كل شيء ليس اضطرابا آخر.
أنواع العصاب
لم تعد مفاهيم التحليل النفسي، مثل العصاب الهستيري أو عصاب القلق أو العصاب الوسواسي، مستخدمة في الطب النفسي اليوم. تقول الدكتور كانسل إنهم كانوا يخلطون بين الأشياء التي نفصل بينها الآن، مثل الشخصية الوسواسية واضطراب الوسواس القهري. اليوم يقوم الأطباء النفسيون بفصل الاضطرابات بشكل أكبر حتى يتمكنوا من علاجها بشكل أفضل.
إذا أخذنا في الاعتبار التصنيفات الحالية للاضطرابات النفسية، لدى البالغين وخارج نطاق الذهان، يمكننا اعتبار أن العصاب يتوافق مع:
اضطرابات المزاج، كالاكتئاب والاضطرابات ثنائية القطب وما إلى ذلك.
اضطرابات القلق أو اضطراب القلق العام، واضطراب الهلع، واضطراب الرهاب، واضطراب ما بعد الصدمة، وما إلى ذلك.
اضطراب الوسواس القهري، بالإضافة إلى تقلبات الشخصية.
يمكن أن يميز العصاب أيضا الإدمان واضطرابات النوم واضطرابات الشكل الجسدي وما إلى ذلك.
الفرق بين العصاب والذهان
يعتمد التمييز بين العصاب والذهان على المفاهيم النظرية والأوقات. بينما وصف مصطلح العصاب «الأمراض العصبية» في القرن الثامن عشر، ميز المؤلفون عن القرن التاسع عشر في الذهان، والذي يعرف بأنه «إثارة» للدماغ يعطي تصورات أو معتقدات خاطئة. وبالنسبة للمحللين النفسيين، في البداية يتم تعريف العصاب بأنه اضطراب يتم التعبير عنه بسبب وجود صراع داخلي مثل القمع. وبالنسبة للمحللين النفسيين، يكمن الاختلاف بين المرضى العصابيين ومرضى الذهان في الوصول إلى الرمز الرمزي برؤية ثنائية التفرع للغاية. هذا التمييز يتعلق بمفاهيم التحليل النفسي، كالقمع، والصراعات الداخلية، الوصول إلى الرمزية، بالإضافة إلى البنية النفسية، وغيرها.. ولم يعد يبدو ذا صلة من وجهة نظر طبية على الإطلاق، لكن تحذر الدكتورة من أنه يمكن أن يعاني الفرد من أعراض ذهانية عابرة من خلال إصابته باضطراب في المزاج أو اضطراب القلق، ولم يعد التشخيص يعتمد على بنية نفسية ثابتة، بين العصاب والذهان.
أسباب العصاب
هناك مجموعة من عوامل الخطر التي يعرفها الأطباء، البيئة، والتنمية والعامل الوراثي، وما إلى ذلك..، بالإضافة إلى الاختلالات الدماغية المرتبطة بها، لكن لا يعرف بعد سبب الاضطرابات النفسية، توضح الدكتورة أنه اليوم لا يمكنهم أن يشرحوا بطريقة بسيطة لماذا يمرض الناس. فوفقا للنظرية الحالية، هناك ضغوط، مثل المضايقة في العمل أو الفجيعة، تؤدي إلى حدوث حلقة من الاضطراب لدى الفرد الذي طور نقطة ضعف معينة بسبب العامل الجيني، ومسار حياته أو عوامل الخطر الأخرى. عوامل الخطر هذه متعددة وتتراوح بين صعوبات الولادة وكيف مرت طفولة ذلك الابن، بالإضافة إلى الصدمات التي تلقاها في حياته، وتعاطي المخدرات، وما إلى ذلك.. لذلك تعتبر الأمراض النفسية متعددة العوامل.
بالإضافة إلى ذلك، هناك أيضا عوامل وقائية تتم دراستها بشكل متزايد، مثلا أن الشخص كبر في القرية، والدعم الاجتماعي، بالإضافة إلى السياق الاقتصادي، والنشاط البدني، أضف إليها الجينات الوقائية التي من شأنها تعزيز المرونة، وغيرها من الأمور الأخرى.
تشخيص العصاب
تصر الدكتورة كانسل على أن تشخيص المرض أمر طبي ويجب أن يقوم به طبيب. ويمكن فقط للطبيب، سواء كان طبيبا نفسيا أم لا، تشخيص الاضطراب النفسي.
ويعتمد هذا التشخيص، في العادة، على:
الفحوصات السريرية التي تعتمد بالأساس على الأعراض والمتلازمات، بالإضافة إلى أنماط الظهور، ومدة التطور، والتعديل تحت العلاج، وغيرها..
القضاء على أصل غير نفسي، إذ يتحقق الطبيب من عدم تعاطي المخدرات، والعلاج بالعقاقير التي يمكن أن تسبب الاضطراب على سبيل المثال، حلقة تشبه تلك الخاصة باضطراب ثنائي القطب لدى مريض يتناول “الكورتيكوستيرويدات”، الوسواس القهري تحت العلاج المضاد للباركنسون، وما إلى ذلك، علم الأمراض العام مع التعبير النفسي، الصرع، الاضطراب الهرموني، ورم المخ، وغيرها..
تقول الدكتورة كانسل إنه لا يوجد أشخاص ضعفاء أو ضعفاء بطبيعتهم، تماما كما لم يقرر الشخص أن يمرض. لكن لا يجب أن يشعر الأشخاص الذين يعانون من أعراض نفسية بالذنب أو الخجل من زيارة الطبيب النفسي. وتتابع الطبيبة النفسية أن هناك أناسا عانوا من عوامل الخطر، وأناسا يعيشون في سياق مرهق. وتعتمد الوقاية، قبل كل شيء، على عوامل الإجهاد وعلى الاهتمام الذي يتم توجيهه للأشخاص الذين يعيشون حالات الإجهاد الشديد، والتي تشكل مواقف تعرض صحتهم العقلية للخطر.
العلاجات
توضح الدكتورة كانسل أن علاج الاضطرابات النفسية هو علاج بيولوجي نفسي اجتماعي، وغالبا ما يكون العلاج الدوائي محددا لكل اضطراب.
ويمكن أخذ مضادات الاكتئاب، وهي عوامل تعمل على جهاز هرمون “السيروتونين” لاضطرابات الاكتئاب والقلق.
تؤخذ، أيضا، مثبتات الحالة المزاجية وأحيانا مضادات الذهان لأنها جيدة وسهلة الاستخدام، ومثبتات الحالة المزاجية للاضطرابات ثنائية القطب.
علاجات لأعراض متبقية محددة (برازوزين في كوابيس اضطراب ما بعد الصدمة) وغيرها.
تقول الدكتورة كانسل إن مزيلات القلق (البنزوديازيبينات) لا تشكل علاجا أساسيا، كما تحذر من أنها، بالإضافة إلى ذلك، غالبا ما تسبب الإدمان ويمكن أن تزيد من اضطرابات القلق.
ويتم تنظيم علاج كل اضطراب نفسي على النحو التالي:
فالعلاج النفسي، مع الأساليب التي ستكون أكثر أو أقل فاعلية اعتمادا على الإشارة، يكون، تقليديا، علاجا سلوكيا معرفيا، ولكن يجب القيام بالمزيد والمزيد من الأبحاث، وتشير إلى الاهتمام بالتأمل اليقظ ومجموعات من الكلام والتعليم العلاجي، وما إلى ذلك..
العلاج الدوائي ليس إلزاميا في الاضطرابات الخفيفة وغير المزمنة، ولكنه حجر الزاوية في إدارة الاضطراب ثنائي القطب. هذا فضلا عن دعم السياق الاجتماعي والطبي بشكل عام للحد من أسباب الانتكاس، والعوامل المحفزة، والعقبات التي تعترض الرعاية وتحسين إدارة الإجهاد، كالنشاط البدني والراحة الكافية، وما إلى ذلك..