شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيتقاريرسياسية

استنفار حكومي لمحاربة المضاربات والاحتكار قبل حلول رمضان

ارتفاع الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين 

تعرف أسعار المواد الاستهلاكية ارتفاعا صاروخيا، وخاصة أسعار الخضر والفواكه واللحوم، ويتزامن ذلك مع اقتراب شهر رمضان، حيث يزداد الإقبال على هذه المواد. واستنفرت هذه الزيادات الحكومة، التي قررت اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات للحد منها، ومن بينها تكثيف عمليات المراقبة والتتبع لمحاربة الاحتكار والمضاربات. وحث رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في اجتماع المجلس الحكومي، على الرفع من مراقبة وضعية تموين أسواق المملكة بالمنتجات الغذائية، وتعزيز الرقابة على مستوى التسويق والجودة، وتعقب ومعاقبة أي مخالفات أو سلوكات انتهازية، مؤكدا على أن التعليمات الملكية السامية تشدد على ضرورة حماية القدرة الشرائية للمواطن وضمان تموين الأسواق بالمنتجات الغذائية اللازمة.

 

إعداد : محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

الحكومة تتوقع تراجع أسعار الخضر واللحوم في الأيام المقبلة

 

حث رئيس الحكومة عزيز أخنوش، يوم الخميس الماضي، على الرفع من مراقبة وضعية تموين أسواق المملكة بالمنتجات الغذائية، وتعزيز الرقابة على مستوى التسويق والجودة، وتعقب ومعاقبة أي مخالفات أو سلوكات انتهازية.

وقال أخنوش، في كلمة في بداية أشغال اجتماع مجلس الحكومة، «نحن اليوم كحكومة ملزمون بالزيادة في التعبئة واليقظة»، مؤكدا أن «التعليمات الملكية السامية تشدد على ضرورة حماية القدرة الشرائية للمواطن، وضمان تموين الأسواق بالمنتجات الغذائية اللازمة».

ودعا رئيس الحكومة الوزراء إلى حث مختلف المصالح التابعة لهم من أجل تعزيز مراقبة السوق الوطنية والسهر على ضمان تموين مستمر لها بالمنتجات الغذائية ومحاربة المضاربات، حماية لقفة الأسرة المغربية، خاصة ونحن على مقربة من شهر رمضان المبارك، كما دعاهم إلى القيام بزيارات ميدانية من أجل الوقوف على ظروف تموين الأسواق وتتبعها بشكل شخصي، مشيرا إلى أن «انعكاسات الظرفية الحالية المطبوعة بمجموعة من التحديات الدولية والمناخية وحماية المواطن من آثارها، تحتم علينا تتبعا دقيقا ومقربا لمختلف سلاسل الإنتاج والتسويق، خاصة من خلال تعبئة لجان المراقبة على مستوى الجهات والأقاليم، تحت إشراف السادة الولاة والعمال».

وفي السياق نفسه، طمأن أخنوش الرأي العام الوطني بأن «إنتاج الخضروات، وعلى رأسها الطماطم خلال هذه السنة، في مستوى جيد، وارتفاع أسعار الطماطم في الأيام الأخيرة مرتبط أساسا بموجة البرد التي تعرفها بلادنا، حيث من المرتقب أن تعرف أسعار الطماطم انخفاضا ابتداء من الأسابيع القليلة القادمة، مع عودة درجات الحرارة الدنيا لمستواها الاعتيادي، مما سيساهم في نضج الإنتاج الوطني وتواجده بوفرة في الأسواق»، كما أن جاهزية إنتاج دورات جديدة للبصل والبطاطس، يضيف رئيس الحكومة، ستساهم في تعزيز وفرتها لتلبية حاجيات الاستهلاك وستنعكس على أسعارها.

وأشار أخنوش، أيضا، إلى أنه من المنتظر أن تتراجع أسعار اللحوم الحمراء هي الأخرى بفضل الإجراءات التي تم اتخاذها، ومن بينها إلغاء الضريبة على القيمة المضافة ووقف استيفاء الرسوم الجمركية على استيراد الأبقار الموجهة للذبح، حيث ستمكن هذه الإجراءات المهنيين من استيراد حوالي 30 ألف رأس من الأبقار الموجهة للذبح، قبيل قدوم شهر رمضان المبارك، مما سيساهم في تخفيف الضغط على القطيع الوطني من الأبقار، وفي خفض أسعار بيع اللحوم بالتقسيط. ووجه أخنوش الدعوة بالخصوص للجنة المشتركة لوزارة الداخلية، والفلاحة، والصناعة والمالية، داعيا إياها على الخصوص إلى الحرص على التتبع اليومي للأسواق، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لسد حاجيات الطلب الوطني.

وخلص رئيس الحكومة إلى أنه، عموما، فالإجراءات التي اتخذتها الحكومة لضمان تزويد الأسواق ومواصلتها دعم أسعار النقل من شأنها أن تساهم في استقرار أسعار المواد الغذائية في الأسابيع المقبلة. كما أن التساقطات المطرية والثلجية الأخيرة التي عرفتها مجموعة من المناطق، وتلك المنتظرة في الأيام المقبلة، ستساهم في تحسن الغطاء النباتي وعودة الإنتاج الوطني إلى مستوياته العادية.

من جانبه، أكد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن الحكومة ستتخذ جميع الإجراءات التي ستضمن التموين العادي والطبيعي بالمواد الغذائية، كما سيتم التدخل لمراقبة جميع نقاط البيع. وشدد بايتاس، في معرض رده على أسئلة الصحافيين، خلال ندوة صحفية بعد انعقاد مجلس الحكومة، على أنه سيتم «الضرب بيد من حديد» وضبط جميع المخالفات المتعلقة بالمضاربة في أسعار المواد الغذائية، مبرزا أن أي مخالفة ستسجل في هذا الإطار ستكون موضوع متابعة قضائية.

وبخصوص اللحوم الحمراء، سجل الوزير أن الحكومة اتخذت إجراءين مهمين، يتعلق الأول باستيفاء رسوم الاستيراد المطبقة على هذه المادة، فضلا عن تعليق أداء الضريبة على القيمة المضافة، مؤكدا أن هذين الإجراءين ستظهر نتائجهما في القريب العاجل، وبالنسبة للطماطم، أبرز بايتاس أن الكميات المزروعة خلال هذه السنة تفوق تلك المزروعة خلال السنة الماضية، مرجعا سبب ارتفاع أسعار الطماطم في الأيام القليلة الماضية لموجة البرد التي تعرفها المملكة، مشيرا إلى أن الحكومة ستتخذ كل الإجراءات من أجل خفض الأسعار، وبالتالي الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.

وبعدما ذكر بالإجراءات المتخذة لضمان التموين الكافي بمادة الحليب في الأسواق، أوضح الوزير أن الحكومة تضع موضوع حماية القدرة الشرائية للمواطنين ضمن أولوياتها، سيما في الفترة الحالية، مبرزا أن رئيس الحكومة أعطى توجيهاته لجميع القطاعات المعنية من أجل التدخل والتواصل مع المواطنين للتعريف بالإجراءات المتخذة.

ومن جهتها، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن أسعار اللحوم والخضر ستعرف انخفاضا خلال الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة، وأوضحت، في تصريح للصحافة عقب اجتماع للجنة الوزارية المركزية المكلفة بتتبع الأسعار، أن الحكومة باشرت إجراءات «مهمة» للحد من ارتفاع الأسعار وضمان تموين الأسواق، سيما بالنسبة للحوم، كإلغاء الضريبة على القيمة المضافة ووقف استيفاء الرسوم الجمركية على استيراد الأبقار الموجهة للذبح.

وبعدما شددت على أن ارتفاع الأسعار يعود لأسباب موضوعية، على رأسها الجفاف وبرودة الجو، أشارت الوزيرة إلى وجود عدد من التلاعبات والمضاربات في الأسواق، مشددة على ضرورة تكثيف المراقبة ومواصلتها ميدانيا وتعبئة كل القطاعات والمصالح المعنية، وأكدت أن اللجنة الوزارية المركزية المكلفة بتتبع الأسعار ستواصل عملها بانتظام، سيما مع اقتراب شهر رمضان.

ومن جهته، أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، الخميس بالرباط، أن الحكومة تعمل جاهدة من أجل عودة أسعار المواد الغذائية إلى مستواها العادي.

مجلس المنافسة يوصي بمحاربة الاحتكار واقتصاد الريع

 

أكد مجلس المنافسة أن أسعار السلع والمنتجات والخدمات «تحددها آليات المنافسة الحرة، ما عدا في الحالات التي ينص فيها القانون على خلاف ذلك، وذلك وفقا للمادة 2 من القانون رقم 12. 104 بشأن حرية الأسعار والمنافسة».

وأوضح المجلس أن «أسعار المنتجات يتم تحديدها بناء على آليات المنافسة الحرة»، مسجلا أن «كافة الاتفاقات أو التحالفات الصريحة أو الضمنية أو التوجيهات الرامية إلى التأثير على بنية الأسعار، إما عن طريق زيادتها أو تخفيضها، هي «محظورة»، سواء تم ذلك من خلال التحديد المشترك لأسعار الجملة أو البيع بالتقسيط، وتبادل المعلومات أو التنسيق بشأن مستوى ونسبة زيادتها أو انخفاضها».

وأضاف المجلس، الذي يرأسه أحمد رحو، أنه «يمنع أيضا تحديد مستوى هامش الربح المطبق، أو بنية الأسعار، وتحديد سعر مرجعي أو هيكل للأسعار المرجعية الموحدة بين مجموعة من الجهات الفاعلة، أو ممارسة التخزين السري، من تلقاء أنفسهم أو بطلب من جمعيتهم المهنية أو النقابية»، فيها حذر مجلس المنافسة من «اقتراف الممارسات والأفعال المذكورة، في حالة ثبوتها، يعتبر خرقا لمقتضيات القانون المشار إليه».

وفي هذا الصدد، أحال مجلس المنافسة لكل غاية مفيدة، على دليله العملي المتعلق باعتماد برامج المطابقة داخل المقاولات أو الجمعيات المهنية، الذي يوضح بالتفصيل الممارسات المحظورة ووسائل تلافي المخاطر المتعلقة بها، مشيرا إلى أنه يمكن تحميل هذا الدليل على موقعه الإلكتروني.

وأكد تقرير صادر عن المجلس على ضرورة العمل على إرساء منظومة وطنية للمنافسة، قوية ومندمجة، كفيلة بجعلها رافعة مستقبلية للنموذج التنموي الجديد، وأوضح أن مكافحة مختلف أشكال الريع وحالات الاستغلال التعسفي لوضع مهيمن ومظاهر الاحتكار والآثار السلبية الناجمة عن عمليات التركيز الاقتصادي، وكذا التواطؤ بين عالم الأعمال والمحيط السياسي، تقتضي وضع أسس منظومة وطنية حقيقية ومندمجة للمنافسة، بوصفها إطارا للتشاور يرتكز على التكامل المؤسساتي وانسجام المهام والتقائية الأهداف، ويتيح لجميع الأطراف الفاعلة والمؤسسات المعنية التفاعل.

وأضاف المجلس أن إنجاح هذه المنظومة يظل رهينا بتحمل المسؤولية الاقتصادية المشتركة بين الدولة والبرلمان والسلطتين القضائية والاستشارية والهيئات الوطنية للتقنين والحكامة، والمجالات الترابية والمقاولات والمجتمع المدني. وأشار إلى أن هذه المسؤولية الجماعية تجد دواعيها في الطابع المعقد الذي تتسم به حكامة وتقنين المنافسة في الأسواق، كما تتطلب فعالية نتائجها انخراط جميع مؤسسات الحكامة المعنية بمحاربة الرشوة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وحماية الأجيال الجديدة لحقوق الإنسان، ومراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، ومحاربة جميع أشكال الاختلالات الاقتصادية (الريع، والتملص الضريبي، والزبونية في مجال الصفقات العمومية والتدبير المفوض للخدمات العمومية وغيرها).

وأبرز التقرير أن هذا هو المعنى الذي يمنحه مجلس المنافسة لمبدأ التكامل المؤسساتي بين السلطات التشريعية والتنفيذية والاستشارية والقضائية، وهيئات التقنين والحكامة، معتبرا إياه مبدأ يجسد الخيار الذي تبناه المجلس والرامي إلى ضمان الالتقائية بين جميع المؤسسات الدستورية المعنية بالحكامة والتقنين على أساس تطوير أشكال مبتكرة للشراكة.

غير أن إرساء هذه المنظومة، يضيف التقرير، يتطلب التطبيق الفعال لعدة تدابير مصاحبة من طرف جميع المتدخلين في هذه المنظومة، مبرزا أن الأمر يتعلق بالسهر على ضمان مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المقاولات والمستهلكين والمجالات الترابية إزاء الفعل الاقتصادي عبر التطبيق الصارم للقانون ذي الصلة، وتخليص الاقتصاد الوطني من مظاهر الريع والاستغلال التعسفي لوضع مهيمن وأشكال الاحتكار والآثار السلبية المترتبة عن عمليات التركيز الاقتصادي والتواطؤ بين كل من عالم السياسة والأعمال، من خلال تكريس مبدأ سمو القانون، وحماية، بموجب القانون، للمستهلكين والمكونات الهشة للأسواق ضد مظاهر الاحتكار والنفقات غير المشروعة.

ويتعلق الأمر أيضا بالمساهمة في رفع الحواجز التي تحول دون دخول منافسين جدد إلى السوق عبر فرض عقوبات على الشركات المؤاخذ عليها، والترافع لصالح إلغاء الامتيازات التي تتجسد في منح المأذونيات والرخص في جميع قطاعات النشاط الاقتصادي، والعمل على إخضاعها لقواعد جديدة تضمن المساواة والإنصاف والشفافية والمنافسة الحرة والمشروعة.

 

توقعات بانخفاض معدل التضخم من 8 إلى 2 في المئة خلال سنة 2023

 

بعد ارتفاع معدل التضخم إلى مستويات قياسية، خلال هذه السنة، كشفت وزارة الاقتصاد والمالية في رد مكتوب على أسئلة المستشارين البرلمانيين، أثناء مناقشة مشروع قانون المالية، أسباب ارتفاع التضخم، وتوقعت تراجع معدل التضخم في سنة 2023.

وأوضحت الوزارة أن إعداد التوقعات الخاصة بالتضخم لسنتي 2022 و2023 على مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية، ومنها الضغوط التضخمية ذات المصدر الخارجي وتتعلق بالوضع الاقتصادي لشركائنا الرئيسيين والأسعار في أسواق المواد الأولية. كما تتيح مجموعة من المقاييس المعتمدة خلال إعداد هذه التوقعات إمكانية تقييم التضخم المستورد وحدة انتقاله إلى تكاليف الإنتاج والأسعار الداخلية، بالإضافة إلى النوع الثاني من الضغوط ذي مصدر داخلي والذي ينبع بشكل أساسي من القطاع الحقيقي. وفي هذه الحالة، يتم إيلاء اهتمام خاص للضغوط المتعلقة باستخدام القدرات الإنتاجية وتكاليف الإنتاج والشغل والأجور.

وحسب توقعات الوزارة، فإن مؤشر أسعار التضخم سيبلغ حوالي 6 في المئة خلال سنة 2022 ، و2 في المئة في سنة 2023. وأشارت الوزارة في هذا الصدد إلى أن هذه التوقعات تتماشى مع توقعات بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط.

وفي ما يتعلق بسنة 2022، أكدت الوزارة على أن المغرب عانى من موجة تضخم غير مسبوقة، وهي ناتجة بشكل أساسي عن الظرفية الدولية التي عرفت اختلالا في التوازن بين العرض والطلب عقب استئناف النشاط بعد أزمة كوفيد 19 والأزمة في أوكرانيا التي أدت إلى تفاقم الارتفاع في أسعار الطاقة والمواد الأولية، وهكذا، بلغ معدل التضخم في المغرب 8.3 في المئة ما بين شتنبر 2021 ونفس الشهر من سنة 2022.

وأبرزت الوزارة أن 84 في المئة من هذا التضخم يرجع إلى مصدرين أساسيين، وهما ارتفاع أسعار المواد الغذائية ارتباطا بالارتفاع الكبير الأسعار هذه المواد في السوق الدولية والذي صادف سنة جفاف حاد على المستوى الوطني وتساهم هذه المواد ب 5.6 نقطة من التضخم الإجمالي، والمصدر الثاني هو الزيادة في أسعار النقل والمرتبطة ارتباطاً مباشراً بالارتفاع غير المسبوق على المستوى الدولي (104 دولار للبرميل) وتبلغ مساهمة هذه المنتجات 1.4 نقطة.

وبهدف التخفيف من تأثير الاضطرابات الاقتصادية الدولية على الاقتصاد المغربي خلال سنة 2022، أفادت الوزارة أن الدولة اتخذت العديد من الإجراءات الإضافية المتعلقة بالميزانية. وتتعلق أهم التدابير بالدعم الإضافي لبعض المنتجات الأساسية الدقيق والسكر والبوتان) ودعم أسعار النقل.

وقد مكن هذا الجهد الكبير في الميزانية، حسب الوزارة، من احتواء التضخم والحفاظ على القدرة الشرائية للأسر ولا سيما المعوزة. وقد أظهرت دراسة حديثة أعدتها وزارة الاقتصاد والمالية أن الدعم الإضافي للدولة قد مكن من الحفاظ على القدرة الشرائية للأسر.

وفي غياب هذا الجهد، كشفت الوزارة أن الأسر كانت ستعاني من ارتفاع كبير في الأسعار عند الاستهلاك، مما كان سيؤدي إلى زيادة في المستوى العام للأسعار بنسبة 3 في المئة مقارنة بالسيناريو بدون هذه الإجراءات، وأبرزت أن الحفاظ على القدرة الشرائية يفيد أكثر 10 في المئة من الأسر الأكثر فقرا. ولولا جهود الميزانية هذه كان سعر سلة استهلاك هذه الفئة سيكون أعلى بنسبة 5.8 في المئة.

وبالنسبة لسنة 2023، تتوقع الحكومة أن تشهد الضغوط التضخمية التي لوحظت سنة 2022 تراجعا، وذلك لعدة أسباب، منها ما يتعلق بالضغوط التضخمية ذات المصدر الخارجي، حيث من المتوقع بحسب تقارير المنظمات الدولية المختلفة، أن ينخفض التضخم تدريجياً سنة 2023، اعتبارا لتباطؤ النمو العالمي، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي نموا عالميا بنسبة 2.7 في المئة مقابل 3.2 في المئة سنة 12022 الآثار الملموسة لتشديد السياسة النقدية الذي نفذته معظم البنوك المركزية الرئيسية، والتي رفعت أسعار فائدتها الرئيسية تخفيف حدة الضغوط على أسعار المواد الأولية وبحسب آخر توقعات صندوق النقد الدولي من المنتظر أن ينخفض سعر البرميل من 104 دولارات إلى 93 دولارا، أي بانخفاض نسبته 10.6 في المئة، بالإضافة إلى تبديد التوترات المتعلقة بالإمدادات.

وفي ما يتعلق بالضغوط التضخمية ذات المصدر الداخلي من المتوقع تراجع أسعار المواد الغذائية، على أساس فرضية تحقيق محصول فلاحي متوسط، ومواصلة الإجراءات الرامية للحد من ارتفاع الأسعار على المستوى العالمي، على غرار نفقات المقاصة وبعض برامج الدعم تأثير الإجراءات النقدية المرتبطة بقرار بنك المغرب رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس إلى 92 لضمان شروط عودة سريعة إلى مستويات تتماشى مع هدف استقرار الأسعار، وأكدت الوزارة أن تبديد الضغوط التضخمية الداخلية والخارجية، من شأنه أن يحد بشكل فعال من ارتفاع الأسعار على المدى المتوسط.

 

  محمد زين الدين* :

* أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بالمحمدية – جامعة الحسن الثاني

«الحكومة تملك آليات متعددة لضبط الأسواق وحماية الأمن الاجتماعي يجب أن يكون من الأولويات»

يرى محمد زين الدين، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بالمحمدية، أن «الحكومة تتوفر على عدد من الآليات لضبط الأسواق والأسعار، وهي التي تتيح للسلطة مراقبة سلاسل الإنتاج من بدايتها إلى وصولها للمستهلك»، موضحا أن «هذه من المهام الأساسية التي تقوم بها الحكومات في العالم كله، والغاية منها ليس فقط مراقبة الأسواق، بل أيضا ضمان تزويد السوق الوطنية بالمواد الأساسية والضرورية التي يحتاجها المواطن بشكل عام»، مشيرا إلى أن «هذا الأمر يتطلب نوعا من التنسيق والالتقائية بين مختلف المصالح على اعتبار أن هذا لا يتعلق فقط بوزارة واحدة، بل بوزارات متعددة كوزارة الفلاحة والصيد البحري، ووزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الاقتصاد والمالية، ووزارة الداخلية، وهنا وجب توفر الالتقائية لدى كل هذه الأطراف، بالإضافة إلى دور المجتمع المدني، حيث إن جامعة حماية المستهلك بدورها تتوفر على صفة التقاضي، وهذا مهم جدا في إطار حماية المستهلك، خصوصا مع موجة الغلاء في الأسعار التي تعم البلاد، والتي شملت مختلف المواد التي لها ارتباط يومي بالمواطن».

وبخصوص الخلفيات وراء هذه الزيادات في الأسعار، أوضح زين الدين أن «موجة العلاء هذه تعم دول العالم، وفي المغرب لها ارتباط بالعوامل الطبيعية، ومنها قلة الإنتاج، بسبب قلة التساقطات أو موجة البرودة، زيادة على التصدير، ومشكل المضاربات وتعدد الوسطاء»، مبرزا أن الحكومة باشرت استغلال الآليات التي يتيحها لها القانون في هذا الجانب من أجل ضبط الأسواق، حيث تقوم الحكومة بتعبئة وطنية لمتابعة تطور الأسواق الوطنية، والحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية باعتبارها هي الأكثر استهلاكا، وهذا تحت إشراف الحكومة كاملة، مبينا أن «المراقبة من الحكومة للأسواق، تكون في الغالب موسمية وذات طابع ظرفي، وليست دائمة تكفل حماية قوية جدا للمستهلك»، مضيفا أن «كون هذه المراقبة ظرفية فإن ذلك يفتح الباب على مصراعيه لـ«الوسطاء»، أو ما يصطلح عليهم بـ«الشناقة»، وبالتالي وجب تكثيق هذه المراقبة والسهر على ديمومتها»، حسب زين الدين، «الذي أوضح أن هؤلاء الوسطاء يتسببون في تأزيم الأوضاع إلى حد أكبر، ولذك وجب الضرب بيد من حديد على يد هذه الفئة، لأن الأمر لا يهم فقط تهديد القدرة الشرائية للمواطنين، بل أيضا تهديد الأمن الغذائي والمجتمعي بشكل عام، لأن نار الزيادات في الأسعار لم تعد تكتوي بها فقط الطبقة الفقيرة، بل أيضا وصل الأمر إلى الطبقة المتوسطة».

وأبرز زين الدين أن «تدخل الحكومة من خلال الاستراتيجية التي بسطها رئيس الحكومة، خلال المجلس الحكومي الأخير، يمكن من إعادة الأمور إلى نصابها، خصوصا وأننا مقبلون على شهر يعرف نسبة استهلاك مرتفعة وتنامي الطلب على المواد الغذائية، وهو شهر رمضان»، مشددا على أن «المراقبة في الأسواق لا تكفي، بل يجب أن تكون المراقبة أيضا في سلاسل الإنتاج منذ البداية إلى وصولها إلى المستهلك، مع الحرص على التوفير السلس لهذه المواد الاستهلاكية في الأسواق وبجودة ممتازة، وهذا الأمر يطرح إشكالية أخرى في جانب الجودة»، حسب زين الدين.

وأوضح أستاذ القانون العام أن «المغرب اختار التوجه في اتجاه حرية الأسعار، لكن هذا لا يعني الحرية المطلقة، لأن هناك العديد من الضوابط لهذا المبدأ، وأي خروج عن هذه الضوابط يتيح للسلطة الوصية فرض الجزاءات القانونية على كل المخالفين»، مبرزا أن موجة الغلاء هذه «لا تعني المغرب فقط، بل جميع دول العالم، في فرنسا والولايات المتحدة وعموم أوروبا، ولكن آليات الحماية لدى هذه الدول مختلفة»، مشددا على أنه في «المغرب وجب الاشتغال أكثر على تقوية آليات المراقبة بالدرجة الأولى، كما وكيفا، لحماية المستهلك المغربي، سيما في المواد الغذائية التي لها ارتباط يومي وثيق بحياة المواطن»، مؤكدا على أن هذا يستوجب تقوية عمل اللجان الإقليمية المخصصة لمراقبة تموين الأسواق، بالإضافة إلى الضرب بيد من حديد على المضاربين، وهي الإجراءات التي من شأنها أن تبث الطمأنينة في نفوس المواطنين، زيادة على إلزامية فرض كشف لائحة الأسعار، تجنبا لأي زيادات غير معلنة في الأسعار، أو قرارات فردية من التجار.

 

 بن يونس المرزوقي

⃰ أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بوجدة

«الحكومة يجب أن تعزز مراقبة السوق وضبط سلاسل الإنتاج»

 

ما هي الآليات التي لدى الحكومة من أجل مراقبة الأسواق وضبطها؟

تنبغي الإشارة إلى أنه دستوريا، تعتبر الإدارة موضوعة رهن إشارة الحكومة، وبما أن السوق يشمل مجموعة واسعة جدا من السلع والمنتوجات والخدمات، فإن ضبط هذا السوق يتطلب آليات متعددة، ومتلائمة مع المنتوجات والسلع والخدمات، وطبعا فالأنظار عادة تتجه إلى هيئة مراقبة الأسعار التابعة لوزارة الداخلية، وهي الهيئة الموجودة على مستوى العمالات والأقاليم، وباعتبار أن وزارة الداخلية هي الأكثر انتشارا بالمقارنة مع باقي الوزارات الأخرى.

لكن يجب التأكيد هنا على أن ضبط السوق لا يعني بالتفصيل أو بالأساس، ضبط التاجر الذي يبيع مباشرة إلى المواطن المستهلك، لأن هذه النتيجة ليست سببا في ارتفاع  الأسعار، بل الأمر يتطلب تتبع سلسلة الإنتاج من خلال جميع مراحلها، مع التركيز على مراقبة أسعار السلع مباشرة في أول مرحلة، إما حين انتاجها أو استيرادها، فتكون المراقبة عند الاستيراد أو الإنتاج وعند البيع بالجملة، ثم البيع بالتقسيط، عندها يمكن الحديث عن مراقبة السوق، ويمكن الحديث عن ضبط السوق بالشكل المطلوب، أما أن يتم التركيز على البائع أو التاجر الأخير الذي يبيع إلى المستهلك، فهو الحلقة الأضعف. هذا دون أن ننسى أنه لدينا مجلس المنافسة، وهو الذي توكل إليه مهمة أعم وأشمل مما نحن بصدد الحديث عنه، فمجلس المنافسة يمكنه مراقبة بعض السلع المهمة كالكتب المدرسية، والمحروقات، ولا يمكنه أن يراقب جميع السلع بالسوق.

 

ألا يؤثر تداخل المهام على عمل سلطات مراقبة الأسواق؟

من الطبيعي أن يكون هناك تداخل بين الإدارات المكلفة بضبط السوق بصفة عامة، ومراقبة الأسعار وشروط المنافسة بصفة خاصة، لذلك أعتبر أن للحديث عن شرطة إدارية مثلا بالنسبة إلى الجماعات، يتوجب الحديث عن شرطة اقتصادية، وليس المقصود هنا هو جهاز خاص، بل جهاز تنسيقي بين كل الإدارات المعنية بسلعة أو منتوج أو خدمة معينة، فتحرك جماعي تنسيقي لكل هذه الشرطة وحده كفيل بالتخفيف من حدة تقلبات الأسعار في السوق، هذا دون إغفال أن هناك قانونا يسمى قانون حرية الأسعار والمنافسة، وهذا الأمر يبين على أن المشرع المغربي ذهب في منحى مبدأ حرية الأسعار والمنافسة، وأنه لم يستثن من ذلك سوى سلع وخدمات ومنتجات محددة بنص تنظيمي، أي السلع التي في الغالب يحتاج إليها المواطن بشكل أكبر. لذلك علينا نحن الآن أن نحكم التنسيق، وأن تبدأ المراقبة انطلاقا من نقاط توزيع هذه السلع، حين ذلك يمكننا الحديث عن شرطة اقتصادية فعالة يمكنها التجاوب مع انتظارات المواطنين والمواطنات. وكما أشرت سلفا، فالأمر لا يتعلق بشرطة بمعناها التنظيمي كالشرطة الإدارية، بل تلك الهيئة أو الهيئات التي تسهر على تطبيق القانون وضبط السوق، بما لا يسمح بخروقات وتلاعبات في الأسعار تفضي إلى تقلبات السوق الوطنية، وقد تؤثر على القدرة الشرائية لعامة المواطنين والمستهلكين.

 

هل لمبدأ حرية الأسعار تأثير على ضبط الحكومة للسوق الوطنية؟

نعم إن مبدأ حرية الأسعار يقلص من صلاحيات الإدارة، لكن تنبغي الإشارة إلى أن المشرع المغربي استثنى بعض المنتجات والمواد المنظمة بنص قانون تنظيمي، وهي السلع التي تحددها الحكومة بتنسيق مع مجلس المنافسة، والأمر هنا يتعلق بمواد يحتاجها المواطن أكثر من غيرها، وهي المواد التي يجب أن يكون ضبط ومراقبة الحكومة لها أكثر من  الأخرى، ويجب أن يكون للحكومة وجود يومي في مراقبتها، ويتعلق الأمر أحيانا بمواد مدعمة. وبالتالي فعلى الحكومة أن تعرف أين ذهب هذا الدعم، بمراقبة الأسعار والمنافسة وغيرهما من الطرق، أما السلع الأخرى من باقي السلع فهي مسألة خاضعة للعرض والطلب.

وبخصوص مجلس المنافسة، فرغم أنه مؤسسة دستورية هامة، فأعتقد أنها لا يمكن أن تعالج إلا المواضيع الكبرى خاصة، كما أشرت، مثل الكتب المدرسية والمحروقات والمواد المدعمة، وبعض الخدمات الكبرى، أما باقي السلع اليومية والتي تدخل في العيش اليومي للمواطن، فأعتقد أنها من اختصاص الحكومة التي يجب أن تسهر على مراقبتها وتتبع ترويجها في السوق، حتى من حيث الجودة والأسعار وتموين الأسواق بها وضمان توفيرها للمواطنين، وذلك لغاية ضمان القدرة الشرائية للمواطنين وحماية هذه القدرة الشرائية من تقلبات السوق الوطنية وأيضا الدولية، سيما أن الحكومة لديها آليات للتدخل في هذا الجانب.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى