محمد اليوبي:
أصدر كل محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، دورية مشتركة موجهة إلى الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف والوكلاء العامين للملك لديها ورؤساء المحاكم الابتدائية ووكلاء الملك لديها، حول إحداث لجان مشتركة لتتبع وضعية الاعتقال الاحتياطي.
وأكدت الدورية أن ترشيد الاعتقال الاحتياطي يحتل أولوية كموضوع أساسي في تنفيذ السياسة الجنائية الوطنية، وما يعكسه استحضار القضاة لالتزامهم الدستوري بحماية حريات الأشخاص من ترجيح لقرينة البراءة قبل الإقدام على اللجوء إليه بالنظر لطبيعته الاستثنائية وإصدار الحكم في القضية داخل أجل معقول.
وعلى هذا الأساس، تضيف الدورية، ما فتئ المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة كل في مجال تخصصه يوليان أهمية قصوى لموضوع الاعتقال الاحتياطي من خلال الحرص الدائم على إعطاء الأولوية في البت لقضايا المعتقلين وحث المسؤولين القضائيين على تجهيزها للبت وتسريع إحالتها على الهيئات المكلفة بالنظر في الطعون، وأشارت إلى أن هذا الاهتمام يجد مصدره في الطابع الاستثنائي للاعتقال الاحتياطي، بالإضافة إلى ارتباطه بالوضعيات الإنسانية للمعتقلين التي تستدعي تتبع هذه القضايا عن كثب، وإعطاءها العناية اللازمة من طرف كافة الجهات القضائية المعنية بتدبيرها.
وحسب الدورية، فقد لوحظ، بمناسبة تتبع وضعية الاعتقال الاحتياطي بمختلف محاكم المملكة، أن نسبته تعرف ارتفاعاً مضطرداً، خلف ضغطاً متزايداً على الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية على النحو الذي يستدعي تضافر جهود كافة المتدخلين في قضايا المعتقلين والاستثمار الأمثل لمختلف المساطر والإجراءات الكفيلة بتذليل الصعوبات العملية المطروحة، عبر التأسيس لآلية للتنسيق المحلي والجهوي، على غرار التنسيق القائم على المستوى المركزي لأجله. وأشارت الدورية إلى أنه، بالإضافة إلى ما يقتضيه التزام أعضاء النيابة العامة بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن رئاسة النيابة العامة في موضوع الاعتقال الاحتياطي والموجهة إلى قضاتها، فإن كافة المسؤولين القضائيين معنيون بالمساهمة في تدبير ملفات المعتقلين بمزيد من النجاعة والفعالية، ولهذه الغاية، تحث الدورية على إحداث لجان محلية وجهوية تعنى بتتبع وضعية الاعتقال الاحتياطي وإيجاد حلول عملية لقضاياه في إطار القانون.
وتدعو الدورية إلى إحداث لجنة محلية على صعيد دائرة كل محكمة ابتدائية (عادية)، بمبادرة من رئيس المحكمة ووكيل الملك لديها، وتضم في عضويتها رئيس المحكمة أو من ينوب عنه، ووكيل الملك أو من ينوب عنه، ورئيسي كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة أو من ينوب عنهما، ويمكن أن يضاف إليهم، إذا اقتضت الضرورة ذلك، القضاة ونواب وكيل الملك المكلفون بقضايا المعتقلين.
وتعقد اللجنة المحلية اجتماعاتها بصفة دورية خلال الأسبوع الأول من كل شهر، وكلما دعت الضرورة، ويتم توجيه الدعوة إلى مدير المؤسسة السجنية أو من ينوب عنه لحضور أشغالها، وتختص في دراسة أسباب تعثر سير ملفات المعتقلين والسعي لتجهيزها وعرضها على القضاء في أقصر الآجال، وكذلك اتخاذ الإجراءات القانونية المتاحة لبرمجة جلسات إضافية للنظر في ملفات المعتقلين الاحتياطيين إذا تطلب الحال ذلك، والسهر على إحالة ملفات المعتقلين المطعون فيها على جهة الاختصاص إصدار نشرة داخلية بوضعية الاعتقال الاحتياطي تحال على الهيئات القضائية المختصة وعقد اجتماعات تحسيسية معها، إذا اقتضى الأمر ذلك، من أجل تذليل الصعوبات التي تعترض تجهيز قضايا المعتقلين للبت فيها، مع وضع تقرير عن أشغال اللجنة يتضمن معطيات إحصائية حول ملفات المعتقلين الاحتياطيين مرتبة حسب أقدميتها والجهة القضائية المعروضة عليها، والصعوبات التي تم رصدها والتدابير التي تم اتخاذها لحسن تصريفها، والنتائج المحصل عليها. وتحال نسخة من التقرير المذكور بمرفقاته على اللجنة الجهوية بمحكمة الاستئناف في غضون الأسبوع الموالي لانعقاد اجتماعها.
وعلى المستوى الجهوي، تنص الدورية على إحداث لجنة جهوية على صعيد كل محكمة استئناف عادية بمبادرة وإشراف من الرئيس الأول والوكيل العام للملك لديها، تضم في عضويتها الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف أو من ينوب عنه، والوكيل العام للملك أو من ينوب عنه، وممثلا أو أكثر عن الهيئات القضائية المكلفة بالبت في قضايا المعتقلين وقضاء التحقيق، يعين من طرف الرئيس الأول، ورئيس كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة أو من ينوب عنهما، ويمكن أن يستدعى لاجتماعات اللجنة كل من ترى اللجنة فائدة في حضوره.
وتعقد اللجنة الجهوية اجتماعاتها خلال الأسبوع الثالث من كل شهر بعد توصلها بتقارير اللجان المحلية وكلما دعت الضرورة. ويتم توجيه الدعوة لحضور أشغالها إلى مديري المؤسسات السجنية أو من ينوب عنهم، الكائنة مقراتها بدائرة نفوذ محكمة الاستئناف للتداول في تدبير سير ملفات المعتقلين الاحتياطيين على مستوى محكمة الاستئناف كما هو مشار إليه بشأن مهام اللجنة المحلية، والاطلاع على تقارير اللجان المحلية وإبداء الملاحظات والتوصيات المناسبة في شأنها، سيما ما تعلق بالتدابير المتعين اتخاذها بهدف التدبير الأمثل لملفات المعتقلين الاحتياطيين، إذا لم تكن الإجراءات المتخذة على صعيد المحاكم الابتدائية كفيلة بتحقيق النجاعة اللازمة لسير قضايا المعتقلين على صعيد تلك المحاكم. وتتكلف اللجنة بإعداد تقرير تركيبي حول وضعية الاعتقال الاحتياطي بالدائرة الاستئنافية، يحال على لجنة التنسيق المركزي بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة قبل متم كل شهر.
كما تحدث لجنة للتنسيق المركزي تضم ممثلا أو أكثر عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية يعين من قبل رئيسه المنتدب، وممثلا أو أكثر عن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، يعين من طرفه. وتعقد اللجنة اجتماعاتها في الأسبوع الأخير من كل شهر لدراسة تقارير اللجن الجهوية المحالة عليها، ورصد الإيجابيات والسلبيات التي تعترض تدبير ملفات المعتقلين الاحتياطيين، وكذا وضعية ملفاتهم الرائجة بمحكمة النقض، وتقديم التوجيهات الكفيلة بتجاوز مختلف الإشكالات المرتبطة بالاعتقال الاحتياطي. وتنجز اللجنة المركزية تقريرا بأشغالها يحال على الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة.