يونس جنوحي
الجزائريون غاضبون هذه الأيام من عملية «بيع الوهم» التي تعرضوا لها باسم القصر الرئاسي، بخصوص انضمام الجزائر إلى مجموعة «بريكس».
ففي الوقت الذي حاول فيه محور دعم الانفصال في الصحراء، وبالضبط جنوب إفريقيا، الترويجَ لوضع المغرب طلب الانضمام، رغم أن المغرب نفى رسميا أن يكون قد تقدم بأي طلب في الموضوع، كان الجزائريون يُروجون أن بلادهم سوف تكون حاضرة في الأشغال التي انتهت الأسبوع الماضي، ليتضح في ما بعدُ أن الأمر يتعلق بزوبعة إعلامية فقط لا غير. المشكل أن هذه المعطيات صدرت على لسان الرئيس الجزائري نفسه وليس عن طريق الخارجية.
التقارب الواقع مؤخرا، بين الجزائر وإيران وروسيا والصين لم تحصد منه الجزائر أي منفعة اقتصادية، والدليل أن الرئيس ما زال «يحلم» بيوم يرى فيه استثمارات من هذه البلدان داخل التراب الجزائري.
ويبدو أن الخيبة سوف تكون كبيرة، وغير متوقعة. فقد نشر موقع آسيوي، متخصص في الاقتصاد، مقالا مفصلا يشرح فيه كيف أن الصين تعيش أزمة اقتصادية تسببت في حدوث حالة من «عدم المساواة» في الدخل وأزمة أخرى في قطاع التكنولوجيا بسبب المنافسة مع دول أخرى، بالإضافة إلى أزمة في قطاع العقار، والتي أدت بدورها إلى أزمة في الدخل وارتفاع معدلات البطالة، وهو ما انعكس على الطبقة المتوسطة.
الصورة التي يراها بعض المسؤولين في المرآة، لا تعني أبدا الحقيقة. وحسب ما أورده موقع «آسيانلين» فإن خبراء أجانب من جامعة «كورنيل» شككوا في الأرقام التي أدلت بها الصين، والتي تتعلق أساسا بالعامل الجيني المحدد في 0،47. هذا المعدل يحدد مستوى التفاوت في الأجور، وتوقع هؤلاء الخبراء أن يكون هذا التفاوت قد تجاوز نصف نقطة.
الدراسة التي أشرف عليها هؤلاء الخبراء تؤكد أن التفاوت الطبقي مستمر في الاتساع. وطبعا فإن هذه «الفجوة» سوف تكون لها عواقب سياسية سوف تؤثر بدورها سلبا على شرعية الحزب الشيوعي الحاكم.
هناك مختبر يدرس التفاوت العالمي بين مكونات المجتمعات. وهذا المختبر أكد أن 10 بالمئة فقط من سكان الصين يمتلكون 70 بالمئة من مقدرات ثروة الأسر الصينية.
صدور هذه الأرقام بالتزامن مع قمة «بريكس» المنعقدة مؤخرا في جنوب إفريقيا، تُسائل فعلا عن الهالة التي تحيط بها بعض القوى الاقتصادية العالمية نفسها.
ففي الوقت الذي تعول فيه دولة مثل الجزائر، على الاقتصاد الصيني، لإخراج البلاد من الأزمة، تعلن الأرقام الصينية الرسمية وجود أزمة حقيقية وتباينا بين المدن والقرى الصينية. إذ أن الأرقام المتعلقة بسنة 2021، تكشف تباينا صارخا بخصوص توزيع الأطباء بين المدن والقرى، ومعاناة التلاميذ في المناطق القروية مع صعوبة الولوج للمدارس وارتفاع نسبة الرسوب مقارنة مع المدن. وهذه كلها مشاكل تعاني منها دول العالم الثالث، وتنتظر من البنك الدولي والمساعدات الدولية تخليصها منها.
سبق لمنظمات حقوقية عالمية أن دقت ناقوس الخطر بشأن التفاوت الخطير في الصين ومعاناة الطبقات الفقيرة، في وقت يسيطر فيه الاقتصاد الصيني على قطاعات صناعية كبرى، وهو ما يعني وجود اختلالات لم يرصدها الاقتصاديون وحدهم، وإنما أهل السياسة أيضا.
ربما يتوجب على الذين ينتظرون من الصين أن تحل مشاكلهم الداخلية، ويعولون عليها لدعم توجهاتهم السياسية، أن يعيدوا التفكير في اختياراتهم.