حسن البصري
من هو محمد عاطر؟
أنا من مواليد كاريان سنطرال بالحي المحمدي في الخامس من نونبر 1967، وبالضبط في كريان لاحونا حيث ترعرعت ونشأت بين دروب وأزقة هذا الحي الصفيحي المعطاء والذي أنجب العديد من المبدعين في مختلف المجالات الفنية والفكرية والرياضية والسياسية والنقابية، التي يضيق المجال للحديث عنها في هذا البرنامج. وكريان لاحونا تعني ما تعني، أي أننا كنا نقطن في حي آخر وتم ترحيلنا إليه، كنا نردد في صغرنا لازمة تقول: «كاريان لاحونا لا فران لا طاحونا»، وهذا دليل على الهشاشة التي عرفها هذا الفضاء الذي عشت فيه طفولتي، وكجميع أقراني دخلت المسيد وفيه كانت خطوتي الأولى في مشوار تعليمي طويل.
متى بدأت شقاوتك الفكاهية؟
لا أعرف بالضبط هذه البدايات، لكن ما أعيه اليوم هو أنني في صغري كنت أقول كلاما يبعث على الضحك. أحيانا كنت أجد نفسي محاطا بمن هم أكبر مني سنا وأكتشف أنهم يضحكون من تعليقاتي. سألتحق بالمدرسة الابتدائية أبو بكر الصديق وسأختلط أكثر بأقراني، ثم بعد ذلك سأنتقل إلى إعدادية حمان الفطواكي حيث كنت أضفي على الحصص الدراسية نكهة من الفكاهة والنكتة. بعدها سيتم ترحيل الحي الصفيحي وأنتقل رفقة عائلتي إلى حي سيدي مومن الذي شكل مجالا آخر لمرحلة أخرى في حياتي.
ما أولى علاقاتك بالحلقة كفضاء للفرجة في الحي المحمدي؟
كنا نقطن غير بعيد عن المكان الذي بني فيه مستشفى محمد الخامس. هنا كانت تمر شاحنات «الشابو» وكان المكان يعج بالحركة الموسمية، ففي فترة العيد يتحول إلى سوق للخرفان ويتحول إلى سوق لبيع «الهندي» وأيضا إلى فضاء للفرجة من خلال تعدد «لحلاقي» كل يتحلق حول فرجة أو تاجر متجول، المهم هو أن هذا الفضاء ظل يمارس جاذبيته علينا كأطفال بالقوة نفسها التي كانت تمارسها علينا ملاعب الكرة في تلك الفترة، خاصة ملعب الحفرة أو ملعب الطاس. لم يكن ممكنا لطفل يافع مثلي إلا أن ينهل من هذا الفضاء ويجد فيه مستقرا بين الفينة والأخرى، هناك كان يمكن أن تنصت لقصص الحكواتي وللدجالين ولدعاة التداوي بالأعشاب وقس على ذلك من أشكال التنوع الفرجوي.
من هو رائد الحلقة في الحي المحمدي الذي مارس جاذبيته أكثر على الفتى عاطر؟
حين انتقلت للتعليم الإعدادي بإعدادية حمان الفطواكي، أصبحت أمر في طريقي إلى المؤسسة على فضاءات الفرجة المفتوحة، لكن أمام الإعدادية كانت هناك ملاعب لكرة القدم حيث تتواجد اليوم إقامة الموحدين التي أقطن فيها، على امتداد أيام الأسبوع تجد نفسك في الحلقة تتابع باهتمام تحركات روادها وفي نهاية الأسبوع تعيش فرجة كروية في الملاعب المتربة بالمنطقة حيث تتواجد عدة ملاعب في مناطق شاسعة. كنا نلعب في ملاعب «العكرب»، «الجيش» و«زاهير». هذه الفضاءات كانت تتيح لنا الفرصة للعب أو متابعة العديد من الأسماء الكبيرة، مع الإشارة إلى أنني تعلقت أيَما تعلُق بفريق الاتحاد البيضاوي، دون أن ننسى ملعب الشابو ومباريات فريق الترجي الذي كان يضم لاعبين متميزين.
ما الحلقة التي كنت تحرص على أن تسجل حضورك بين جمهورها؟
كما أشرت سابقا في حلقات الحي المحمدي تعدد للأنماط الفرجوية، وهذه الحلقات لا تقتصر على «كاريان سانطرال»، بل تنتشر في فضاءات أخرى في الدار البيضاء، في حي سيدي عثمان وسباتة، والحي الحسني ودرب ميلان والبرنوصي وغيرها من الأحياء الشعبية. كان أسطورة الطرب الفكاهي هو خليفة الذي كان موضوع دراسات جامعية لقدرته على الجمع بين الغناء والحكاية الساخرة في تفاعل عجيب مع المتلقي، وهناك أسماء أخرى كأحمد الطويل، الذي كان يمتعنا، كما كان هناك خلوق ولعريش والغازي والحسناوي، الذي كان فكاهيا كبيرا بامتياز، إضافة إلى مصطفى الفرجي وزريويل والمعاشي، والثنائي لمسيح وكان يعتمد طريقة أخرى للفرجة من خلال الجلد.
لم تتحدث عن حلقة الملاكمة..
كانت الحلقة فضاء لممارسة الرياضة خاصة الملاكمة، حيث كان التباري يتم في حلقة أشبه بحلبة، عند الطنجاوي وباحسن هناك تخصص في لعبة الملاكمة، فقد كانت حلقتهما تعرف نزالات بين الأطفال والشباب من كل الأوزان وبقفازات ثقيلة محشوة بالحلفاء ودون تحديد معايير المباريات يمكن لطفل وزنه 40 كيلو غراما أن يواجه شابا من الوزن الثقيل.
في الأنشطة المدرسية بدأت علاقتك بالتنشيط الفني، هلا حدثتنا عن هذه المرحلة؟
ظهرت بوادر التنشيط من خلال سكيتشات كنا نقلد فيها الفنان الراحل محمد بن براهيم، خاصة قطعة التلميذ الكسول. مثلت ثانوية الأمير سيدي محمد على مستوى نيابة ابن امسيك، ومن هنا بدأت أولى إرهاصات عاطر الفنان، حيث كنت أضفي على الفصول الدراسية في سلك الثانوي نكهة من السخرية والنكتة دون أن أفرط في واجباتي الدراسية، وكنت حريصا على المشاركة في مختلف المناسبات الدراسية والوطنية باسكيتشات وتمثيليات لن أنساها.
متى كان أول ظهور لك في التلفزيون؟
لم يكتب لي أن أسجل حضورا في التلفزيون رغم أنني كنت على وشك المشاركة في برنامج سباق المدن الذي كان يبث على القناة الأولى سنة 1987. كان برنامجا فنيا تنافسيا يسمى «سباق المدن»، وهو عبارة عن منافسة فنية بين المدن تتحدى فيه المدينة المستقبلة مدينة مغربية أخرى بفنانيها ومبدعيها غنائيا ومسرحيا بقالب تنشيطي مؤثر. شخصيا أذكر أن الكثير من الثنائيات الساخرة برزت في سباق المدن ومن الحي المحمدي برز ثنائي الصداقة، لكن للأسف في آخر لحظة لم تشارك عمالة ابن امسيك سيدي عثمان، وبالتالي حرمنا من الظهور في هذا الحدث. غير أن الفرصة ستتاح من جديد في برنامج تلفزيوني من إعداد وتقديم محمد عمورة، وأتذكر أن إحدى جاراتنا قالت لوالدتي «ولدك راه خدم في التلفزيون».