محمد اليوبي
بعد القرار الذي اتخذته مجموعة العمل المالي (GAFI)، بإجماع أعضائها، بخروج المملكة المغربية من مسلسل المتابعة المعززة لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كشف تقرير أنجزه فرع المجموعة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجود ثغرات في النظام المالي المغربي تسمح بتوظيف النقود الافتراضية في عملية إجرامية لغسل الأموال المشبوهة.
وحسب تعريف بنك المغرب فإن العملة الافتراضية هي وحدة حساب مخزنة على دعامة إلكترونية، ولا يتم إحداثها من قبل حكومة أو اتحاد نقدي معين، بل تنشئها مجموعة من الأشخاص الذاتيين أو المعنويين بغرض تسوية المبادلات المتعددة الأطراف للسلع والخدمات بين أفراد هذه المجموعة، وقد تم إحداث العملات الافتراضية كبديل للعملات التقليدية، وطورت في البداية لدى المجموعات الافتراضية، لاسيما في إطار الألعاب عبر الأنترنت، وقد تعددت هذه العملات تعددا ملحوظا وتوسع نطاق استعمالها، حيث أصبحت تستخدم حاليا في القطاع الحقيقي.
وحذر بنك المغرب من استخدام النقود الافتراضية في المغرب نظرا للمخاطر المرتبطة بهذا الاستعمال، باعتبار استخدامها نشاطا غير مقنن، وتتجلى هذه المخاطر في غياب أية تدابير لحماية المستهلك، وحماية قانونية لتغطية الخسائر في حال حدوث عجز في منصات التبادل، وعدم وجود إطار قانوني خاص لحماية مستعملي هذه العملات ارتباطا بالمعاملات المنجزة، لاسيما في حالة السرقة أو الاختلاس، وتقلب سعر صرف هذه النقود الافتراضية مقابل عملة ذات رواج قانوني، وإمكانية حدوث تغيرات كبرى في أسعار الصرف سواء نحو الارتفاع أو نحو الانخفاض في وقت وجيز جدا وبشكل غير متوقع، وكذلك استخدام هذه العملات لأهداف غير مشروعة أو إجرامية، خاصة في غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى عدم احترام القوانين الجاري بها العمل، لاسيما ما يتعلق منها بأسواق الرساميل وقانون الصرف.
وأكد تقرير التقييم المتبادل الذي أنجزته مجموعة العمل المالي الدولية، أن المغرب لم يقم بتحديد مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تتعلق بالمنتجات الجديدة على الصعيد الوطني. ومن ناحية أخرى فإن النصوص التشريعية لم تنص على أي موجب قانوني يفرض على كل من قطاع التأمين وسوق الرساميل ومكاتب الصرف اتخاذ تدابير لتحديد وتقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي قد تنشأ عن تطوير منتجات جديدة وممارسات مهنية جديدة، كما أن المؤسسات المالية ليست ملزمة أيضاً بتقييم المخاطر قبل إطلاق، أو استخدام المنتجات أو الممارسات، أو التقنيات، أو باتخاذ تدابير مناسبة لإدارة هذه المخاطر وخفضها.
وأشار التقرير إلى أن السلطات المغربية عالجت بعض أوجه القصور المحددة في تقرير المتابعة المعززة الثالث، حيث قامت بعدة اجراءات منها اعتماد النسخة الثانية من التقييم الوطني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب في عام 2021، وقد تم تعميمه لكافة الجهات المعنية للأخذ بنتائجه، والعمل على توحيد فهم المخاطر وقد تضمن تحليل مخاطر استعمال التكنولوجيات الحديثة وتقنيات الأنترنت (الجرائم السيريانية)، والمخاطر المرتبطة بالعالم الافتراضي الأصول الافتراضية فقط، ولم يتضمن مخاطر أنشطة أو عمليات مزودي خدمات الأصول الإفتراضية، كما اصبحت كافة الجهات المالية ملزمة بتحديد وتقييم مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي قد تنجم عن تطوير منتجات وممارسات تجارية جديدة، بما فيها آليات التوزيع الجديدة واستعمال التكنولوجيا الجديدة المرتبطة بمنتجات جديدة.
وأكد التقرير أنه بالرغم من المجهودات المبذولة لتلافي أوجه القصور، إلا أن النسخة الثانية من التقييم الوطني لم تتضمن مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي قد تنشأ فيما يتعلق بتطوير منتجات وممارسات مهنية جديدة ( بما في ذلك الوسائل الجديدة لتقديم الخدمات، وتلك التي تنشأ عن استخدام تقنيات جديدة أو قيد التطوير، فيما يتعلق بكل من المنتجات الجديدة والموجودة سابقا)، كما لم تتضمن أيضا مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب المرتبطة بأنشطة أو عمليات مزودي خدمات الأصول الافتراضية، وعلى الرغم من تعزيز مراقبة الأصول الافتراضية وتحديد المتداولين فيها، ولكن لم يتم فرض عقوبات مناسبة على المخالفين. علاوة على ذلك، لم يتحصل فريق المراجعة من السلطات المغربية على سند قانوني أو تشريعي يفيد حظر التعامل في الأصول الافتراضية بشكل مباشر، عدا وجود منشورات وبلاغات لتوعية المؤسسات المالية والعموم بتلك المخاطر المترتبة على تلك الأصول (دون المخاطر ذات الصلة بأنشطة أو عمليات مزودي خدمات الأصول الافتراضية). كما لم تقدم السلطات ما يفيد متابعة تطبيق حظر تلك العملات أو تقديم توعية أو البلاغات لسلطات إنفاذ القانون أو النيابة العامة في كيفية التحقيق في مثل تلك الجرائم، أو تطبيق عقوبات متناسبة عليهم. وفيما يتعلق بالتعاون الدولي، أشار التقرير إلى هناك جهود لتبادل المعلومات، لكنها لم تشمل بعد الأصول الافتراضية ومقدمي خدماتها.
وكان مكتب الصرف قد أصدر منشورا، أكد من خلاله أنه في إطار المهام الرقابية الموكولة له، لاحظ المكتب في الفترة الأخيرة إقبال بعض الأشخاص الذاتيين والمعنويين على التعامل بما يسمى النقود الافتراضية أو يعلنون قبولهم التعامل بها في معاملاتهم المالية، وشدد المكتب على أن المعاملات بهذه النقود الافتراضية يشكل مخالفة لقانون الصرف الجاري به العمل ويُعَرِّضُ مرتكبيها للعقوبات والغرامات المنصوص عليها في النصوص ذات الصلة.
وأشار مكتب الـصرف إلى أن التعامل بهذه النقود الافتراضية يشكل خطرا على المتعاملين بها لكونها نقودا افتراضية لا تتبناها الجهات الرسمية ويبقى دائما أصحابها الأصليون مجهولي الهوية، مبرزا أن مصالحه تقوم بتنسيق مع مصالح بنك المغرب والتجمع المهني لأبناك المغرب من أجل متابعة كل التطورات المتعلقة بالنقود الافتراضية.