خرجت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية تحث المغاربة على أخذ الاعتبار من كارثة زلزال الحوز، والتوقف عند الدلالات والعبر التي ينبغي للإنسان المؤمن أن يستخلصها من مثل هذه الفواجع، داعية جميع المغاربة إلى التمسك بحبل الله المتين ومراجعة النفس. خلف هذا الخطاب الدعوي، الذي يختبئ وراء الحمولة الدينية، ينسى هذا الفاعل أنه حزب سياسي كان على رأس السلطة لمدة عشر سنوات، وهو من عليه، قبل غيره، أن يأخذ العبرة من التهاون والفشل الذي جعل عالمنا القروي بدون طرقات وبدون بنية تحتية وبدون كهرباء، وبيوت آيلة للسقوط وبدون بنية للسائل والتطهير وبدون أدنى شروط العيش الكريم.
ينسى حزب العدالة والتنمية أن وزراء الحزب دبروا لما يناهز عشر سنوات وزارة التجهيز والنقل، بدون أن تصل الطرقات المعبدة إلى عشرات بل المئات من الدواوير في الحوز وتارودانت وغيرها من المناطق التي نجت من الزلزال، ويكفي أن نرى ما تبثه القنوات العمومية والعالمية من صور وفيديوهات لمناطق منكوبة يستحيي المرء أن يقول إنها تنتمي لبلدنا.
ينسى حزب العدالة والتنمية، في غمرة حماسه، أنه كان يملك رئاسة الحكومة لعشر سنوات لم يسبق لأي حزب أن قضاها، كانت كافية لإعادة بناء عشرات الآلاف من المساكن المبنية بشكل بدائي في العالم القروي، والتي خلفت اليوم آلاف الضحايا بعد سقوطها على أصحابها.
ليس المغاربة من عليهم الاعتبار، فذلك قدر الله وقضاؤه الذي لا راد له، بل الأحزاب السياسية والمسؤولين من عليهم الاعتبار وطلب العفو من الله والمغاربة، مما صنعت أيديهم من كوارث جعلت المواطن الفقير في المغرب العميق أكبر ضحية، فيما يعيش وزراء العدالة والتنمية وغيرهم من وزراء الحكومات السابقة في بحبوحة من العيش يتمتعون بمعاشات استثنائية ووزارية.
في الحقيقة، فإن آخر من يمكنه التعليق على تداعيات زلزال الحوز هو من كان في السلطة ردحا من الزمن دون أن ينقذ العالم القروي من العزلة والتهميش واللاتنمية، فلو كانت لدينا طرق معبدة وكهربة تنير الدواوير وماء صالح للشرب ومجار للتطهير لكانت تداعيات الزلزال أخف ولاستطاعت فرق الإنقاذ والمحسنون والمتطوعون الوصول إلى الدواوير المتضررة في حينه.
لكن لا شيء تحقق من ذلك، في حكومة العدالة والتنمية ولا غيرها، لذلك على السياسيين والمسؤولين الذين دبروا الشأن العام أن يلزموا الصمت ويستحيوا قليلا مما فعلت أيديهم بنصف المغرب الذي جاء قدر الله، رغم شدته، ليذكرنا بمعاناة المغرب العميق، ولعلها ضارة نافعة أن تتحول هاته الكارثة الإنسانية التي ألمت بأهالينا في المداشر والدواوير إلى نقطة تحول حقيقية تضمن كرامة المواطن القروي بعد عقود من الاستغلال السياسي وفشل السياسات المجالية.
هي سبعون سنة من ما يسمى بالاستقلال المشروط تداولت عليه جميع الدكاكين الحزبية لذلك لا يجوز تغطية الشمس بالغربال و توجيه اللوم لدكان واحد من بين الدكاكين ليحظر المثل الشعبي المغربي هنا
” جميع أولاد عبد الواحد واحد “
نعم، العدالة والتنمية يتحمل جزء من المسوولية في تدبير الشان العام لمدة عشر سنوات، ولكن كان من الضروري ذكر ان الأطراف الاخرى المشاركة في هذه الحكومتين كانت تشكل الأغلبية وكانت تسيطر على الوزارات التي لها مفاتيح التنمية كالمالية والصحة والتعليم مثلا اضافة الى وزراء السيادة،
فان كان من اللوم فالحكومات المتتالية مند الاستقلال تتحمل هذه المسوولية لان ما افسده الزمان في ستين سنة لا يمكن للعطار ان يصلحه في عشر سنوات خصوصا وان هذا العطار (العدالة والتنمية) لم يكن يحكم لوحده