استبعاد تدخل الناتو بأوكرانيا ودعوة تركية إلى قمة لبحث الأزمة
واشنطن تقدم مساعدات مادية ومعدات حرب بعيدة الأمد لكييف
21 مارس، 2022
بعد طلباتها المتكررة من الدول الغربية من أجل الانضمام إلى الناتو، اقتنعت أوكرانيا بأنها مرفوضة وفقدت الأمل في هذا الخيار. زيادة على ذلك، تأكد أن الناتو لن يتدخل عسكريا في الحرب على الأراضي الأوكرانية مهما كانت الظروف. وفي المقابل، أكدت أمريكا أنها سترسل حزمة مساعدات مادية ومعدات حرب تتكون من أسلحة ذات طراز عال وبعيدة الأمد. فيما دعت تركيا روسيا وأوكرانيا إلى قمة لبحث الأزمة بينهما ومحاولة التوصل إلى حل مشترك.
سهيلة التاور
أكد المستشار الألماني أولاف شولتس، أول أمس الخميس، أن حلف شمال الأطلسي «الناتو» لن يتدخل عسكريا في أوكرانيا، جراء الهجوم الروسي.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده شولتس مع أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، في العاصمة الألمانية برلين.
وقال شولتس إنه «من المستبعد» أن يتدخل الناتو عسكريا بشكل مباشر في أوكرانيا، لوقف التدخل العسكري الروسي فيها.
كما رفض المستشار الألماني الدعوات المطالبة بتدخل الحلف في أوكرانيا، من خلال إرسال قوات حفظ سلام أو فرض منطقة حظر طيران. وأضاف: «أود أن أكون واضحا للغاية، (حلف) الناتو لن يتدخل عسكريا (في أوكرانيا)».
فيما تعهد المستشار الألماني بإرسال مزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، مشيرا إلى مواصلة بلاده تضامنها مع كييف.
وتابع قائلا: «نحن (ألمانيا) نقدم الدعم المالي والمساعدات الإنسانية وكذلك المعدات العسكرية (لأوكرانيا)، وسنواصل القيام بذلك».
من جانبه، قال ستولتنبرغ إن دول الحلف ستواصل مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها، لكنها لن تتخذ خطوات قد تؤدي إلى نشوب صراع أوسع.
وأضاف: «تقع على عاتق الناتو مسؤولية منع تصعيد هذا الصراع أكثر، إذ سيكون ذلك أكثر خطورة ويسبب المزيد من المعاناة والموت والدمار».
وطالب ستولتنبرغ روسيا بوقف تدخلها العسكري في أوكرانيا على الفور والعودة إلى طاولة المفاوضات.
أوروبا تتسلح
قدمت الحكومات الأوروبية للحكومة الأمريكية وشركات الصناعات الدفاعية، قائمة مشتريات من الأسلحة تشمل طائرات مسيرة وصواريخ وأنظمة دفاع صاروخي، في وقت جدّد فيه الهجوم الروسي لأوكرانيا الطلب على العتاد الأمريكي.
وقالت مصادر مطلعة إن ألمانيا، التي اقتربت من صفقة لشراء 35 طائرة مقاتلة F-35 من شركة لوكهيد مارتن، طلبت أنظمة دفاعية مضادة للصواريخ الباليستية.
في الوقت ذاته، قال مسؤول حكومي بولندي هذا الأسبوع إن وارسو تريد على عجل شراء أنظمة ريبر المتطورة للطائرات المسيرة من الولايات المتحدة.
وتتوالى الطلبات أيضا من دول أخرى في شرق أوروبا، حيث يحرص الحلفاء على امتلاك أسلحة استخدمتها أوكرانيا بنجاح ضد القوات الروسية، حسب مصدرين مطلعين، منها صواريخ «ستينغر» المضادة للطائرات وصواريخ «جافلين» المضادة للدبابات.
وتأتي هذه الطلبات في ظل تعزيز أوروبا ميزانيات الدفاع لمواكبة مشهد أمني يزداد غموضاً مع تعهُّد ألمانيا والسويد والدنمارك، ضمن دول أخرى، بزيادة كبيرة في الإنفاق.
وقالت مارا كارلين، مساعدة وزير الدفاع الأمريكي، الأسبوع الماضي، بعد جلسة في الكونغرس تحدثت فيها عن «العدوان الروسي الذي يهدد وحدة أراضي أوروبا»، إن الحلفاء الأوروبيين «يضاعفون» إنفاقهم الدفاعي.
وقال مصدر إنه بسبب اشتراط موافقة الولايات المتحدة على بيع الشركات الأمريكية الأسلحة لحكومات أجنبية، فإن إدارة التعاون الأمني الدفاعي بوزارة الدفاع (البنتاغون) تعقد اجتماعات أسبوعية لفريق إدارة الأزمة الأوروبية لمراجعة طلبات محددة تتعلق بالوضع الحالي في أوكرانيا.
وللإسراع في إصدار الموافقة الحكومية الأمريكية على المبيعات ونقل الأسلحة التي ينتجها المصنعون الأمريكيون، أعاد البنتاغون تشكيل فريق للتعامل مع الطلبات المتزايدة.
وقال مسؤول رفيع بمجال الدفاع: «تستعرض وزارة الدفاع الخيارات لتلبية احتياجات أوكرانيا واستبدال المخزونات الأمريكية المستنفدة سريعاً وإعادة تزويد الحلفاء والشركاء بالمخزونات»، مضيفاً أن البنتاغون يعمل مع الشركات المصنعة لإيجاد سبل «تخفيف قيود التوريد وتسريع الجداول الزمنية للإنتاج».
وتنتج شركتا «رايثيون تكنولوجيز» و«لوكهيد مارتن» معاً صواريخ جافلين، فيما تصنع رايثيون صواريخ ستينغر. وأدَّى احتمال تزايد الطلب على مبيعات جميع أنواع الأسلحة منذ بدء الغزو في 24 فبراير إلى ارتفاع سهم لوكهيد 8.3% وسهم رايثويون 3.9%.
وقال رئيس رايثيون التنفيذي توم لاليبرتي، إن الشركة تدرك «الحاجة الملحَّة إلى تجديد المخزونات المستنفدة من جافلين وستينغر».
مساعدات أمريكية
قرر الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء، تقديم حزمة من المساعدات العسكرية الجديدة بقيمة مليار دولار وإرسال أسلحة ذات مدى أبعد إلى أوكرانيا، مؤكدا على دعم الولايات المتحدة «غير المسبوق» لحليفتها في حربها مع روسيا.
ويشمل التمويل الذي تم إقراره في وقت تضيق القوات الروسية الخناق على العاصمة الأوكرانية المحاصرة كييف، مبلغا قدره 200 مليون دولار تم تخصيصه نهاية الأسبوع، إضافة إلى 800 مليون دولار كتمويل جديد ضمن حزمة مساعدات أقرها الكونغرس الأسبوع الماضي.
وقال بايدن «هذه تحويلات مباشرة للمعدات من وزارة دفاعنا إلى الجيش الأوكراني لمساعدته في وقت يقاتل ضد هذا الغزو». كما أعلن عن مساعدة أمريكية لأوكرانيا للحصول على «أنظمة إضافية مضادة للطائرات بمدى أبعد».
أسلحة ذات طراز عال
تضمنت حزمة المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا التي أعلنها الرئيس الأمريكي جو بايدن100 طائرة مسلحة دون طيار من طراز (سويتشبليد).
وتختلف المُسيّرات (سويتشبليد)عن أي طائرات أمريكية دون طيار بفضل حجمها الصغير نسبيًا حيث يبلغ طولها أقل من 24 بوصة (61 سم)، وتزن حوالي 6 أرطال (2.7 كغم).
وكانت الطائرة التي تصنعها شركةAeroVironment In ضمن ترسانة الكوماندوز الأمريكية منذ إرسالها سرًا إلى أفغانستان في عام 2010 لاستخدامها ضد طالبان.
ويصف مسؤولون في الجيش الأمريكي المُسيّرة (سويتشبليد) بـأنها “بندقية طائرة” حيث تطلق من أنبوب مثل قذيفة هاون لتصطدم بالأهداف بقوة.
من جانبه، وصف مسؤول دفاعي أمريكي كبير، في تصريحات لوكالة بلومبرغ الطائرة بأنها “سلاح قوي يوجّه لكمات عنيفة، ويمكن وضعها في حقيبة ظهر، وتكلفتها أقل من 6 آلاف دولار”.
ويوجد نظامان من مُسيّرات (سويتشبليد)، الأول (سويتشبليد 300)، ويمكنه الطيران لمدة تصل إلى 15 دقيقة، والثاني (سويتشبليد 600)، وهو الأكثر فاعلية ضد الأهداف المدرعة حيث يمكنه الطيران لمدة 40 دقيقة.
ويمتاز النظامان بوجود مجسات على متن الطائرة، ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لتحديد الأهداف بدقة بجانب ميزة “الموجة” بحيث يمكن للمشغلين من البشر وقف أي هجوم في حال ظهور عناصر مدنية بالقرب من الهدف أو إذا انسحب العدو.
ولم يستطع المسؤول الأمريكي تحديد ما إذا كان أحد النظامين أو كلاهما سيتم إدراجهما في الطائرات المخصصة لأوكرانيا.
وفي السياق، صرح ميك مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتس، بأن المسيرة “تم تصميمها لقيادة العمليات الخاصة الأمريكية، وهي بالضبط نوع أنظمة السلاح التي يمكن أن يكون لها تأثير فوري في ساحة المعركة”.
دعوة إلى قمة في تركيا
بحث الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في اتصال هاتفي، أول أمس الخميس، مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، مستجدات الأزمة الأوكرانية، والوضع الإنساني على الأرض.
وقال الرئيس التركي، خلال الاتصال، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء التركية «الأناضول»، إن حل بعض القضايا قد يتطلب لقاء على مستوى القادة، حيث جدد عرضه لنظيره الروسي لاستضافة قمة بين بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في إسطنبول أو أنقرة لإيجاد حل للأزمة، معربا عن رغبة بلاده في تحقيق نتائج إيجابية من المحادثات بين الطرفين.
كما أكد أردوغان أن إعلان وقف دائم لإطلاق النار سيمهد الطريق أمام حل طويل الأمد في أوكرانيا، مشيرا إلى أن تركيا تحافظ على نهجها الصادق منذ البداية لضمان تحقيق سلام بين روسيا وأوكرانيا.
ولفت إلى أن التصعيد العسكري لن يفيد أي طرف، وأنه يجب إعطاء فرصة للدبلوماسية، مشددا على ضرورة مراعاة الوضع الإنساني في أوكرانيا، وتفعيل الممرات الإنسانية بشكل نشط في كلا الاتجاهين.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعرب، منذ يناير الماضي، عن تطلع بلاده إلى عقد لقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بأسرع وقت.
مطالب بوتين
كان إبراهيم كالين، كبير مستشاري أردوغان والمتحدث باسمه، من بين عدد قليل من المسؤولين الأتراك الذين استمعوا إلى المكالمة بين الرئيس الروسي والتركي. وتنقسم مطالب الرئيس الروسي إلى فئتين.
المطالب الأربعة الأولى، بحسب كالين، ليست صعبة للغاية لتفي بها أوكرانيا، أهمها أن تقبل كييف بضرورة أن تكون محايدة وألا تتقدم بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو». وقد أقر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بهذا بالفعل.
كما توجد مطالب أخرى في هذه الفئة، يبدو أنها في الغالب مطالب تحفظ ماء الوجه بالنسبة للجانب الروسي.
ومن بين تلك المطالب أنه يتعين على أوكرانيا قبول عملية نزع سلاح للتأكد من أنها لا تشكل تهديدا لروسيا، كما يجب أن تتوافر حماية للغة الروسية في أوكرانيا، وما أطلق عليه «اجتثاث النازية».
ويعد ذلك مسيئا جدا لزيلينسكي، فهو يهودي وبعض أقاربه ماتوا في الهولوكوست، بيد أن الجانب التركي يعتقد أنه سيكون من السهل على زيلينسكي قبول هذا المطلب، وربما يكفي أن تدين أوكرانيا جميع أشكال النازية الجديدة وتتعهد بتضييق الخناق عليها.
أما الفئة الثانية من المطالب فهي الفئة الصعبة، إذ قال بوتين، خلال اتصاله الهاتفي، إنه يرغب في إجراء مفاوضات وجها لوجه مع زيلينسكي قبل التوصل إلى اتفاق بشأن هذه النقاط. وكان زيلينسكي أعلن بالفعل استعداده للقاء الرئيس الروسي والتفاوض معه.
وكان كالين أقل تحديدا بشأن هذه القضايا، إذ قال ببساطة إنها تتعلق بوضع دونباس، في شرقي أوكرانيا، التي انفصلت مناطق منها بالفعل عن أوكرانيا والتشديد على هويتها الروسية، ووضع شبه جزيرة القرم.