علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط تقترب من حسم ملف الهجرة السرية والاتجار في البشر الذي تفجر بتمارة، قبل ثلاث سنوات، بعد إحباط عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لمحاولة تهجير حوالي 135 مرشحا إلى أوروبا، يحملون جنسيات آسيوية وإفريقية ومغربية، بعد ضبطهم مكدسين في منزل بحي المسيرة 2 وسط المدينة، تحت رعاية مافيا متخصصة في الهجرة السرية معظم أبطالها من آسيا وإفريقيا، من جنسيات فلبينية وبنغالية وقمرية وكاميرونية.
وأكدت مصادر «الأخبار» أن الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية استمعت أخيرا إلى حوالي 23 متهما في هذا الملف يتابعون في وضعية اعتقال، بينهم سيدة تحمل جنسية فلبينية، وقد أحضرت المحكمة مترجمين متخصصين، بالنظر إلى وجود متهمين من جنسيات مختلفة بآسيا وإفريقيا، حيث جرى استنطاقهم حول تفاصيل الجرائم المنسوبة إليهم، في أخطر جريمة سجلت في مجال الهجرة السرية والاتجار بالبشر، من حيث استعداداتها وانفتاحها على عشرات المرشحين من جنسيات مختلفة، واستقدامهم إلى مدينة تمارة وتكديسهم في منزل، قبل الشروع في نقلهم عبر حافلات إلى مواقع بحرية بالغرب والشمال المغربي من أجل تهجيرهم إلى أوروبا، وهي العمليات التي فطنت إليها عناصر الاستخبارات، وتمكنت مصالح الفرقة الوطنية من إحباطها بيقظتها المعهودة.
وتوجت التحريات التي باشرتها الفرقة الوطنية حول هذا الملف بإحالة 13 متهما على أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط، بينهم 11 مغربيا وأجنبيان يحملان الجنسية الفلبينية والبنغالية، قبل أن تطيح التحريات نفسها بعشرة متهمين آخرين، بينهم مغاربة وأشخاص يحملون الجنسية الكاميرونية والبنغالية والقمرية، وذلك بالقرب من محطة القطار بالقنيطرة، بسبب ارتباطهم بهذه الشبكة الإجرامية، حيث تم اقتيادهم إلى مقر الفرقة الوطنية من أجل اخضاعهم للبحث اللازم، قبل إحالتهم على النيابة العامة المختصة وقاضي التحقيق، الذي استنطقهم في وضعية اعتقال بشكل مفصل حول حيثيات الجرائم المنسوبة إليهم.
وكشفت المصادر ذاتها لـ«الأخبار» أن التحقيقات أطاحت كذلك بصاحب الشقة، الذي قام بكرائها لمتزعمي شبكة التهجير بمبلغ ناهز 10 آلاف درهم شهريا، من أجل احتضان المرشحين الوافدين من مختلف المدن المغربية، وقد تم إيداعه السجن رفقة عشرة مغاربة وأجنبيين من جنسية آسيوية، وسط أخبار عن تصريحات خطيرة أدلى بها للمحققين تسائل السلطات المختصة، التي عجزت عن رصد هذه الفضيحة والمشاركين فيها.
وأوضحت المصادر نفسها أن الواقعة الغريبة التي وضعت سلطات تمارة في وضع حرج، بعد أن كشفت التحريات أن أكثر من 135 مرشحا للهجرة السرية من جنسيات آسيوية هندية وبنغالية وكذا مغربية نجحوا في التواري عن أعين السلطات المحلية والإقليمية، مند دخولهم عبر أفواج وفي أوقات متفرقة، حيث استقروا بحي يعج بالحركة، دون أن تحرك السلطات وأجهزة المراقبة المختصة ساكنا، وهو ما يجعلها موضع انتقادات لاذعة، خاصة أن شهود عيان أكدوا أن سيارات فارهة من نوع «كات كات» كانت تتردد على المنزل المذكور ليلا، يرجح أنها كانت تنقل مدبري العملية في إطار التفاوض مع المرشحين الآسيويين لتنفيذ عمليات الهجرة، قبل أن يتم إحباط إحداها، بعد إيقاف حافلة كانت متجهة صوب مدينة طنجة وعلى متنها حوالي 40 بنغاليا، وهي الواقعة التي شكلت منطلقا للبحث، انتهى بتفجير الفضيحة في وجه السلطات الإقليمية بتمارة، بعد العثور على أكثر من 135 مرشحا من دول آسيوية محتجزين داخل منزل بحي المسيرة، في انتظار تهجيرهم بعد أن دفعوا الملايين لسماسرة مغاربة وفلبيني وبنغالي وإفريقي، من أجل تمكينهم من العبور إلى أوروبا عبر الواجهة الشمالية.