رفضت محكمة الاستئناف بالرباط ملتمس السراح المؤقت، الذي تقدمت به هيئة دفاع الإمام المتابع بسنتين حبسا نافذا من طرف المحكمة الابتدائية بتمارة، بعد اتهامه بالتهديد بارتكاب جناية وبث وتوزيع أقوال ومعلومات وصور شخص قاصر دون موافقته. وتقرر تأجيل البت في القضية للمرة الثانية على التوالي، حيث حدد لها تاريخ 18 أكتوبر الجاري، من أجل إعداد الدفاع وإحضار المتهم من السجن لمثوله حضوريا أمام هيئة الحكم.
جلسة أول أمس، التي عرفت مواكبة إعلامية وحقوقية كبيرة، سبقتها جلسة أخرى عقدت، قبل أسبوعين، وتم تأجيلها نزولا عند رغبة الإمام الذي قبل محاكمته عن بعد، شريطة حضور هيئة دفاعه، قبل أن يتخذ القرار بضرورة إحضاره إلى قاعة المحكمة ودعوة دفاعه إلى إعداد المرافعات، من أجل تجهيز الملف وحسمه.
وكانت المحكمة الابتدائية بتمارة قد أصدرت، في 15 شتنبر الماضي، حكما يقضي بإدانة الإمام (س. أ)، المشرف سابقا على مدرسة الرحمة العتيقة بأفركط، التابعة لإقليم كلميم، بالحبس النافذ لمدة سنتين، وغرامة مالية قدرها 10.000 درهم، وهو الحكم الذي أثار لغطا كبيرا وسط حقوقيين وزملاء المتهم.
وتعود تفاصيل هذه القضية إلى شهر غشت الماضي، عندما اعتقلت المصالح الأمنية بتمارة الإمام المعني، بعد انتقاله من كلميم إلى الرباط للاحتجاج أمام منزل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بضواحي عين العودة، حيث تم إيقافه وعرضه مباشرة على النيابة العامة، وإخضاعه لجلسة محاكمة انتهت بإدانته بالحبس النافذ لمدة سنتين.
وكانت قضية الإمام المعزول وإدانته بالحبس النافذ قد أثارت جدلا حقوقيا وإعلاميا كبيرين، بعد اعتصامه أمام مقر سكنى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في إطار مطالب بتحسين وضع القيمين الدينيين، حيث سبق لـ«أسرة المساجد والتعليم العتيق» أن ذكرت في بيان لها أن «الإمام والأستاذ ومدير مدرسة التعليم العتيق بكلميم، سعيد أبو علين، اعتقل ظلما وتعسفا».
كما وصفت قرار وزارة الأوقاف بعزله وإنهاء تكليفه بكونه «تعسفيا»، بدون «سبب موضوعي وعقلاني، إلا لنشاطه في الدفع بالملف المطلبي لأسرة المساجد وأطر التعليم العتيق المزاولة في إطار القانون الإداري»، قبل أن تدعو إلى «الحوار مع أسرة المساجد وأطر التعليم العتيق»، مؤكدة أن «الاهتمام بها واجب وطني وأخلاقي؛ في ظل إمارة المؤمنين».
من جهتها، كانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قد أنهت تكليف الإمام سعيد أبو علين من إمامة مسجد الرحمة بجماعة أفركط بإقليم كلميم، بسبب ما وصفته بـ«إخلال بالتزامات القيم الديني»، عقب صدور تسجيل صوتي له قالت الوزارة إنه «يحرض فيه الأئمة على مزاولة العمل النقابي»، ويتضمن «دعوة صريحة وتحريضا بين الأئمة على الإخلال بالتزاماتهم».
وأوضحت مصادر من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن اعتقال الإمام ومتابعته لا علاقة لهما بشكاية الوزارة، بل بتعليمات من النيابة العامة عقب اعتصامه أمام منزل وزير الأوقاف، والتقاط صور دون ترخيص تضم أفرادا من عائلة الوزير. وأضافت المصادر نفسها أن الإمام لم ينجح في اجتياز امتحان الإمامة، الأمر الذي لم يخول إدماجه، كما يتم مع 75 في المائة من الأئمة، علما أن نسبة 25 في المائة تنتقى من أسلاك الإجازة المرتبطة بالعلوم الشرعية، تقول المصادر ذاتها من وزارة الأوقاف.