أسدلت استئنافية الدار البيضاء الستار على واحدة من أطول المحاكمات المرتبطة بالفساد المالي التي عرفها المغرب، والمتعلقة باختلالات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي قدرت بالملايير.
فمنذ سنة 2011، حين انطلقت محاكمة مجموعة من المتهمين بشبهة الفساد المالي وتبديد أموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بناء على ما رصدته لجنة برلمانية، شكلها مجلس المستشارين، من خروقات، أصدرت محكمة الاستئناف، الجمعة، حكما بتأييد تلك الصادرة ابتدائيا عام 2016 في حق المتهمين باختلاس أموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث قضت بالحبس الموقوف التنفيذ، فيما أضافت إليها محكمة الاستئناف الأحكام المطالبة بإعادة المبالغ المالية والمقدرة بملايير الدراهم إلى خزينة الدولة.
وبمجموع 11مدانا، كانت لدى غالبيتهم مسؤوليات بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أصدرت محكمة الاستئناف أحكاما باسترجاع ما مجموعه 31,9 مليار درهم، موزعة على الشكل التالي:
الحكم على علي بعدي، بإعادة 13,9 مليار درهم، ومحمد عبد المومن 10 مليارات درهم، وأبوزيد مصطفى ومحمد عدلتني والعربي الزياني وأحمد الخياطي بإعادة، بشكل تضامني، ما مجموعه 7,44 مليار درهم.
إضافة إلى ذلك، حكمت استئنافية الدار البيضاء على مصطفى جبوري بإعادة 249 مليون درهم، وبنعيسى لبيض بإعادة 100 مليون درهم، وسعيد بريولة 82 مليون درهم، ثم محمد الورديغي 32 مليون درهم،
أما المتهم الرئيسي في هذه القضية، وهو رفيق حداوي، المدير العام السابق للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فقد تمت إدانته بإعادة كل المبالغ المحكوم بها على بقية المدانين، وذلك بشكل تضامني، ما يعني أنه المسؤول المباشر قانونيا على إعادة كل المبالغ المحددة.
ولتأمين استرجاع كل هذه الملايير، قضت المحكمة بالحجز على ممتلكات المدانين بما يتناسب وقيمة المبالغ المحكوم بإعادتها إلى خزينة الدولة.
وكانت اللجنة البرلمانية التي شكلها مجلس المستشارين قبل نحو 18 عاما، قد قدرت مجموع الخسائر التي طالت الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي جراء سوء الإدارة والتدبير والاختلاس، بحوالي 115 مليار درهم.
كما رصد تقرير اللجنة البرلمانية حالات تبديد الأموال العمومية وأخرى تتعلق بالاختلاس المباشر وغير المباشر وسوء التوظيف واستغلال النفوذ، وذلك طيلة الفترة الممتدة من تاريخ إنشاء الصندوق وإلى غاية عام 1992.
كما أكد ذات التقرير على أن عملية الاستطلاع والمراقبة التي أجرتها اللجنة توقفت عند حقيقة مفادها صرف المسؤولين على الصندوق لما مجموعه 47,7 مليار درهم، دون سند قانوني ولا وثائق ثبوتية، وصرف مبالغ مالية مبالغ فيها في صفقات، إضافة إلى تمرير تعويضات غير مبررة، ثم الكسب غير المشروع.
إضافة إلى ذلك، شدد ذات التقرير على أن تبديد هذه الأموال فوّت على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فرصة تنمية مداخليه بما لا يقل عن 67,7 مليار درهم، كان من الممكن ضخها في حسابات الصندوق لو تم استثمار الـ47,7 مليار درهم المهدورة.