شوف تشوف

الرئيسية

ارتفاع حالات كورونا بالأكاديميات والمديريات يضاعف تحديات تدبير مباراة التوظيف الجديدة

تنظم الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، بحر هذا الأسبوع، مباراة لتوظيف 17 ألف إطار، منها 15 ألفا خاصة بأطر التدريس، والعدد المتبقي لملحقي الإدارة والاقتصاد والدعم التربوي والاجتماعي. الأكاديميات تراهن في هذه المحطة على إعادة تجربتها الناجحة في تدبير الامتحانات الموحدة إبان فترة الجائحة، لكن يبقى التحدي التدبيري لهذه المحطة فوق كل التحديات التي تم تسجيلها في محطتي الامتحانات، خصوصا مع تحول مؤسسات تعليمية وكذا مصالح وأقسام في بعض الأكاديميات إلى بؤر وبائية.

مباراة «عادية» في ظروف «غير عادية»

الرقم القياسي في عدد المناصب المبرمجة في مباراة توظيف أطر الأكاديميات هذه السنة فرض إجراءات خاصة في ظل الظرفية الاستثنائية التي يعيشها المغرب بسبب فيروس «كوفيد 19»..، حيث تم اعتماد برتوكول خاص يعتمد جزء منه على الإجراءات الناجحة التي تم اتخاذها في تنظيم الامتحانات الموحدة للباكلوريا، وجزء منه تم تركه للأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية لتدبير هذه المحطة الحساسة، بحسب حجم انتشار الوباء جهويا ومحليا.

المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي ظهرت على هامش انتشار الجائحة، ومنها تلك المتعلقة بالوضعية الخاصة التي يعيشها مستخدمو المدارس الخصوصية، رفعت معدلات الترشح إلى مستويات قياسية، حيث تجاوز عدد المرشحين 200 ألف مرشح، موزعين على تخصصات وهيئات مختلفة.

هذا الرقم الضخم سيتم توزيعه، بالتنسيق مع السلطات المحلية، على مراكز المباريات، وهي عبارة عن مؤسسات تعليمية متعددة لتقليص إمكانيات تنقل المرشحين خارج مناطق سكناهم. وأيضا تقليص أعداد المترشحين في القاعة الواحدة إلى نصف العدد المعتاد في السنوات الماضية، لحمايتهم وحماية الأطر الإدارية والتربوية التي ستتم تعبئتها لإنجاح هذه المحطة.

تنظيم مباراة بشقيها الكتابي والشفوي معا، وفي ظل هذه الظرفية الخاصة، يرى فيه متتبعون أنه تحد كبير كان يمكن، تحت مسمى الاستثناء، الاكتفاء بمقابلات شفوية أو اختبارات كتابية فقط. والإصرار على تنظيمها بشكل عادي في ظرف غير عادي لا يمكن، حسب هؤلاء المتتبعين، إلا أن يكرس مبادئ في قطاع التربية والتكوين، لطالما كانت شبه مفقودة في محطات تدبيرية وتربوية سابقة، وعلى رأسها تكافؤ الفرص والغلبة للكفاءة والاستحقاق.

الوجه الأبرز لهذه المحطة هو أن العديد من الأكاديميات سجلت على مستوى العديد من المؤسسات التعليمية وكذا المصالح والأقسام إصابات في صفوف الموظفين، وهو ما يعني أن المئات من الموظفين على صعيد بعض الأكاديميات الكبرى هم في حكم المخالطين، لكون مؤسساتهم التعليمية مغلقة، وتعتمد التعليم عن بعد فقط، أو لكون بعض الموظفين في بعض المكاتب مصابين. وتبقى محطة الاعتكاف التي يخضع لها بعض الموظفين لاستنساخ وطبع الاختبارات من المحطات ذات الأهمية البالغة، لكون كل أوراق الامتحانات التي سيتم توزيعها على المترشحين ستمر بين أيديهم، وهو الأمر الذي فرض إجراءات خاصة في فحص المعتكفين والتأكد من سلامتهم قبل مباشرة عملهم.

معايير جديدة في انتقاء الأفضل

الاكتفاء باختبار واحد بدل اختبارين، كان خيار وزارة أمزازي للحد من انتشار فيروس كورونا، خصوصا وأن الموعد المحدد للمباراة سيعرف حركية غير عادية للمترشحين بين أقاليم الجهة الواحدة، وأيضا بين الجهات. لذلك ارتأت الوزارة أن تحد من انتشار الفيروس عبر تنظيم الشق الكتابي للمباراة في فترة زمنية تتراوح بين 4 و3 ساعات. يليه الشق الشفوي بالنسبة للناجحين، يمتد لنصف ساعة وفق برمجة دقيقة تمنع ازدحام المترشحين أمام قاعات مراكز المباريات.

وتكمن المفاجأة، حسب متتبعين، في أن الوزارة اختارت التركيز على التخصصات وديداكتيكها فقط دون علوم التربية ومستجدات التربية والتكوين. وهذا الاختيار ينتصر للعديد من الملاحظات التي سجلها مفتشون ومكونون، طالبوا فيها الوزارة بالتركيز على التخصص أولا، بعد تسجيل ملاحظات تهم ضعف بعض الناجحين في التخصصات.

الوزارة رافقت إعلان المباريات بتوصيفات تهم المجالات التي سيشملها الشق الكتابي للمباراة، وفيها يظهر جليا أن الرهان سيكون على تمكن المرشحين من الكفايات المعرفية الخاصة بممارستهم لمهنة التدريس وكذا مهن الملحقين الإداريين والتربويين والاجتماعيين بكفاءة عالية. ويلي هذا الشق الكتابي، شق شفوي للناجحين سيتم فيه اختبار الاستعدادات وكذا الكفايات التواصلية والمنهجية الواجب توفرها في المدرسين. وذلك باعتماد شبكة خاصة للتنقيط تمت صياغتها لهذا الغرض، والتي يقوم أعضاء لجان المباريات بتعبئتها.

الناجحون بشكل نهائي سيخضعون لتكوين نظري مدته ثمانية أشهر ابتداء من دجنبر القادم في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين. وسيستفيدون طوال هذه الفترة من منحة في حدود 1400 درهم شهريا. تليها فترة تدريب أخرى بعد تعيينهم في المؤسسات التعليمية، وهذه الفترة تنتهي باجتيازهم الكفاءة التربوية، وبالتالي ترسيمهم كأطر للأكاديميات، يرتبون وفق الترتيب الذي يخضع له جميع موظفي وزارة التربية الوطنية.

وحملت المباراة الجديدة مستجدا، يتمثل في توظيف ألفين من ملحقي الإدارة والدعم التربوي والاجتماعي. فرغم مرور سنوات على بدء الحديث عن توظيف مساعدين اجتماعيين على صعيد المؤسسات التعليمية، إلا أنه ظل حديثا مناسباتيا تحييه بعض الأحداث العنيفة وغير التربوية التي تشهدها بعض المؤسسات التعليمية بين الفينة والأخرى، وسرعان ما يخفت بعد ذلك، خصوصا الأحداث التي يكون التلاميذ طرفا فيها، من قبيل تعنيف الأساتذة أو الإداريين.

عن كثب:

عن تجربة «الإدْجَاجْ» ودروسها

اتخذ وزير التربية الوطنية سعيد أمزازي قرارا مهما يُسند بموجبه التكوين المستمر للمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بدل الأكاديميات. هذا القرار ينسجم تماما مع تقرير حول مهن التربية أصدره المجلس الأعلى قبل سنتين، يحدد بوضوح مهام مراكز التكوين سابقة الذكر في التكوين الأساس والتكوين المستمر ثم البحث العلمي. هذا القرار جاء في سياق تنزيل القانون الإطار، الذي يتحدث لأول مرة في تاريخ التعليم المغربي عن إلزامية التكوين المستمر بالنسبة لجميع الموظفين، بحيث سيصبح هذا النوع من التكوين محددا رئيسيا للمسار المهني للموظف، خصوصا في الترقيات وتولي المهام ومناصب المسؤولية.

فإذا عدنا إلى مختلف التقييمات التي خضع لها ما يعرف بالبرنامج الاستعجالي، فإننا سنجد أن التكوين المستمر حوله بعض المسؤولين إلى ما يسمى مجازا بـ«الدجاج التي تلد ذهبا». من هنا ليس غريبا وصف هذا النوع من التكوين حينها بـ«الإدجاج». أولا بسبب هيمنة أكلات الدجاج على جميع الوجبات المُعَدَّة للمُكوِّنين، وثانيا لاشتقاقه من «بيداغوجيا الإدماج» التي اتخذها القيميون على البرنامج الاستعجالي مقاربة بيداغوجية رسمية. لذلك ظهر أغنياء جدد من عدم إبان هذا البرنامج، بسبب صفقات التغذية والتجهيزات والمعدات التي تطلبها تنفيذ برامج التكوين المستمر. وأغلب هؤلاء «الأغنياء الجدد» تم إعفاؤهم بالعشرات ثلاث سنوات بعد النهاية الرسمية للبرنامج الاستعجالي، لكن لم تتم مساءلتهم أو محاسبتهم عن الثروات الخيالية التي جنوها إبان تدبيرهم للتكوين المستمر وصفقاته المربحة. مع الإشارة هنا إلى أن هذا تم بأمر من بنكيران وبتنفيذ من صديقه محمد الوفا.

فمثلما تم استدراك العديد من الهفوات التدبيرية التي سقط فيها البرنامج الاستعجالي في المشاريع الحالية لتنزيل القانون الإطار، وخصوصا تخفيف هيمنة القرار الإداري المركزي في تنفيذ هذه المشاريع، فإنه تم استدراك الأمر أيضا بخصوص التكوين المستمر، حيث تم منحه لمؤسسات متخصصة في التكوين، ليس فقط بسبب بنيتها البشرية المؤهلة علميا ومهنيا، ولكن أساسا بسبب هيكلتها الإدارية والتنظيمية والتي يتم تدبيرها بمجالس منتخبة ذات تمثيلية ديموقراطية حقيقية، مما يعني أن هذه المراكز لها من الإمكانات التنظيمية ما يجعلها تجسد كل قيم الحكامة الجيدة في تدبير مشاريع التكوين المستمر.

ليس القصد هنا تزكية الوضع الذي تعيشه المراكز الجهوية الآن، إذ ماتزال تعاني من مشكلات متفاوتة، بعضها مرتبط بالبنية التحتية وبعضها مرتبط بذهنيات في الإدارة المركزية ماتزال تدبر هذه المراكز كـ«مزرعات خاصة». لكن المؤكد حتما هو أن توطين التكوين المستمر إلى جانب التكوين الأساس في المراكز الجهوية يبقى قرارا حكيما يتطلب حزمة إجراءات شجاعة قِوامها الاعتراف، وأهمها الاعتراف بها كمؤسسات للتعليم العالي غير تابعة للجامعات، وهذه الصفة كفيلة بأن تحولها أيضا إلى مراكز رائدة في مجال البحث العلمي، البيداغوجي والديداكتيكي. وما توظيف عشرات من أساتذة التعليم العالي أخيرا بهذه المراكز إلا دليل على أن الخطوة الصعبة تم القيام بها فعليا، وأن الخطوات المتبقية تقنية خالصة.

رقم:74

صنف مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية الصادر عن مؤسسة «Ef» المغاربة في المرتبة 74 عالميا، فيما استطاع التونسيون حجز المرتبة 54 والجزائريون 81. ووفق التقرير الصادر عن المؤسسة المذكورة، فمستويات إتقان اللغة الإنجليزية ترتفع لدى الإناث بنسبة 58.25 في المائة مقابل 55.63 في المائة لدى الذكور. وعن أسباب مستوى «التدني»، أوضح التقرير أن «قوى الاستعمار الأوروبية لطالما حافظت على علاقة وطيدة مع إفريقيا، خاصة فرنسا؛ لكن الدولة التي تقود الموجة الأحدث من الاستثمارات الأجنبية في القارة حاليا هي الصين». ويوصي التقرير بضرورة «التوقف عن هذه الممارسة» لأن عددا بارزا من الأبحاث أظهر أن الأطفال الذين لم يتم تعليمهم القراءة والكتابة باللغة الأم يعانون من مساوئ دائمة؛ و«رغم هذا، تستمر كافة دول إفريقيا تقريبا في استخدام اللغات الاستعمارية كلغة للتعليم، باستثناء إثيوبيا وإريتريا وتنزانيا». يشار إلى أن هولندا تصدرت قائمة إتقان الإنجليزية متبوعة بالدنمارك ثم فنلندا فالسويد والنرويج والنمسا، ثم البرتغال فألمانيا، تليها بلجيكا وسنغافورة.

 

تقرير:

أمزازي في «تمنار» لمحاربة الهشاشة في صفوف المئات من شباب المنطقة

ترأس سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، ورئيس الجماعة الترابية لتمنار، رئيس مؤسسة إبراهيم أضرضور للتربية والتنمية، وبحضور الكاتب العام لقطاع التكوين المهني الكاتب العام لقطاع التربية الوطنية، بجماعة تمنار، حفل التوقيع على اتفاقية شراكة لإحداث قرية الدعم والتكوين.

وتتوخى اتفاقية الشراكة الموقعة تحقيق أهداف كثيرة، منها التكوين المهني من أجل التشغيل؛ التوجيه والمواكبة من أجل الإدماج السوسيومهني للشباب والنساء، عن طريق مساعدتهم على بناء مشاريعهم الشخصية؛ دعم الشباب المؤهل من أجل التشغيل الذاتي.

وتنص هذه الشراكة الأولى من نوعها في إقليم الصويرة، على تحويل قرية مهرجان أركان بتمنار إلى قرية للدعم والتكوين، بالعالم القروي «VAR». حيث تلتزم الوزارة، بموجب هذا المشروع، بتوفير التمويل اللازم، وكذا مواكبة وتتبع إنجاز المشروع في مختلف مراحله، والتقييم المنتظم للمشروع قصد الارتقاء بمردوديته وتحسين جودته.

وبخصوص «مؤسسة إبراهيم أضرضور للتربية والتنمية»، فإنها تلتزم، بموجب الاتفاقية نفسها، بتجهيز قرية الدعم والتكوين بما في ذلك إحداث قاعة متعددة الوسائط، وتوفير جميع المعدات والوسائل المعلوماتية والمكتبية الكفيلة بتسيير المشروع، وتوفير عرض متنوع من الشعب المهنية بما يساير سوق الشغل، والإسهام في تنمية القدرات المهنية للنساء في مجال إعداد المنتوجات المجالية سعيا إلى تثمينها وطنيا ودوليا، والسهر على تنظيم فترات للتداريب العملية لصالح المستفيدين والمستفيدات داخل الورشات الحرفية والمقاولات المهنية.

وجاء حفل التوقيع الذي ترأسه سعيد أمزازي في سياق زيارة قام بها الوزير لجهة مراكش آسفي، وشملت المحطة الأولى زيارة مدرسة الصقالة، حيت تمت معاينة سير برنامج العمل الإقليمي لمشروع «تمكين الأطفال في وضعية إعاقة ووضعيات خاصة من التمدرس» وزيارة «مركز الموارد للتأهيل والدعم»، والاطلاع على أنشطة المركز وسير الدراسة بالمؤسسة. أما المحطة الثانية من برنامج اليوم الثاني للزيارة الميدانية لإقليم الصويرة فهمت مدرسة أبي ذر الغفاري، من أجل معاينة سير برنامج العمل الإقليمي للمشروع رقم 1 «المتعلق بالارتقاء بالتعليم الأولي وتسريع وتيرة تعميمه». وكانت فرصة أيضا لزيارة مركز التعليم الأولي بالمؤسسة والاطلاع على عملية الإعداد للتناوب اللغوي ضمن البرنامج الإقليمي للمشروع رقم 8 الذي يهم تطوير النموذج البيداغوجي. فضلا عن تدشين العديد من المؤسسات التعليمية بالعديد من جماعات جهة مراكش آسفي، والتوقيع على اتفاقيات.

محمد الدريج*

* باحث جامعي في التربية والتكوين

الواقع أنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، سلط الضوء على المدارس الدينية وكليات الشريعة وعموم المناهج والكتب المدرسية.. في عدد من البلدان، قصد إعادة النظر في مناهجها والكتب التي تعتمدها، فأغلق البعض خوفا من تخريج أصوليين، مما فتح الباب لاحقا أمام إعادة تقييم مادة التعليم الديني نفسها حتى في المدارس غير الدينية.

ونالت كتب التاريخ والتربية الوطنية حصتها. فألغيت مادة «القضية الفلسطينية» في بعض المقررات، وأيضا استبدل اللباس العسكري لتلاميذ المدارس بلباس أزرق أو زهري بحسب المرحلة الدراسية، وبدا الجميع وكأنه في سعي حثيث لنفي تهمة العنف عنه. ووزعت دول أخرى حصص التعليم الديني على عدة مراحل دراسية، بدل تركيزها في المراحل الابتدائية، كما أدخلت مادة الرياضة للبنات في المدارس الحكومية على غرار أقرانهن من الذكور.

تعديل المناهج.. قرار داخلي

دافعت وزارات التربية والتعليم في دول عربية عن قرارها تعديل المناهج، نافية تعارضها مع الثوابت الدينية والقومية والوطنية مؤكدة أنها قرار داخلي غير خاضع لأي إملاءات خارجية.

ولعبت منظمات دولية تابعة للأمم المتحدة مثل اليونسكو واليونيسيف، دورا بارزا في هذه التعديلات، كأن أوصت بإدخال دروس عن حقوق الإنسان والطفل والمرأة، وإخضاع الأساتذة لدورات تدريبية لتضمين الحصص حوارات ومناقشات داخل الفصول، من أجل ترسيخ مفاهيم الديموقراطية والعدالة وحقوق الإنسان وتحرير المرأة..

إن هذه الدعوات إلى الإصلاح والتطوير، ومهما كانت منطلقاتها، تتفق في نهاية التحليل، على ضرورة أن يكون التغيير المنشود في برامجنا التعليمية وأهدافنا التربوية، ذاتياً ونابعاً من متطلبات الواقع ومن احتياجات مجتمعاتنا العربية ومطامحها نحو السلم والتقدم والوحدة.

إننا نعتقد في ضرورة أن تبقى مناهج التعليم في أنظمتنا، فضلاً عن تفتحها على الغير ودعوتها إلى ترسيخ قيم التعاون والتسامح والازدهار، حريصة كل الحرص على مواجهة كافة المخاطر والتحديات التي تتعرض لها الأمة العربية، وفي مقدمتها الخطر الثقافي والمتمثل في الغزو الثقافي والفكري من الداخل والخارج وفرض الرأي الواحد والنموذج الحضاري الواحد والوحيد، وتكريس المعتقدات وأنماط السلوك الغربي، خاصة في مظاهرها السلبية والمنحرفة وبصفة أخص في توجهاتها نحو الهيمنة والسيطرة. ولتلك المخاطر، بطبيعة الحال، آثارها السلبية في الشخصية العربية – الإسلامية وعلى الفكر العربي ويمكن أن تُؤدي في النهاية إلى عزل الوجود العربي وتهميش دوره ومسخ مشروعه الحضاري وتطلعاته نحو الوحدة والسلم والرخاء.

التطوير المطلوب

أصبح التحدي القيمي والثقافي ملازماً للأمة العربية في حربها ضد الجهل والفقر والمرض. ولقد كان دائماً هدف الغرب هو نقل وفرض قيمه وأفكاره على الوطن العربي، بل وعلى العالم بأسره، انطلاقاً من قناعته بأن القيم والثقافة العربية والإسلامية تعطي للعالم العربي والإسلامي صفة التميز الحضاري، كما أن القيم والثقافة الفرانكفونية على سبيل المثال، تعطي لفرنسا وللعالم الناطق بالفرنسية، صفة تميزه الحضاري عن العالم الأنجلوسكسوني أو الأمريكي اللاتيني أو الهندي أو الصيني… إننا نؤمن بضرورة التنوع والاختلاف وتعدد المحاور والأقطاب.

ولا يعني قولنا هذا أن مناهج التعليم والبرامج والكتب المدرسية المعمول بها في الوطن العربي، في غير حاجة للتطوير والتحديث بل بالعكس إنها بحاجة لمراجعة عميقة وشاملة.

إلا أن التطوير المطلوب لابد وأن يستهدف تعزيز قدرات الطفل على التفاعل المبدع مع العصر وتمثل مكتسباته العلمية والتكنولوجية، والتعاطي العقلاني والموضوعي مع مختلف القضايا وذلك بإدراك الدلالة الحقيقية لمبادئ ديننا الحنيف، الإسلام، والتشبع بقيمه ومثله العليا. ويكون الإنسان في فكره وعمله نبراسا يقتدى به، لما يمتاز به من كفاءة وإبداع وقدرة على التفاعل والمشاركة الإيجابية في مواجهة التحديات وبناء الحضارة الإنسانية، على أسس من العدل والمساواة واحترام الآخر ورفض كل أشكال العنف والهيمنة والطغيان. فضلا عن التميز بسمو الخلق والثقة بالنفس والاعتزاز الواعي بتاريخنا وبموروثنا الحضاري.

فلا أحد ينكر إذن، في عالمنا العربي، ضرورة تعديل مناهج التعليم وتطوير الطرق والاستراتيجيات التعليمية الملائمة، بحيث تتواءم مع احتياجات العصر الحديث والتقدم العلمي والتكنولوجي الذي يجتاح العالم في مختلف مناحيه. لكن تعديلاً ينحو لإنكار حقائق التاريخ وتحريف ما يمكن تحريفه خدمة لمصالح غريبة ونفي لكل ما قامت عليه الفلسفة التربوية للأمة، من قيم ومثل عليا ومبادئ عبر تاريخها المجيد، نقول إن تعديلاً مثل هذا مرفوض.

الأكاديميات ستتعاقد مع خبراء مركزيين بناء على مشاريع تُدبَّر بالنتائج

تعرف وزارة التربية الوطنية جملة تحولات تهم ثقافة وأسلوب تدبير ملفاتها المختلفة، وقد بدا هذا واضحا في الطريقة الجديدة كليا التي سيتم بها تنزيل مشاريع القانون الإطار، حيث ستلعب الأكاديميات الجهوية دورا محوريا في المرحلة القادمة، خلافا للمراحل السابقة، والتي كانت فيها ثقافة التدبير في الإدارة المركزية تناقض كلية توسيع صلاحيات الأكاديميات وترسيخ جهوية حقيقية في تدبير القطاع. وكان من أصداء هذه الثقافة الجديدة تخصيص 98 في المائة من ميزانية القطاع لسنة 2021 للأكاديميات. وهو ما سيمهد الطريق لترسيخ ثقافة حقيقية للتعاقد بين الخبراء المركزيين للوزارة والأكاديميات بدل ثقافة الوصاية التي سادت لعقود.

ويبدأ سؤال التنفيذ..

حملت النسخة الأولية من حافظة المشاريع الخاصة بتنزيل القانون الإطار للتربية والتكوين مستجدات هامة تعكس بداية ظهور ثقافة تدبيرية جديدة في القطاع. وكان من تجلياتها مشروع ميزانية القطاع، والذي تم فيه تفويض الجزء الأكبر من الميزانية للأكاديميات، مع اجتهاد يهم المبالغ المخصصة للتسيير والاستثمار. حيث بدا واضحا أن المرحلة القادمة من تنزيل هذه المشاريع ستؤسس لعلاقة جديدة بين الأكاديميات والإدارة المركزية، لتكوين علاقة مبنية على التعاقد والتشارك الفعلي بدل علاقة الوصاية التي كانت سائدة لعقود في القطاع.

وقد بدا هذا واضحا في مداخلات سعيد أمزازي في مختلف اجتماعات التنسيق التي ترأسها، حيث أكد على ما أسماه «الالتزام وفق مقاربة مبنية عل مبدأ المسؤولية المشتركة ونهج العمل التشاركي وترسيخ ثقافة التدبير بالنتائج وربط المسؤولية بالمحاسبة، بأجرأة المحطات المقبلة لتنزيل مشاريع القانون الإطار والمتمثلة في استكمال إرساء لجن القيادة الجهوية والإقليمية وفرق المشاريع وتفعيل أدوارها وتأطيرها وتقوية قدراتها وتتبع عملها، وكذا تصريف لوحة القيادة الوطنية إلى لوحة قيادة جهوية وأخرى إقليمية لضمان متابعة منتظمة لتفعيل المشاريع على كافة مستويات المنظومة»، وأيضا «اعتماد منظومة تدبير المشاريع «رائد» كآلية أساسية تستثمر في جميع محطات تدبير المشروع، إلى جانب الحرص على إيصال المشاريع إلى قلب المؤسسات التعليمية من خلال مشروع المؤسسة وإيلاء الأهمية القصوى للتدابير التي لها أثر مباشر على تحسين تعلمات التلاميذ باعتبارها المؤشر الحقيقي الذي تقاس به مردودية المنظومة، فضلا عن تحقيق التعبئة الجماعية والشاملة والمتواصلة طيلة مسار تنزيل مشاريع القانون الإطار 51-17».

وهذا يعني أن العلاقة بين الأكاديميات والإدارة المركزية ستدخل مرحلة جديدة، حيث تفيد مصادر الجريدة بأن الخبراء المركزيين لن يكونوا في المرحلة القادمة في موقع سلطة في مخاطبة الأكاديميات بل متعاقدين يتم التعاقد معهم بناء على دفاتر تحملات واضحة.

التعاقد بدل الوصاية

حسب المذكرة التي تضم حافظة المشاريع، والتي تم التوقيع عليها يوم 18 شتنبر الماضي، فإن الأمر يتعلق بـ18 مشروعا تستحضر الاختيارات الاستراتيجية والأهداف الأساسية للقانون الإطار. مقسمة على ثلاثة مجالات، هي مجال الإنصاف وتكافؤ الفرص، ويضم 7 مشاريع، ومجال الارتقاء بجودة التربية والتكوين ويضم 7 مشاريع، ثم مجال الحكامة والتعبئة ويضم 4 مشاريع. وتم توزيع هذه المشاريع على المديريات والوحدات المركزية، حيث كلفت مديريات ووحدات: الوحدة المركزية للتعليم الأولي، ومديرية الاستراتيجية والتخطيط والإحصاء والمديرية المكلفة بالدعم الاجتماعي ومديرية المناهج ومديرية التربية غير النظامية، والوحدة المكلفة بتأهيل المؤسسات التعليمية، ومديرية التعاون والارتقاء بالتعليم المدرسي الخصوصي بالمجال الأول الخاص بالإنصاف وتكافؤ الفرص. أما مجال الارتقاء بجودة التربية والتكوين فقد كلفت به مديريات ووحدات: الوحدة المركزية لتكوين الأطر والمركز الوطني للتجديد التربوي والتجريب والمديرية المكلفة بالحياة المدرسية، ومديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية، والمركز الوطني للتقويم والامتحانات والوحدة المركزية للتوجيه المدرسي والمهني وأخيرا مديرية مشروع جيني. وأما مجال الحكامة والتعبئة فتم وضع مشاريع تحت تصرف: مديرية الموارد البشرية وتكوين الأطر، مديرية الشؤون العامة والميزانية والممتلكات، ومديرية الشؤون القانونية والمنازعات، والمديرية المكلفة بتدبير مجال التواصل وأخيرا مديرية إدارة منظومة الإعلام.

وحسب المذكرة التي تتوفر الجريدة على نسخة منها، فإن تنزيل هذه المشاريع سيتم وفق العديد من العمليات خصص لكل منها زمن محدد، أولى هذه العمليات هي «تحيين الصيغة المؤقتة لحافظة مشاريع تنفيذ القانون الإطار»، وهي العملية التي تم الانتهاء منها نهاية شتنبر الماضي، والعملية الأخيرة، والتي تحمل رقم 12 هي «انعقاد المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في أواخر شهر نونبر». والغرض منها سيكون المصادقة على البرنامج الجهوي لتنزيل القانون الإطار، وأيضا برنامج العمل 2021-2023. حيث طلب من الأكاديميات أن تعد قبل 20 أكتوبر القادم مشاريع المخططات الجهوية لتنزيل القانون الإطار.

يذكر، في هذا السياق، أنه سبق لوزير القطاع سعيد أمزازي، أن قدم بداية شتنبر عرضا حول سير الدخول الدراسي 2021-2020 وتقدم ورش تنزيل مقتضيات القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، في ظل حالة الطوارئ الصحية. وقال أمزازي إن الدخول التربوي الحالي يأتي في سياق خاص تطبعه وضعية وبائية مقلقة وغير مستقرة على غرار باقي دول العالم، مشيرا إلى أنه «بالرغم من ذلك فقد واصلت الوزارة تنزيل برنامج العمل الملتزم به أمام صاحب الجلالة نصره الله ومقتضيات القانون الإطار 51.17 المتعلق بإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وتنفيذ البرنامج الحكومي». وشدد أمزازي، حينها، أن وزارته عملت «على تأمين الحق الأساسي والدستوري في التمدرس من خلال رفع تحدي انطلاق الموسم الدراسي في 7 شتنبر الحالي وتنظيم الامتحانات المؤجلة برسم الموسم الدراسي 2020- 2019 في ظروف آمنة خلال شهر شتنبر الحالي وبداية شهر أكتوبر المقبل وكذا ترصيد ومواصلة مجهود السنة الماضية في ما يتعلق باعتماد آلية التعليم عن بعد وذلك في ظل استمرار تداعيات جائحة كورونا – كوفيد 19 ومع استحضار العواقب الوخيمة التي يمكن أن تمس التحصيل الدراسي للمتعلمات والمتعلمين».

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى