توقف وتعثر إنجاز الصفقات لفائدة مؤسسات عمومية وجماعات ترابية
محمد اليوبي
في ظل ارتفاع الطلب العالمي على السلع، على إثر انتعاش اقتصاد العديد من البلدان بعد أزمة جائحة كورونا، يعرف السوق الوطني ندرة في بعض المواد الأولية وارتفاع أسعار مواد أخرى بشكل مهول، ما أصبح يهدد العديد من المقاولات بالإفلاس، وخاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة، سيما المقاولات التي حصلت على صفقات من إدارات ومؤسسات عمومية وجماعات ترابية.
وأوضح سفيان الإدريسي، عضو الجامعة الوطنية للبناء والأشغال العمومية، وعضو غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة فاس- مكناس، في اتصال مع «الأخبار»، أن عددا كبيرا من المقاولات التي حصلت على صفقات عمومية، في وقت سابق، وجدت نفسها في ورطة حقيقية لأنها تواجه ندرة في المواد الأولية وارتفاع أسعارها من جهة، كما تواجه ضرورة إنجاز أشغال هذه الصفقات داخل الآجال المحددة في دفاتر التحملات، خاصة في قطاع البناء والأشغال العمومية، وهو ما يجعل هذه الصفقات مهددة بالإفلاس، كما أن أصحابها مهددون بالسجن في حال عدم تدخل الحكومة لإيجاد حل منصف للجميع.
وأشار الإدريسي إلى أنه بعد التوقف الكلي بسبب أزمة كورونا، انخفضت الأسعار بشكل كبير، خلال فترة الأزمة والحجر الصحي، ما دفع بالعديد من المؤسسات والإدارات العمومية والجماعات الترابية إلى الإعلان عن صفقات، فازت بها مقاولات صغرى ومتوسطة، وبعد مرور سنة تم التأشير على الميزانيات الخاصة بهذه الصفقات، وإصدار الأوامر للمقاولات بالشروع في الأشغال، وتزامن ذلك مع موجة ارتفاع أسعار كل المواد على الصعيد العالمي، وانعدام بعضها في السوق، من قبيل بعض مواد البناء والمواد الأولية المستعملة في الأشغال العمومية، التي أصبح بعضها منعدما في السوق، ومواد أخرى تضاعف ثمنها ثلاث مرات.
وأكد الإدريسي أن قانون الصفقات العمومية يلزم المقاولات بإنجاز الأشغال داخل الآجال المحددة في دفاتر التحملات، وأبرز أنه في حال إنجاز الأشغال في ظل هذه الظروف فإن كلفة الإنجاز سترتفع إلى أكثر من قيمة الصفقة، رغم أن قانون الصفقات العمومية ينص على مراجعة الأثمان سواء ارتفعت الأسعار أو انخفضت لكن في حد لا يتجاوز 5 %، لكن هذه المراجعة غير متكافئة مع نسبة ارتفاع الأسعار التي وصلت إلى 300 % بالنسبة لبعض المواد، ما سيؤدي إلى خسائر بالنسبة للمقاولات في حال إنجاز أشغال الصفقات، أو الدخول في نزاع قضائي مع المؤسسات والإدارات والجماعات في حال عدم إنجاز الصفقات، وستكون النتيجة في كلتا الحالتين، حسب الإدريسي، هي إفلاس المقاولات أو توقف مشاريع ممولة من المال العام، وطالب، في هذا الصدد، بتدخل الحكومة لإيجاد حل، على غرار الدورية التي أصدرتها الحكومة السابقة للتساهل مع المقاولين أثناء فترة أزمة كورونا.
وكانت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، أكدت، في جلسة برلمانية، أنه على غرار باقي دول العالم بدأ ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ منذ أبريل 2021، وهذا بعد اتجاه سالب لتطور الأسعار خلال سنة 2020 على مستوى العالم، مشيرة إلى أن مؤشر الأسعار عند الاستهلاك في شتنبر الماضي بلغ 5.4 في المئة بالولايات المتحدة و3.4 بالمئة في منطقة الأورو.
وبشكل عام، تقول فتاح العلوي، فإن العوامل التي أدت إلى الارتفاع الحالي للأسعار عند الاستهلاك في العالم والمغرب تبقى مرتبطة بالظرفية ولديها طابع ظرفي يعود أساسا للانتعاش الاقتصادي الذي يعرفه العالم بشكل أقوى مما كان متوقعا، وللارتفاع الكبير الذي عرفته أسعار الطاقة، إلى جانب الاضطرابات المستمرة في سلاسل التوريد العالمية وحركة الملاحة الدولية.
وفي هذا السياق، أكدت أن اللجنة بين الوزارية المكلفة بالأسعار تشتغل بصفة منتظمة منذ أسابيع، وستكثف أشغالها لتجاوز هذه الظرفية من خلال محاربة كل الهوامش غير المبررة لتحديد الأسعار واتخاذ كل الإجراءات الضرورية لتحقيق الهدف الأسمى الذي تحرص الحكومة عليه والمتمثل في الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.