شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرسياسية

اختلالات ومعيقات تضعف دور الدبلوماسية البرلمانية

برلمانيون يتهافتون على سفريات ممولة من المال العام للتسوق والسياحة

تواجه الدبلوماسية البرلمانية المغربية العديد من الأعطاب والاختلالات التي جعلت دبلوماسية نواب الأمة لا ترقى إلى السرعة نفسها من الانجاز التي تمضي بها الدبلوماسية الرسمية على مستوى الملفات الوطنية والإقليمية والدولية.

ويسجل متتبعون للشأن البرلماني ضعف إمكانيات البرلمان المغربي في ممارسة العمل الدبلوماسي باحترافية وعدم قدرته على التصدي للتحركات المكثفة للبرلمانات والتنظيمات الدبلوماسية المعادية للوحدة الترابية، وهو الأمر الذي يربطونه بعوائق ذاتية ترتبط بمؤهلات البرلمانيين لممارسة النشاط الدبلوماسي، على اعتبار أن النشاط الدبلوماسي يتطلب الكفاءة والتجربة والتكوين الجيد في عدة حقول معرفية وفي جانب اللغات الحية.

ويعتبر المتابعون للشأن البرلماني أن مواصفات الدبلوماسي الناجح شبه غائبة لدى أغلبية أعضاء البرلمان، على اعتبار أن الفرق البرلمانية تركز على الانتخابات التشريعية وهاجس المقاعد دون الاكتراث بانتقاء النخب المؤهلة، بالإضافة إلى غياب معايير موضوعية لاختيار رؤساء مجموعات الصداقة البرلمانية وأعضاء الوفود البرلمانية التي تقوم بمهام دبلوماسية خارج أرض الوطن، لأن هذه الاختيارات تخضع في الغالب لترتيبات مسبقة لا تؤدي إلى انتقاء من يتوفر على مؤهلات أكثر، بل من يتوفر على نفوذ أكبر، خصوصا في عدد من اللجان التي ترتبط بالدبلوماسية وتشتغل على ملفات حساسة تهم القضايا الوطنية.

وبالإضافة إلى العائق الذاتي، هناك عوائق موضوعية تساهم في ضعف الدبلوماسية البرلمانية، تتجلى في ثلاثة مظاهر، يتعلق أولها بغياب التنسيق بين مجلسي البرلمان في مجال العمل الدبلوماسي وطغيان هاجس التنافس بدل التعاون، مما يؤدي إلى تشتت الجهود واختلاف المقاربات، وفي أحيان كثيرة اختلاف الخطاب السياسي وتناقض المبادرات رغم وحدة الأهداف، وهو ما يعتبر غير مقبول أمام شراسة خصوم المغرب وقوة حضورهم الدبلوماسي في المحافل الدولية.

ومن بين العوائق، كذلك، غياب أجندة محكمة للعمل الدبلوماسي البرلماني بتنسيق مع وزارة الخارجية لكونها على اطلاع دائم ومستمر على تقلبات مواقف الدول وعلى علم بنقط القوة والضعف في علاقات المغرب الخارجية. ويؤدي غياب التنسيق المسبق لبرمجة الأنشطة البرلمانية في الخارج إلى عدم إعطاء الأولوية للدول التي تحتاج العلاقات معها إلى دعم حقيقي وعدم مواكبة البرلمانيين للقضايا الكبرى للمغرب والنقاش الدولي، بالإضافة إلى هيمنة الطابع الظرفي على النشاط الدبلوماسي البرلماني وطغيان الطابع السياحي في عدد من الحالات، في غياب تنشيط مجموعات الصداقة البرلمانية بما يكفل تكثيف اللقاءات والحوار ومن ثم تعزيز العلاقات وتوثيقها.

بالإضافة إلى ذلك، لا تحدد أهداف كل مأمورية إلى الخارج بدقة ولا يتم انتقاء المشاركين بناء على معايير موضوعية، كإلمام البرلمانيين بالمواضيع المراد تناولها مع نظرائهم في البرلمانات المضيفة، ولا تراعى المؤهلات اللغوية من أجل التواصل الجيد مع هؤلاء، ولا يلزم المشاركون في البعثات بإعداد تقارير عن مهماتهم في الخارج تناقَش من طرف الأجهزة المختصة، وهو ما لا يسمح بتراكم التجارب في المجال الدبلوماسي وضمان الاستمرارية المؤدية إلى تتبع الملفات والقضايا ذات الطابع الدولي.

كما أن أغلب اللجان البرلمانية المشتركة مع برلمانات دول إفريقية، غير مفعلة، لأن جل البرلمانيين يفضلون السفريات نحو الدول الغربية أو أمريكا اللاتينية تحت غطاء «الدبلوماسية البرلمانية»، وحتى داخل هذه الدول، فإن البرلمان لا يواكب المعارك الكبرى التي يخوضها المغرب ضد خصوم وحدته الترابية، وتتحول المهام الدبلوماسية إلى فرصة للنواب البرلمانيين من أجل «السياحة» والتسوق من الأسواق التجارية الكبرى، بالإضافة إلى ممارسات أخرى تسيء لسمعة البرلمان المغربي، والأخطر من ذلك أن بعضهم لا يحضر الاجتماعات التي ذهبوا من أجلها بتمويل من المال العام.

ولمواجهة هذه الاختلالات والأعطاب، تم إطلاق برنامج التعاون في المجال الدبلوماسي بين وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ومجلسي البرلمان، حيث أبرز السفير المدير العام بوزارة الشؤون الخارجية، فؤاد يزوغ، دور البرلمان في مواكبة الدينامية التي تشهدها الدبلوماسية المغربية، خاصة في مجال العلاقات الثنائية في إطار مجموعات الصداقة البرلمانية، مشيرا إلى أن التنوع والتعدد في البرلمان المغربي «نقطة قوة» يجب استثمارها في الدفاع عن قضايا ومصالح المملكة.

وفي هذا الإطار، أوضح يزوغ أن أولويات الدبلوماسية المغربية تتجلى في الدفاع عن السيادة والوحدة الترابية للمملكة، ومؤسسات الدولة المغربية، وكذا النموذج المغربي الذي حافظ على استقراره وهيبته بفضل الإصلاحات التي قامت بها المملكة بقيادة الملك محمد السادس، فضلا عن إبراز الجانب المتعلق بالهوية والثقافة المغربية.

محمد اليوبي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى