محمد اليوبي
رصد تقرير خاص للمجلس الأعلى للحسابات وجود اختلالات في تدبير مؤسسة التعاون الوطني، خلال الفترة الفاصلة ما بين سنتي 2012 و2018، وهي الفترة التي كانت المؤسسة تحت وصاية وزيرتين من حزب العدالة والتنمية، وهما بسيمة الحقاوي، وجميلة المصلي، وأكد التقرير كل ما نشرته «الأخبار» حول هذه المؤسسة.
وحسب التقرير ذاته الذي أحيل على لجنة مراقبة المالية العمومية بمجلس النواب، فإن الموارد المالية للتعاون الوطني تتكون من مداخيل ميزانيته الخاصة وأخرى من صندوق دعم التماسك الاجتماعي، وكذلك من تمويلات الشركاء على المستوى الوطني والدولي، وقد بلغ مجموع موارد التعاون الوطني سنة 2018 ما يعادل 685 مليون درهم، أي بنسبة زيادة 18 في المائة مقارنة بالمبلغ المسجل سنة 2015. ويعود هذا الارتفاع بالأساس، إلى مداخيل الشراكات وكذا مداخيل صندوق دعم التماسك الاجتماعي. وتعتمد ميزانية هذه المؤسسة، أساسا على مساعدات الدولة، حيث تلقت سنويا مساعدات قارة تبلغ 384.4 مليون درهم، خلال الفترة 2012 – 2018، ما يمثل 75 في المائة من مجموع مداخيل الميزانية الخاصة للتعاون الوطني، إلى جانب الإيرادات والرسوم شبه الضريبية التي ارتفعت من77.1 مليون درهم سنة 2012 إلى 140 مليون درهم سنة 2018، أي بنسبة نمو بلغت 81 في المائة. وأبان تفحص الوضعيات الميزانياتية للتعاون الوطني، برسم الفترة موضوع المراقبة، وجود مبالغ مهمة باقي تحصيلها، ويصل مجموعها إلى أزيد من 200 مليون درهم سنة 2018، كما تتكون في معظمها، من مساعدات الدولة والمسجلة داخل الميزانية والتي لم يتم دفعها بعد.
وأكد التقرير نفسه أن نظام حكامة التعاون الوطني يعاني من مجموعة من النقائص على مستوى هيآت الحكامة، وآلياتها وهيكلة المؤسسة وكذا رؤيتها الاستراتيجية. ولوحظ على مستوى إدارة المؤسسة، شغور منصب المدير لمدة تزيد على سنتين، ما بين سنتي 2011 و2013، ولمدة ثمانية أشهر سنة 2018، إلى جانب عدم تعيين عدد من المسؤولين في المناصب الشاغرة لمدد طويلة، ما تسبب في ارتباك استمرارية الأوراش المفتوحة، وكذا التأخر في تنفيذ مخططات العمل والميزانيات.
أما على مستوى آليات الحكامة، فقد رصد التقرير وجود نقص في تفويض اتخاذ القرارات والتعاقد حول الأهداف مع المنسقيات الجهوية، إلى جانب نقص في التتبع والمراقبة والإبلاغ، الذي تجلى في عدم تفعيل كل من التدقيق الداخلي ومراقبة التسيير، وكذا الخلايا المحدثة للتحقيق على مستوى المنسقيات الجهوية، وفي قصور عمل المفتشية العامة.
كما لوحظت نقائص في التخطيط والتكاملية، حيث إن استراتيجية القطب الاجتماعي لم تكن موضوع تعاقد بين الوزارة والتعاون الوطني، ولم تتم صياغتها في مخططات عمل، إلى جانب غياب انسجام بين مخططات الطرفين، وعدم استمراريتها وملاءمتها. فضلا عن أن الاتفاقيات المبرمة، والتي تقوم مقام تفويض لتنفيذ أعمال واختصاصات الوزارة لمؤسسة التعاون الوطني، أفرزت غموضا وتداخلا في اختصاصات وصلاحيات الطرفين. هذا، ويغلب غياب التنسيق على الأعمال المنجزة من طرف المؤسسة، بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وفي ما يخص دعم ومراقبة ومواكبة مؤسسات الرعاية الاجتماعية، فقد لوحظ في هذا السياق وجود تباين التوزيع الجغرافي لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، إذ إن 6 جهات تضم أكثر من 78 في المائة منها، كما يتجاوز عدد منها طاقته الاستيعابية. هذا، إلى جانب غياب الترخيص لما يقارب 107 مؤسسات، بالإضافة إلى وجود نقص في عدد المؤطرين داخل مؤسسات الرعاية الاجتماعية، حيث إن 14 في المائة منها فقط تضم ما بين 18 و35 إطارا، إضافة إلى غياب تعاقد مع أطباء عامين أو بتخصصات ملائمة بالنسبة لغالبية المؤسسات، فضلا عن مستوى الأجور التي تؤدى لفئات عريضة من المستخدمين بها تقل عن الحد الأدنى للأجور، وغياب التغطية الصحية والتأمين في الشغل.
وسجل التقرير وجود اختلالات في تدبير المهام الممولة من طرف صندوق دعم التماسك الاجتماعي، وتتعلق هذه المهام بتفعيل البرنامج الحكومي للتكفل بالأشخاص في وضعية إعاقة، والذي موله صندوق دعم التماسك الاجتماعي بما يعادل 481,5 مليون درهم، خلال الفترة 2015- 2018. وتم رصد مجموعة من الملاحظات، تتعلق بمجالات تدخله الأربعة وتسييرها من لدن التعاون الوطني، ويتعلق الأمر بتركيز إحداثات مراكز استقبال الأشخاص في وضعية إعاقة بالمجال الحضري دون القروي، ومحدودية برنامج تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، وضعف بعض الخدمات الطبية وشبه الطبية، إلى جانب عدم ملاءمة التأطير المرصود لهذا التعليم والفضاءات المخصصة له، وكذا ضعف المراقبة التي يمارسها التعاون الوطني على الخدمات المقدمة من طرف الجمعيات، وكذلك عدم الملاءمة بين الطلبات المعبر عنها من المساعدات التقنية الموجهة إلى الأشخاص في وضعية إعاقة، وتلك التي يتم اقتناؤها، وعدم اعتماد تواصل مؤسساتي في توزيعها، بالإضافة إلى ضعف نسبة المشاريع المصادق عليها مركزيا، حيث لم تتعد 0,4 في المائة من تلك المودعة، إلى جانب طول آجال المصادقة على المشاريع، وثقل المساطر المعتمدة. هذا، إضافة إلى طول مدة إنجاز المشاريع، نظرا لعدم إمكانية تسوية بعض الإشكالات خلال مرحلة الإنشاء وصعوبة المواكبة.