محمد اليوبي
توصلت «الأخبار» بوثائق تكشف وجود اختلالات وخروقات تشوب الصفقات العمومية التي تطلقها جماعة «والماس» بإقليم الخميسات، التي يترأسها النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، محمد شرورو، كما أن اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية، التابعة للأمانة العامة للحكومة، أكدت وجود هذه الاختلالات من خلال قرار أصدرته، أخيرا، بشأن طعن تقدمت به شركات في طلب العروض المتعلق بأشغال بناء المحطة الطرقية.
وأفادت المصادر بأن ثلاث شركات إحداها في ملكية رئيس جماعة من حزب الرئيس، تحتكر جل الصفقات التي تعلن عنها جماعة «والماس» التي تعد من أغنى الجماعات الترابية، نظرا للمداخيل المالية المهمة التي تجنيها من منبع المياه المعدنية. وتشير الوثائق المتوفرة إلى أن هذه الجماعة أعلنت، خلال السنوات الأخيرة، عن العديد من الصفقات بالملايير من أجل إنجاز مجموعة من المشاريع بعضها يفوق حاجيات المنطقة.
وتؤكد المعطيات المتوفرة أن الصفقات التي تعلنها الجماعة تكون مخالفة بشكل صريح للمبادئ العامة المنصوص عليها في مرسوم الصفقات العمومية الصادر بتاريخ 20 مارس 2013، والتي وردت واضحة في المادة الأولى التي جاء فيها أن إبرام الصفقات العمومية يخضع لمبادئ حرية الولوج إلى الطلبية العمومية، والمساواة في التعامل مع المتنافسين، وضمان حقوق المتنافسين والشفافية في اختيارات صاحب المشروع.
وعلى سبيل المثال، أعلنت جماعة «أولماس» عن مشروع بناء محطة طرقية كانت موضوع طلب عروض مفتوح رقم 1/2023، ورغم الملاحظات التي قدمتها عدة مقاولات في مراسلات رسمية حول قانونية الصفقة، فإن رئيس الجماعة المعنية تعمد بصورة انتقائية تجاوز المقتضيات القانونية المتعلقة بالعرض التقني للشركات، وذلك من خلال المبالغة بخصوص حجم الآليات المطلوبة بشكل لا يتوافق مع طبيعة وحجم المشروع، وكذلك مطالبة الشركات المتنافسة بوثائق في العرض التقني تخص أشغالا غير منصوص عليها في طلب العروض.
وأوضحت المصادر أن محمد شرورو، رئيس المجلس الجماعي، طلب شواهد تكييف وتصنيف بخصوص أشغال ثانوية مرتبطة بالصفقة الأصلية إضافة إلى تلك المطلوبة في أشغال البناء وفق التشريع المعمول به، لكنه، بالمقابل، امتنع عن المطالبة بشواهد التكييف والتصنيف الخاصة بالكهرباء كما هي موضحة في ملاحق الصفقة، ما أثار شبهة حول تفصيل الصفقة على مقاس الشركة التي فازت بها.
وأقرت اللجنة الوطنية للطلبات العمومية، التابعة للأمانة العامة للحكومة، بوجود اختلالات في صفقة بناء المحطة الطرقية بجماعة «أولماس»، حيث أصدرت اللجنة رأيا بشأن طعن تقدمت به إحدى الشركات المتنافسة في أشغال غير منصوص عليها في طلب العروض. وأكدت اللجنة أن الجماعة لم يكن من حقها «مطالبة المتنافسين بتقديم شهادة التأهيل والتصنيف المتعلقة بأشغال البناء بالجبس والتي هي غير منصوص عليها في ملف طلب العروض ولا يوجد ثمن لها بجدول الأثمان وأن شكاية الشركة المشتكية مبنية على أساس».
هذه الخلاصة، حسب الوثائق، جاءت بناء على جملة من الاستنتاجات، منها أن الشركة المشتكية لم تتوصل بجواب واضح عن شكايتها بخصوص الاشتراط الانتقائي لشهادات التأهيل والتصنيف من طرف صاحب المشروع المتمثل في جماعة أولماس، من خلال رئيسها محمد شرورو، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة، كما أن المواصفات التقنية للأشغال المطلوبة في طلب العروض يجب أن تكون مرتبطة بأثمانها، وأن طلب شهادة التصنيف والتأهيل يرتبط وجوبا بحجم وأهمية الأشغال المطلوبة في الصفقة. وأحالت اللجنة الوطنية للصفقات العمومية في استنتاجاتها على المادة 4 من نظام الاستشارة التي حددت على سبيل الحصر الوثائق الواجب تقديمها في الملف التقني تطبيقا للمادة 28 من المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، والتي ينبغي أن تكون لها صلة مباشرة بتنفيذ الأعمال موضوع الصفقة.
وفي السياق ذاته أقرت اللجنة الوطنية بأن جماعة أولماس، بوصفها صاحبة المشروع، لا يحق لها، في حال اشتراط تقديم شهادات التأهيل والتصنيف، أن تطلب تقديم الوثائق نفسها – التي قدمها المتنافس للحصول على الشهادات المذكورة- في العرض التقني (الوسائل المادية والبشرية والشهادات المرجعية…). وأشارت اللجنة إلى أن الجماعة اشترطت القيام بأشغال بناء بمادة «الجبس» على مستوى الواجهة الأمامية للمشروع، لكن لا توجد أشغال خاصة بالبناء بهذه المادة، ولا وجود لثمن يقابلها في جدول الأثمان.
ويذكر أن الملف التقني تقدمه الشركات إلى وزارة التجهيز عند طلب تصنيف معين، وأن الوزارة هي الجهة التي تقوم بتصنيف المقاولات أما أصحاب المشاريع أيا كانت وضعيتهم وطبيعتهم فهم ملزمون فقط بطلب شهادة التصنيف دون إعادة طلب الملف التقني لأن النظر في الملف التقني ليس من اختصاصها.
وأكدت المصادر أن هذه المعطيات والوقائع تكشف الخفايا الحقيقية من وراء الصفقة، وكيف أن الطابع الانتقائي للشروط كان الهدف منه هو وضع صفقة على مقاس مقاولة بعينها، سيتضح ذلك عند فتح الأظرفة، إذ إن المقاولة الوحيدة التي تقدمت بعرض قيمته مليار و474 مليون سنتيم، وهو ما يمثل تجاوزا لقيمة الصفقة بـ 118.49%، لا تتوفر على تصنيف في ما يتعلق بأشغال الكهرباء، وبذلك يتضح السبب وراء استثناء ذلك التصنيف، أي أن الصفقة وضعت من البداية لتحصل عليها مقاولة بعينها، بل الأمر تجاوز ذلك إلى إضافة أموال عمومية أخرى للمقاولة المحظوظة.
والسؤال الذي يطرحه المواطنون في «أولماس»، يتعلق أصلا بجدوى بناء محطة طرقية بقيمة تقترب من 20 مليون درهم، بينما يشهد الواقع أن الجماعة لا تعبرها سوى ثلاث حافلات في اليوم، ما يجعل قيمة الصفقة أكبر بكثير من الاحتياجات الحقيقية للمنطقة.