شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرمجتمع

اختلالات عقود النفايات والتنظيف بجهة الرباط تحت مجهر قضاة المجلس الأعلى للحسابات

هشـام الطرشي

نشر المجلس الأعلى للحسابات التقرير الخاص بمهمة تقييم تنفيذ عقود التدبير المفوض لمرفقي جمع النفايات المنزلية وما يماثلها والتنظيف بجهة الرباط-سلا-القنيطرة، التي سعت إلى إبراز أهم النتائج، ومنها اختلالات، المرتبطة باعتماد نمط التدبير المفوض للمرفقين.

وقد عمدت خلاصات التقرير إلى تسليط الضوء على المعطيات الرئيسية ذات الصلة بهذا النمط من التدبير المفوض وتقييم عمليات التعاقد وتنفيذ العقود المبرمة على مستوى الجهة.

حيث رصد التقرير الاقبال المتزايد على هذا النمط من التغيير، إذ انتقل من 06 عقود قبل انطلاق البرنامج الوطني للنفايات المنزلية سنة 2008 إلى 26 عقدا عند متم سنة 2019، مع ما ترتب عن ذلك من ارتفاع لحجم الاستثمارات الملتزم بها من طرف الفاعلين الخواص، والتي ناهزت قيمتها الإجمالية، بالنسبة للعقود الجارية، حوالي 419 مليون درهم، حيث حققت رقم معاملات سنوية بلغ 593 مليون درهم دون احتساب الرسوم، فيما بلغ مجموع الرواتب السنوية 180 مليون درهم.

ولاحظ قضاة المجلس الأعلى للحسابات أن بعض الجماعات التابعة للنفوذ الترابي للجهة ذات التعداد السكاني المنخفض والكميات المحدودة من النفايات المنتجة، تلجأ إلى التدبير المفوض، رغم أن التدبير المباشر لجمع النفايات بها لم يثر نفس الصعوبات التي تعرفها عاد ة الجماعات ذات الكثافة السكانية المرتفعة.

وأشار تقرير المجلس إلى أن اختيار هذا النمط من التدبير لم يستند إلى دراسات قبلية تبرر اعتماده، خاصة وأن تجاوز بعض النقائص التي قد تعتري التدبير المباشر لمرفقي جمع النفايات والتنظيف، قد لا تستلزم، في بعض الحالات، سوى الرفع من الاستثمارات الجماعية وتدعيم المواكبة التقنية لتحسين التدبير.

كما تضمن ذات التقرير معطيات تهم التكلفة التي تتحملها هذه الجماعات الهشة ماليا، حيث تبين أنها ـ التكلفة ـ مرتفعة مقارنة بالمستويات المتوسطة ـ 279 درهم للطن بالجهة. وقد بلغت تكلفة هذه الخدمة على مستوى جماعات الهرهورة والصخيرات والرماني وسيدي يحيى الغرب 300 درهم للطن، في حين لم تتجاوز 200 درهم للطن بكل من جماعات تمارة والقنيطرة وسلا، التي تتميز بكثافة سكانية مرتفعة.

وأوضح التقرير إلى أن استمرار بعض الإكراهات وظهور مجموعة من النقائص سواء على مستوى عمليات التعاقد أو على مستوى تنفيذ العقود المبرمة من شأنه أن يؤثر على تحقيق الأهداف المسطرة وعلى نجاعة التدابير المتخذة من طرف مختلف الفاعلين، حيث سجل تأخر ملحوظ في إعداد أربع مخططات مديرية لتدبير النفايات الخاصة بعمالات وأقاليم الجهة،

وهنا، أوصى المجلس الأعلى للحسابات بتفعيل آليات التعاون المنصوص عليها في القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات بين هذه الفئة من الجماعات يبدو خيارا ملائما، خاصة بالنسبة للجماعات المتجاورة ذات الخصائص المشتركة والتي ارتأت اعتماد هذا النمط من التدبير.

وهو ما أثّر سلبا على وتيرة تحقيق الأهداف الجهوية للبرنامج الوطني للنفايات المنزلية، الذي يهدف إلى إعادة تأهيل جميع المطارح غير المراقبة وإغلاقها، والبالغ عددها 220 مطرحا على المستوى الوطني، وذلك بحلول سنة 2022.

وفي هذا الإطار، ومن أصل 15 مطرحا محصى على مستوى الجهة، تمت إعادة تأهيل أربعة 04 مطارح، بتكلفة ناهز ت 40 مليون درهم، وهو ما يمثل 26 في المائة فقط من مجموع مطارح الجهة.

وبالرغم من أن حصة هذه التكلفة من نفقات التسيير عرفت تطورا ملحوظا، فإن المجلس وقف على حجم التقصير من طرف الجماعات التي لا تقوم بأية دراسات قبلية لتحديد الحاجيات والتكلفة العامة للاستثمار والتسيير وكذا طرق تنفيذ الخدمة موضوع عقد التدبير المفوض.

كما أن العديد منها لا تولي الاهتمام الكافي لمرحلة إعداد الوثائق التعاقدية، ما يشكل اختلالا في منهجية التدبير، حيث يتم الاستناد إلى العقود النموذجية المعدة من طرف مصالح وزارة الداخلية، دون تعديل أو تنقيح أو تكييف بنودها، مراعاة لخصوصيات كل جماعة وتفاديا لكل ما يمكن أن يؤدي إلى نشوء خلافات بين الأطراف المتعاقدة أو التأثير على تنفيذ عق د التدبير المفوض.

فما بين سنتي 2012 و2018 فقد عرف وزن الإنفاق ذي العلاقة بخدمتي التدبير المفوض لمرفقي جمع النفايات المنزلية والتنظيف بجهة الرباط ـ سلا ـ القنيطرة، مسارا تصاعديا، حيث تضاعف بجماعتي الرباط من 12 في المائة إلى 24 في المائة، وسيدي قاسم من 12 في المائة إلى 21 في المائة. وسجل ارتفاعا مهما على مستوى جماعات الرماني +6 نقط، وسلا +5 نقط، والخميسات +4 نقط.

وبإطلالة على مضامين عقود التدبير المفوض، يتبين أنها تنص على ضرورة المحافظة على المجال الترابي للجماعة في حالة جيدة من حيث النظافة، دون تحديد أهداف يتعين بلوغها مع ربطها بمجموعة من المؤشرات لقياس الأداء (نوعية و/أو كمية) ولوحات القيادة، لتفادي جملة من الاختلالات المسجلة.

ويتعلق الأمر، على سبيل المثال، بالمؤشرات المرتبطة بتنظيف الشوارع والأزقة وبمردودية عملية الجمع من خلال تقدير الحمولة المجمعة لكل ساعة عمل، وترددات عمليات الجمع اليومية وفعالية التدخلات التي يقوم بها المفوض إليه وعدد الشكايات المقدمة من المرتفقين وتطورها

كما تنص ذات العقود على التزام المفوض إليه “الشركة“ باستقدام الآليات الضرورية لاستغلال مرفقي جمع النفايات والتنظيف، لا سيما تلك الخاصة بجمع النفايات والكنس الميكانيكي.

وتعتبر غالبية العقود هذه الاستثمارات المرتبطة بالخدمة المفوضة، بمثابة أموال للاسترداد بحكم اقتنائها من قبل المفوض إليه، وهو ما يتعارض مع مقتضيات المادة 16 من القانون رقم 54.05 التي تنص على أن الأراضي والبنايات والمنشآت والإنشاءات والمعدات والأشياء المنقولة الموضوعة رهن تصرف المفوض إليه من قبل المفوض أو التي اقتناها المفوض إليه وفق الشروط المحددة في عقد التدبير المفوض تعتبر أموالا للرجوع.

وكنتيجة لهذه الاختلالات، يرى قضاة المجلس الأعلى للحسابات أن العديد من العقود لا تتقيد بهذا المقتضى القانوني، ذي الانعكاسات المالية المهمة، حيث تعتبر الآليات والشاحنات المستقدمة من طرف المفوض إليه في حكم أموال الاسترداد، مما لا يسمح للمفوض “الجماعة“، عند نهاية العقد، باسترجاع هذا الاستثمار المخصص حصريًا للخدمة المقدمة، علما أن استهلاك الدين وتكاليف تمويل هذا الاستثمار تندرج ضم ن تكلفة الخدمة المفوضة.

ليسجل التقرير أن هذه الممارسة واختلالات، من بين غيرها، تحرم الجماعات المعنية من عدد من الممتلكات المنقولة التي يمكن استخدامها في حالة العودة إلى التدبير المباشر أو لتعزيز الآليات المخصصة لتدبير مرفِقي جمع النفايات والتنظيف “أسطول احتياطي أو لتعزيز الخدمة“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى